قبل أن أبدأ سطوري، أود أن أشكركم على الجهود الجبارة التي تقومون بها، جعلها الله في ميزان حسناتكم. سأخبركم بمشكلتي وإن كنت لا أعرف لماذا أخبركم بها! فالحقيقة أن لم يعد لدي رغبة في الشفاء مما أنا فيه، لكن ربما كانت رغبتي في الفضفضة لشخص ما يسمعني دون انتقاد أو لوم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاماً، أعيش مع أبي وأمي وإخوتي، لي أختان (29 سنة و15 سنة) وخمسة أخوة ذكور أعمارهم كما يلي (27-25-20-16-10)، ترتيبي في الأسرة الرابع، ومستوانا الديني والأخلاقي عادي لكن أبي ملتزم دينياً، ومستوانا الاجتماعي عادي أيضاً. أدرس بآخر سنة بالجامعة (سنة الامتياز) بأحد التخصصات الطبية، متفوقة في الدراسة -ولله الحمد- لكن في العامين الأخيرين هبط مستواي كثيراً، يصفني الجميع بالهدوء والخجل وأحياناً الجمال... لكن يتساءلون دوماً لماذا يكون وجهي حزيناً أو عابساً! أنا محجبة حجاباً شرعياً مع الخمار، ولله الحمد.
لا أعرف من أين أبدأ بالضبط، لكن أظن أنه من الصواب أن أبدأ من الطفولة، وبالتحديد عندما كنت بعمر الثالثة أو الرابعة (لا أذكر بالضبط، لكنني لم أكن قد التحقت بالمدرسة حينها، وأذكر الموقف كلقطات فقط).
كنا في حجرة الطعام نلعب أنا وأختي الكبرى وأخواي اللذين يكبراني وابن عمتي الذي لا أعرف عمره بالضبط لكنه يكبر أختي الكبيرة بما يزيد عن العامين أو أكثر، كنا نصعد فوق الطاولة بعد أن أبعدنا عنها الكراسي ونقفز فوق كومة من الفرش، وكل منا يحاول أن يقفز بطريقة تثير الإعجاب، كنت أحاول الصعود فوق الطاولة، لكني لم أستطع ولم ينتبه لي أحد من إخوتي، فجاء ابن عمتي وحملني لكن ليس بالطريقة المعهودة (وهي الرفع من تحت الذراعين أو الخصر)، بل وضع يده بين فخذاي ورفعني، شعرت بالضيق أو الحرج أو الإهانة حينها، لكن سرعان ما تناسيت الموقف وأكملت اللعب.
وذات مرة زارنا عم والدي (أبي وأمي أبناء عم)، وكان لديهم طفله تصغرني بعام واحد، كنا نلعب دوماً سوياً وندخل لدورة مياه واحدة لقضاء حاجتنا ولا نجد في ذلك حرجاً، لكن ما حدث ذلك اليوم أنها طلبت مني أن أقطع قطعة صغيرة من قطعة إسفنج وجدناها، وفعلت هي نفس الشيء، ثم دعتني لدخول دورة المياه وطلبت مني أن أضعها في الأعضاء التناسلية بعد أن خلعت سروالي بناءً على طلبها، ارتبكت حينها وفعلت ما طلبت ثم تناهى إلينا صوت أهلها وهم ينادونها لأنهم سيغادرون المنزل، فذهبت مسرعة وتركتني بدورة المياه... كنت أرتجف حينها وأشعر بحرقة في تلك المنطقة ومغص بمعدتي فما حدث كان خارج عن العادة، لكني لم أخبر أحداً وتناسيت ما حدث. ارتبط بذهني أن هذه الفتاة قليلة أدب وأصبحت أكرهها وأتجنبها منذ ذلك الحين.
وعندما كنت في السابعة من عمري كان أخي الذي يكبرني ب4 أعوام يطلب مني أن نلعب لعبة الطبيب والمريض، حيث أكون المريضة وهو الطبيب، كان يدخل يده بداخل ملابسي (من دون أن يخلعها عن جسدي) ويظل يعبث بالمنطقة التناسلية مباشرةً بلا حائل، كنت أشعر بالاستمتاع، وبما أنه لم يخلع ملابسي عني فلم أجد حرجاً في ذلك، وذات مرة أثناء عبثه دخلت أصبعه بداخلي (أي بالمهبل)، تفاجأ وسألني "ما هذا ؟" لم أعرف حقاً ما حدث لكني أجبته "ليس من شأنك". استمر الوضع فترة حتى عرف والداي بالأمر، لا أعرف كيف ولا أعرف ما الذي عرفاه بالضبط، لكن عرفت بعد هذا الموقف أن ما حدث خطأ وعيب.
وعندما أصبحت في الصف الثاني ابتدائي كانت أختي الكبرى في الصف الأول إعدادي وكانت خالتي بالصف الخامس ابتدائي، كنّ يتحدثن عن فارس الأحلام وعن الجنس وتفاصيل العلاقة الجنسية بين الزوجين، كنت أجلس معهما وأستمع لحديثهما فعرفت الجماع وعرفت أن لدى الرجل شيء يسمى النطفة. وذات مرة بعد أن استمعت لحديثهما شعرت برغبة للمس أعضائي ففعلت من فوق ملابسي ورأتني خالتي وابتسمت ابتسامة تهديد وهي تقول "لقد رأيتك".
وبعدها بفترة سافرت جدتي وتركت خالتي بمنزلنا، فكانت خالتي تنام في السرير معي، كنا تحت اللحاف نستعد للنوم، فطلبت مني هامسة أن أخلع سروالي وأريها عورتي فرفضت، فكررت طلبها مراراً وتكراراً وأخبرتني أن أختي الكبرى لن تعترض أو تقول لي شيئاً، شككت بصدقها فقلت: "سأسأل أختي قبلاً" فتراجعت خالتي عن طلبها، لكني أخبرت أختي وأمي بما بدر من خالتي (فطلبها ليس فيه مجالاً للشك أنه قليل أدب) ومنذ ذلك اليوم لم تعد خالتي تبيت بمنزلنا، ولم يؤثر ذلك على علاقة القربى بين العائلتين ولله الحمد.
بعدها بمدة ليست بالطويلة من هذا الموقف، نادتني أختي بعد أن أطفأنا النور لكي ننام وأبعدت أرجلها عن بعضها وطلبت مني أن اجلس بينهما ففعلت، وكانت تلف وسطي بذراعيها وتشدني لجسدها وهي تقول أنها تتمنى لو يمسكها الشخص الذي تحبه (أحد أقاربنا) بهذه الطريقة، وكالعادة لم أخبر أحداً ولا أعرف لماذا لا أخبر أحداً، ربما لأنه لم يحدث أن خلعت لي ملابسي!.
