هي والرجال.. هروبا من الحر إلى النار..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا صاحبة الاستشارة المنشورة بعنوان: "هي والرجال.. هروبا من الحر إلى النار" .. لقد قمت بقراءة رد المستشار الدكتور محمد المهدي رعاه الله.
شعرت حقا أنه يفهمني ويفهم ما أردت إيصاله لكم، في الحقيقة لقد تكلم عن مسألة الضمير، وهنا أشعر أن من واجبي إيضاح المسألة التي أعاني منها بطريقة جيدة. أنا تعرضت للتحرش على يد خالي، وحاول ابن خالتي فعل نفس الشيء، وكان ذلك لمرة واحدة كما أذكر، حيث إنه كان قريبا من عمر خالي ويبدو أنه أخبره بما فعله بي، وأراد التجربة هو أيضا على ما أظن، فأين الضمير من ذلك؟! أن يتحرش بي خالي ويخبر الآخرين عما يفعله بي وأنا لم أتجاوز السابعة بعد!!
أيضا عندما كنت في الحادية عشرة زارنا ابن عمي يوما وكان على ما أعتقد في الثلاثين من عمره، طلب مني إحضار كوب من الماء له وكان نائما في منزلنا وعندما أحضرته حملني ووضعني فوقه وهو متمددا على السرير وعندما أحسست أن ما فعله شيء غير طبيعي خرجت من الغرفة مسرعة. هل هذا أيضا عنده ضمير؟!
وفي أحد المرات ذهبت إلى البقالة لأشتري شيئا وعندها حاول البائع أن يقترب مني ويقبلني فطلبت منه الابتعاد عني وخرجت من عنده.
عندما أتعرض كطفلة لكل هذه الأمور ماذا يفترض بي أن أفعل؟! ربما سيستغرب البعض كيف لم أخبر أمي بكل ذلك، في الحقيقة عندما ابتدأ خالي بما فعل بي كنت خائفة أن أخبرها لأنها أخته، لا أدري ما الذي جعلني أسكت كل هذه السنين، ولا أعرف لماذا نتستر على من يرتكب الجرائم بنا!!
لا أدري إن كان كل ذلك يجعلني أشعر أن هناك ضميرا في النهاية حتى أتعدى عليه أم لا؟! أنا لم أفعل أي شيء لأؤذي أحدا منهم.. كيف يقوم أربعة أشخاص مختلفون لا يعرف أحدهم الآخر، سوى خالي وابن خالتي، كيف يقومون بفعل ذلك بنفس الشخص؟!
أحاول جاهدة أن أجد السبب ولا أستطيع، أنا لست إنسانة غبية، أنا ذكية جدا ومتفوقة في حياتي.. لكن لماذا؟!
بعد كل ذلك بالطبع لست أملك ضميرا أنا أملك قلبا قاسيا جدا، أشعر أنه مغلف بالثلج ولا أدري كيف أثق بأحد.. لقد عشت كل سنين طفولتي وأنا أدعو الله أن أموت قبل أن أصل إلى العالم الذي يعيشه الكبار، حيث الكذب والاعتداء على البراءة والطفولة.
أما عن ذلك الشاب معي في العمل لقد اكتشفت أنه يتحدث مع إحدى زميلاتنا في العمل منذ سنة ونصف تقريبا وسوف يتقدم لخطبتها كما تقول هي. وأخبرتها عن كل شيء حدث بيننا حتى إنني سمحت لها أن تقرأ كل ملفات المحادثة بيني وبينه حتى تكون على يقين وحتى أحافظ على صداقتي معها، حيث إنها لم تكن غلطتي أو غلطتها، وطبعا هي لها حرية الاختيار بعد ذلك.
إذن في النهاية هو لم يكن يختبرني، هو أراد أن يستغلني تماما كما فعل الآخرون، لأن صديقتي المذكورة قامت بسؤاله عن علاقته بي وأنكر حدوث أي شيء في البداية ثم أخبرها أنه كان يكذب علي، وطبعا علمت بكل ذلك لأنها هي أيضا جعلتني أقرأ ما كان يكتب لها.
لكن يوجد فرق واحد لطبيعة الاستغلال هنا، هو أنني أعرف السبب، وهو أنا، لأنني لم أقل له لا.. لكنني لم أكن السبب في الحالات الأخرى، لقد كنت طفلة. والمشكلة أنني لا أشعر بأي شيء، لست أشعر بألم الضمير بل على العكس زاد قلبي حقدا وقسوة من هذه التجربة الأخيرة.. أنا آسفة جدا إذ أطلت الحديث، لكن أملي في الرد قريبا
5/8/2024
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد وقع عليك أربعة اعتداءات أو أكثر - كما ذكرت - في طفولتك، ثم حدثت خيانة أو خديعة لك في شبابك، ويبدو أن حصيلة هذه الخبرات السلبية لديك هي أن كل الرجال حيوانيون، وكل الرجال خائنون، ودخلت في دائرة الانتقام، وزادتك التجربة الأخيرة حقدا وقسوة، على حد تعبيرك .
وأنا أعذرك فيما وقع لك في طفولتك، ولكنني في نفس الوقت أشفق عليك من ردود الأفعال الانتقامية؛ لأنها ستحرقك أنت قبل أي شخص آخر، وستجعلك تنتقلين من وضع سيئ إلى وضع أسوأ، وهذا ما لا نريده لك، فأي شخص منا قد يواجه مواقف صعبة أو صادمة أو خاطئة في حياته، وقد يقع في التعميم بعض الوقت، ولكن إذا استمر فيه فإن كل شيء سيتشوه أمام عينيه، وستكون ردود الأفعال مبنية على هذه التعميمات الخاطئة، ونحن حين يحدث خطأ لا نواجهه بخطأ أكثر فداحة، وإذا كنت غير مسؤولة عن أخطاء الطفولة فإنك الآن مسؤولة عن إدارة علاقاتك بالناس بشكل أفضل، بعيدا عن رغبة الانتقام التي قد تحجب عنك الرؤية الرشيدة، وتدمرين نفسك قبل أن تدمري غيرك.
بالتأكيد هناك رجال لا يتقون الله فيما يفعلون، ولكن أيضا بالتأكيد لا يخلو أي مجتمع من رجال فضلاء، وهؤلاء لن تجديهم على صفحات "الشات" أو في الأماكن الملوثة، وإنما تجدينهم حيث يوجد الخير والصلاح .
ابدئي بتعهد علاقتك بربك لتصلحيها، وساعتها سيحالفك التوفيق لتلتقي بالأخيار، ولا تكفي عن الدعاء بأن يحفظك الله من شرار خلقه وأن يقربك من خيارهم. يمكنك الآن الاهتمام بعملك وبعلاقاتك الاجتماعية، على أن تخرجي في أسرع وقت من دائرة الحقد والانتقام، وأن تسامحي نفسك فيما حدث، وتوكلي أمر من ظلمك إلى الله، فهو وحده القادر على حساب الظالم وتعويض المظلوم في مثل هذه الأمور التي قد يخشى المظلوم الجهر بظلمه اتقاء للفضيحة أو جهلا بحقه. وأنا أؤيدك أنه في مثل هذه الأمور من الأفضل أن تصارح الفتاة أمها كي تأخذ الاحتياطات اللازمة لحمايتها.