بعد التحية والسلام على خير الأنام سيدنا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، أما بعد أنا شاب سعودي أدرس الطب في أحد البلدان العربية التي تختلف في طباعها عما نشأت عليه في بلدي؛ المشكلة تكمن في كون هذا البلد عند أهله من الكرم للضيف ما يصل إلى حد قد يؤدي إلى كبائر؛ فمثلاً أنا مستأجر مع أحدهم وبيني وبينهم حسن تعامل، ولكن مع مرور الوقت أصبحت في البيت أعامل كواحد من أفراده؛ فالبنات لا تتحجب عني؛ بل قد أحضر وهم في ملابس النوم؛ فيرحبون بي وكأنما قد أتى أخ من إخوانهن!!
هذا كان من الناحية النفسية مريحًا لي فقد خفف عني شعور الغربة كثيرًا؛ لكن المشكلة كبرت عندما بدأ الاستلطاف بيني وبين إحدى بنات الأسرة؛ فكنا نجلس الأوقات الطويلة نتسامر، وبالطبع أمام الأهل (أهل الفتاة) وبمعرفتهم، وقبل ثلاثة أيام وفي لحظة غلبتني فيها نفسي قبَّلت الفتاة، وتجاوبت معي بصورة محرجة، وأنا الآن أشعر بألم نفسي وتأنيب ضمير؛ حيث أحس أنني خنت الأمانة، هذا مع العلم أنني- حتى مع أصدقائي في الكلية، عندما أذهب معهم إلى منازلهم ويعرفونني بأهلهم أكون محرجًا ومحتارًا بخصوص الجلسة الجماعية
باختصار أنا أحمل بين طيَّاتي حربًا بين قيم وعادات وتقاليد تربيت عليها في بلدي، وبين عادات وتقاليد بلد آخر دافعهم فيها الطيبة ومحاولة تخفيف غربتي...
ماذا أفعل؟
30/5/2023
رد المستشار
أخي العزيز: نشكر فيك الضمير الحي الذي تحرك وتحرج حين وقع منه الخطأ؛ فأرسل يستوضح ويستفسر، ونقول لك إنه لا يوجد التباس يدعو إلى حرب داخلية مثل التي تقول إنك تعاني منها نفسيًّا.
فالحاصل أنك شاب يافع يميل إلى النساء بحكم سنه، وهذا الميل يظل كامنًا عند غيرك حتى تتم تلبيته بالطريق الطبيعي، وهو الزواج في الوقت المناسب، ولكن وضعتك الظروف في وضع وجدت فيه مخرجًا للتعبير عن هذا الميل بجلسات تتسامر فيها مع فتيات العائلة التي تستضيفك، ولا أعتقد أن كرم الضيافة العربي يتضمن ترحيب بنات العائلة بالساكن الأجنبي عنهن، وهن بقمصان النوم!!
هذا وضع ليس له سوى تفسير من اثنين: إما أن هذه العائلة منحلة أخلاقيًّا، وسيظهر هذا معك أو مع غيرك، وإما أن لهم غرضاً فيك بمعنى أنهم يرغبون في تزويجك إحدى بناتهن
وما قمت به من تقبيل للفتاة ثم استجابتها لك بصورة محرجة يؤكد ما نقول، وسيجر إلى ما هو أكبر من مجرد التقبيل والتجاوب، وبالتالي سيزيد ذلك من لومك لنفسك وتأنيب ضميرك، حتى لو اقتنعت أو حاولت إقناع نفسك أن هذا من "كرم الضيافة"!!
فإذا كنت تنوي الزواج من هذه الفتاة فهذا له طريقه وخطواته الرسمية المعروفة، وأدعوك إلى التمهل قبل اتخاذ مثل هذا القرار، ولا أظنك تفكر في هذا الاتجاه، أما إذا كنت لا تنوي الزواج فأوصيك أن تنتقل سريعًا إلى سكن آخر، ولا يكون أهله على نفس المستوى من "الكرم!!"؛ بحيث يتمسكون بالحد الأدنى من القيم الإسلامية الشائعة في غالبية بيوتنا العربية فيما يخص العلاقة بين الرجال والنساء، والتمس هؤلاء الذين يماثلونك في المحافظة، وسيكون هؤلاء خير عون لك على التركيز فيما حضرت من أجله وكدت أن تنساه في غمرة "الكرم"، وسيكونون خير عون لك في غربتك، والغربة هي الغربة
أدعو الله أن يؤنس وحشتك فيها، ويوفقك في أن تجد فيها من يحفظ لك ومعك دينك ودنياك، كما أدعو أن يربط على قلبك، ويبعد عنك بطانة السوء، أو كما يدعو المصريون "ربنا يبعد عنك أولاد الحرام"، كما أنبهك قبل أن أتركك: أن تصرفات المرء ليست محكومة فقط بالعادات والتقاليد فتتغير بتغيرهما، ولكن أيضًا، وقبل ذلك، بالضمير والأخلاق الثابتة للإنسان... وشكرًا.