مشاعر خارج الإطار...
ترى إلى أين ينتهي ذلك الطريق؟
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:
لقد ترددت كثيرا قبل أن أكتب لكم، وأسأل الله عز وجل أن تكون كتابتي لموقعكم بداية لحل مشكلتي التي أرقت عائلتنا الصغيرة، وتكاد تشتتها لولا رحمة العزيز الحكيم.
في البداية أعرض عليكم قصتي، وأرجو منكم أن تتسع قلوبكم الكبيرة لي؛ لأن قصتنا تكاد تكون شبه معقدة.
أبدأ قصتي من التعريف بعائلتي المكونة من ثلاثة أفراد، تضمني أنا (طالب جامعي) ووالدتي وأخي الوحيد محمد الذي يصغرني بـثلاث سنوات (18)، ويمتحن الثانوية العامة بعد شهرين من الآن، ووالدتي تلك الإنسانة الفاضلة التي نفتخر بها؛ لأنها ضحت بشبابها وعمرها من أجل أن ترانا رجالا بعد وفاة والدي، لتعمل في محل ألبسة نسائية كي تعيلنا أنا وأخي لنكمل تعليمنا والمشوار الذي بدأته على الرغم من تلك المحن التي عصفت بنا، ومنها موضوع اعتقالي عند اليهود لمدة عام لأخرج بعدها لأرى حياتنا وبيتنا الصغير قد تغير.
محمد أخي الذي أعرفه قد تغير لأنه تعرف على امرأة تبلغ من العمر 43 عاما، وهي أخصائية في علم النفس، في إحدى المحاضرات التي كانت تعطيها تلك المرأة لتبدأ المأساة، حيث تعلق أخي بها لدرجة الجنون، وهي كذلك تحت مسمى الأمومة (لأنها لا تنجب) وأنا أصفها بعلاقة الحب المغلفة بعاطفة الأمومة.
المهم أصبحت تلك المرأة الآمر الناهي في حياته، وأخذت حيزا في حياته يكاد يشبه الزوجة أو أكثر من ذلك، أصبحت العلاقة بينهما فوق المعتاد، وخرجت عن كونها صداقة، حيث نشعر أنا ووالدتي أنها لا تعوض نفسها عن عاطفة الأمومة بأخي.
نحن نشعر أنها تريد أن يكون لها وحدها؛ فوالدتي تعمل من الصباح وحتى المساء، وأنا كنت في السجن، وأخي وحيد في المنزل لا يوجد من يملأ وقت الفراغ الموجود عنده، وإن سألتم عن أصحابه (أقول إنه بسبب بعدنا عن مكان سكننا القديم أصبح من الصعب أن يصلوه يوميا أو يصلهم بحكم المسافة أو ارتباطه بالدراسة).
المهم دخلت تلك المرأة حياته وملأت الفراغ الذي يعيشه، وأصبحت تعتبره كابنها حسب ما تزعم، وعندما من الله علي بالفرج ووجدته متعلقا بهذه المرأة لدرجة لا توصف، وبدأ بالخروج معهم في رحلات، والنوم عندهم واشتروا له موبايل، وأصبحوا يعطونه مبلغا ماليا، وأصبحت تتصل به كل ساعة اتصالين أو ثلاثة.
وحتى أيام الثانوية العامة كانت تقوم بزيارته وحدها في البيت، حيث أنا في الجامعة ووالدتي في العمل وهو يستعد لامتحانات الثانوية، وهي تقوم بزيارته وتكون بينهم خلوة (مع أنها متدينة وقد حجت بيت الله وزوجها أيضا).
أنا لا أشكك في أخلاقها ولا أخلاق أخي لأنه ملتزم أيضا وهو يخاف الله، ولكن المشكلة هو دخول هذه المرأة إلى حياة أخي، حيث أصبح منطويا على نفسه عصبيا ومزاجيا لدرجة أنه لا يستطيع أن يتحمل أي كلمة ضد هذه الإنسانة، وحتى لو من باب ذكرهم بالخير.
فهو يقدس هذه المرأة لدرجة الجنون وأصبح غير قادر على أن يعيش بدونها، حاولت أنا ووالدتي أن ننبهه، وأن نقول له إن الذي تفعله لا يجوز لأنك تهمل والدتك وأخاك من أجل الغرباء، ولكن كالعادة الباب مقفل في وجوهنا، وخصوصا أنا، حيث إنه لا يستطيع أن يتقبل نصيحة مني، فهذه المرأة أصبحت كل حياته..
