كثيره يقلب الحال.. وقليله ينعش الفؤاد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا صاحبة مشكلة "كثيره يقلب الحال.. وقليله ينعش الفؤاد".. أعتذر عن إرسالي عن طريق صفحة إرسال المشاكل؛ إذ إنني أحتل مكان شخص آخر قد يحتاج هذه المساحة أكثر مني، ولكني حاولت أكثر من ثلاث مرات أن أرسل لكم متابعتي عبر بريدي الإلكتروني ولم أفلح.. أرسلت ثلاث متابعات في حوالي شهرين ولم أجد أيًّا من متابعاتي في صفحتكم، مما جعلني أشك في بريدي وفي جهاز الكمبيوتر الخاص بي.
على العموم سأسرد عليكم في عجالة ما حدث معي أولاً:
دعواتي الصادقة لوالدي طوال رمضان أفلحت ورأيت النتائج باهرة، أمي وأبي ذهبا إلى الحج، أمي تحجبت وأصبحا يصليان، أي فرحة أكبر من هذه؟ طبعًا كانت هذه من أعز أمنياتي والحمد لله، تحققت أمي الآن تواجه انتقادًا شديدًا من العائلة في بلدنا بسبب حجابها، ولكن لأنني تحملت منهم الكثير فيما قبل؛ ولأنني عودتهم نوعًا ما على موضوع الحجاب، فلم تكن انتقاداتهم بنفس الحدة التي كانت توجه إلى الآن.. أود أن أستفسر منك يا دكتور أحمد عن وسيلة تعينني على مساعدة أخي فهو مراهق في السادسة عشرة، في مدرسة أجنبية، وأصدقاؤه معظمهم مسيحيون.
أصبح يحب الدين المسيحي وذلك لسهولته، حيث فيه من المسموحات أكثر من الممنوعات، وأحضر بعض شرائط الفيديو التبشيرية وأصبح يشاهدها، كما أنه دائم السهر مع أصدقائه وصديقاته، ولا يدرس مع أنه في آخر سنة من الثانوية ومهما عاقبه والدي فإنه يعود لسابق عهده.
باختصار، لديه فورة الشباب والرغبة بأن يعيش حياته كما يشاهد على التلفاز الأفلام الأجنبية، بالنسبة للإخوة الذين علقوا على رسالتي، أود شكرهم جميعًا وأريد أن أقول بأنني لم أنشغل بلباسي وبما فوق رأسي، بل أهتم بعقلي أيضًا. أبناء خالتي يسمون حجابي -جهاز منع التفكير-، ولكن أباهم مع اعتراضه على حجابي دائمًا يطلب منهم أن يكونوا مثلي، فلقد حصلت على معدل عالٍ في الثانوية والتحقت بأحسن التخصصات في الجامعة وتخرجت والحمد لله، وطلب مني أساتذتي أن أعمل معهم في الجامعة في مجال الأبحاث العلمية لما رأوه من تفانيّ في العمل، وبسبب مشروع التخرج الذي كان -كما قال لي أحد أساتذتي- أفضل من رسالة ماجستير، ولكني سأسافر قريبًا لألحق بزوجي فلقد تزوجت أيضًا في هذه الفترة؛ ولذلك لم أستطع العمل مع أساتذتي.
أما ما يقوله الجميع عن أن الدين ليس لباسًا وأمورًا شكلية فقط، فأنا أكثر من يعرف ذلك؛ لأنني كنت في نظر كل الناس هنا -أعيش في بلد خليجي- فتاة غير محتشمة بلا دين أو أخلاق؛ لأنني لم أكن أرتدي الحجاب، مع أنني في تلك الفترة كنت، وما زلت أهتم بموضوع الأخلاق كثيرًا والقريبون مني يعرفون تربيتي وأخلاقي، ولكن يا للأسف بلادنا بلاد مظاهر، وكنت في تلك الفترة عرضة للشائعات والهمز واللمز، لأنني لم أكن محجبة.
في النهاية.. أود شكرك يا دكتور أحمد، فموقع مجانين وكتابات كل المستشارين جعلت الكثير يتطور بداخلي، ونظرتي للحياة تختلف، وأهدافي تختلف أستطيع أن أقول بأنني نضجت على أيديكم، وقد يتسع لي الوقت يومًا ما لأكتب لكم كيف أثرتم على حياتي، مع أنني كتبت لكم من قبل عن تأثيركم، وهذا عندما طلب الدكتور أحمد من القراء أن يكتبوا عن تأثير الصفحة عليهم، ولكن يبدو أن رسائلي قليلة الحظ فمعظمها لا يصل،
وشكرًا مرة أخرى،
والسلام عليكم ورحمة الله.
