بسم الله الرحمن الرحيم،
الإخوة والأخوات القائمين على هذا الموقع الرائع، أثابكم الله، وجزيتم خيرا على ما تقدمونه من خدمات وآراء سديدة لمساعدة إخوانكم وأخواتكم في الله.
أرسل لكم لأنه -بالطبع- لدي مشكلة، وصاحب كل مشكلة يجد أن مشكلته هي أعظم المشاكل في الكون، وأنا قد أكون كذلك؛ فمشكلتي تكاد تصيبني بمس من الجنون إذا لم أكن قد أصبت به فعلا. لن أقول باختصار فربما الإسهاب في وصف المشكلة يكون عونا لكم لوضع صورة كاملة لما أمر به.
أنا سيدة عمري في بداية الثلاثينات سنة، متزوجة منذ أكثر من 8 سنوات، وأم لـعدة أطفال، التحق أكبرهم بالمدرسة هذا العام، وأنا موظفة وأعمل في مجال التوجيه والإرشاد المدرسي، ولم يكن ذلك هو مجال دراستي ولكني رشحت لهذا العمل بناء على توصيات من المشرفين علي لما وجدوه من قدرات عندي للقيام بهذا العمل، وبعد بعض الدورات ومزيد من التثقيف والتعليم الذاتي أظن -ولله الحمد- أني استطعت القيام بعملي وتأدية واجبي على نحو مرض، ولكني للأسف أقف عاجزة عن حل مشكلتي أو اتخاذ قرار واضح وحاسم فيها.
تزوجت زواجا تقليديا محكوما بالعادات السائدة في بلدي، وتمت الموافقة المبنية على التحقق من المستوى الاجتماعي والديني والتعليمي الذي كان كله متوافقا مع مستواي -أو كما ظننت- أي أنها كانت موافقة مبنية على الأسس العامة لاختيار الزوج التي روعي فيها أن من ترضون خلقه ودينه فزوجوه.
كانت هناك معارضة من جانب واحد هو أخي الأكبر الذي كان بمثابة والدي الروحي ومرشدي، وكان مصرا على ذلك، ومبرره في ذلك هو عدم ملائمة هذا الشخص فكريا لي، ولكني لم أجد في ذلك عيبا وقلت يكفيني دينه، ولا أظن أن المتزوجين يتباحثون في شئون العالم في بيوتهم، وتم عقد الزواج، ولم أره طبعا إلا بعد ذلك حسبما هو متعارف عليه لدينا، وشعرت بمدى الاختلاف بيني وبينه في الأسلوب وطريقة التفكير؛ فأنا دقيقة وجدية وأحب المناقشة والتحليل في طرحي للأمور، وهو يحب المزاح ويتخذه أسلوبا له في كل أموره، يرفض المناقشة بكل أنواعها، وغير مبال لأي شي.
حاولت اتخاذ خط رجعة ولكني قوبلت برفض الفكرة، بل والتهديد من قبل والدتي بعدم التفكير في هذا الموضوع أصلا، وقررت عندئذ الدخول في هذه المغامرة ومحاولة التأقلم معها وإصلاح ما يمكن إصلاحه. وأعترف بأن ذلك خطأ كبير جدا لأنه من شب على شيء شاب عليه، وليس بالسهولة تغيير الذات، فكيف بتغيير الآخرين؟! خصوصا إذا كانوا غير مهتمين بذلك.
وبالفعل فقد نجحت في تغيير مظهره الخارجي نوعا ما، وذلك باختياري لملابسه وتجهيزي المسبق لها وتنسيقها. ولا أنكر أني لا أجيد المصارحة، خصوصا أني عندما حاولت اتباع هذا الأسلوب جوبهت بالمعارضة والامتعاض من قبله، فلم أستطع تغيير عدم النظافة مثلا (لم يغسل أسنانه طوال فترة زواجنا إلا مرات معدودة تعد على أصابع اليد الواحدة)، أيضا لم أفلح في جعله يراعي الذوق في أسلوب التعامل مع الآخرين الذين من ضمنهم والدتي نفسها التي ما زالت تمتعض من أسلوبه اللامبالي معها، وإن كانت لا تعترف لي بذلك ولكني أحسسته وعلمته من بعض أخواتي.
