السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إن لي أخا ملتزم دينيا، وخلوق وطيب جدا، تزوج من امرأة تكبره بسنتين وعادية في الجمال، وأنجب منها 4 أطفال، أسرة زوجته فيها الكثير من الأمور المتناقضة وغير المقبولة اجتماعيا، ولكننا نحاول أن نفصل بين تعاملنا معها ومع قريباتها، تحصل المشاكل المألوفة عند أي أسرة بيننا.
كان الجميع يقول إن هذه المرأة لا تناسبه مهما فعلت، المهم بعد 8 سنوات من الزواج قرر الزواج من الثانية، بصراحة كانت تطلب أمي منه الزواج وتعديل وضعه، لكنه قرر دون الرجوع إليها (أمي)، وقرر الزواج من امرأة جميلة، ومن أصل طيب، وملتزمة، ولكنها مطلقة من رجل "أصله لا يتناسب معها"، فهذا أثر عليها، المهم عارضت والدتي الزواج ليس لأنها مطلقة بل لأنها مطلقة من رجل من أصل أقل عنها بكثير، لكن مع مساعدة والده تزوجها، وكانت زوجة صالحة لم يعش معها أكثر من شهر واحد، وطوال الشهر يحكي لها عن زوجته وأولاده، استحملت الأمر سافرت في شهر العسل، الأم تحرض أولادها على الاتصال بوالدهم على الرغم أنهم لا يعرفون استخدام الهاتف، عاد من شهر العسل بعد 3 أيام، لم تقل شيئا (الزوجة الجديدة)، وتقول دائما أنا أعرف وضعه من البداية.
أخي حزن كثيرا من (زعل زوجته القديمة) لم يترك أحدا إلا ودفعه لإرضائها عليه، وبدأ يسأل الجديدة عن زواجها القديم، المهم تم إرضاء القديمة، وعادت لزوجها، لكن ما إن عادت له بدأ بالتلميح للجديدة بأنه لا يريدها، وسيطلقها وكانت معه في منطقة أخرى فأرجعها لبيت أهلها، وزوجته القديمة أيضا كانت عند أهلها، لكن القديمة يخرجها بالسر ويحاول إرضاءها بشتى الطرق.
المشكلة أن الزوجة الجديدة تعاني من الحزن الشديد والهم والبكاء المتواصل لحالها، لم يكلم الجديدة منذ شهر كامل إلا اليوم والله العالم ماذا قال لها؟ يقول لها: أنت جميلة، وسيعوضك الله غيري، بل أنا سأزوجك رجلا آخر؛ تجن وتنهار، لكن لا يحس "مصدود"، يحس أنه ظلم زوجته القديمة وأولادها بزواجه منها سألته: هل تضايقك؟ هل تمنعك عن أبنائك؟ ينفي بل يقول هي ممتازة وأخلاقها عالية، لكني لا أحبها؟ وكيف سيحبها وهو منذ زواجه لم يعطها حقها كاملا، ولم يعدل وهو المتدين الخلوق.
تقول زوجته الجديدة: تزوجت قبله برجل فاسد، ولم أستطع الاستمرار، والآن تزوجت المتدين، ولم أستمر، الناس ستضع العيب مني على الرغم من أن زوجته القديمة أثناء خطبته فعلت المستحيل لإفشال الزواج بمكالمات لأهل العروس ونعتت أخي بأنه مريض نفسي، والكلام على والدتي والأسرة بكاملها على الرغم من عيشنا معها 8 سنوات، لم يسألها أحد غير أمي كما يحصل في أي بيت، لكنها لم ترحم أحدا، ولم تحفظ حرمة بيتنا، وحلفت اليمين أن الزوجة الجديدة ستمر مثل الحلم، ولن تبقى طويلا كان أخي يعرف هذا قبل زواجه، لكن الآن لا يصدق مهما يصير وهما، قال عن القديمة كل الناس تكذب وهي الصادقة، أصابني الهم من حالة زوجة أخي الجدية، أصلي حاجة لله ألا يطلقها، وأدعو الله دائما، أكلم أخي حتى قال إني طويلة لسان.
