السلام عليكم
أشكر لكم مجهودكم الطيب والمثمر، وجزاكم الله عنا خيرا.. أنا فتاة عمري 25 سنة كنت قد وضعت لنفسي منذ عدة سنوات مبدأ في موضوع الزواج، توصلت إليه بعد تفكير عميق، واستماع لشيوخ، وتحليل بعض علاقات صديقاتي مع خطابهم، وهو:
ألا أتعجل الزواج أبدا إلا إذا وجدت الشخص الجدير الذي أحلم به ويتحلى بالمواصفات التي طالما تمنيتها في زوجي، وهي: تقوى الله، وحسن الخلق، والشهامة، والنخوة، وأن يكون شخصية منفتحة، نشيطا دءوبا يسعى بشدة في الدين والدنيا، وصاحب قرار وقوة شخصية، وله آراؤه المحددة في أي موضوع.. هذه صفات الرجل الذي أطمئن أن أعيش معه وأشعر معه بالأمان والسعادة.
وقلت لنفسي إنني لن أتنازل عن أي من هذه الصفات المحددة في حين أنني يمكن أنا أتنازل في أمور أو صفات أخرى قد لا تعجبني، وكنت مقتنعة تماما أن الانتظار أفضل من التعايش مع شخص لا يملأ عيني وقلبي ولا يقنعني على المستوى الفكري والسلوكي. فطموحي عالٍ جدا بالنسبة لمستوى الحياة الزوجية التي أتمناها، ومستوى التقارب الروحي والعاطفي والعقلي بيني وبين شريك حياتي.
هذا ما في عقلي من أفكار، أما في الواقع فقد تقدم لي شاب محترم، عن طريق زميل لي في العمل لا يعرفني من قبل تقدم لأهلي مباشرة، وأنا كنت أفضل هذا الأسلوب لأشرك أهلي في تكوين رأي فيه. يوجد بيننا تكافؤ في جميع النواحي، تكافؤ اجتماعي وتعليمي وأسري واجتماعي ومادي وهو أكبر مني بخمس سنوات.. لقد شعرت بالقبول نحوه وتحدثنا في عدة أمور وكذلك أهلي أعجبوا بأخلاقه، ولكنني لست واثقة من مستوى تدينه، ولكنني متأكدة أنه يستجيب للنصيحة. رأيت فيه بعض العيوب مثل كثرة الكلام عن نفسه وبعض الغرور، ولكن في مواقف أخرى لاحظت أدبه واحترامه الشديد وصراحته التي أعجبتني.
والمشكلة الجوهرية هي أنني لم أجد شيئا مما أحلم به فيه؛ فهو هادئ جدا وصبور وطويل البال لدرجة البرود أو الملل وهذه أيضا طبيعتي أنا والتي أحاول تحسينها وأعرف هذا العيب في نفسي؛ ولذلك كنت أتمنى إنسانا مفعما بالحيوية ومليئا بالطاقة، يكملني ويخرجني من قوقعتي، وأن يكون من النوع الذي يعبر عن مشاعره ويتكلم معي ليشجعني أنا أيضا على البوح بما بداخلي؛ لأنني أنا أيضا قليلة الكلام. بمعنى آخر.. عريسي هذا ليس قرة عيني التي دعوت الله أن يرزقني إياها، كما أشعر أنه هو أيضا لا يفعل أي شيء ليثير إعجابي فمثلا لا يبادر بالأسئلة ولا يبدي اهتماما معينا بالتعرف على جوانب شخصيتي، وقلة كلامه هذه تجعله غامضا بالنسبة لي. وقد أخبرته بذلك ورد بأنه يعلم هذا عن نفسه ويريد من يشجعه أن يفتح قلبه ويبادر بسؤاله.