كنت أدقق في هذه الأمور عند بداية زواجنا، خصوصا مع أسلوبه الشديد الجاف معي، وهي طبيعة أيضا في كل عائلته. ولكن بعد إنجابي لطفلي الأول -حفظه الله- والذي كان رائعا -ولله الحمد- بكل المقاييس بدأت أتجاوز عن معظم الأشياء، واعتبرت أن الله يحبنا ويريدنا معا أن جمع بيننا بهذا الطفل، ولكني أيضا كنت مخطئة.
بدأت ألاحظ تناقصا في طاقته الجنسية، وعزوت ذلك إلى انشغاله بعمله وضغوط الحياة المختلفة، وحاولت معه بطرق شتى مما تعرفه معظم النساء ولكني لم أجد فائدة تذكر، خصوصا مع ضحالة ثقافته الجنسية وانعدام الحوار بيننا حول هذه المواضيع، وذلك لرفضه الحديث حولها.. وأيضا تركت هذا الملف مفتوحا داخلي مع غيره من الملفات المفتوحة التي لم يكن يمكن بأي حال من الأحوال أن أغلقها وحدي دون مساعدة منه.
أنجبت ابنتي الجميلة التي أكملت جانبا جميلا من حياتنا، وإن كانت أتت بعد فترة حمل مريرة كان من نتائجها توجهه للنوم بمفرده في غرفة الجلوس بحجة أن لديه عملا يذهب إليه، ولا يريد أن يزعج نفسه مع مريضة وطفل قد يبكي في أي لحظة.
حاولت بعد ولادتي أيضا أن أعيده ولكنه كان يماطل، واكتشفت عندها أنه مازال مدمنا لمشاهدة الأفلام الخليعة، هذا الأمر الذي كنت عرفته مسبقا وحاولت مناقشته فيه مرارا بدون فائدة حتى إن أخي تدخل في الموضوع بيني وبينه وكان قد وعد بالإقلاع عن هذه العادة المقيتة.
واكتشفت أيضا أنه بدأ يتهاون في أداء الصلاة، وكان هذا الأمر بمثابة صدمة لي، لم أصدق ظنوني في البداية، وراقبته مراقبة شديدة حتى تأكدت من هذا الأمر الذي تحول إلى ترك الصلاة، وإن كان مازال محافظا على صورة الرجل الملتزم التزاما شديدا، وأيضا حاولت معه ولكنها كلها كانت وعودا وقتية وتنتهي.
استشرت علماء دين فقالوا بأن علي النصيحة له وعدم ممانعته في الفراش. وكنت قد تملكني التعب منه فبدأت أخفف من مراقبتي له، حتى في النصح أو غيره، خصوصا بعد أن أصر على إنجاب الطفل الثالث الذي جاء سريعا بعد أخته ودخلت سريعا في معمعة الحمل وإرهاقه الشديد لي بالإضافة إلى عملي والعناية بطفلين.
ومضت حياتنا لا تحمل لونا معينا، ولكنها تمضي، واستمر هو في هجري في الفراش، وإذا أبديت نوعا من الاعتراض قال: تعالي أنت لي في غرفة الجلوس، وكنت أحيانا أسايره وأحيانا أعترض؛ فالحياة الزوجية سكن قبل أن تكون جنسا.
كان يتحجج أحيانا بوجود الأطفال في غرفة النوم، وذلك لأننا كنا نقيم في جناح في بيت أهله. وبعد حملي بطفلي الثالث أصررت على الخروج في سكن مستقل، وبالطبع لم تمر المسألة بسهولة علما بأن دخلنا المادي فوق الممتاز، وانتقلنا للسكن الجديد وأصبح الأطفال في غرفة مستقلة، حتى الطفل الجديد، وأعددت الغرفة بحيث تكون مخدعا زوجيا لعل ذلك يستميله للعودة إليها، ومع ذلك لم يتغير الوضع، وبدأت العلاقة الجنسية بيننا تتباعد مراتها بشدة، حتى عند حدوث شيء فأنا الطرف المشارك، بينما هو يتصرف بسلبية شديدة، حتى تحولت إلى أداة استمناء بشرية له، ويرفض حتى الاستماع إلى أي طلب مني بهذا الخصوص.