في السنوات التي تلتها أصبحت أتجنب الجلوس مع أختي وخالتي -فحقيقةً لم أحب كلامهما- خصوصاً بعدما أنجبت أمي أختي الصغيرة التي فرحت بها كثيراً، لكن أخي لم يكف عن فضوله، وظل يحاول بين فترة وأخرى أن يخلع ملابسي أثناء نومي أو يفعل حركة قليلة أدب أثناء اللعب فكنت أخبر أمي أن أخي فعل حركة غير مؤدبة وكانت تخبرني بأنها وبخته ولن يفعلها مرة أخرى. عندما كنت في الصف الرابع أخبرتني صديقتي المقربة (س) في المدرسة عن طريقة الولادة وقالت أن الزوج والزوجة عندما ينامان يكون هناك مغناطيس يجعل أعضائهما التناسلية تلتصق- كما أخبرتها فتاة من أقربائها تكبرها بعام واحد- عدت للمنزل وكانت أمي بالمطبخ فسألتها عن صحة ما قالته صديقتي، فقالت أمي: "لا تمشي مع هذه الفتاة، إنها قليلة أدب وكاذبة"، عرفت أن أمي لا تخبرني بالحقيقة فأنا سبق وسمعت عن الجماع من أختي الكبرى وخالتي، فتجاهلت ما قالت ولم أقطع صداقتي بصديقتي (س).
عندما بدأت بوادر البلوغ تظهر على جسدي النحيل كالهيكل العظمي شعرت بالخجل وبأنها عار، فكنت لا أخبر حتى أمي بأن لدي شعر ظهر بمنطقة العانة، وأستخدم حزاماً عريضاً أربطه حول محيط الصدر ليخفي بروزه، وكنت أفضل ارتداء الملابس الفضفاضة رغم نحولي الشديد في تلك الفترة حتى تخفي تغيراتي الفسيولوجية، ولا أسمح لأي شخص بأن يرى جسدي وكنت أشعر بالغضب الشديد عندما أرى طفلة (أنثى وليست ذكراً) عارية، خصوصاً أمام الذكور.
وخلال تلك الفترة كان أخي الذي تحرش بي يحاول التحرش بأختي الصغيرة، فقد رأيته من حيث لا يدري وهو يستلقي فوقها من دون خلع ملابسها، خفت عليها كثيراً منه وعرفت أنه يحاول أن يفعل ما يسمونه بالجماع فحرصت ألا تتواجد أختي الصغرى مع أخي الكبير بمفردهما، والحمد لله نجحت بذلك، لكنني أصبحت أعامل أختي كما لو كانت دميتي: أحممها وأقدم لها الطعام وأسرح شعرها وأجعلها دوماً كظلي أينما ذهبت، لكن "ليس في كل مرة تسلم الجرة"! فذات يوم جاءت إحدى الجارات لزيارتنا وكان معها طفلين من أبنائها، كنا نلعب بالأرجوحة وكانت معنا الابنة الصغرى لجيراننا ذوي البشرة السمراء (لم أكن أحب تلك الطفلة حيث كانت تسرق ألعابي وعندما أطالب بها تكذبني أمهم وتصر بأنها لابنتها)، فقام ابن جارتنا بسحب سروال الابنة الصغيرة السمراء وعندما ظهرت مؤخرتها كنا نضحك عليها (ولا أعرف لماذا لم أغضب حينها كعادتي حين أرى أطفالاً تنكشف عورتهم، ربما لأنني أكرهها)، المهم أن أختها الكبرى رأتنا من نافذة منزلهم ورأيتها عندما تناهى لسمعي صوت النافذة وهي تغلق، فشعرت بالحرج والخوف وقمت بنهر أبناء جارتنا على ما فعلوه، ولكن بعد فوات الأوان، فهذا الموقف لم يمض على خير.. فقد حاول أحد أبناء جارتنا السمراء بفتح بامبرز أختي الصغيرة عندما كانت بمنزلهم، فعرفت أن ما فعلوه انتقاماً لما حصل لأختهم، والحمد لله أنهم بعد فتره انتقلوا لمدينه أخرى بسبب عمل والدهم.
وذات مرة عندما كنت في الصف الخامس كانت لدي مسألة لم أفهمها بمادة الرياضيات فسألت أبي (الذي كان يعود من عمله في الثالثة ظهراً وينام، ثم يستيقظ لصلاة المغرب ويذهب مرة أخرى لعمله العسكري ولا يعود إلا بالعاشرة أو الحادية عشرة ليلاً) عندما عاد من عمله في الثالثة وصلى العصر وذهب لفراشه، ذهبت لحجرة نومه وسألته، لم يقصر وقام بشرح المسألة لي على الرغم من أنه مستلق بفراشه منهكاً، لكن حدث أمر محرج بعدما انتهى من الشرح، فقد قام بفتح أزرار قميصي فانكشف صدري الذي بدأ بالبروز، شعرت بالخجل الشديد حينها، أما أبي فقد كان يداعب صدري مبتسماً... لم أخبر أحداً بما حدث مع أبي وبما حدث لابنة الجيران أو أختي الصغرى...
في تلك الفترة تناقصت مرات محاولات أخي الكبير بالتحرش بي (وقد عرفت بعدها بسنوات سبب ذلك، وهو لجوئه للصور والأفلام الإباحية التي وجدتها في حجرته)، لكن للأسف أصبح أبي يتعامل معي بطريقة مختلفة، فكنت أستيقظ في الإجازة الأسبوعية مبكراً حتى أشاهد الرسوم المتحركة وكانت لأبي إجازة بهذين اليومين من الأسبوع أيضاً، فأستيقظ مبكراً وجلس بجواري بصالة المنزل وهو يلف كتفاي بذراعه بحنان أبوي صادق، لكن للأسف كانت يده تتسلل لداخل سروال البيجاما وتداعب المنطقة التناسلية من فوق السروال الداخلي، كان هذا الموقف يتكرر دوماً في الإجازة الأسبوعية وكانت لمساته تريحني وبنفس الوقت تثير حيرتي. ذات يوم وبينما كان يداعب تلك المنطقة وأنا أشاهد الرسوم المتحركة استيقظ أخي الكبير وخرج من حجرته ومرّ بغرفة الجلوس التي كنا بها أنا وأبي، فارتبك أبي وسحب يده بسرعة من ملابسي، أصابتني الحيرة مجدداً وإن كانت أقوى هذه المرة... إن كان ما يفعله أبي خطأ فلماذا يفعله وهو خطأ؟ وإن كان شيئاً عادياً بين الأب وابنته فلماذا ارتبك عندما مرّ بنا أخي الذي لم ينتبه لما يحصل؟.
