السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أود أن أشكر إدارة موقع "مجانين" على المجهود المبذول في خدمة الناس والمجتمع وإتاحة هذا الفرصة للتعبير عن مشاكلنا وهمومنا.. نسأل الله عز وجل أن يوفقكم في بذل المزيد.
أولا أود التكلم عن نفسي قليلا.. أنا شاب بمنتصف الثلاثينيات من العمر، متزوج ولدي طفلان والحمد لله، وحياتي الزوجية طبيعية جدا، يسودها الحب والتفاهم، ولدت في عائلة متوسطة الدخل لأب موظف وأم ربة بيت وفي وسط تسوده التقاليد والأعراف القبلية (وسط فلاحي).
إضافة إلى الالتزام بالدين.. أول ما أحسست بالحياة والمحيط الذي حولي أحسست بمفاهيم تميز الخطأ وعدم تحمله النفاق بين الأقارب، وكيف يكون التعامل والتقدير على أساس المصالح وكم عنده من المال، وبما أننا كنا لا نملك الكثير من المال، كنت أحس بالظلم والغبن في التعامل والتقدير بأبسط الأشياء، وأيضا أحسست بالحياء.. خجل رهيب لازمني، لا أعرف السبب، أو من أين جاء، حتى أفقدني الثقة بالنفس وسبب لي ما يشبه العقدة.
أي أني لا أستطيع الكلام في مكان به أناس كثر، مثلا الصف بالمدرسة أو بالباص أو أي مكان عام، وعانيت كثيرا بالدارسة من هذه العقدة، والحمد لله توقفت، وأكملت الدارسة الثانوية وتركت الدارسة ولم أكمل الدارسة الجامعية بسبب العقدة والظروف الاقتصادية.
اشتغلت بالأول وبدون رأس مال إلى أن وفقني الله ورزقني وتحسن حالنا كثيرا، وأقارب الأمس أصبحوا اليوم يحسبون لنا ألف حساب، وأصبح التقدير واضحا.. من بداية الإعدادية بدأت بالصلاة والصوم، ومن كثرة التزامي أصحبت مميزا بين أقاربي بأني ملتزم ومتدين، وكنت دائما أحارب السفور والتبرج للبنات والمعتقدات بزيارة الأضرحة والاعتقاد بأنها تنفع وتضر، وإلى آخر الأمور الشركية، ولم أدخن طول حياتي ولم أمش بطريق محرم، وحتى في دراستي في الثانوية درست بمدرسة مختلطة (شباب وبنات) وكل أصحابي كانوا يقيمون علاقات صداقة مع البنات، وأنا كنت منعزلا عن الأمور هذه.
وكانوا كثيرا ما يتعجبون مني لأني لست مثلهم، حتى أنهم ينظرون إلي على أني فقير ولا أعرف أمور الزواج أو ماذا يحصل بين الزوجين، وبسبب الخجل والخوف من عدم القدرة على إتمام الزواج رفضت الزواج، وتزوج أخي الذي هو أصغر مني، وحتى كان أخي الثاني سيتزوج ولكن توكلت على الله وقررت الزواج، وقلت لأهلي واخترت بنت عمي وخطبوها لي واستمرت فترة الخطوبة لمدة أكثر من سنة لم أنفرد بها ولم أكلمها بأي موضوع - حتى موضوع القبول بي - قبل الخطوبة لم أكلمها إطلاق ولم أخرج معها إلا في يوم الفرح، والحمد لله كل الأمور سارت على أكمل وجه.
مشكلتي هي أنني بسبب ظروف حصلت ببلدي سافرت لبلد عربي مجاور لبلدي، أنا وعائلتي، وسكنت في عمارة، مرة بالصدفة رأيت بنتا بالعمارة فوق العشرين من العمر، طالبة جامعية محجبة وملتزمة وأخلاقها جد عالية، أول ما شفتها أحسست أني أعرفها من زمان، ودخلت قلبي وتعلقت بها جدا، اليوم الذي أراها فيه بالصدفة أرتاح، وإن لم أرها أتضايق وأحس كأني ينقصني شيء، وأكون محتاجا لأن أراها بالصدفة، وبلا أي موعد مسبق، وأحس أنها تبادلني النظرات وأنها تحس بي واستمر الحال على هذا النحو أكثر من سنة ونصف، وأنا كل يوم يمر أتعلق بها أكثر حتى أنا لا أعرف اسمها، وكلما أقرر أن أكلمها بمشاعري وأني أريد الزواج منها أتردد.
أخاف من المشاكل وبسبب الخجل إلى أن جاء يوم قررت أنهي عذابي بأن أكلمها، إما أن تحس وتبادلني نفس المشاعر أو أن أنساها، ومرة شفتها بالصدفة تخرج مشيت وراءها للشارع، وسلمت عليها، وكنت أريد أن أكلمها، هي تفاجأت وارتكبت وسألت ماذا أريد منها، لم أستطع الكلام والبوح بالذي في نفسي، اعتذرت منها وتركتها، وكل واحد راح في حاله.
لا أعرف شعورها نحوي الآن، هي تعرف أني كنت أريد أقول لها حاجة أو أني معجب بها، لكنها لا تعرف أن نيتي الزواج بها، أعتقد لو أنها "مش راضية" بالذي عملته أو أني ضايقتها، لقالت لأهلها، لكن أحس أنها تخاف مني لأني مرة بالصدفة كنت "جاي للسكن"، وهي خارجة تقابلنا بنفس الشارع ولما شافتني غيرت طريقها، أحسست أنه رد منها برفضي أو أنها غير مستعدة للكلام معي تحت أي موضوع، وأنا بقيت بإحساسي تجاهها، وكنت أحاول عدم رؤيتها، وأيضا عندما أكون محتاجا لرؤيتها يصير عندي إحساس أني سأراها اليوم، وأنا طول السنتين أدعو الله بدعوة نبي الله أيوب أن يخلصني من هذه الإحساس، ولكن يحصل عكس ذلك، تعلق أكثر وإحساس بالحب تجاهها أكثر فأكثر.