وبدأ الشك يساورني، فالمسألة بدأت تنحدر بشدة، وبدأت ألاحظ بعض التصرفات المريبة من قبل الخادمة الآسيوية التي كانت الثالثة بعد اثنتين قبلها لم تدم مدة إقامتهما إلا فترة قليلة، وكان هو السبب في تسفيرهن بحجج مختلفة.
كنت أتمنى أن تخيب ظنوني وشكوكي، ولكني تأكدت بعد ذلك وتيقنت بعد أن رأيته معها وعلمت بوجود علاقة جنسية بينهما منذ فترة طويلة.. صدمت وثرت وتكلمت معه، وكانت إجاباته بأني ليس لي دور في ذلك، وأنه يعلم بأني لم أقصر معه يوما في شيء، وأنه أخطأ، وما شابه ذلك فتكتمت على الموضوع، واكتفيت بتسفيرها والبقاء دون خادمة حتى لو اضطرني ذلك لترك العمل.
ومضت بنا هذه الفترة بشيء من التوتر، وإن كنت -والله يشهد على ما أقول- بذلت نفسي له بدون حتى أن يطلب، وحولت نفسي إلى عروس في كل ليلة، على الرغم من تعبي وإرهاقي بين حجري رحى البيت والأولاد وعملي. ولكنه بعد فترة أصر على استقدام خادمة من جديد بحجة أنه شعر بأنه أخطأ بحقي وأنه يريد أن يصحح خطأه، وحضرت الخادمة الجديدة التي من نعم الله علي أنها كانت متزوجة ومؤمنة ومحبة لزوجها؛ لكنه للأسف رجع للمحاولة معها بطرق لم يفكر يوما باتباعها معي حتى من أيام الخطوبة (رسائل حب وغرام - أغاني حب بلغتها - يتأخر في الذهاب للعمل في الوقت الذي أكون قد ذهبت فيه لعملي ويلاحقها في المنزل، وهذا علمته من ابنتي الصغيرة)، ولكنها اعترضت وأصرت على السفر، ولكني أرضيتها لأني شعرت عندئذ بأني لا أستطيع الاستمرار في عملي دون خادمة، ولا أستطيع ترك عملي مع إحساسي بعدم الأمان معه، ولأني وجدت فيها عونا لي لصده عن أفعاله.
ولكنه لا يتوب -وكيف يكون لتارك صلاة عهدا!، واكتشفت استمراره في المحاولات التي كنت أواجهه بها بعد كل محاولة، والتي كنت أكتشف معظمها بالصدفة، ويضعها الله في طريقي دون قصد مني وكان يعتذر ويبكي بين يدي ويتعهد بالتوبة ولكن دون فائدة.
وأدخل زوجة أخيه -وهي طرف مشترك بيننا- في الموضوع وإن لم يكن أخبرها بالحقيقة، وأخبرتني بأمور على لسانه غريبة وعجيبة، مثل أنه يعاني من ضعف جنسي من فترة طويلة، وأشياء غريبة لا تتفق مع مجريات الأحداث السابقة، وكنت وقتها مصرة على الانفصال عنه -وهذا ما أفكر به الآن- خصوصا أني اكتشفت مغامرات له خارج المنزل في دولة مجاورة، ومحاولات للاتصال بالقنوات الخليعة ومغامرات على النت من خلال البال توك وغيره.
قد تتساءلون... ما هي المشكلة الآن؟!
مشكلتي أني أريد الانفصال بشدة، ولكني أخشى أهلي من جهة، خصوصا أني أشعر بالخجل من إخبارهم بكل التفاصيل التي أشعر بأن فيها إساءة لأطفالي أيضا، وأخشى من الحياة كأم مطلقة، وأخشى أن لا أستطيع تربية الأطفال مع العلم أن الدور الأكبر للتربية على عاتقي طبعا.
أحيانا أشعر بأني قوية وقادرة على مواجهة ذلك كله، خصوصا بعد أن أخبرت أخي المقارب لي في السن بالموضوع كاملا، وأبدى دعمه الشديد لي وامتعاضه مما حدث، خصوصا وهم كانوا يعتقدون أن زوجي هو الرجل المتعلم الملتزم دينيا بشدة، خصوصا أنه من عائلة متدينة جدا، وهم يرون ضغوطه الشديدة علي في الخروج والذهاب للسوق وغيره. فصدم أخي بشدة طبعا عندما عرف خبايا الأمور.