صمت كعادتي عندما أحتار أو أخاف، لكن ملامسات أبي أصبحت أكثر جرأة، فقد أدخل يده ذات مرة بداخل السروال الداخلي ولامس تلك المنطقة مباشرة ثم نظر لي مندهشاً وسألني: "ألديك شعر في هذه المنطقة؟!" شعرت بالخجل الشديد وتمنيت لو تنشق الأرض وتبتلعني حينها، فهززت له رأسي إيجاباً، فصمت مفكراً وقال لي: "أخبري والدتك وهي سوف تعلمك كيف تقومين بتنظيف هذه المنطقة، لكن لا تخبريها بأنني أنا من طلب منك ذلك. كما يجب أن تنتبهي ولا تسمحي لأي مخلوق كان حتى لو أنا أو أنت بلمس هذه المنطقة فيما عدا من سيكون زوجك بالمستقبل". ذهبت لأمي وقلت لها أن لدي شعر بتلك المنطقة وأريد أن أزيله فسألتني "أهو أشقر أم أسود؟" فقلت لها "أسود" صمتت ثم سألتني سؤالاً لا أذكر أن كان هو "لماذا تريدين إزالته؟" أو "من أخبرك بأنه من المفترض أن تزيليه؟" ارتبكت وقلت لها "أبي قال لي ذلك" عبست وقالت: "وما شأنه هو بهذا الأمر؟" لم أجبها ولم تنتظر هي الجواب أصلاً وانتهى هذا الموضوع من دون أن تعلّمني كيف أنظف نفسي.
وعندما كنت بالصف السادس الابتدائي أخبرتني صديقتي (ل) بالمدرسة بطريقة تنظيف الجسم من الشعر الزائد كما أخبرتها أمها، لكن في تلك الفترة زادت همسات البنات في الصف حول المواضيع التي يسميها الكبار بالعيب، وكنت كثيراً ما أختلي بنفسي خصوصاً في مستودع المنزل وأظل أبكي وأتمنى بأنني لا أعرف شيئاً له علاقة بالجنس، شعرت أني فقدت البراءة ونقاء القلب. ثم حدث موقف أزعجني كثيراً؛ كان هناك عامل بناء بالمنزل لبناء حجرة بالحديقة، وذات يوم ذهبت أمي لموعد بالمستشفى وأخذت أخي وأختي الصغيرين، وعندما عدت للمنزل وطرقت الباب لم أجد أحداً لكن عامل البناء كان بالمنزل هو وعامل الكهرباء ففتح لي الباب، دخلت لحجرتي وخلعت ملابسي لاستبدالها بملابس نظيفة كالعادة، ثم لاحظت ظلالاً من زجاج النافذة، فوجدت العامل الحقير يسترق النظر لي وأنا عارية تماماً من خلال فرجة بالنافذة يمر من خلالها سلك كهربائي، شعرت بالدماء تفور بعروقي غضباً، ففتحت النافذة وألقيت السلك وأغلقتها بعنف، وعندما جاء المساء كنت وأمي وأختي الكبرى بالحجرة وكان يحاول استراق النظر إلينا، حيث كانت أمي وأختي الكبرى دون حجابهما، قالت لي أمي أن أسدل الستار ففعلت وأخبرتها بما فعله معي أيضاً، فطلبت أمي ألا أخبر أبي أبداً.
وذات مرة بالصف جاءت صديقتي (س) وفتحت كتاب التربية الإسلامية على آخر درس وقالت اقرئي، قرأت وقد كان الدرس يتكلم عن شيء اسمه الحيض ثم نظرت إليها عما تعنيه بطلبها، فقالت لي "ألم تفهمي المكتوب؟" هززت كتفاي غير فاهمة، فهمست بأذني بأن هذا الحيض هو دم ينزل من البنات وهو ما يسمى بالبلوغ، لم أهتم بما قالت إلى أن انتشر بالمدرسة ذات يوم خبر عن إحدى الطالبات اللاتي بلغت بالصف واتسخت ملابسها وأصبحت تلك الطالبة حديث المدرسة... شعرت بالخوف بل بالرعب من أن يحصل لي ما حصل لها وكنت أتمنى أن أبلغ بالمنزل وليس بالمدرسة، والحمد لله فقد بلغت في إجازة عيد الفطر بتلك السنة وفرحت كثيراً حينها، وأخبرتني أمي بأن هذا شيء طبيعي يأتي كل البنات شهرياً ويستمر لعدة أيام... سرعان ما شعرت بالضيق من البلوغ؛ فقد شعرت بعدم حرية الحركة وبأنني فقدت طفولتي، وزاد هذا الشعور بداخلي عندما أمرني أبي بلبس الحجاب بعد بلوغي بشهر تقريباً، تضايقت وشعرت بأن حريتي مقيدة.. فأبي تغيّر كثيراً معي؛ مرة يأمرني بتبديل ملابسي لأنها قصيرة، ومرة لأن البنطال ضيق وأصبح الذهاب للدكان ممنوع والوقوف عند باب الشارع ممنوع، ومما زاد من ضيقي وقرفي من نفسي تلك الفترة أن كفاي أصبحتا كثيرة التعرق بشكل يحرجني أمام الناس...
أنهيت الصف السادس وذهبت للتسجيل بالمدرسة الإعدادية بالحي وفي الطريق أمرني أبي بتغطية وجهي، وبعدها منعتني أمي من ركوب الدراجة وعندما سألتها عن السبب لم يكن الجواب إلا العيب والعيب، تضايقت جداً فبداخلي صوت يصرخ بأنني طفلة ومازلت طفلة، لكن تلك التغيرات الفسيولوجية اللعينة دمرت طفولتي وتلك الأفكار الدنيئة التي زرعنها أختي وخالتي وطالبات المدرسة قتلت براءة تفكيري، كما أن لعبة أخي ولمسه لي جعلني أكتشف لذة الجنس مبكراً جداً جداً... كرهت الدنيا حينها وكرهت كوني فتاة وكرهت الذكور كرهاً شديداً، فقد كنت أراهم هم السبب في كل شيء.. فهم السبب في خلق الله البويضات التي تسبب الحيض لنا حتى ننجب لهم أطفالاً، وهم السبب في لبسنا الحجاب لأن عيونهم فضولية وشهوتهم عالية، وهم السبب في عدم ذهابي للدكان لأنهم قد يختطفوني وهم السبب، وهم السبب، وهم السبب، ووو..إلخ.
