من فضلكم ماذا أفعل؟
السادة القائمون على قسم استشارات مجانين المحترمون.. السلام عليكم ورحمة الله، وجزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه لنا من دعم نفسي، وجعله الله في ميزان حسناتكم.. مشكلتي هي: أنا شاب على مشارف الثلاثين من عمري، أعمل خارج موطني الأصلي منذ قرابة عشر سنوات، عانيت خلالها من مشاكل نفسية عديدة ذهبت على إثرها لطبيب نفساني؛ حيث كنت أعاني من مرض الوسواس القهري، وبالتالي الاكتئاب المصاحب له، والحمد لله قد تحسنت كثيرًا بفضل الله، وأخذت بأسباب العلاج الكيميائي والسلوكي بالطبع.
كنت نتيجة هذا المرض أخشى الزواج لعدم استقرار حالتي النفسية؛ حيث كان الوسواس متعلقا بالجنس، فكنت أحجم عن التفكير فيه، وفي الوقت ذاته كانت أسرتي تلح علي في اختيار الزوجة المناسبة، وبالفعل بحثوا لي عن أكثر من فتاة وكنت أبحث فيهن عن المتدينات، ولكن لم أجد ضالتي إلى أن حدثني والدي ذات يوم وقال لي: "وجدت لك فتاة قريبة صديق لي".. وكان متحمسًا جدا، وقال: سآخذ والدتك وأختك المقربة إليك لنراها ونصفها لك عن قرب، وحيث إن أمك وأختك ستكون لهما نظرة مختلفة عني أنا، فوافقت من حيث الفكرة لأنني أريد بالفعل أن أنهي هذا الموضوع؛ لأنني من ناحية أريد الاستقرار النفسي والاجتماعي، والجنسي أيضا.
أتت أمي وأختي وقالتا لي فيها شعرًا، فقلت: "إذن هي إن شاء الله".. واستخرت الله من يومها وحتى قرابة الشهر قبل أن أنزل إلى بلدي لأراها بالفعل، ذهبت إلى بيت قريبها ورأيتها في حضور الأهل، ولم يكن أحد من أهلها يعلم ما أسباب هذه الزيارة، ولكن البنت كانت تشعر بالأسباب كما روت لي بعد ذلك، رأيتها ولم تكن الرؤية واضحة لي تماما؛ لأنها لم تكن تجلس بالقرب مني.. ثم ذهبت إلى البيت مشوشا؛ "هل هي أم لا؟!!" فقلت لأهلي ليست هي الفتاة المناسبة لأنني لم أر فيها ما يعجبني.
جلست أنا ووالدي ليلا يلح علي في إنهاء أمر الزواج بدعوى أنني على مشارف الثلاثين، وأنه كبر سنه ويريد أن يرى أبنائي ويراني مستقرًا، فقلت له: لا أرى فيها ما يعجبني، فقال: "إذن.. اذهب وانظر لها مرة أخرى"، قلت: "لك ما تريد".. ذهبنا وفي هذه المرة كانت تعلم لماذا أتيت، وجلسنا أنا وهي وأختها وأختي فقط، أخذت أسألها في العديد من الأمور لعلي أعرف ما يجول في رأسها من أفكار، وفعلا اقتنعت بما في رأسها كفتاة متدينة محبة للإسلام، ولكن لم أركز كثيرا على شكلها، لا أدري لماذا؟! لم أنتظر لأذهب إلى البيت وأفكر وأستخير، ولكن للأسف اتصلت بوالدي وأنا أسفل سكن العروس وقلت له: "توكل على الله".. حتى أشعره بالفرحة هو وأمي.
بعد إتمام إجراءات الخطبة التي انتهت في ثلاثة أيام لم أكن قط ذهبت إلى بيتها الأصلي؛ فقد كنا دائما نلتقي عند خالها وفي بيته بعد الخطبة ذهبت إلى البيت ووجدت ما لا أحبه؛ حيث إنهم أناس قرويون مع احترامي للقرية وأهلها، ولكنهم لا يتمتعون باللباقة، والصوت المنخفض في الحديث، والتحاور بالشكل اللائق وحسن اختيار الكلمات، ولكنهم أشبه بالغوغائيين للأسف، أجلس في بيتهم كأني في السوق من صياح، وصوت عال، ونقاش حاد، فقلت: أنا لا أريد إلا الفتاة، مع أن ما سبق يؤلمني نفسيا عندما أفكر في أولادي ومستقبلهم، ولكن للأسف وجدت في الفتاة الكثير من المواصفات الشكلية غير المقبولة بالنسبة لي، بدا لي بعد فترة منها على سبيل المثال الشعر المجعد الذي لا أحبه، وطريقة تحدث البنت القروية، وبعض الأشياء الأخرى.