أحيانا أخرى أشعر بالضعف الشديد وأني لا أريد أن أدخل في معمعات ومواجهات، والأفضل أن أبقى في هذه الحياة، وأنه ليس من الضروري أن أحصل على السعادة في كل شيء؛ فيكفيني عائلتي التي أفتخر بها، وأطفالي الرائعون، وتفوقي ونجاحي في عملي، ومكانتي في مجتمعي الذي أعيش فيه.
أم أعيش مع هذا الزوج الذي كانت آخر محاولاتي معه أنه أخبرني بأنه لا ينام معي الآن لأنه نزع التفكير في الجنس من باله تماما.
أعلم أني قد أطلت عليكم، وإن كان هناك العديد من التفاصيل التي قد توضح حكايتي بشكل أكبر. وأعلم أنني بالتأكيد لي دور في ذلك.
أشعر بالحيرة.. وكثرة التفكير تحرمني حتى من لذيذ النوم.. لا أريد أن أكون ظالمة ولا أحب أن أكون مظلومة،
وحسبي الله عليه توكلت وإليه أنيب.
23/8/2023
رد المستشار
الأخت الفاضلة،
تأخرت عليك بالرد لأنني كنت أخشى من نفسي وانفعالاتي وتحيزاتي أن تفسد حوارنا الذي أرجو أن يتواصل حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.
لا يمكن أن تتصوري حجم تأثري -وكذلك بقية الفريق- بسطور رسالتك المكتوبة بلغة ممتازة، والمثيرة للعديد من القضايا التي شغلتنا، وما زالت في هذه الصفحة.
خذي عندك مثلاً: سوء الاختيار، أو عدم تحري النظرة العميقة المتوازنة فيه، والمنطق الجاهز الذي تسوقينه ويسوقونه هو "إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه"، ولعمري هل كان مطلوبًا من الرسول التأكيد على بديهيات العقل والمنطق والفطرة بالتنبيه على أهمية ولزوم الانسجام العقلي والعاطفي، والتكافؤ بمعناه الشامل، وحتمية توافر مقدمات قوامة ناجحة لأنها من أهم أسس الاستقرار في الأسرة!!
رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد على أهمية البعد الديني في قبول الخاطب، فهل يعني هذا ضمنيا إلغاء بقية المعايير أو مصادرتها، أو غض الطرف عنها؟! ما هذا المنطق الأخرق!!
لكنني أبادر بالتذكير بأنك لا تنفردين بهذا، بل هذا هو فهم عموم الذين يحاولون الالتزام بالدين، ويزداد الطين بلة في حالة مجتمعك الذي لا يتيح للفتاة حقها الشرعي في رؤية خاطبها ومجالسته مرة ومرات لتتعرف عليه في مناخ سليم، وتختار بنفسها لنفسها على بينة، ولا أدري إلى متى ستسكتون على هذا الخلل الفادح. رغم أن نسبة الطلاق عندكم صادمة، والتعاسة الزوجية وعدم التوافق هو الأكثر شيوعًا!!
ولعلك لم تستجيبي لرؤية أخيك ونصيحته خوفًا من أن يتأخر زواجك، مثل ملايين الفتيات العربيات، ولكنك في هذه الاندفاعة خسرت الكثير، وتدفعين الثمن غاليًا، فهل تتعلم الأخريات من خبرتك تلك؟!!
وقعت الفأس في الرأس إذن وتزوجت، ووجدت نفسك وجهًا لوجه مع إنسان مختلف عنك تمامًا، وأعرف أنه كان صعبًا أن تخرجي على التقاليد وتطلبي مقابلته قبل العقد، وربما كان أصعب أن تتراجعي بعد الزواج، والخيارات أمام فتاة مثلك في هذا الموقف أو ذاك أن تخوض معركة مع التقاليد بما يحمله ذلك من عنت وجهد، أو أن تسكت فتدفع الحساب فادحًا فيما بعد، كما حصل معك.
فقط أريد أن ألفت انتباهك هنا إلى أن زوجك ليس مسؤولاً عن كل هذه المعادلات والحسابات إلا فقط من باب أنه جزء من السياق الاجتماعي الظالم والمتخلف عندكم، وبالتالي فهو يدفع الثمن أيضًا، ولكن بطريقة مختلفة، كما أرجو أن أوضح لاحقًا. وجدت نفسك متورطة في نتائج قبولك برجل لم تتعرفي عليه، واخترته دون أن تأخذي فرصة لبناء صورة واضحة عنه!
