أولا جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم وجزاكم كل الخير. أنا فتاة في الـ22 من العمر وقد تمت خطبتي على رجل والحمد لله ملتزم دينيا. والحمد لله أخال نفسي كذلك. أنا من أسرة غير ملتزمة وهو أيضا (ولكنهم يصلون ويصومون ويقومون بالحج والعمرة كل سنة ولكن حسب القول الشائع ساعة "إلك" وساعة لربك).
المهم أنا في ظل هذا الجو كان الشباب الذين يتقدمون لي شباب من عائلات ذات سمعة طيبة وناحية مادية جيدة. ولكن كان الرفض من قبلي لأنني أريد شابا ملتزما يعينني في ديني ولا يرجعني للخلف.. إلى أن تقدم لي خطيبي حاليا فشعرت أنه الخلاص لي. مع العلم أنه كما قلت ملتزم، يعمل في شركة ممتازة، أخلاقه جيدة، وكل الناس تشكر فيه. فقبلت وتمت الخطبة، والحمد لله نحن لنا الآن 5 أشهر مخطوبين.
هو أحبني كثيرا وهو طيب. أما بالنسبة لي فمشاعري حيادية لا أعرف ما هي مشاعري نحوه فأنا لا أكرهه ولكن لا أحبه الحب الذي من الممكن أن أقول عنه حب التعلق بهذا الإنسان.
منذ البداية كان يعبر لي عن حبه ولكن أنا لا.. بداية كنت أقول لنفسي لماذا؟ هل لا تحبينه أم أنك تحتاجين لفترة حتى تتعودي عليه. هو لاحظ هذا وقال لي لماذا تُُكابرين و"تُخبّين" مشاعرك؟ تحججت بأني أحتاج إلى فترة حتى "أتأقلم" معه.
وفعلا بدأت أعبر له وأقول له بعض الكلمات والعبارات الجميلة والعاطفية ولكنني أحس أنني أقولها له حتى لا أظلمه، ومقابل كل هذا الحب الذي يكنه لي؟ أنا كشخصية أحس أنني أقوى منه.
إنه هو المسؤول في بيت أهله بحكم غياب أبيه للعمل بالخارج، فهو مسؤول منذ كان عمره 14 عاما، ولكن شخصية أمه وأخواته قوية جدا.
إذا أردت الحديث عن أهله فأنا لا أحبهم فهم يتدخلون وأنا لا أقبل هذا وحتى لا أحب شخصيتهم ولا أتقبل شيئا منهم (حاولت أنا أن أحسن علاقتي معهم ولكن أحسست بأنهم يحسبونني ضعيفة الشخصية ويتعاملون معي بندية أي مثلي مثلهم. حتى أمه من الشخصيات التي تغار جدا جدا، حتى إذا عملتُ له طعاما لذيذا تحاول هي عمله في اليوم التالي أو في أقرب وقت).
أعود إلى شخصيته، فهو على الرغم بخبرته في التعامل مع أمه وأخواته وإخوانه كما يقول كان الأب والأخ والزوج والصديق. ولكن إلى حد ما يسمع كلام أمه (هو يعلم بقوة شخصيتي فذات مرة تعاتبنا على أنه لا يفعل إلا ما يريده هو، هو يقول لي أريد عمل كذا، وأنا لا أريده فنتجادل وقد يصل إلى زعل، وبالآخر أقول له: حاضر مثل ما تريد انطلاقا من أنه يقول لي الحكم الأخير للرجل والطاعة للمرأة، ولين المرأة إلى ما شابهها من الأمور).
هنا لا أخفيكم، أنا فتاة ولكن بشخصية الرجال -قالها لي مرة وحتى أهلي يعلمون أنني بشخصية الرجال- وهذا يجعلني أتنازل دائما حتى لا أشعره أنني أريد أن أطغى على شخصيته ولكنه قال لي البارحة بأنه يشعر أنني ألزمه بأن يكون لي رأي في كل شيء يفعله وأنه إذا لم يأخذ برأيي أتضايق وأزعل..
(أنا أفعل هذا من باب أن نحس بتقارب وأن كل شيء مشاركة وأن روح الاثنين هي التي تقرر) ولكنه يشعر أنني ألزمه على سبيل الأمر، أحس أنه هو يحب الشخصيات البيتوتية أو المرأة المطواعة جدا (اعذروني على هذه الكلمة يريد بنت من بنات أيام زمان). أحسه متشددا في كثير من الأمور.
أنا ملتزمة والحمد لله ولكن آخذ بالرخص التي أحلها رب العالمين. لكن هو يتشدد ويقول من باب الأحوط.
أريد إضافة أنني عندما قبلت به لم أنظر إلى النواحي المادية هو كان صريحا وقال إمكانياته و(هو أقل مني ماديا). ولكن الآن لا أعرف إذا كنت أستطيع أن أعيش بمستواه المادي هو، إذ إنه بكل شيء يقول لي: لا هذا غال.. أريد الأرخص. وأنا تعودت عند أهلي على ما هو غال ولكن أهلي يقولون "معلش" كل إنسان ببداياته هكذا.
بالنسبة لي لا أخفيكم أنه عندما قال لي عن قصة حب له تضايقت وبكيت وأحسست بالغيرة ولكن هل هذا معناه حب؟؟ وأنا أتضايق جدا عندما يغضب مني ولكن لا أتنازل وأعبر له عن غلطي فهو الذي في كل مرة نتزاعل فيها يحضر ويصالحني.
وأقول أيضا من الأسباب التي جعلتني أوافق أنني بحاجة للزواج وأنا أمارس العادة السرية رغم التزامي.