أصبحت أحقد على كل ما هو ذكر؛ حتى أبي أصبحت أكرهه بشدة، وعندما أصبحت بالصف الأول إعدادي قالت صديقتي (ل) أثناء حديثها "أنا لا أسمح لأي كان أن يرى جسدي أو يلمس صدري"... صرت أقارن حالي بالفتيات: لماذا أنا من ينتهك جسدها دائماً؟ لماذا أنا من يجدونها لتلبية طلباتهم الجنسية رغم أني لا أملك مقومات الجمال أو الأنوثة؟ وكثير من الأفكار السوداء التي غزت فكري في ذلك الحين... اكتأبت جداً جداً، حتى جاء ذلك اليوم الذي قررت فيه إنهاء حياتي، فأخذت كلوركس وذوبت به عصير برتقال حتى لا يلاحظ أحد أني أشرب الكلوركس وقمت بأخذ كمية متنوعة من الأدوية والأقراص وتناولتها جميعها مع عصير الكلوركس، ثم ذهبت لأرجوحتي ولكن هذه المرة لم ألعب، فقد كنت أنتظر موتي.
فكرت بوضع عائلتي عندما أموت، لا بد أنهم سيبكون لكن سرعان ما سيتأقلمون على الوضع وينسونني، وتسلسلت الأفكار حتى وصلت لوضعي وما سيكون حالي بعد وفاتي، فكرت بأنني لا أصلي، بل إنني لا أعرف كيف أصلي رغم دراستي لكيفية الصلاة بالصف ولكن لم أفهمها، وبما أنني بالغة فلابد أن ربي سيحاسبني وبالتالي سأدخل النار... خفت وندمت كثيراً على ما قمت به، فانتظرت بعين دامعة حتى ذهب ضيوف أمي وأخبرتها بما فعلته، نظرت إلي مصدومة ثم صرخت بي بحدة "لماذا فعلت ذلك؟" ارتبكت وقلت لها "هكذا فقط"، كررت بنفس الحدة "لماذا؟" قلت لها: "هكذا فقط، لقد مللت أن أعيش"، صمتت ثم طلبت مني تناول محلول ملحي مركز، وتقيأت كل السموم التي تناولتها وحتى الطعام، وطلبت من أمي ألا تخبر أبي، ثم ذهبت لاستذكار دروسي، وبعدها دخل أبي للحجرة وأغلق الباب وجلس بهدوء، وقال لي "لماذا يا.... لجأت للانتحار؟" أجبته بنفس الجواب الواهي الذي أجبت به أمي، وماذا عساي أقول له وهو من ممن لمس جسدي الرخيص!.. أخذ يحدثني أن الانتحار محرم وأن صاحبه سيكون مصيره النار وحدثني أن البلوغ شيء لا بد منه ويجب أن أتقبله... ربما ظن وأمي أن السبب في لجوئي للانتحار هو عدم تقبلي للبلوغ، لكن السبب الحقيقي هو الماضي الجنسي وشعوري بالحقارة والنقص عن بقية البشر...
في ذلك العام فسدت أخلاقي كثيراً؛ جربت معنى الكراهية والحقد على الرجال، أصبحت أستمع للأغاني، أتحدث بعناد وعصبية رغماً عني، أهزأ بالآخرين، صرت أقرأ روايات عاطفية، والأدهى من ذلك أني أصبحت أمارس الاسترجاز رغم جهلي بماهيته، مارسته باللمس للأعضاء الخارجية وكذلك بإيلاج الأصبع.
وعندما أصبحت في الصف الثاني إعدادي وجدت كتاباً في حجرة أمي اسمه أسرار المرأة، شدني الفضول لقراءته خصوصاً أنني أعشق القراءة، فعرفت أن هناك ما يسمى بغشاء البكارة... أخبرت صديقتي (س) التي هي أيضاً تعرضت للتحرش من ابن عمها في صغرها. موضوع غشاء البكارة هذا جعلنا نشعر بالخوف والقلق، وبالنقص أيضاً، فهي الوحيدة من خارج عائلتي التي تعرف بمحاولة الانتحار وبما فعل أخي بي بالماضي، حيث أنني أخبرتها بعد أن أصبحت في الصف الأول إعدادي عندما أخبرتني بما تعرضت هي له... وفي هذه الأثناء تغيرت عن العام الماضي، فقد أثرت بي معلمة الدين كثيراً وكانت تراني قمة في الأخلاق والأدب والتفوق، رغم أنني لا أرى ذلك بنفسي ولا أعرف لماذا ترى ذلك بي رغم حقارتي، لكنها رفعت من معنوياتي كثيراً فأصبحت محافظة على صلاتي بعدما علمني أبي كيفيتها، وأقرأ القرآن وختمته مرتين في إجازة الصيف بتلك الفترة، وأقوم الليل وأصلي الوتر، وأحياناً أصوم يومي الاثنين والخميس، وأصبحت أحب حجابي وخماري ولا أتخلى عنه، وتحسنت علاقتي بأبي وأصبحت أحبه جداً بعدما تغير وأصبح قريباً مني ويتحدث معي دوماً...
كنت أشعر أن أبي يفتقد أمه كثيراً التي ماتت بعد وفاة والده (جدي) بصغره، فأصبح يتيماً في عمر ال12 ومسؤولاً عن جدته الكفيفة بالإضافة لأربعة أطفال يصغرونه هو وأخته التي تبلغ من العمر 13 أو 14 عاماً.
غمرت أبي بالحنان، وبالغت بذلك، فكنت أغطية باللحاف عند خلوده للنوم ونظل نتحدث قليلاً وأخبره بكل ما يستجد من جديد في يومي ثم أخرج لكي ينام، وأبي أيضاً كان يعاملني بحنان غامر، فكنت لا أذهب للمدرسة إلا وقد ضمني وقبلني ودعا لي بالتوفيق والنجاح...
لكن للأسف يبدو أن التعاسة قدري دوماً، فذلك اليوم ضمني أبي وعندما شعرت بجسده من الأسفل يلامس جسدي ابتعدت للخلف قليلاً، فشدني إليه أكثر فابتعدت أيضاً، وظل يشدني إليه وأنا أبتعد ببطء كي لا يلاحظ، حتى التصقت بالجدار خلفي ولم يعد هناك مجال للتراجع، فضمني أبي إليه ولامس جسده جسدي في المناطق الحساسة، تضايقت يومها، لكن أقنعت نفسي بأنها أفكار سوداء أظلم بها أبي وأن طبيعة تكوين جسد الرجل هي من جعلني أشعر بجسده في تلك المنطقة، فمستحيل أن يفعل أبي ذلك، حتى ما فعله في الماضي كان من باب أنه يريد أن يعرف إن كنت على أبواب البلوغ أم لا، حيث أنه عانى كثيراً عندما ظهرت لديه علامات البلوغ ولم يجد لها تفسيراً ولم يجد أحداً يخبره بذلك مما جعله ينطوي على ذاته، وانعكس ذلك عليه في شبابه فكان يخشى مواجهة الناس ويخجل كثيراً، ولم يتخلص من ذلك إلا بعد أن أصبح في الثلاثينات من عمره... أبي لا يريدنا أن نمر بنفس ما عانى منه بتلك المرحلة، لكن حتى أنا ابنته ظلمته حين ظننت أنه يفعل بي شيئاً محرماً.