وقررت الدخول في مغامرة إصلاحه، ومحاولة التأقلم مع ما لا يمكن إصلاحه، وفي محاولاتك للإصلاح جربت المصارحة، وتراجعت عنها لأنك لا تجيدينها -كما تقولين- ولأنك تلقيت معارضة وامتعاضًا من زوجك ردًا على معارضتك، ومع أسلوبه الشديد الجاف الذي ورثه، وفي مواجهة طبيعته التي تمزح في كل المواضيع، وترفض النقاش...إلخ أتصور أنك تحولت بالتدرج إلى محاولة ممارسة أساليب و برامج الإرشاد والتوجيه وتطبيقها على زوجك فيما يخص نظافته الشخصية وسلوكياته في التعامل مع الآخرين، ومنهم والدتك التي تدفع بعض الثمن هي الأخرى!
وحتى عندما بدأت تتجاوزين -بعد الطفل الأول- عن المآخذ والعيوب، فإنك بدأت تلاحظين عزوفه الجنسي الذي رأيته أنت في صورة تناقص في طاقته الجنسية، ثم اكتشفت أن الأمر ليس تناقصًا بمقدار ما هو قضاء للوطر مع غيرك.
وهو ضحل في ثقافته الجنسية، ولا يتحاور معك في الجنس، وغالبًا في غيره لأنه غير مهتم أصلاً -كما تصفينه- وتباعدتما جنسيًا أكثر وأكثر.
أنت حامل في طفلتك، وهو مستمر في شئونه "الخارجية"، ولا يبال بك وباحتياجاتك الجسدية والنفسية!.
وتهاون في صلاته، وأنت تراقبينه وتنصحينه استكمالاً لمسار التوجيه والإرشاد، وازداد الأمر سوءًا، وبدأت تكتشفين علاقاته بالخادمة تلو الأخرى، وأنت تحاولين وتبذلين وتتزينين له كل ليلة، وهو يذهب إلى الخادمة ويترك سيدة المنزل المثقفة الجميلة المؤمنة، فلماذا يفعل هذا يا سيدتي؟!!
ولماذا يمارس كل أنواع المغازلة وأساليب الاستمالة مع الخادمات والمنحرفات ، ويتوقف على أعتاب غرفتك فلا يدخلها، وأنت فيها؟! ولماذا يعدك بالتوبة ثم لا يفعل؟! ولماذا يتصل بالقنوات الخليعة والإنترنت؟! لماذا يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! لماذا يؤلمك كل هذا الألم، ويعذبك كل هذا العذاب؟! أستطيع طبعًا أن أجيب على هذه الأسئلة من عدة زوايا، فهو ليس خاليًا عن العيوب كما هو واضح، ولكن ماذا عن دورك أنت فيما يحدث!!
لن أكرر الحديث عن سوء اختيارك، واستسلامك لظلم وتخلف مجتمعك، ولكن يا سيدتي ألفت نظرك إلى أن الرجل -وربما كل إنسان- لا يحب النقد، ولا يستجيب إليه غالبًا، فما بالك والنقد يأتي من زوجته التي من المفترض أنه "القوام" عليها، فإذا بها تلعب دور الإرشاد والنصح والتوجيه، وتراقبه، ولا يعجبها في كثير من سلوكياته.
ما هي الرسائل التي تصل لزوجك عبر مسار النقد والإرشاد؟!
هو لا يعجبك في دينه وشخصيته وسلوكه، وتلك الرسالة تصله بل ملايين الرسائل السالبة وصلته فعلاً، فماذا تنتظرين منه ردًا على رسائلك؟!
هل سيوجه رجل في مثل موقفه وتركيبة شخصيته وتقاليد مجتمعكم وسياقه الثقافي والاجتماعي في نظرته للمرأة وللزواج، هل سيتفاعل زوجك مع النقد -الذي يكرهه كل أحد- إلا بالرفض والعزوف؟!
هل سيأتي بالليل ليمتعك، ويشبعك، ويكون رجلك الوحيد؛ فيعلوك ويعاشرك بإيجابية وفحولة، وأنت طوال اليوم تصدرين الملاحظات -وربما الأوامر- حول نظافته الشخصية وتعاملاته وأسلوبه في الحياة.