والله كل القصد أنه لا يهدم بيته الجديد ولا القديم يحاول حفظ حياتهما، لكن أن يذل واحدة بدون قصد هذا لا يُحتمل، الجديدة تملك قدرا من الأخلاق يخجلك، لكن سبحان الله قد يكون جمالها وحسد الناس لها سبب غدر الدنيا والحظ لها.
ماذا أفعل؟؟؟ وكل يوم يمر أحس أن حياتها فيه مهددة بالطلاق، وطلاق المرأة من رجلين مختلفين في مجتمعاتنا الخليجية والعربية كارثة؟ هل يجوز أن يطلقها دون أي عيب فيها أو سبب سوى عدم تقبله لها، على الرغم من عدم إعطائه الفرصة لها؟!!
8/9/2023
رد المستشار
أختي العزيزة:
بقينا وقتًا نحاول فهم علاقات القصة المتشابكة التي تتحدثين عنها، وبالمناسبة أرجو من السائلين والسائلات استخدام علامات الترقيم: الفواصل، والنقط،...إلخ؛ لأن هذا يساعد في فهم الكلام المكتوب.
أخطأ أخوك منذ البداية؛ لأنه متردد في شأن الاستجابة لرغباتكم –كونكم أسرته- في شأن حياته الخاصة، والوالدة تريد له زوجة مناسبة اجتماعيًّا وشكليًا وأخلاقيًّا، ولا نعرف ملابسات زواجه من الأولى التي تبدو غير مناسبة –إلى حد كبير- أو لنقل ليست الأنسب، ولكنه كان راضيًا –على ما يبدو- وقانعًا بها وبأولاده منها، وبحياته معها، والبيوت أسرار، والقلوب وما تهوى.
ومرة أخرى يأتي كلام الناس، وضغوط الأسرة: يا أخي تزوج من ثانية، فالأولى فيها كذا وكذا، وأنت تستحق أفضل منها... إلخ، ويقبل أخوك بالمبدأ، وهو أن الزواج الثاني يمكن أن يكون إضافة، وحلا على الأقل للضغوط والإلحاح الأسري، ويختار –هذه المرة- مطلقة جميلة الشكل، حسنة الأخلاق، تروق لكم، ولكنه يتعرض لضغوط من زوجته الأولى تستخدم فيها الأولاد، وتبدي فيها اعتراضها على هذه القادمة الجديدة: الأجمل والأرقى اجتماعيًّا، يعني منافسة ضارية بين القديم وجذوره وارتباطاته، والجديد ومميزاته.
ونحن على هذه الصفحة نصرخ منذ بدأناها: يا قوم تعقلوا... العقل زينة، ونعمة الله على الناس، والزواج الثاني يحتاج إلى تفكير عميق، وحساب دقيق للعواقب والملابسات بعد الأسباب والدوافع. فتأتي الردود والتعقيبات وكأننا نقف ضد المبدأ، أو نقول بتحريم ما أحل الله.. وهكذا مما لم نقصده جملة أو تفصيلاً.
قلنا ونقول: إن الله يبيح ويتيح الزواج الثاني، ولكن على الإنسان أن يختار بعناية –وهو مسؤول عن اختياره- في الزيجة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وهو مسؤول أمام الله سبحانه يوم القيامة، قبل وبعد مسؤوليته أمام أسرته وزوجته هذه وتلك، وأمام المجتمع. مطلوب منه أن يعدل، وأن يتابع، ويهتم، ويرضي أطرافًا كثيرة، وهو أمر شاق يحتاج إلى حكمة وطاقة وتدبير.. وهكذا.
أقول هذا تذكيرًا بمناسبة الحالة التي تحدثينا عنها يا أختي. وفي حالتكم كان الزواج الثاني ظلمًا للأولى رغم عيوبها، وظلمًا للثانية على مميزاتها؛ لأنه من البداية كان نتيجة لضغط خارجي، ولم ترافقه حكمة في القرار، ومشورة في الاختيار، ويبدو الاستسهال هو سيد الموقف الاجتماعي لدى البعض منا، فالزواج الثاني مباح، والطلاق مباح.. إذن يعتبر البعض أن هذا إذنًا وتصريحًا باللعب وتغيير النساء مثل الملابس والسيارات، وبعض الأهالي يعطون بناتهم دون تحري كامل عن أوضاع الزواج فتفشل الزيجة أو يعيش البيت مهددًا بالانفجار في أية لحظة.