لكن الأيام التي تلتها حملت الأسوأ وكشفت خطأي الذي كنت أبرره لصالح أبي دوماً، فقد انتقل العناق للفراش، وكان يلامس جسدي بيده من فوق ملابسي ويقبل شفتاي بحرارة، صمت وأنا حائرة خجلة مما يحصل، وفي كل مرة أعذره وأقول هذا أبي وأنا ابنته وضمه وتقبيله لي شيء عادي، لكن الشك ما زال يمزقني...
صمتي ربما جعله يظن أنني راضية، فأصبح يضعني فوق صدره، كنت أقاوم بصمت، أحاول أن أبتعد بجسدي عندما يلامس جسده بالمناطق الحساسة، أحاول ألا أشعر بأي لذة عن ملامسته لي، أصبحت في صراع داخلي مع الذات، وتأنيب الضمير يقتلني، فلا أريد أن أخون أمي مع أبي... لكن ربما أبي لا يقصد بذلك شيء سوى تدليلي ومداعبتي، بينما أنا من تثار شهوتها وتكاد تنجذب للمساته، فكنت أقاوم وأقاوم، لكن أحياناً افشل للأسف... واترك له الحرية بفعل ما يشاء. طبعاً الخجل والخوف والحيرة أخرساني تماماً، فأصبح أبي يكشف صدري ويقبله.
وعندما أصبحت بعمر الـ 15 تحدثت معه وقلت له أنني اشعر أن جسده يلامس جسدي، ربما لم يقصد ذلك حيث طبيعة جسد الرجل تختلف عن المرأة، فقال لي أنني على حق، وأن الشيطان يحاول استغلال ابن آدم، فإذا عجز عن غوايته من طريق الحرام، أتاه من طريق الطاعة، وأنه مهما كبرت فإنه يراني كتلك الطفلة الصغيرة التي تركض إليه وترتمي بأحضانه.. تكلم معي أبي كثيراً يومها واقتنعت، لكن الكلام لم يغير شيئاً مما يحدث بشكل شبه يومي، وكانت أمي وإخوتي يرونني مع أبي على السرير لكن يظنون أنه يداعبني ويدللني لا أكثر ولا أقل، وعندما يكشف صدري أو يضعني فوقه فإنه يفعل ذلك بغيابهم.
وتزامن مع هذه الفترة زيارتي للأطباء من أجل علاج تعرق يدي، فقاموا بعمل الفحوصات التي كانت نتيجتها سليمة، ثم دخلت دوامة التحويل من طبيب إلى طبيب حتى انتهى بي الأمر عند أحد الجراحين وكان التشخيص النهائي للحالة غير معروف السبب (Idiopathic)، وقرروا إجراء عملية جراحيه لقطع العصب السمبثاوي بالمنظار ووافقت على ذلك وأهلي أيضاً، فقاموا بقطع العصب من الجهتين اليمنى واليسرى للقفص الصدري من تحت الإبطين، لكن لكل عملية مضاعفات كما نعرف، وكانت من مضاعفات هده العملية أن التعرق تركز في منطقة الظهر والصدر بشكل يحرجني كثيراً، واستمرت مراجعاتي للطبيب حتى يومنا هذا، فقرر في آخر الأمر أن يجري عملية إعادة ربط للعصب السيمبثاوي... ومنذ يوم قرر ذلك وحتى ساعة كتابتي لهذه السطور وأنا أنتظر موعد العملية، وإن كنت لا أرغب حقاً بإجرائها، فكل من راجعتهم أغبياء رغم الشهادات التي حصلوا عليها، فلم يلتفت أحد منهم للجانب النفسي وكان كل تركيزهم على الناحية العضوية فقط! لكنني مؤمنه بأن سبب التعرق نفسي وستعرفون لماذا عندما تقرؤون البقية..
عندما أصبحت في المرحلة الثانوية اعتذر لي أخي الكبير عما بدر منه في الماضي، وطبعاً سامحته فقد كان طفلاً يريد أن يكتشف خبايا الأمور، كما أنه أخي ومهما فعل يظل أخي من لحمي ودمي.
أما أمي فقد حدث أن تعرفت عليها امرأة كانت تغني في حفل زفاف خالي، ومنذ أن دخلت هذه المرأة حياتنا انقلب المنزل رأساً على عقب وعرفنا معنى الشجار بين الوالدين بسببها... فقد أصبحت أمي تسهر على الأفلام العربية الهابطة وتستمع للأغاني بشكل مبالغ وخصوصاً المطربين التي تفضلهم تلك المرأة، وتهاونت بأمر حجابها الشرعي والتزامها بالدين، وكنت أتضايق عندما أرى أمي تفعل ذلك، فقد كانت نظرتي لها دوماً بأنها الصح وأن رأيها هو الحكيم، لكن استمرارها في صداقة تلك السيدة المعروفة بفساد الأخلاق وبأنها تحب النساء كحب الأنثى للذكر، والتي متزوجة بالسر من العازف المصاحب لها الذي هو أصلاً في عمر ابنها، وتدخلها بحياة أمي أبي الخاصة... كل ذلك جعل مكانة أمي التي لا تخطيء تسقط من عيني أنها ارتضت هذه الصداقة ولم تر فيها حرجاً، رغم أنها كانت تحذرنا من هذه الأصناف من الصديقات.
أما ممارسات أبي فقد استمرت حتى دخلت للجامعة التي شعرت فيها بغربة حقيقية. وذات يوم ضاقت بي نفسي وأخبرت أبي أثناء حديثنا قبل نومه بشعوري بالضيق لما حصل بالماضي من تحرشات (لكن أبي لا يعرف سوى موضوع أخي ولا يعرف البقية)، صمت قليلاً ثم قال أنني قد وصلت لسن يجب أن أعرف فيه بعض الأمور على حقيقتها (يقصد الزواج)، فشرح لي العلاقة الزوجية من بداية المداعبة للوصول للانتفاض والقذف، وشرح لي عن غشاء البكارة، فسألته إن كنت عذراء بعد كل ما حصل؟ فقال ما دام أن أصبع أخيك قد دخل فربما يكون احتمالية كون غشائك قد تمزق كبيرة، حيث أنني كنت طفلة حينها وربما تمزق بسهولة دون أن أشعر بألم أو يحصل نزف... تضايقت لا أنكر ذلك، لكنني تجاهلت الأمر، فموضوع الغشاء لا يتعدى كونه تغير جسدي تافه أمام التغير النفسي الذي حصل...