أنا واقعة في حيرة.. أشعر أنه إنسان طيب، ويمكنني أن أحبه، ولكن أشعر أن حياتنا ستكون مملة وبطيئة الحركة، وأرى بوضوح كل ما يضايقني فيه والذي لا يحقق لي أيا من طموحاتي في زوج المستقبل؛ فلا أجد نفسي سعيدة به، ولا أمدحه مثلا أمام الناس. أهلي يرونه رجلاً عاقلاً متزنًا مسؤولاً وأنه سيكون زوجًا صالحًا، وأنا أيضًا أراه هكذا وأرى بيننا الكثير من أوجه الشبه والاتفاق في مواقف الحياة، ولكنني أخشى أن أرضى به وأظل في نفسي أتمنى رجلا غيره. فهو بصراحة كشخصية لا يملأ عيني ولا يرضي طموحي بينما هو كعريس ممتاز، وأنا لا أجد فيه عيبا سوى عدم رؤيتي فيه رجل أحلامي. هل أنتظر أم أخنق حلمي وطموحي وأعيش فترة من الإحباط وأرضى به وأحمد الله على نصيبي وأخشى أن أكون ضعيفة وأنا معه فأعجب بشخص غيره؟ أيهما أفضل لي برأيكم.
شكرا جزيلا،
وجزاكم الله خيرا.
17/2/2023
رد المستشار
ألم تلاحظي أنك لم تفكري فيما ستعطينه أنت لمن يجذب فؤادك ويُرضي كل طموحاتك؟! فلقد رسمت كل أحلامك على ما تريدينه لك في شخص شريكك لتحققي أحلامك وتُحسّني من عيوبك كما قلت، ولم تعطي جزءًا من حلمك للعطاء يا صديقتي، والزواج مبني على عطاء كل شريك للآخر.
ألم تسألي نفسك سؤالا آخر: هل إذا وجدت الرجل الشهم الناجح المتألق ذا الخلق الرفيع المفعم بالحيوية ما الذي سيجذبه لأن يتزوج فتاة هادئة طويلة البال لا تعبر عما بداخلها صامتة معظم الوقت مثلك؟ عذرا.. لم أقصد بالطبع أن أقلل من شأن اختيار شخصية مثله لك، ولكن فقط أتناقش بالعقل كما أردت، ألم تسألي نفسك: هل حقا ستسعدين مع الشخصية المختلفة عنك كما تتصورين أم لا؟ فترينه مجنونا مثلا حين يقرر أن يخرج في الثالثة فجرا ليلحق الشروق على شط البحر دون دراسة أو تأن يلزمانك للقيام بنزهة خارج محافظتك؟
فأراك تعلمت كل دروس موقع مجانين بدءا من وضع تصور لشريك حياتك على أساس معرفتك لنفسك ومعرفة المميزات ومعرفة العيوب والتوافق، ولكن فاتك درس مهم ألا وهو "لا أحد يغير أحدًا" فإذا انتظرت أن يغيرك الزواج أو يغيرك زوجك فأنت تنتظرين السراب. وأي شخص تغير بعد الزواج -قارنا بين زواجه وتغييره زيفا- هو في الحقيقة تغير لأنه رأى أنه عليه أن يتغير، أو اقتنع بأنه يحتاج لأن يتغير في تلك المرحلة من حياته وليس بسبب الشريك الجديد.
قد تتصورين أن حديثي لك معناه أني أشجعك على الزواج به وهذا ليس صحيحا؛ لأن ترددك وتصورك لضعفك حين تتزوجين به ورؤيتك لشخصيته لا تملأ عينك كفيلة بأن أقول لك لا تتزوجيه أبدا إلا إذا كنت مقتنعة به؛ لأنك إذا تزوجته وأنت بتلك الأفكار فستحدث مخاوفك ولو بعد عشر سنوات من الزواج منه! والآن صار عليك واجب مع نفسك مهم جدا؛ وهو أن تعطي لنفسك فرصة أن تنظري إليه بإنصاف ودون مقارنة بينه وبين خيالك الذي رافقك فترة طويلة لتحددي بصدق، وضعي تحت كلمة صدق عشرين خطا هل تقتنعين به كما هو أم لا؟
فإن وجدت منك قبولا عما كنت فلتتوكلي على الله خاصة أنك تتقبلينه، ولعل الزواج ممن يشبهك يحقق لك راحة لا تتصورينها على أرض الواقع حين تتبدد مع آخر مفعم بالحياة يحبك ثرثارة ومتجددة الطاقة كل يوم، أو يتشدد معك في أمور دينك عما أنت عليه، وإن لم تجدي هذا الاقتناع بصدق فلا تترددي في تركه وليبدلك الله خيرا منه بإذن الله.
واقرئي أيضًا: