السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة عمري 27 عاما، توفيت أمي منذ أكثر من عام رحمها الله وموتى المسلمين، وقد كانت محور الأسرة بأسرها؛ فهي المتصرف في كل شؤون الأسرة بل والعائلة، وأبي متنازل عن كل اختصاصاته وليس له أي دور في حياتنا حتى زواج شقيقاتي كان دوره الوحيد هو التصديق على كلام أمي؛ فهو إنسان بخيل لا يقوى على إخراج قرش من جيبه؛ فكل مليم دفعه سواء لزواج أو مصاريف المنزل العادية كان بخناقة عظيمة.
أما أمي فكانت سيدة ذات منصب مرموق ودخل كبير، فكانت تصرف على البيت وعلينا بسخاء لتعوضنا بخل أبي الشديد، وبعد زواج شقيقاتي واستمراري -وأنا الابنة الصغرى للعيش معها هي وأبي- فقد كنا أقرب صديقتين على وجه الأرض؛ فكنت لا أخفي عليها شيئا، وكانت تأخذ رأيي في كل صغيرة وكبيرة، رحمها الله.
وفي مرض أمي لازمتها حتى وفاتها، وكانت تعلم أني مرتبطة عاطفيا بشخص ما، ولقد تعرفت عليه وأحبته، وكان يأتي لزيارتنا في المنزل عند خروجها من المستشفى، وتعرفه على الأقارب على أنه زميلي وأحد المتبرعين لها بالدم. وبعد وفاتها رحمها الله عرفت أنها كانت قد تكلمت مع أحد أقاربنا، وحكت له عن هذا الشاب، وقد كانت تنوي أن تزوجنا ونعيش معها؛ نظرا لضعف إمكاناته المادية.
وقد جلست وتكلمت مع أبي أن يكون عوني بعد أمي، وأن يساعدنا فأعلن لي أنه سوف يكون لي كذلك، وحكيت له ظروف الشاب، فقال إنه مستعد أن يصرف حتى علينا لو أردنا، وبكل غباء صدقته وهو الذي لم يحفظ كلمة طوال عمره بل ويتباهى بذلك عندما كانت أمي تعنفه أني صرت معقدة منه.
وجاء الشاب وهو في نفس عمري، ولكن لظروف عمله في مجال الدعاية والإعلان ما زال طالبا في نهائي تجارة للسنة الخامسة، وحكى لأبي عن ظروفه بمنتهى الصدق، بدءا من انفصال والديه وهو رضيع إلى الآن، وخرج وسألت أبي عن رأيه؛ فقال إنه بالحرف: "شاريكي أوي وولد كويس جدا".
ملحوظة مهمة:
منذ أكثر من عام وقبل وفاة أمي جاء أحد جيراننا والده صديق لأبي وطلب أن يتزوجني، ولكن رفضته لعدم الراحة مني تجاهه، ولا أحد من أهلي غير أبي الذي يدافع عنه باستماتة رهيبة.
وبعد رحيل الشاب وفي المساء أجاب أبي أني رافض لأمر الشاب الذي أريده تماما، وكيف يقبل به وأمامه رجل مثل ابن صديقه غني جدا.
وجلسنا أنا وأبي وإخوتي وأقر أن الولد ليس له مستقبل؛ لأنه بلا وظيفة بل يعمل حرا، وإخوتي أيضا أعلنوا قلقهم لنفس النقطة، ولكنهم اتفقوا على أن يعطوه مهلة 6 أشهر يفتح شركة خاصة أو وظيفة ثابتة يستأجر شقة مدة 5 سنوات، ويكمل دراسته.
وطلب أبي منه المجيء هو وأمه، وبين كل تلك الأحداث مشاجرات رهيبة منه معي ومعايرة بأني أحب شحاذا طامعا في مالي وإرثي منه وسيارتي.
وجاء هو وأمه وكنت أعرفها جيدا؛ فهي سيدة غير ملتزمة ولا متحملة للمسئولية وكل ما يعنيها هو نفسها فقط، ولا يعنيها حتى ابنها فهما متناقضان على طول الخط؛ فهو الملتزم أخلاقيا وأدبيا المتحمل لمسئولية نفسه وعمله، ولكنه في نفسه يحمل منها بعض المرارة؛ فبسبب إهمالها له ولد مشوها في أصابع يده اليسرى بسبب التدخين وهي حامل، ولكنها والحمد لله لا تورث فقد استشرنا طبيبا متخصصا.
وهي لا تهتم به أو بشؤونه، فمن داخله يحمل ضدها شيئا ولكنه لا يؤثر على علاقتهما لأنه كما قال لي يتقي الله فيها؛ لأنه مهما حدث فهي أمه.
وكان مجيئها الطامة الكبرى فنحن أسرة إلى حد ما ملتزمة دينيا وهي سيدة غير محجبة، وقالت ما أثار شقيقاتي في أن أبي لا بد أن يتزوج ما دام قادرا على معاشرة امرأة، وقالت شقيقاتي إنها سيدة "مش مظبوطة" أخلاقيا فكيف تنطق بكلمة يعاشر وهي كلمة خارجة بدون أسباب.
وجاء رفض أبي بسبب الأم، وأنه لا بد أن يكون قد ورث منها شيئا، وكيف وأنا لم أرث منه شيئا مما أكره، وأعلن أبي رفضه التام رغم أنه أعلن طلباته السابقة للشاب.
وتكلم الشاب على الهاتف، ولكن أبي صده، وقال إنه رافض له منذ البداية، ولكن في آخر المكالمة أعلن أنه سوف ينتظر من الشاب ما سيفعله بعد انقضاء فترة الامتحانات، ووعده الشاب بمبلغ ثلاثين ألف جنيه خلال شهر، ووافق أبي، وبعد أقل من عشرين يوما جهز الشاب المبلغ، وحاول الاتصال بأبي لكن لظروف ما كان هاتف أبي إما لا يرد أو مغلقا.
وعندما أبلغت أبي أنه يحاول الاتصال به، أجابني ولِم وأنا أرفضه، وإن كنت أريده فعندي خالي يذهب إليه إن أراد، أما هو فلا ولن ينسى في كل لحظة أن يعيرني به حتى عندما أطلب منه مالا يقول لي إني غدا سوف أصرف على زوجي، وما زاد الموضوع سوءا أنه يطلب مني أن يصرف الشاب علي من الآن.
أنا عندي من القوة ما يجعلني أرمي بكلامه عرض الحائط وأفعل ما أريد، ولكني أخاف من رب العالمين.. فماذا أفعل؟ هل أتنازل عمن أحب؟ وأي ذنب فعله لأعاقبه عليه؟ فلو كانت أمه هي مثله الأعلى فلِم يحاول الزواج بي وأنا الفتاة المحجبة الملتزمة؟
أرجو أن تساعدوني، فأنا أضعف من أن آخذ قرارا، خاصة وأنا أريد الدنيا والآخرة معا،
وشكرا للاهتمام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
26/8/2023
رد المستشار
رحم الله تعالى والدتك الطيبة التي أدت رسالتها ورسالة غيرها!! فحاولت أن تكون أما وأبا في وقت واحد، فلما انتقلت إلى جوار ربها أصبحت أنت بلا أم ولا أب!! وهذه هي المشكلة "الحقيقية".
ليست المشكلة هي رفض أبيك!! فإن كان أبوك كما تصفين فعلاً وأن "ليس له دور في حياتكم" فهذا يعني أنه "غائب" منذ زمن!! وأنه لا يدري شيئا عن معنى الأبوة أو المسؤولية تجاهكم، وبالتالي فهو غير كفء لإدارة شئونكم واتخاذ قراراتكم المصيرية بعد أن توفيت الوالدة -رحمها الله- وتركت له هذا "الدور" الصعب الذي لم يتدرب على القيام به!!
أبوك وجد نفسه متورطًا في دور الأب لأول مرة في حياته؛ لذلك فهو يتخبط؛ لأنه لا يدري عن هذا الدور شيئا.. فهو يتحمس لزواجك من هذا الشخص حينا –ربما ليسعدك أو ليتخلص من مسؤوليتك- ثم يسحب وعوده حينا آخر عندما يلمح في الأفق شخصا آخر أفضل من وجهة نظره؛ لأنه أوفر مالاً ولن يكلفه الكثير!!
وكأني أريد أن أقول إنك بلا أب؛ لأن أباك قد غاب منذ زمن، كما أنك بلا أم لأنها توفيت رحمها الله.. وهنا أطرح سؤالي: هل تستطيعين تحمل مسئولية نفسك كاملة؟! وأن تواجهي حياتك وتتخذي قراراتك بلا أب أو أم وأنت في هذه السن؟!
هل لديك البصيرة والخبرة الكافية لاختيار شريك حياتك ثم خوض تجربة الزواج بكل مسؤولياته وما يمكن أن يطرأ من مشكلات وخلافات؟! أعتقد أن هذا الأمر في غاية الصعوبة!! لذلك فأنت في حاجة إلى (أب) آخر أو (أم) أخرى ترشدك وتحنو عليك في هذه الرحلة الطويلة!!
وأؤكد لك يا ابنتي أن أباك سيكون في منتهى السعادة إذا ظهر شخص في الأفق وتحمل هذا العبء الثقيل بدلاً منه!! كل ما هنالك أن الأمر يحتاج لشيء من "الحبكة" في التنفيذ بحيث تراعين ما يلي:
• حسن اختيار هذا الأب البديل أو الأم البديلة، وهل "الخال" الذي أشرت إليه مثلاً يصلح لهذا الدور؟
• كيف ينتقل الدور من أبيك لهذا الشخص بشكل دبلوماسي وحكيم لا يثير عناد الأب بل يسعده؛ لأنه تخلص من هذه المسؤولية؟
• ما هي الضمانات التي يمكن أن تقدم للأب حتى يطمئن بالاً (مؤخر صداق ضخم مثلاً)؟
• ما هو دور شقيقاتك في ضبط وتلطيف الأجواء؟
وأخيرًا..
أذكرك... لا تنسي التوجه لله تعالى بالدعاء وبالاستخارة، فهو سبحانه وتعالى يعلم ولا نعلم وهو على كل شيء قدير
واقرأ أيضَا:
هكذا قال أبي: بزرميط حياتنا العربية!
أبي يكرهني.... لماذا؟
أنا وأبي: مطارق وقواقع وصخور!
أبي ولكن، كيف لا أكرهه؟!
قصة كل يوم: أبي ودموعي وضميري!
هذا ما جناه أبي!