وعندما جاءت الإجازة الصيفية طلبت أمي من أبي تغيير ديكور المنزل، ففعل أبي كما ترغب، واضطررنا للعيش في حجرتين بالمنزل بالإضافة لحجرة أخي الكبير، لأن بقية العمال كانوا يعملون ببقية الحجرات وغرفة الجلوس، وحدث أن اختلف والداي بالرأي حول لون أحد الديكورات، فتحول النقاش لشجار حاد، وأخذ كلاهما يخرج ما في قلبه، ويتهم الطرف الآخر بأنه يحقر من شأنه، حتى ثارت ثائرة أمي وصرخت طالبة من أبي الطلاق... صدمت بشدة عندما سمعت ذلك، خصوصاً أنها المرة الأولى التي أرى فيها والداي يتشاجرا بعنف أمامنا... يا إلهي، هل نحن في مسلسل عربي سخيف أم أنه كابوس سأستيقظ منه فجأة؟ لم أقدر أن أكافح تلك الدموع التي أخجل من ذرفها أمام أياً كان، وأخي الذي يكبرني بعامين انهار وبكى كالطفل الصغير، ثم غادر المنزل مسرعاً، بكيت وأغلقت باب الحجرة لأفصل بينهما، حيث كان أبي بالداخل وأمي أمام الباب بالخارج، ورفضت أن أفتح لأمي الباب... كنت خائفة أن يطلقا، وكانت أختي الكبرى تصرخ مما زادني خوفاً، وانتهى الشجار ونامت أمي في حجرة أخي ونمت أنا بحجرة أبي معه أما بقية إخوتي فقد ذهبوا لمنزل جدتي، لكنني لم أذهب فقد بقيت بجانب أبي، فهو من النوع الذي يصمت أمام شجار أمي وخفت أن يرتفع عليه الضغط ويصاب بجلطة لا سمح الله... والحقيقة أن أمي كانت المخطئة في الأمر، لكنها أمي وأحبها ولا أقدر على مصارحة أحد بأنها تخطئ بحق أبي وتقلل من شأنه رغم أنه ابن عمها الذي يكبرها بـ 12 عاماً!.
في تلك الأيام عادت المياه لمجاريها لكن بتوتر وبصمت حتى لا نشعر بأن الأمور ليست على ما يرام، لكنني لست طفلة وكنت أرى بوضوح الشمس أنهما ما زالا على خصام... في هذه الأثناء أصبح أبي كمن يجامعني من فوق ملابسي، كنت أتفاجأ ولكن أخجل من المصارحة، فمصارحتي له بالأول لم تغير شيئاً بل زادت الطين بلة... وكالعادة اكتفيت بالمقاومة الصامتة وبالسكوت، بل وبالانتقام من الذات تارة أشد شعري حتى أشعر بالألم وتارة أمارس العادة السرية ليس للمتعة وإنما للانتقام، لا أعرف لماذا لا أنتقم من الغير؟ ربما لأنني ضعيفة الشخصية ولا أقدر على المواجهة.
نجحت وجاءت العطلة الصيفية، فاقترحت على أمي وأبي أن أعمل في الصيف، منها أستفيد وأتأقلم على جو العمل، ومنها أكافح خجلي الشديد وأعتمد على نفسي مادياً، فأكثر شيء يحرجني هو طلب المال من أهلي رغم أنهما لا يقصران من هذه الناحية أبداً وإن كانت على حسابهما نفسيهما.
عملت موظفة استقبال بأحد المستوصفات على القطاع الخاص، ولبست البالطو وتحجبت ولبست خماري وقفاز اليدين كما أفعل بكليتي، فلا أحب أن ألفت نظر أي شخص ذو نفس دنيئة.
كان مدير المستوصف رجل مسن في الستين من عمره ومتزوج اثنتين وقد أصبح جداً... لكن يبدو أنه مراهق فوق الخمسين، فكان يحرص على بقاء لحيته القصيرة باللون الأسود، وكان يقف ويتأملني ومعظم الموظفات من أعلى لأسفل بطريقه تخلو من الأدب والحياء، بل إنه تجرأ، فكان يتكئ بذراعه أمامي وزميلتي في مكتب الاستقبال، وينفث دخان سيجارته في وجهنا بكل وقاحة، ويقول أنه يرغب بالزواج من فتاة جسدها صغير مثل زميلتي ومثلي، حتى يحملها بين ذراعيه ويرفعها، وعندما وقع نظره على قفاز يدي، طلب مني أن أخلعها بحجة عدم قدرتي على حساب الأوراق النقدية وأنا ألبسها، ففعلت ما طلب، لكن مراده كان مختلف، فلم تغب عني نظراته المتفحصة لكفي وهي مجرد كف لا تثير شيئاً بالنفس، فعدت ولبست قفازي ولم أتخل عنها...
أحياناً كنت أقول أنه عجوز وربما أظلمه بظنوني هذه، وأحياناً أرى منه تصرفات مخجلة وأسمع كلمات بذيئة جداً ومخجلة ينطقها أمام المراجعين والموظفين. تجاهلت نظراته وكلماته التي توحي بالخطر، حتى فوجئت به يوماً يدخل الكونتر ويقف بقربي وهو ينفث دخان سيجارته، فأخبرت والدي عن تصرفات هذا المدير فقال لي أن أكتفي بتجاهله وعدم الرد عليه، فكثيراً ما تحدث مثل هذه التصرفات من السفهاء في مجال العمل.