آسف عن الإطالة، ولكن أحاول أن أضعكم بالصورة، بالرغم من ركاكة الجمل.. وسامحوني على ذلك.. قبل فترة كنت أناقش أنا ووالدتي وأخي بعض الأمور، فتطرقنا لموضوع تلك المرأة، فاحمر وجهه غضبا وطلب مني ومن أمه ألا نذكرها بالخير أو الشر، وإن حاولنا أن نقلل من هذه العلاقة فإنه سيفعل بنفسه شيئا لا يحمد عقباه.
نحن في حيرة من أمرنا لا نريد أن تستمر العلاقة بهذه الصورة السيئة؛ لأنها انعكست عل حياتنا وأصبحنا نرى أن أخي قد وجد البديل عن أسرته متمثلا في هذه المرأة.
نحن نحاول أنا وأصدقاء لي ولأخي أن نتدخل بالموضوع من أجل تقنين هذه العلاقة، ولكي تعود الأمور لطبيعتها ويرجع أخي لحضن أمي الدافئ.. لا أعرف ماذا نفعل، كل الأبواب مقفلة في وجوهنا ولا نستطيع فتح الموضوع مع أخي أو مع المرأة أو زوجها لأنهم سيخبرونه، وبالتالي سيخرج أخي من المنزل، وقد يعيش معهم لا نعرف ما الحل؟!
أفيدونا
وجزاكم الله كل خير.
26/02/2025
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
في بداية الأمر لا بد من التركيز بأن الاستشارة هي وجهة نظرك ولا يوجد فيها أي إشارة لرواية أخيك. ثانيا لا بد من التركيز بأن علاقة الأخ الفاضل ليست علاقة غير شرعية ولا يوجد دليل لابتزاز عاطفي أو مادي أو غير ذلك.
مع ذلك يبدو أنكم تواجهون تحدياً كبيراً يتطلب تقديراً عميقاً للمشاعر وتفهماً للموقف.
حاول أولا التحدث مع أخيك في جو هادئ وغير متوتر، دون توجيه اللوم له. يمكن أن يكون من المفيد تعبيركم عن مشاعركم وقلقكم نحوه بشكل مباشر، بدلاً من التركيز على المرأة.
حاولوا إيجاد مواضيع مشتركة أو أنشطة تجمعكم كأسرة. قد يساعد ذلك في إعادة بناء الروابط العائلية بدلا من تكرار الحديث عن المرأة الأخرى اليوم بعد الآخر. قد تفكرون في إشراك شخص موثوق به، مثل معلم أو قريب، للتحدث مع أخيك. أحياناً يكون من الأسهل للناس التحدث مع شخص آخر عن مشاعرهم بدلا من العائلة نفسها
ولكن أيضاً من المهم فهم الأسباب وراء ارتباطه بهذه المرأة. حاولوا استكشاف المشاعر التي تدفعه نحو هذه العلاقة، كالشعور بالحب، الدعم، أو الانتماء. وهذه بصراحة احتياجات مشروعة. بدلاً من التدخل بشكل مباشر، قدموا الدعم لأخيكم في حياته اليومية، مما قد يساعده على تخفيف الاعتماد على تلك العلاقة.
إذا كانت الظروف مناسبة، يمكن التفكير في طرق للتواصل مع المرأة بشكل غير مباشر وباحترام و هدوء، من أجل فهم نواياها ومشاعرها نحو أخيك وما إذا كانت تراه كطفل أو بشكل آخر. وأعود وأكرر مرة أخرى الحفاظ على الهدوء والاحتراف في التعامل مع الموقف.
تذكر أنه يمكن أن يستغرق الوقت والجهد لتغيير وجهة نظر شخص ما في مثل هذا الأمر ولا تتوقع منه تغيير موقفه مع الضغط عليه، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بمشاعر قوية. الأهم هو الاستمرار في دعم أخيك ومحاولة الوصول إليه بحب وحنان. وبدون شروط.
في نهاية الأمر تذكر بأن هذه مشكلته هو. وربما سيعمل على حلها بنفسه بصورة أو بأخرى والضغط عليه قد تكون نتائجه عكسية.
وفقك الله. وتابعنا بالأخبار
واقرأ أيضا:
التعلق Attachment
تقييم التعلق في الطفولة
أتعلق بالآخرين ... ماذا أفعل؟!
لا وظيفة، ولا هواية: الخواء يؤدي للتعلق