السلام عليكم أهل الخير
أكتب إليكم وأنا على مفترق أهم طريق في حياتي، فأنا شاب أبلغ من العمر 34 عاما، أعمل أستاذا في الجامعة، بنيت نفسي بنفسي ولم أعتمد على أحد أبدا، شديد الاستقلالية وقراري أتخذه وحدي دون تأثير من أحد.
مشكلتي أنني تأخرت في بناء نفسي حتى أصبحت لا أفهمها، فقد وصلت سن الـ34 وبدأت أفكر بالزواج وبعد عدة شهور من البحث عن فتاة متدينة وجميلة ومتعلمة ومثقفة كزوجة لي وجدت ضالتي قبل شهرين، بل لعلها أفضل مما كنت أبحث عنه، وقد سألتها الأسئلة العشرة للدكتور جاسم وأجابت عنها بكل اقتدار فزاد اقتناعي بها، وهي تصغرني بـ10 سنين، لكن عقلها كبير جدا، وحازت كل ما أريد، (الفتاة ليست من أقاربي ولم أعرفها من قبل)، تقدمت لخطبتها وقد وافق أهلها سريعا.
خصوصا أن سمعتي بحمد الله جيدة، عقدت قراني مباشرة (كتبت الكتاب) بناء على طلب أهلها، كما أنني كنت ولا زلت مقتنعا بها، فقراري كان مني ولم أتأثر بأحد أبدا. مر الأسبوع الأول وأنا شديد السعادة، أما هي فكانت سعادتها لا توصف، بعد الأسبوع الأول بدأت عاطفتي تضعف بشكل كبير نحوها، بينما كانت مشاعرها هي تزداد بشكل هائل، لم أعرف ماذا أصابني؟!
أصبحت لا أهتم لها أبدا ولا أرد على رسائلها إلا بقدر الحاجة، أفضل الخروج مع أصدقائي على الخروج معها، لا أدري ما الذي يحدث لي، هي لم تفعل شيئا أبدا سوى أنني علقت عليها أنها سمينة قليلا، وقد سجلت في ناد حتى تخفف من وزنها (بإرادتها وليس طلبا مني)، إنها فتاة أكثر من رائعة، وأنا مقتنع عقليا أنها ممتازة وستكون نعم الزوجة وأهلي يحبونها كثيرا، لكن لماذا ذهب الحب من قلبي لها؟! فكرت بالحسد، خصوصا أن العديد من الفتيات كانوا يتمنون الزواج مني.
وخصوصا طالباتي في الجامعة، علما بأنني جلست مع بعضهن (في بيوت أهلهن) لكن لم أقتنع.. أسمع أن فترة الخطبة أجمل فترة، لكن معي هي الأسوأ، فأنا غير سعيد أو متلهف أبدا على خطيبتي، ولو غابت عني طوال الوقت بينما هي تنتظر لقائي لحظة بلحظة، خاصة أنني أول رجل في حياتها.
أخاف أن أظلمها معي أن استمررت، لكن ساعات أقول إن الحب سيأتي بعد الزواج والمهم الآن هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
لا أدري ماذا أفعل؟ هل أكمل أم أقف؟ الهم أصبح رفيقي وسكني، وخطيبتي بدأت تحس بذلك وهي تبكي على ذلك.
أريحوني أراحكم الله ماذا أفعل؟
4/11/2022
رد المستشار
أنت تقول: "لماذا ذهب الحب من قلبي؟" .. الحب لم يذهب؛ لأنه في الحقيقة لم يأت أصلا.
تلك المشاعر الفياضة التي يشعر بها الخطيبان تجاه بعضهما البعض ليست هي الحب الحقيقي، وإنما هي فورة عاطفية تحدث مع بداية العلاقة، أما الحب الحقيقي فهو الذي ينمو مع السنين، عندما يفهم كل طرف مميزات وعيوب وطباع الطرف الآخر، ويقبلها ويستطيع التعايش معها بالحد الأدنى من الرضا والاستقرار.
لهذا لا نستطيع الحكم مبكرا أنك (لا تحبها) وأنها (تحبك) وهنا يأتي سؤال: لماذا حدثت هذه الفورة العاطفية مع خطيبتك ولم تحدث معك أنت؟! والإجابة هي أن البشر ليسوا سواء، وإن كان معظم النساء مثل خطيبتك، من الواضح أنك مختلف قليلا، وأن الحب التقليدي ينمو بداخلك ببطء شديد، وحتى بعد نموه ونضجه سيظل غير ملتهب وغير متأجج؟ وإن كنت غالبا ستشعر بالتدريج بشيء أقرب "للتعود" على خطيبتك أو زوجتك بمعنى أدق، وليس الحب أو العشق.
لقد قابلت في استشاراتي شخصيات كثيرة مثلك، وهؤلاء انقسموا إلى قسمين في اختياراتهم:
القسم الأول: اختار أن يظل بغير زواج؛ لأنه غير مستعد لأن يتزوج امرأة كل ما يربطه بها هو "التعود البارد"، هذا النوع يعيش على أمل أن تهبط عليه من السماء صاعقة حب مشتعلة كتلك التي عاشها في أيام المراهقة أو الجامعة.. هؤلاء ينتظرون إلى أجل غير مسمى.
القسم الثاني: اختار الزواج التقليدي والحب التقليدي غير الملتهب الذي هو أشبه بالتعود، وهذا القسم الثاني يمثل النسبة الأغلب، ولكن بعضهم ينجح في زواجه والآخر يفشل.
ولن أتحدث عمن فشلوا، ولكن سأتحدث عمن نجحوا، هذا النجاح توقف على ثلاثة عوامل:
الأول: الرضا.. فهم يرضون بهذا القدر من التواصل والسعادة.
الثاني: عدم اليأس من محاولة (تهذيب) هذه الطبيعة، ولا أقول (تغييرها)، فهذا الزوج يحاول أن يكون (رومانسيا) و(عاطفيا) و(ودودا)، فالعلم بالتعلُّم، والحلم بالتحلُّم، والحب بالتحبب.
الثالث: أن الزوجة تكون على علم بهذه الطبيعة الباردة في زوجها، وتتقبلها إلى حد بعيد؛ لأنه حاول تغيير نفسه، فإن هناك طبعا يغلب التطبع.
أخي الكريم.. أتمنى أن تكون من فريق الناجحين بإذن الله.
واقرأ أيضًا:
ملفات زواجية