عملت بنصيحة والدي، حتى أمرني المدير أن أتولى أمر خزانة الدخل اليومي للمستوصف، فعلت ما طلبه وأنا فرحة، فهذا يعني أنني اجتهدت في عملي وحزت على ثقتهم، كما أنها مهمة سهلة جداً ولا تحتاج لمهارة، فالخزانة أمامي دوماً ومفتاحها معي دوماً، ما عدا في أوقات الصلاة، أضعه عند زميلتي التي أثق بها، فقد يطلب المدير مبلغاً بينما أنا أصلي... لكن فرحتي لم تدم طويلاً، فبعدها بأيام أتى كعادته واتكأ وهو يدخن سيجارته بينما يطلق نكاته السخيفة، ثم نظر لزميلتي ولي، فأشحت بنظري عنه، فلا أحب أن أنظر لعين رجل... فقال: إن طلبت يدك من والدك، هل ستوافقين؟ في نفس اللحظة التي نطق بهذه العبارة نهضت من مقعدي وناولت زميلتي المفتاح وأنا أقول لها أنني ذاهبة لأصلي المغرب، كما أنني لم أطيق سماع عباراته السخيفة التي يسمعها زميلتي وتجاريها هذه الأخيرة بالقهقهات العالية والعبارات الأشد سخفاً.
أديت صلاتي وعدت فوراً، فقالت لي زميلتي، أن المدير غضب عندما تجاهلته وذهبت، قلت أنني لم أفعل ذلك، فقد ذهبت لأصلي فقط، قالت لي: "لقد كان يحدثك عندما عرض الزواج" أخبرتها بأنني لا آبه بمزحه الثقيل...
طبعاً أخبرت أبي بما قاله المدير، وأيدني عندما نهضت وتركت له ولزميلتي المكان ليتبادلا فيه المزاح السخيف. وفي اليوم التالي أو الذي يليه، استدعاني محاسب المستوصف، وأخبرني بأن هناك عجزاً في حساب المستوصف، أخبرته أن هذا مستحيل فقد كنت أعدها ورقة ورقة قبل تسليم إيراد اليوم للمدير، لكنه أصر على موقفه، فغادرت أنا في حيرة من أمري، فأين ذهب ذلك المبلغ؟ فالمفتاح معي وفي وقت الصلاة مع زميلتي التي أثق بها رغم جرأتها الزائدة لدرجة الوقاحة... عندما عدت سألتني زميلتي عما يريده المحاسب مني، فأخبرتها واحتارت هي أيضاً أو بالأحرى تظاهرت بالحيرة... لكنني لشدة غبائي لم أفطن لحركاتها التي كانت تثير الشبهات، وعندما اقترب موعد انتهاء الدوام، قمت بعدّ الدخل اليومي، ووجدت أنه ينقص 300، أعدت الحساب مرة واثنتين وثلاث والنتيجة نفسها، كيف؟! لا يعقل ذلك، فأنا متأكدة من كل ورقة دخلت وخرجت من الخزانة.
أخذت زميلتي تربكني بكلماتها حول أنني تورطت، وفوق كل هذا فقد أضعت مبلغاً وقدره كما قال المحاسب، ارتبكت واتصلت بوالدي وطلبت منه بحرج شديد أن يجلب معه 300، وعندما أتى أبي ليعيدني للمنزل أخذت منه المبلغ قبل أن يسألني لم أريده، وأضفته للمبلغ الموجود للخزانة.. بعد ذلك سألني والدي حول ما أريده من المبلغ، فأخبرته بما قال لي المحاسب وبما حدث اليوم، لامني أبي كثيراً، فتصرفي لم يكن حكيماً أبداً، فالأجدر أن أذهب للمحاسب وأبلغه بنقص المبلغ أو أذهب للمدير وأخبره... قلت له حسناً سأفعل ذلك... وعندما حل اليوم التالي أخبرت المحاسب لكنه أخبرني بأنه مجرد موظف ولا يرى سوى الحقائق أمامه حتى يحكم عليها، فكيف أثبت براءتي من تهمة الإهمال إن لم أكن أملك دليلاً... ثم نصحني بأن أذهب للمدير وأخبره بكل ما جرى. ذهبت إليه رغم أنني كارهة لذلك، كما أن غصة البكاء تخنقني، فلم أعتد أن أواجه مثل هذه المواقف وبين الذكور أيضاً.
عندما دخلت للمدير وأخبرته، أخذ يدور بكرسي مكتبه بكل خيلاء والابتسامة الساخرة تعلو شفتيه، ثم قال بكل تشفٍّ: "أنت المهملة وهذا خطأك" فاجأتني ابتسامته جداً، فهو بخيل ويثور إن اضطر لتشغيل لمبة إضافية من أجل المستوصف، فكيف بمبلغ مثل هذا لا يثير غضبه؟!.
لم تدم حيرتي كثيراً، فقد فهمت أنه يريد الانتقام لرجولته التي تجاهلتها وهو يظن أنه يستطيع شرائي بأمواله طالما أصبحت موظفة عنده، فحتماً هو يملك نسخة إضافية لمفتاح الخزانة... ما أشد غبائي، كيف لم يخطر هذا على بالي؟ ذهبت للمنزل وقلبي يحترق قهراً، وغضبا أبي وأمي وفسرا ردة فعله بأنها ثأراً لتجاهلي له، ونصحاني بتقديم استقالتي، فلست بحاجة لوجع الرأس وأنا في غنى عنه.
في اليوم التالي قدمت استقالتي وكان المدير يضحك مسروراً، أما المحاسب فقد كان يعرف أنني ظُلمت بهذا الأمر كما أخبرني، لكن ليس بيده شيء ليفعله سوى الدعاء لي بالتوفيق في المستقبل، وقرر خصم المبلغ المفقود سابقاً من مرتبي الذي دفعت لهم أكثر من قدره ولم أنعم بقرش واحد منه.
أثر ذلك بنفسيتي كثيراً، وظللت أبكي 3 أيام حتى اعتدت على ما جرى، وجلست ما تبقى من إجازة الصيف في مشاهدة التلفاز والاسترخاء الجسدي، رغم أن وضعي النفسي متعب جداً وثقتي بنفسي تدهورت كثيراً.
أصبحت في السنة الثالثة في الكلية وكان هناك استشاري جراحة من خارج البلد سيأتي ويدرسنا بعض المناهج، كنت قلقة وفرحة في نفس الوقت، فرحت لأننا سنتخلص من الدكتورة التي كانت تدرسنا هذه المناهج حيث أن تدرسيها سيء جداً ولا نفهم عليها، وقلقت لأنه أستاذ جديد وأخاف أن يكون معقداً وأسوأ من الأستاذة التي قبله، ومن دون حتى أن أفكر، حالما ذكروا أن هناك بروفيسور جراحة سيدرسنا. ظهرت في مخيلتي صورة رجل طويل جداً لديه كرش بارز قليلاً، أصلع الرأس مع بعض الشعيرات البيضاء وضخم الجثة... وعندما جاءت أول محاضرة، كنا بالقاعة ننتظر وصوله وكنت أكتب شيئاً في الورق أمامي عندما تناهى لسمعي صوت أحدهم وهو يلقي السلام على الطالبات، رفعت رأسي فوجدت شاباً نحيلاً متوسط الطول ذا شعر أسود ووجه وسيم (كما أرى) وأنيق جداً... كدت أضحك حينها فالفرق بين الأستاذ أمامي والأستاذ في مخيلتي كبير جداً... لكن تعجبت، فهو يبدو في نهاية العشرين أو بداية الثلاثين على أكثر تقدير فكيف أصبح استشارياً بل وبروفيسوراً بهذه السرعة؟!.