إن الرجل لا يحب مضاجعة امرأة لا تحترمه، أو تشعره بالندية معه، ولا تشعره بأنه فوقها بمنزلة أو درجة، ولذلك تحديدًا فهو يتوجه إلى اللائي يعترفن له بهذا، ويشعر معهن بأنه أفضل وأعلى، ولا وزن لمحاولاتك المسائية؛ فالعلاقة الحميمة أشد تركيبًا من هذا، وهي ليست ببساطة معادلة: "إثارة + جو ملائم= جنس ناجح"، إنها ذروة سنام العلاقة الزوجية في كل جوانبها، ومنتهى التفاصيل اليومية التي تقع بين الشريكين، ولذلك قد تنجح علاقة جنسية عابرة بين طرفين عبر هذه المعادلة البسيطة التي ذكرتها توًا ("إثارة + جو ملائم= جنس ناجح")، ولكن بين الزوجين فلا، وألف لا لن تنجح.
شعورك الدائم بأنك أفضل من زوجك، وسلوكياتك في مراقبته وإرشاده ونصحه، وغير ذلك من الرسائل السالبة، كل هذا من شأنه تدمير كل محاولاتك للإصلاح، وأنا هنا لا أنفي عيوب زوجك القادحة والفادحة، لكنني أحاول تسليط الضوء على دورك في المشكلة، وبالتالي في المستقبل، فأنت إذن في هذه النقطة تحديدًا:
متورطة في زواج مفتقد لإمكانيات ومقومات التفاهم، ومناخ القوامة السليمة من البداية، وركام من محاولات فاشلة للإصلاح بطرق لا تنجح غالبًا، خاصة في المناخ الاجتماعي والثقافي الذي تعيشين فيه، وزوج مزدوج بين حقيقته وصورته أمام الناس، مثل أغلب الرجال -والنساء أيضًا- عندكم، وأنت في مواجهة الإهمال والهجر أصبحت لا ترين إلا نفسك واحتياجاتك، وقد لا تعرفين -مثل أغلب النساء- احتياجات الرجل ليكون زوجًا جيدًا، وشريكًا ممتعًا في البيت عامة، وفي الفراش خاصة.
نحن أمام طرفين لديهما من قلة المعرفة والأمية العاطفية والاجتماعية رصيد لا بأس به، ولكن الفارق أن أحدهما يحاول أن يصلح ويتعلم، والآخر لا ندري عنه شيئًا غير عيوبه وفضائحه.
وفي هذه النقطة التي تقفين عندها أمامك عدة مسارات محتملة:
مسار الانفصال بناءً على يأسك من الإصلاح، وشعورك بالمهانة لكونك تحولت إلى أداة استمناء بشرية كما تصفين، وإحساسك بالخجل والعار من أفعال زوجك، وسيكون عليك إذا اخترت هذا أن تواجهي الحياة وحدك، وتغلقين أبوابك المسائية -حتى إشعار آخر- وتتحملين ثمن اختيارك، ووصمة المطلقة التي تعرفينها.
فهل أنت مستعدة لذلك؟!
ومسار الاستمرار السلبي، وهو القائل ببقاء الوضع على ما هو عليه، ويكفيك ما لديك من أسباب السعادة في الأولاد والعمل والمجتمع، وفي هذا المسار سيكون عليك التأقلم مع فضائح زوجك، والاكتفاء بالدعاء له أن يصلح الله حاله، والكف عن مراقبته أو نصحه لأن هذا كله لم ولن يفيد، فهل هذا أفضل بالنسبة لك؟!
وهناك مسار ثالث، وهو الاستمرار الإيجابي بناءً على أنك أيضًا لديك أخطاء، ولم تستنفدي بالتالي كل محاولات الإصلاح الحقيقية النافعة، ولعلك قد أشرت إلى مقدمات هذا المسار في ختام رسالتك بقولك: "هناك العديد من التفاصيل التي قد توضح حكايتي بشكل أكبر، وأعلم أنني بالتأكيد لي دور في ذلك"، فما هي التفاصيل الهامة التي لم تذكريها، وما هو الدور الذي عليك في المشكلة، وفي العلاج؟.
سأنتظر رسالتك.