السلام عليكم
أتمنى أن يجيب استشارتي الأستاذ الدكتور سداد جواد التميمي المحترم
سيدي الفاضل أترك لك حرية نشر موضوعي من عدمه وكذلك اختيار مايناسبك منه في حالة نشره.
أنا رجل في الأربعينات من عمري. ولدت في عائلة محافظة وتقليدية ذات دخل متوسط وأنا الابن الأصغر لسبعة إخوة وأخوات. كان أبي رحمه الله رجل شديد وأحسن تربيتنا وكنت أستشعر حبه لنا رغم أنه لا يظهر ذلك لنا بسهولة... أما أمي رحمها الله كانت تصب اهتمامها كله في ابنها البكر على حسابنا نحن، فلم أكن أشعر منها بأي اهتمام إلا ما ندر وكنت أستغرب حين أرى صديقا يمتدح أمه وخوفها عليه أو اهتمامها به. بصراحة لم أشعر بأن لدي أم كبقية الناس. حتى بعد أن كبرت وتخرجت من الجامعة... لم ألمس منها اهتماما وفرحا بي مثل ما تفعل مع أخي الأكبر.
مشكلتي ليست هنا.. فأنا كنت طفل منغلقا ومنطويا على نفسي وكنت أخاف من التجمعات وزيارات الأقارب وكان لدي شعور بعدم الثقة بنفسي والخوف من المواجهة والجنس الآخر. فكنت أعتبر الفتاة كائن اسطوري لم أحلم يوما بمحادثته أو رؤيته. في المراهقة تعلمت بالصدفة من أصدقاء المدرسة ماهي العادة السرية وثم أصبحت أعشقها لأني وجدت فيها الحل والخلاص أفضل من مواجهة فتاة.
في تلك الفترة ولكوني الأصغر.. استقر الكثير من إخوتي بعملهم أو تزوجوا خارج البيت وأكثروا أمي وأبي زياراتهم وخاصة لأخي الأكبر ولكونه يسكن في مدينة أخرى فكانوا يزورونه لأيام وأبقى بالتالي أنا لوحدي في البيت أياما طويلة. ولا شعوريا كنت أجد نفسي أزحف لدولاب أمي ولا أعرف ما الذي دفعني لارتداء ملابسها الداخلية.. وكنت أمارس العادة السرية وأنا أرتديها ولكن كنت أصاب بندم كبير وتأنيب ضمير وأعاهد نفسي أن لا أكرر الأمر. لكن كلما بقيت لوحدي أجدها فرصة لأستغل الوضع وأكرر طقوسي التي تطورت بمرور الأيام فأصبحت أستمتع بتشبهي بالإناث وأكره الشعر على جسمي فأزيله.
لم أفكر أبدا بأي مشاعر جنسية تجاه أمي أبدا. ولكن كان يثيرني موضوع زنا المحارم وأستمتع بأفلام الفانتازيا التي تركز على علاقة الأم بالابن ولكن لم تأتي أمي أبدا في مخيلتي ولم أشتهيها هي نفسها يوما. ولكن كنت متعلق جدا بملابسها الداخلية التي تحمل رائحة جسدها وأغيب في شعوري وأنا أرتديها.. وصلت لمرحلة أستخدم دبري للمتعه ولكن بعد كل مرة أندم. المشكلة أنني ما رضيت يوما عن ما أفعله ولا استطعت التوقف عنه. كذلك لم أفكر بأن أكون مثليا لكني عشقت أفلام المتحولين جنسيا (ذكر متحول لأنثى) وأتخيل نفسي أنا المتحول وأتخيل رجل يمارس معي.
بعد التخرج عزمت على إنهاء كل شيء وأبدأ حياة جديدة مستقيمة وقبل عشر سنوات أحببت فتاة وأحبتني وثم بعد مدة تزوجنا. وكنت قد تناسيت ميولي لفترة سنوات طويلة أثناء زواجي. ولكن حين تأتيني الفرصة أمارس فقط العادة متخيلا نفسي متحولا ولا ألبس شيء.
ورغم علاقتي الجنسية مع زوجتي إلا أني لم أكن أشعر بالرضا أبدا. ولا أنجح بالتوقف عن العادة بل وأكره نفسي أحيانا لدرجة أتمنى الموت. وأتساءل مع نفسي لما لم أولد شخصا طبيعيا؟ لماذا أنا هكذا.. المعاناة كانت أكبر من المتعة المؤقتة. فالمعاناة تلازمني دائما.
قبل الزواح تعرفت على شخصين (رجال) بمراحل حياتي ومارسوا معي الجنس الهاتفي وكنت أمثل دور الأنثى وألبس لهم ملابس أنثوية مغرية عبر وسائل الإنترنت وهم يمارسون معي بالكلام. ولكن كلما وصل الأمر للقاء جنسي جدي كنت أتهرب وأخاف من الندم الأكبر لأني بمجرد أن أكمل (أقذف) أكره نفسي على ما فعلت وأندم وأحمد الله أنه لم يمسني رجل بالحقيقة.
بعد الزواج ابتلاني الله بشيء مصيري.. زوجتي لا تحتفظ بحملها.. وعانت الإجهاض خمس مرات في كل مرة تكاد تفقد حياتها. لم يكتشف الأطباء السبب ولم ينجح معنا أي علاج يذكر. وحلمي بأن أكون أسرة كاملة تشعرني بأني إنسان سوي وطبيعي تلاشى الآن بعد أن أصيبت زوجتي بعقم ثانوي.
صنف الأطباء حالة زوجتى بالإجهاض التلقائي غير معروف السبب.. ودب اليأس إلى قلبي وزادت همومي وأحزاني وفقدت متعتي بالحياة وكثيرا ما ناشدت ربي حتى أني اعتمرت لبيت الله ولم ينفع شيء فصار عندي نفور من الدين وصرت أشك بوجود الله كثيرا (أستغفر الله) فلماذا لا يمنحني الفرصة لأكون إنسانا سويا؟؟ في آخر خمس سنوات عادت إلي ممارساتي السابقة وكأني أحاول معاقبة نفسي.. وحاولت أن أتقبل نفسي بميولي لكن عبثا حاولت لأن الندم وكره الذات لايزال يعاودني بعد كل ممارسة..
أصبت أيضا بالتبول الليلي بعمر متأخر ولم أشتكي ذلك لأي طبيب.. حتى كنت أحرج كثيرا من المبيت عند الأقارب رغم كل احتياطاتي. الأمر يحدث مرة بالشهر على الأقل. وأحيانا أكثر.. حللت السكر والضغط وغيرها من أمور وكانت كلها طبيعية.
أنا الآن يا سيدي الكريم.. مللت من نفسي وأنا على أعتاب الخمسين، متى أعيش حياتي الباقية وأنا سوي؟ لازلت أجهل من أنا ولماذا أنا هكذا.. ماذا أصنع لأعيش حياتي بدون أن أكره نفسي؟؟
لم أقدم على الانتحار ولكني دوما ما أجد الخلاص في الموت وأعتبره هو الحل الأمثل.
شكرا لك سيدي الفاضل وأتمنى أن تساعدني قدر استطاعتك.
19/2/2023
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالسعادة.
في بداية الأمر لابد من أي طبيب نفساني يقرأ ما كتبته أن يقرر إن كنت تعاني من اضطراب نفساني أم لا. ما تشير إليه الفقرات الأخيرة من الرسالة هو أنك في موقع اكتئابي من الصعب تحديد مدته. ليس هناك أكثر وضوحاً في الإنسان الذي يعاني من الاكتئاب هو شعوره باليأس والعزلة٬ وخاصة الذكر الذي تراكمت عليه أحداث حياة متعددة. شعور الإنسان بالوحدة هو شعور شخصي بحت ولا يعني بالضرورة بأن الإنسان هو فعلاً معتزل الآخرين. لذلك نصيحتي الأولى لك هو أن تراجع طبيب عام أو نفساني والحديث معه حول استعمال عقار مضاد للاكتئاب يساعدك في الخروج من هذا الموقع الاكتئابي.
الخوض في ملفات الماضي لا يساعد أحد في تجاوز محنته٬ وإنما وظيفته الأولى والأخيرة هو استيعاب الفرد لأسباب وصوله إلى منطقة مظلمة هي الاكتئاب نفسه. ما يمكن أن تلاحظه فيما كتبته هو شعورك المزمن بالكراهية لماضيك٬ ووالدتك٬ وعائلتك٬ وفوق كل ذلك شعورك بكراهية نفسك. الشعور بالكراهية بحد ذاته يدفع الإنسان نحو زنزانة يكون هو السجين الوحيد فيها ولا يجد المفتاح للخروج من هذه الزنزانة، بل وحتى إن وجد المفتاح فستراه لا يقوى الخروج منها والانطلاق نحو الحرية والسعادة.
لعب تعلقك الغير آمن مع الوالدة دوره في زعزعة ثقتك بالنفس وبالتالي في عدم قدرتك على التعلق بالآخرين. من جراء ذلك لم تجد أمامك سوى سلوكيات جنسية غير طبيعية عززت من شعورك بالوحدة٬ وعدم تحديد هويتك الجنسية والشخصية. بسبب ذلك لم تكن علاقتك مع زوجك علاقة جيدة ولم تتطرق إلى الحب وإنما هي مجرد كائن آخر فشلت في التعلق به كما فشلت في التعلق مع والدتك التي لم تحرص على رعاية أطفالها عاطفياً وإنما اختارت أكبرهم تفضيلا على الآخرين. هذا السلوك الأبوي ليس يغر الشائع وأحياناً قد يحفز الأطفال الأصغر سناً على إثبات وجودهم تعليمياً ومهنياً أكثر من الأكبر سناً٬ ولكن نتيجته قد تكون كارثية في عائلة كبيرة. هناك بالطبع أيضاً التنافر المعرفي والأخلاقي الذي يشعر به الإنسان بسبب سلوكياته التي تتناقض مع خلفيته الثقافية٬ وهذا ما حدث ويحدث معك مع سلوكيات جنسية فشلت هي الأخرى في تخلصك من كراهية ماضيك وذاتك ومستقبلك.
ما يجب أن تفعله الآن أن تضع نفايات الماضي جانباً وتتخلص منها. توقف عن مراسلة هذا وذاك عبر الإنترنت٬ فمشكلتك ليس سلوكك الجنسي أو توجهك الجنسي وإنما في كراهيتك لنفسك وهذا ما يفسر الدور الذي تلعبه في تواصل عبر عالم الفضاء. بعد ذلك عليك أن توطد علاقتك مع زوجتك٬ وربما على الإنسان أن يقبل أحياناً بقدره ومصيره ويبحث عن السعادة ويتمسك بها. هذه السعادة تجدها مع إنسان يعيش معك وهو زوجتك. أكثر من الحديث معها٬ وتفسح معها وأخرج من زنزانتك.
وأخيراً أوصيك مرة أخرى بمراجعة طبيب على أرض الواقع واستعمال عقار مضاد للاكتئاب.
وفقك الله
واقرأ أيضًا:
علاج الاكتئاب بين العقاقير والعلاج النفساني