سؤالي: هل أكمل معه علاقتي وأتزوجه؟ أنا ما زلت أستخير منذ الشهر الثاني من الخطبة. وهل إذا أكملت معه الزواج وقد يكون بعد شهر هل سأعطيه حقوقه؟. أي هل الأيام كفيلة بأن أحبه أم سأعطيه حقوقه من باب الحقوق فقط.
ساعدوني باتخاذ القرار أرجوكم..
قرأت كثيرا حول هذه المواضيع عبر الشبكة لكن لم أستطع القرار. جزاكم الله خيرا
24/2/2023
رد المستشار
تسألين: هل أكمل علاقتي معه؟
وهذا سؤال هام.. ولكن قبل أن أجيبك عنه يهمني أن أشير إلى أمرين هامين أيضا خارج موضوع الاختيار، أحدهما يتعلق بك أنت شخصيا وبتكوينك النفساني، والآخر يتعلق بنظرتك للزواج.
أما عن الأمر الذي يتعلق بشخصيتك فأنا في الحقيقة منزعجة بعض الشيء من كلمة (أنا فتاة ولكن بشخصية الرجال)!! .. ولا أدري ماذا تقصدين بهذه الكلمة؟ ولا أدري أيضا هل تعتبرين هذا عيبا أم ميزة؟ أنت أنثى.. قد يقبل أن تكون هناك أنثى ضعيفة وأخرى قوية، ولكن غير مقبول أبدا أن تكون هناك أنثى رجلا.. أليس كذلك؟
إذا كنت ترفضين صورة الأنثى الضعيفة فأنا أيضا أرفضها معك؛ لأن هذه الشخصية لم تعد تصلح في زماننا هذا لا كأم ولا حتى كزوجة، لأن هذا النموذج المهلهل كيف يمكن أن يربي الولد أو يتحمل مسؤولية أسرة وبيت في مجتمع وتغيرات تشبه البحر متلاطم الأمواج؟ .. ولكن أعتقد أننا نرفض أيضا نموذج (المرأة الرجل) التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال) ولم يكن صلى الله عليه وسلم -في نظري- يقصد فقط التشبه الظاهري بل السلوكي أيضا.
نحن نريد المرأة القوية لكنها أنثى.. وبالمناسبة، لي وقفة عند كلمة (قوية) .. فالقوة التي أشير إليها لا أعني بها أبدا العناد أو الاعتداد بالرأي أو العنف أو... إلخ. وإنما قصدت المعنى الذي أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب منه عندما قال: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب).. فهو هنا يشير إلى أحد مظاهر القوة الحقيقية، وهي مثلا ضبط النفس عند التعرض للانفعالات.. المرأة القوية هي التي تحافظ على ذاتها وبيتها معا وهي القادرة على اللين وخفض الجناح والمشاركة في إدارة البيت بهدوء وبدون مناطحة أو ندية.
ولن أطيل الحديث في هذه النقطة وسأكتفي بأن أدعوك لقراءة مشكلة بعنوان: "شرق المتوسط وجنوبه.. نظرة شمالية ومتاعب" التي تعرضت لهذا الجانب.
أما عن الأمر الثاني الذي أردت الإشارة إليه فهو يتعلق بنظرتك للزواج.
تقولين بأنك في حاجة للزواج لأنك تمارسين العادة السرية، وهل الزواج إشباع جنسي فقط؟ وهل الضغط الجنسي سبب كاف يدفعك للقبول بأي رجل ليعفك؟ الأمر ليس بهذه البساطة... في عالم الحيوان ربما تكون العلاقة جسدية فقط، وأقول ربما، أما في عالم الإنسان فإنها لا يمكن أن تستمر كذلك أبدا، فالزواج حياة كاملة مشتركة وربما أبدية بين الزوجين وهو رسالة ومسؤولية يحملها الطرفان معا.
وأؤكد لك أن غياب التواصل العاطفي والفكري بين الطرفين يؤثر سلبا على التواصل الجنسي نفسه، وخاصة عند المرأة، لذلك فإن مئات الأزواج والزوجات بعدما يتسرعون في قبول أي زيجة تحت سياط الشهوة الجنسية يعودون ويندمون متأخرا جدا، ويسأل أحدهم نفسه: لماذا تسرعت؟ وكيف قبلت؟.
والآن أجيبك عن سؤالك: هل أستمر في علاقتي معه؟
أقول لك: هناك مشكلتان جديرتان بالتوقف عندهما:
1- مشاعرك الحيادية.
2- مستوى التوافق الاجتماعي والفكري بينكما.
بالنسبة لمشاعرك.. إن كان هناك حد أدنى من القبول والارتياح فهذا قد يكون كافيا لينبني عليه الحب، أما إن لم يكن هذا الحد الأدنى موجودا فلا معنى للاستمرار لأن الزواج سيستلزم منك عطاء وجدانيا ونفسيا وجسديا ويتطلب منك تحملا لعيوب زوجك وبعض طباعه، وهذا كله لا يمكنك القيام به إلا إذا كنت تحبينه، وبدايات هذا الحب كما قلت لك هي وجود ذلك الحد الأدنى من القبول والارتياح.
أما بالنسبة للتوافق الاجتماعي والفكري فأنا أراك تشعرين أنك أعلى منه ماديا وتتعجبين من الندية التي يعاملك بها أهله... عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا تؤخر، وهن الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا) فإذا رأيت أن هذا الشخص ليس كفئا لك فلا تثريب عليك إذا رفضت الارتباط به، ولكن إذا قررت أن تتزوجيه فاعلمي أن عليك عندئذ أن تحترميه وتحترمي أهله عن طيب خاطر ويكون مثلك مثلهم.
أختي الكريمة فكري جيدا ولا تتسرعي. ولا تنسي الدعاء والاستخارة.