7/11/2022
رد المستشار
تسألين أية فرحة أكبر من هذا؟!
وأقول الفرحة الكبرى يوم أن تعملوا أنت وأسرتك الأصلية والجديدة شيئًا من أجل هذه الأمة التي تحتاج إلى العمل والعاملين بأكثر مما تحتاج إلى المتعبدين؛ لأن لديها منهم الكثير!!!
يوم نخرج من الخلاف الشديد والاستنكار والحرب الاجتماعية والثقافية دفاعًا عن الحجاب أو هجومًا عليه، يوم أن نتجاوز الزي والشكليات -وقد أنفقنا فيها من الجهد والوقت ما سيسألنا عنه الله يوم القيامة- وندخل في الجد -كما يقول المصريون- والجد هنا أعني به معالجة ملفات الفساد والانحراف العام، وأسس التخلف عن شرع الله، وعن خلقه الذين سبقونا في كل ميدان، ونحن ما زلنا نتعتع في الصفحة الأولى من كتاب ديننا العظيم!! فيصرخ البعض: الحجاب هو الحل، ويصرخ آخرون: الحجاب هو جهاز منع التفكير!!! حين نتجاوز القشور إلى اللباب، ونتحول إلى ورشة عمل ونقاش واسعة تختلف وتتفق، وتنجز أعمالاً وتطرح مبادرات لمعالجة أحوالنا الأسرية والاجتماعية والثقافية "على الأقل" ...
حين نفعل هذا سأفرح؛ لأننا بدأنا نستحق أن ننتسب إلى الإسلام حقًّا!!! حين أصعد إلى المواصلات يومًا فأجد ملصقًا يقول: التنمية المستقلة فرض مثل الصلاة، وليس مجرد الملصقات الحالية: الحجاب مثل الصلاة!!
حين نعرف واجبنا، ومعنى انتمائنا لهذه الأمة ولهذا الدين، وحين نقوم بتبعات هذا الانتماء، وبعضها عملي وبسيط في الأخلاق العملية والاجتماعية، وبعضها أنت تشيرين إليه بالفعل.
عندما يحدث هذا سأفرح؛ لأن صفحتنا قالت شيئًا، وأنجزت شيئًا، والله حسبنا وهو نعم الوكيل.
يوم أن نعود لاحترام العقل والقانون، والتنافس في العلم والمعرفة، ونحرص على الإنتاج والإبداع كما نحرص على الصلاة والصوم؛ لأنها جميعًا عبادات، وعمارة الأرض هي الهدف من حياتنا فيها.
حين تعود لحياتنا القيم الغائبة عنها من تقدير للوقت وعدم إهداره، وتبجيل البحث العلمي النزيه، والعقلانية المؤمنة، وجهد التطوع في سبيل الله مثلما نحتفي بالشهادة موتًا في سبيله.
حين نعود لشرع الله حقًّا، واتباع سنة حبيبه صلى الله عليه وسلم صدقًا، ونكف عن النفاق واستخدام الدين في الوجاهة الاجتماعية، أو إحراز المكانة بين الناس، يومها سنقول: وصلت رسالتنا كما نريد، ويومها سنفرح.
أما عن أخيك فلا أدري كيف نلقي بمكتوف اليدين في البحر ثم نلومه على البلل بالماء... كما قال الشاعر!!!
لم يضع أخوك نفسه في المدرسة التبشيرية هكذا وسط مناخ وصحبة، ولكن أنتم وضعتموه هناك، وكل إناء بما فيه ينضح، فماذا تنتظرين من مدرسته؟! وماذا تنتظرين من شلته؟ وماذا تنتظرين منه غير ما يفعل؟!
ليس عندي سوى النصائح العامة التي تمتلئ بها صفحتنا فيما يخص منحة التوجيه غير المباشر، وتغيير الصحبة، ودعم الاهتمامات النافعة الممتعة... إلخ.
ولعلها فرصة يكتب لنا فيها من تعلموا في هذه المدارس لعلنا نستفيد من خبراتهم في مساعدة أخيك وأمثاله...
وأهلاً بأخبارك دائمًا.
ويتبع >>>>: كثيره يقلب الحال: الالتزام الذي نفتقده"مشاركات"