بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الإخوة الأعزاء: أنا صاحب مشكلة، ومشكلتي هي من نوع خاص، أنا في بداية الأمر لم أحبذ فكرة أن أستشير أحدا عن طريق الإنترنت، ولكني متأكد من قدرتكم بإذن الله على مساعدتي في حلها قبل أن أبدأ بطرحها.
أحدثكم عن نفسي قليلا، أنا شاب موظف أبلغ من العمر سبعة وعشرين عاما، كنت متزوجا وأعيش وحيدا. أهلي يسكنون قريبا مني، ولكني كنت أعيش في بيت بمفردي، تزوجتُ، وطلقتُ قبل حوالي عام.. أحاول جاهدا أن أكون ملتزما، وأحاول إقامة الصلاة في وقتها قدر ما أستطيع إلى ذلك سبيلا.
لا أريد أن أطيل عليكم، أضع مشكلتي بين أيديكم، وأرجو أن تبعثوا لي جوابا شافيا بأسرع فرصة ممكنة.. مشكلتي هي أني أحببت فتاة تصغرني بخمسة أعوام، وهي من نفس الحي الذي أسكنه وقد تجرأت وتكلمت معها عن طريق الهاتف، ولكن حديثنا بقي ضمن الأدب والأصول إلا من بعض العبارات، مثل يا حبيبي يا حبيبتي يا روحي فقط، وقد وعدتها بالزواج وحددت لها موعدا لأخطبها من أهلها، وهي لم تكن تلبس الجلباب، ولكن بطلب مني وافقت عن رضى وطيب نفس أن تلبسه، وبعد ذلك طلبت منها أن لا تنزل إلى السوق وحدها نهائيا، وصدقوني وافقت عن رضى وطيب خاطر، وبعدها طلبت منها أن لا ترد على الهاتف بتاتا حيث يوجد عندها الكثير من الإخوة والأخوات، وهم يقومون بالرد على الهاتف بدلا عنها. أنا لا أعتقد أنه من حقي أن أفرض عليها هذه الأوامر الآن، ولكن هذا ما حصل.
المشكلة أني أخاف أن أقدم على الزواج منها، وأنا لا أعرف لماذا؟ والصحيح أني لا أحب هذه الطريقة في الزواج ألا وهي التعرف على الفتاة عن طريق الهاتف، ولكن كما قلت لكم هي من نفس الحي ومن أقربائنا، أنا أحب الزواج بدون هذه الطريقة.
ولكن أفكر أيضا إذا تزوجت بالطريقة التقليدية مخاطبا نفسي: هل تضمن أن الفتاة قد أحبَّتْ من قبلك، وتكون أنت على الهامش بعد الزواج؛ حيث إنك لن تكون في قلبها؟ وإذا أرادت الإخلاص لك فلن تعطيك أكثر من أن تخاف على بيتك وعرضك في غيابك، ولكن قلبها لن يكون لك.
إذن ما العمل؟ لا بد أن أحب فتاة وتحبني، أنا أعرف أن الحب أكبر من أن نختار من نحب، ولكن لا أعرف؟ أريد منكم أن ترشدوني، أرجوكم أن لا تضعوا مشكلتي على الرف.
11/5/2023
رد المستشار
الأخ الكريم، لا نضع أبدًا أي سؤال على الرف، إضافة إلى أن مشكلتك هامة، وتستحق ردًا شافيًا فعلا كما طلبْتَ.
أخي، أنت متردد، وأسباب ذلك واضحة للغاية، فأنت مثل كل رجل شرقي –أو لنقل الأغلبية– أحببت فتاة، وأردت أن تتأكد من مشاعرك تجاهها، ومشاعرها تجاهك، واختبرت هذا عبر الهاتف، وعبر توجيهاتك لها بارتداء الجلباب، وعدم الرد على الهاتف... إلخ، واستجابت الفتاة عن طيب خاطر؛ لأنها تحبك، فأين العيب في ذلك! هل استجابتها لك تشينها؟!!
لعلك تزوجت المرة السابقة بالطريقة التقليدية التي تقول هذه المرة بأنك ترفضها، وأنت شريك كامل فيما حدث من مسار لهذه العلاقة الحالية، فما صدر عن الفتاة وعنك من بعض الكلمات التي ذكرتها إنما جاء في إطار وعدك لها بالزواج، وفي إطار حرصها على إرضائك غالبًا، والكثيرات يفعلن.
وتقول: لا أحب أن أتعرف على الفتاة التي سأتزوجها عن طريق الهاتف، فهل يجوز فقط أن تعرف أية فتاة، وتتحدث إليها هاتفيًا، وتعدها بالزواج، ثم حين تتجاوب معك تتركها وترحل؟!! أي منطق معوج، وتفكير مريض سقيم هذا الذي نحن عليه معشر الرجال؟!!
إما أن الفتاة –وهي جارتك وقريبتك أصلا كما قلت- محل ثقة، وعلى هذا الأساس وعدتَها بالزواج، واسترسلت في الكلام معها لتعرفها أكثر، وتختبر مشاعرها، أو أنها ليست محل ثقة، فتكون أنت المخطئ من البداية وفي القصة كلها، وأخبرني بربك، وكذلك أسأل كل شاب عربي: هل هناك ضمان على أي مستوى أن فتاتك هذه أو غيرها لم تعرف أحدًا قبلك؟! وهل هناك ضمان أن أية امرأة ستستقيم معك؟!
ابحث عن رضيعة، وتكفل بها مغلقًا عليها كل باب ونافذة، حتى لا ترى غيرك، ولا تحب قبلك.. هذا إذا أحبتك!! سامحني يا أخي الكريم، ولكنك جسَّدت بسؤالك هذا بعض الهراء الذي نعيشه، والأكاذيب التي تعودنا عليها، والتناقض، والمعايير المزدوجة التي نشكو أن أعداءنا "الكفار" يستخدمونها ضدنا، والحقيقة أننا نستخدمها ضد بعضنا البعض أكثر!!!
العبرة باستقامة السيرة، وحسن الخلق، وإخلاص الفتاة وصدقها في حبها إذا أحبت، ولا علاقة لهذا بالتنازلات التي تلجأ إليها بعض الفتيات برعونة وحمق باسم الحفاظ على الحب أو التضحية في سبيله، ولا أحسب أن فتاتك قد فعلت هذا أو مستعدة لفعله، فإن كنت ترى كلمة حبيبي في الهاتف خيانة وقلة أدب، فلماذا سمحت لنفسك بترديدها وأطربت أسماعك حين طرقت أذنيك، وقد طلبتها أنت حين قلت مثلها؟
ضع علاقة الفتاة بك جانبًا، وتفحص سيرتها وسمعتها وتربيتها، فإن وجدت خيرًا تزوجها؛ لأنه لا يشينها في هذه الحالة شيء سوى علاقتها بك.. تصور؟!!
تابعنا بأخبارك، وتمنياتنا لك بالسعادة هذه المرة.