ومرات كثيرة أفكر في نفسي لماذا أنا هكذا؟! لماذا ليس باقي الأزواج الراضيين بوضعهم ومكتفين بزوجة واحدة ولم أجد إجابات حتى أني اتجهت إلى الالتزام بالدين أكثر بصلاة الفجر بالمسجد وباقي الصلوات والإكثار من النوافل وصيام الإثنين والخميس لكي يساعدني الله بالتخلص من هذا الشعور.
أود أن أوضح عن رغبتي في الكلام معها كنت أريد أن أعرف هل أنا مقبول بالنسبة لها لو تقدمت لخطبتها؛ لأني لا أقدر أن أتقدم لخطبتها، وأنا لا أعرف ردها، وأيضا لو كان أهلي معي أو لي أقارب كانت المهمة سهلة؛ لأن أنا بهذه الأمور أعتمد على أهلي، أرجو أن تقدموا النصيحة لنا وتقبلوا جزيل الشكر.
6/12/2023
رد المستشار
هناك سؤال يحتاج لإجابة وهو: لماذا شعرت بهذا الحب تجاه هذه الفتاة؟ وهو سؤال مهم، ولكن السؤال الأهم هو: ما العمل؟
أبدأ بالسؤال الأول: أنت طوال حياتك تشبه "القطار" الذي يلتزم بخط سير تحدده له "القضبان"، أنت مسالم ولا تميل لمناطحة الظروف، وترضى بالنظام المرسوم لك، التدين، الطبع العشائري، عدم إقامة علاقة مع الجنس الآخر في مرحلة المراهقة والشباب، الاستسلام وعدم إكمال الدراسة الجامعية، الزواج من ابنة عمك.. إلخ.
لم تخرج أبدًا عن القضبان بنسبة 100%!! لذلك فإن هناك شيئا ما بداخلك يحتاج (للتجديد)، وكأن قلبك يريد أن يعلن تمرده لمرة واحدة، يريد أن يخفق ويتعلق بفتاة -لأول مرة- ويخرج عن القضبان ويعيش المغامرة!!
هذا هو التفسير.
ولكن -كما ذكرت- السؤال الأهم هو: ما العمل؟
هل من الصواب أن تستسلم لهذه الرغبة، وتسعى للارتباط بفتاة لا تعرف حتى اسمها، هل مقبول أن تترك نفسك لمشاعر "المراهقة المتأخرة" التي تداهمك الآن؟!
أم أن تظل محتفظا بهذه المشاعر العذرية دون تصريح وتكتوي بنيرانها سنوات أخرى؟
أم أن من الأفضل أن تعود لتسير فوق القضبان وتسيطر على مشاعرك من جديد؟!
أنت فقط الذي تستطيع الإجابة، ولكني سأذكر لك شيئًا قد يساعدك على الاختيار:
عندما تطاردنا (مشاعر) و(رغبات) غير مقبولة منطقيًا، أو اجتماعيًّا، أو شرعيًّا، فإن رد فعلنا تجاهها يكون واحدا من ثلاثة:
إما أن نستسلم لها ونطاوعها، وهنا تحدث الفوضى والخطايا، والألم والفشل. وإما أن نكبتها (فلا نعترف بها) ونكتمها بداخلنا حتى يؤدي بنا الأمر للانفجار المفاجئ. وإما أن (نضبطها) ونتعامل معها، برفق واحترام وقوة في نفس الوقت.
والفرق بين (الكبت)، و(الضبط) كبير، فالكبت فيه عدم احترام للمشاعر، وإنكار لها، مما يؤدي للضغط، ثم الانفجار، أما (الضبط) ففيه احترام للمشاعر، وقدر من "التنفيس" عنها، ومحاولة السيطرة على النفس مع إراحتها، وعدم القسوة عليها، وهذا ما أدعوك إليه.
أدعوك أن تحترم "وجدانك" و"مشاعرك" وأن تتوقف عن معاملة نفسك كآلة، وأن تحاول أن تحيي "المشاعر" و"الرومانسية" مع زوجتك.
وأن تملأ حياتك بالبهجة والمتعة، وتبتعد قليلا عن الملل والرتابة، وأن تخرجا معًا في رحلات ممتعة لأماكن رومانسية، وأن "تنفس" عما بداخلك من طوفان المشاعر، وتطالب بالدفء والحب، وتسعى أنت إليه.
وفي نفس الوقت تسيطر على مشاعر المراهقة فتنتقل من مكان سكنك لمكان آخر بعيدًا عن هذه الفتاة لتساعد قلبك على (النقاهة)، حاول أن تفكر في سبب منطقي لنقل السكن، واجتهد أن تذلل الصعاب حتى لا تعذب نفسك أكثر من هذا.
وفي كل الأحوال يجب أن تملأك الثقة أن الله سبحانه وتعالى سيعينك، ويخذ بيدك، (فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان).. أنت قد التزمت بالدين والخلق طيلة حياتك، وهذا أمر طيب سيأجرك الله تعالى عليه في الدنيا والآخرة، والآن جاء الوقت لتظل متمسكًا بدينك، وخلقك، وفي نفس الوقت تحترم مشاعرك، وقلبك، وبشريتك وتسعى "لتنفيس" هذه المشاعر في المسار الحلال مع زوجتك، وتطور علاقتك بها، وتعصم نفسك من "الزلل" وتحفظ قلبك من العذاب.
أدعو لك بكل الخير والسعادة.