دمار أعصاب
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته؛
لقد أردت أن أبعث تلك الرسالة للمتخصصين في ذلك المجال متمنيةً أن ألقى الرد والمساعدة في أقرب وقت.
أنا فتاة طالبة في ثانوي في الصف الثاني الآن وأنتظر النتيجة فادعوا لي بالنجاح أريد أن أقول أنني رغم صغر سني على حد قول من حولي ولكنني واجهت الكثير من المشاكل منذ ولادتي ومنذ أن عرفت معنى تلك الحياة القاسية إنني أعاني من الكثير من المشاكل النفسية التي تجعلني يائسة دائما من تلك الحياة وكارهة كل من فيها منذ صغري وأنا أجد الكثير من المشاكل بين والدي ووالدتي ولكن في الأغلب تكون والدتي هي السبب فوالدي طيب جدا ودائما لا يحب المشاكل والآن أنا أعاني منها فهي دائما كانت تضربني ضربا مبرحا إذا فعلت شيء خاطئ حتى لو كان هذا الشيء لا يستحق ووصلتني لدرجة أنني كرهتها ولا أريد أن أعيش معها أبدا ولكني للأسف مضطرة لذلك; لحسن حظي إنني التقيت بمعلمة في ثانوي كانت دائما تحبني وترعاني وتتفهم ظروفي ولكني من النوع الحساس جدا فدائما أفكر في أنها لا تحبني ولا أعرف ماذا أفعل لكي تحبني مثلما أحبها فأنا أعشقها وأهواها ولا أتحمل بعدها عني أبدا فماذا أفعل؟
وغير ذلك أنا لدي الكثير من الأصدقاء والحمد لله ولكنني تعرضت لجرح عميق جدا لأن صديقتي الأنتيم بعدت عني وتركتني رغم حبنا العميق فسبب لي ذلك الموقف اكتئاب حادا ولا أستطيع أن أنسى رغم أنها كانت الخاطئة ولست أنا والآن لدي صديقة أنتيم أخرى وهي تحبني جدا ولكنني أشعر بأنني غير قادرة على إعطائها حقها بسبب حبي القديم ولا أستطيع أن أنسى ما فعلته في فماذا أفعل؟ أنا أعترف بأنني إنسانة كاذبة ولكن ذلك لأنني أتمنى أشياء كثيرة ولا ألاقيها غير بذلك الكذب ولكن أقسم بالله أنني عمري ما كذبت في حبي لأحد أبدا وبالأخص أصدقائي فهم كل ما تبقى لي في هذه الدنيا.
إنني لا أعرف ماذا أفعل فأنا أشعر بأنني لست إنسانة صالحة ولا أستحق حب من حولي وأخاف كثيرا من كره من أحبهم لي ودائما أشعر بأنني فاشلة لا أستطيع فعل شيئا أبدا أرجو أن يجيب علي أحد هل أنا إنسانة سيئة؟ وهل سوف يكرهني الناس؟
أرجو المساعدة
10/7/2007
رد المستشار
أولاً: مبروك مقدماً, وأرجو أن تعلمينا بالنتيجة فور ظهورها.
ثانياً: رسالتكِ أعطتني طاقة عاطفية عالية (وهذه من سمات هذا السن 15 سنة), واتضح ذلك في كثير من جملك المستخدمة وبالأخص في استخدام تعبيرات المبالغة مثل: (جداً – دائماً – أبداً - كثيراً) ينم على أن لديك حس عاطفي عالي. ولكن دعينا نتعمق أكثر في هذه العاطفة, فأنا أشجع هذه العاطفة وأحييها, ولكن أليس من باب أولى أن نستثمرها في أوجه أخرى بدلاً من أن نبكي على حالنا ونشتكي من جفوة الأصدقاء (سأتطرق لاحقاً إلى موضوع الصداقة). هذه العاطفة يمكن أن تحتضن وتنمو في جو فعّال ومفيد, مثل الاشتراك في أنشطة اجتماعية هادفة والعمل على تنمية القدرات الشخصية.
ثالثاً: أما عن موضوع (الأنتيم) فإني أولاً أتوقف عند تعريف (الصديق الأنتيم) فمن هو؟ وما هي مواصفاته من وجه نظرك؟ وكثيراً ما أجد الإجابة من الفتيات والفتيان عن هذا الصديق أنه من يطابقني تماماً ويطاوعني في كل شيء, ويذهب معي في كل مكان (ونبات ونصحى مع بعض) فلا يوجد في مكان إلا وأنا معه أو العكس. وأقل لكم: أن هذا تعريف مبتور للصديق (فصديقك من صدقك وليس من صادقك).
وإذا تحدثنا عن آداب الصداقة لأفردنا لذلك صفحات ولكن سأحاول الاختصار بقدر الإمكان - لا مانع من تبادل عاطفة الحب بين الأصدقاء ولكن الحب المقنن المحكوم بالعقل, وليس سيل الحب المنجرف الذي يخفق المحبوب, فليس صواباً أن أطلب من صديقتي أن تلازمني في كل شيء وإذا عارضت أو كانت مشغولة كانت هذه هي الطامة الكبرى لعلاقتنا – فترك مساحات خاصة بين الأصدقاء يجعل الصداقة تتنفس بطبيعتها, فلا أتدخل في الخصوصيات, ولا أقحمها في خصوصيات ويضيع كل الوقت ونحن معاً وأن أتحدث عن نفسي فقط ولا ألزمها بالتواجد في كل وقت. فالفتاة الواثقة من نفسها لا تنتظر أحد ليعطلها الحب حتى تدرك أنها تستحق الحب والاحترام (وهذا ما لمسته من بعض جملك في الرسالة) فأنت تسعي لكسب الحب والاحترام من الآخرين.
رابعاً: علاقة البنت بأمها قد ينتابها بعض التغيرات خاصة في مرحلة المراهقة, حيث يبدأ المراهق في مرحلة النضج ويبدأ في قياس علاقته بالآخرين وتقييمها وأول من يدخل في هذا التقييم هي العلاقة بالأم فيبدأ بالنقد الموجه لها لأنها أقرب الناس للمراهق, كذلك فإن الأم في هذه المرحلة تبدأ في وضع القواعد الصارمة (خاصة للفتاة) لضبط تصرفاتها باعتبارها (قد كبرت) فيبدأ من هنا الصراع نتيجة قلة خبرة الأم في إرسال (القواعد إلى الابنة) وهذا يحتاج إلى علاقة صحية منذ مرحلة الطفولة بين البنت والأم, وكذلك يحتاج إلى حكمة من الأم في التناول في هذه الفترة. وكذلك الصراع يكون نتيجة نضح الفتاة "كما أسلفنا" وشعورها أنها الآن كبيرة ومسئولة ويدعم ذلك إذا كان الأب متفاهم و(طيب) فيكون بالنسبة للفتاة صديق حسن والأم هي (الطاغية).
خامساً: وهذه الملاحظة نراها في كثير من الأسئلة الواردة إلينا أن الإنسان وهو في خضم مشكلة تكون عبارته لنفسه دائماً (أنا فاشل) (أشعر بأني إنسان غير صالح) إلى غير ذلك من العبارات السلبية التي تكون موجودة في اللاشعور وتتحكم في أفكار ومشاعر الإنسان في كل المواقف دون أن يدري ويكون سلوكه مصبوغ بقلة الثقة بالنفس. وما نصح به هنا هو تغيير الأفكار السلبية عن النفس بأخرى إيجابية (إن شاء الله سأستطيع) (سأصلح من نفسي) (أنا عندي إيجابيات كتير). وهذا يكون من حسن الظن بالله.