ربما البعض يصفني بالتفاهة، ولكن والله يؤثر في نفسيا ما ذكرت بالفعل لدرجة أني أريد أن أنهي تلك الخطبة لأني لا أستطيع التعايش لا مع أهلها ولا معها، وأشعر أن هذا الزواج لن يدوم طويلًا، ولكن للأسف فإن الفتاة أحبتني ولكن بشكل أشبه بالجنون؛ حيث إنني كنت أول شاب في حياتها، وكذلك أهلها يحبونني ويتمنون لي الرضا، وهذه هي مشكلتي؛ لا أستطيع إنهاء الأمر خوفا مما سبق.
فتاة وأهلها يحبونني.. وأنا أشعر بالإحراج أن أخبرهم أنها ليست الفتاة المناسبة، وخوفا من أن أكسر قلب فتاة مسكينة ليس لها علاقة بالأمر سوى أنني تسرعت (وكنت مش مركز).
لا أدري ماذا أفعل؟! دلوني إلى الخير بالله عليكم.
آسف للإطالة، وجزاكم الله خيرًا.
20/01/2023
رد المستشار
نحن لا نتزوج مجاملة أو إحراجا، ومن وقع في تلك الورطة دفع ثمنها غاليا يا صديقي لسنوات من عمره، فهل أنت على استعداد لهذا؟!
العلاقة الزوجية ليست علاقة "تيك آواي" ولكنها علاقة عميقة متداخلة، يبحث فيها كل طرف عما يرجوه ويحتاج إليه في شريكه -قدر الإمكان- بود، وإقبال، وارتياح؛ لأنه يطمئن على نفسه وعلى حياته المقبلة -وما فيها من تحديات ومسؤوليات- لما يراه يحقق ذلك من صفات يجدها في شريكه المقترح، فيتحقق الأمان والسكن الذي من أجله شرع الزواج، فأي سكن هذا الذي ستحصل عليه وأنت على غير اقتناع بخطيبتك شكلا أو مضمونا؟!
فأنت لا ترى فيها أي ميزة تستحق إعادة التفكير في قرار ارتباطك بها سوى أنها تحبك بجنون! فاطمئن؛ لم يمت أحد من قبل حُبا والحمد لله، وقلب الفتاة حين يُكسر يقويها ويعلمها وينضجها، فلعلك درسها الأول في تلك الحياة، وسأحاول أن أدير ظهري عما فعلته بنفسك أو بها وبأهلها، وسأربط على لساني حتى لا أقول كل ما أتمنى قوله لتصرفاتك؛ لأنني أرى أن بصمات الوسواس والاكتئاب لا زالا موجودين؛ فضعف التركيز، والتشويش، وتأنيب الضمير من علامات وجود الاثنين، فأتمنى أن تتم علاجك من الوسواس والاكتئاب، وتستشير طبيبك في إمكانية زواجك الآن؛ لأنه أدرى بدرجة كل منهما عندك؛ لأننا لا ننصح المكتئب بالزواج، و"قد" ننصح الموسوس بالزواج رغم صعوبة التعايش معه.
أما عن المواجهة فأراها مفيدة لك لتتدرب على مواجهة مشكلاتك الحرجة والتعامل معها، ولكن أرجو أن تتخير أسبابًا لا تجرحهم بها؛ فهم لم يسيئوا لكم في شيء، وكانوا على طبيعتهم وأحبوك، كأن تقول: إن الاستخارة تجعلك غير مستريح، وهذا حقيقي، وتذكر أن الاستقرار مهم جدا في حياتنا، لكن اختيار من يساعدنا عليه أهم بكثير وإن طال الوقت قليلا، فلا تستجب لضغوط مجاملة والدك أو أهل الفتاة، وأتمم علاجك، وتخير من ترتاح لها.