هنا خفة واستخفافًا بأمورنا الاجتماعية لا تتناسب مع المنزلة التي منحها الله للأسرة وشئونها، ومساحة الاهتمام بها في القرآن تكاد تكون مماثلة لاهتمامه بالتوحيد –ركن الإسلام الأهم- وربما يكون الحديث عن الأسرة وقواعدها وقوانينها يحتل مساحة أكبر، لكنه في واقعنا عرضة للتلاعب والاستخفاف "وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم".
كل ما يمكن التأكيد عليه من طرفكم تجاه أخيك أن يتمهل –هذه المرة- في اتخاذ القرار، وألا يتسرع تحت الضغوط كعادته، ويقدم على أمر قد يندم عليه بعد ذلك. إذا كان في الأولى بعض عيوب فإن وجود الثانية سيصلح هذه العيوب، وستكون الأولى –غالبًا- على وضع أفضل خوفًا من هذه المنافسة الثانية صاحبة المميزات عليها طالما بقيت الثانية زوجة لأخيك، وبعض النساء يستجبن لهذا المنطق.
أنا أرجو أن تكفوا عن ممارسة دور الأستاذ أو الرقيب المحاسب لأخيك، خاصة بعد أن تبين لكم بعض آثاره، وأن تستبدلوا به دور الناصح الهادئ المقنع الذي يتيح الفرصة، ويطرح الاختيارات بدلاً من الإلحاح الذي يقول عنه المصريون: "الزن على الودان أقوى من السحر"، والمعنى أن كثرة الإلحاح أشد مفعولاً في النفس من السحر.
ويبقى أمام أخيك أن يبقي على زوجته الثانية، ليس لمجرد أن الناس يقولون عليها كذا وكذا إذا تطلقت منه، ولكن لأنها زوجته الآن، ولها عليه حقوقًا، وهي لم تظلمه ولم تجرحه، ولم يمسها منه أذى، بل ولم تضغط عليه، ولم تجبره على الزواج منها، إنما فعل ذلك مختارًا وفي كامل قواه العقلية، مقاومًا –في البداية- رغبة زوجته الأولى حين حاولت إفشال الزيجة، فليكن رجلاً مسؤولاً حتى النهاية، ويتحمل نتيجة قراره بالزواج الثاني، ولا يطلق الثانية لمجرد إرضاء القديمة.
أخوك متسرع، ويستجيب للضغوط، مرة عندما تأتي من ناحيتكم، ومرة عندما أتت من ناحية زوجته الأولى، وهو يحتاج إلى بعض الحكمة والتدبير والتقدير السليم لما يحتاجه هو ويطيقه، ويصلح به أمره بغض النظر عن رغبات الآخرين، ففي النهاية هو المسؤول عن أفعاله أمام الله ثم المجتمع والناس.
أتمنى أن يتمهل في اتخاذ القرار هذه المرة، وأعتقد أن إرضاء الأولى مع الإبقاء على الثانية ممكن على صعوبته، وأوقن أن زوجته الثانية إن تعرضت للألم بالطلاق الثاني فإن الله قادر على أن يرزقها بما أو من يمسح عنها آثار تجربتين ثقيلتين، ولكن لعل الله أن يصلح حالها بالاستمرار مع أخيك، ويجازيه على هذا بصلاح زوجته الأولى، ومن النساء من لا تنضبط إلا هكذا.. والمرء حيث يضع نفسه، وتجري الأمور بالمقادير رغم أهمية التدبير، ومسؤوليته.
أما أنت فأوصيك بالحكمة في نصح أخيك ومعالجة الأمر برمته، وعلى الأقل فإن هذه الزوجة الثانية إن أصر أخوك على خسرانها زوجة فلا تخسريها أنت صديقة. وسننتظر أن تخبرينا بالتطورات... والسلام.