كعادتي أبعدت أنظاري عنه؛ فهو رجل وأنا لا أستطيع وضع عيني بعين أي رجل حتى أبي نفسه، كنت مرتبكة جداً، فالقاعة صغيرة ومقعدي في الصف الأمامي. عانيت كثيراً في تلك المحاضرة حتى انتهت، ثم أصبحت أجلس في المقاعد الخلفية في تلك القاعة، وعندما نكون بالقاعة الكبيرة أجلس في المقعد الأمامي لأن السبورة تكون بعيده عن المقاعد وبالتالي يكون الأستاذ بعيداً عني.
مع الأيام شغلت بمشاعر خفية تداعب قلبين حاولت تجاهلها، فهو أستاذ وأنا مجرد طالبة، كما أنه ليس أول أستاذ شاب يدرسني ولن يكون حتماً الأخير، فكل ما أرغبه هو التركيز على دراستي والنجاح بتفوق، لكن ظلّ قلبي يسترق لحظات الفراغ حتى يشغل فكري بهذا الأستاذ.
في إحدى محاضراته أخبرنا أنه من خريجي سنة 1985، أي نفس العام الذي ولدت فيه، تعجبت كثيراً ونظرت معظم الطالبات لبعضهن وهن متعجبات، فلم يتوقع أحد أن يكون في نهاية الثلاثين فكيف إذا به في بدايات الأربعين! لكن ذلك حطمني قليلاً، فقد بدأت أعجب به وبشخصيته خصوصاً بعدما لاحظت أنه يغض البصر عندما تنكشف ساق إحدى الطالبات وعندما تخلع إحداهن حجابها من أجل إصلاحه فينكشف شعرها، ولاحظت أنه لا يلبس خاتم خطبة أو زواج، فهو إذن أعزب أو مطلق أو أرمل.
لم أخبر أحداً بشعوري تجاه أستاذي ولا أعرف لماذا هو بالذات من حرّك ذلك الشيء المجهول بقلبي، رغم أن بقية أساتذتي الذكور لم يثيروا بداخلي شيئاً سوى الاحترام سواء كانوا شباباً أو كباراً بالسن.
وفي نهاية الفصل الدراسي قام بجلب سي دي يحتوي على حالات إكلينيكية مصحوبة بأسئلة طلب من الطالبات أن تقوم كل واحدة بالدور وتقرأ حالة وتجيب على الأسئلة، أخذ قلبي يدق رعباً فهذا يعني أنني سأقوم وأقرأ أمام زميلاتي وأمامه هو... لا أقدر، فبالكاد أستطيع وضع عيني بعينه، وعندما تلتقي نظراتنا أبعدها بسرعة، وبالكاد أشارك بالمحاضرة بسؤال أو حتى جواب على الرغم من أنني أعرف معظم الأجوبة ولكن لا أجرؤ على التحدث في محاضرة يلقيها رجل، فخطرت لي فكرة وهي أنه عندما يحين دور الطالبة بجواري فسأطلب الخروج من القاعة وسأتأخر بالعودة حتى يحين دوري ولا يجدوني بالقاعة فينتقل الدور للطالبة التي بعدي. نفذت الخطة وخرجت من القاعة وشربت ماءً -حيث أن حلقي جف من الخوف- وبقيت على الدرج أحاول تهدئة نفسي وقراءة بعض الأذكار، انتظرت وقتاً كافياً لكي تنتهي زميلتي ويحين دور الزميلة التي بعدي في الإلقاء.. عندما عدت للقاعة وجدت زميلتي التي يفترض أنها انتهت ما زالت أمام الحالة الإكلينيكية المعروضة، وما أن دخلت حتى انتهت وعادت لمقعدها، وسأل الأستاذ من بعدها فأخبرته الطالبات بأنها (.....) أي أنا... ارتبكت جداً فلم يكن هناك مجال للتراجع أو الهروب، وقمت وبدأت بقراءة الحالة المعروضة، وبما أن صوتي منخفض جداً فقد طلب مني الأستاذ أن أرفع صوتي أكثر ارتبكت جداً جداً وسقط القلم من يدي مع ارتجافتها، لم أستطع حتى أن أنطق بحرف مما جعلني أقف وأطلب منه بهمهمات منخفضة أن أعود لمقعدي.
استغرب هو وقوفي فجأة ولم يسمع ما قلت فضحكت إحدى زميلاتي وأخبرته أنني أرغب بالعودة لمكاني، اقترب مني كثيراً وهو يقول "لماذا يا .......؟" قلت له الحقيقة بارتباك لعله يفهمني ويعفيني من هذه المهمة "لا أحب أن أقرأ أمام أحد"، قال "وماذا ستفعلين عندما تكونين بآخر سنة وتقدمين بحث التخرج؟" أرعبتني الفكرة كما أربكني قربه مني كثيراً فلم أستطع الكلام وأشرت بكفي وأنا أنطق "تؤ" أي "لا" فقد كانت مجرد فكرة تقديم بحث التخرج أمامه وأمام الحضور مرعبة مما جعلني أرفضها وأنطق بذلك، وعدت لمقعدي مباشرة وأنا أتمنى أنه كابوس سأستيقظ منه حالاً.
وبما أنني ألبس الخمار فلم ير تعابير وجهي وظن أنني أستهزئ به عندما حركت كفي فغضب كثيراً وقال "بنات إذا كانت فيكم واحدة عندها defect فلتتصرف من الآن"... جرحتني عبارته في الصميم فقد كنت أنا المقصودة بكلامة، وممن؟ من الشخص الذي أحببته!. هو غضب وأنا جرحت مشاعري وزميلاتي وجدن الموقف طريفاً وكن يضحكن عليّ، صمت كعادتي، ومرت فترة لكن ضميري ما زال يؤنبني على ما قمت به تجاه أستاذي، فأخبرت أبي بالموقف، فقال أنه يتوجب عليّ الذهاب إليه والاعتذار عما بدر مني حيث أنني لم أقصد الاستهزاء به أو التقليل من شأنه كما ظن هو... وافقت وإن كانت فكرة حديثي إليه تربكني جداً.
عندما انتهت إحدى محاضراته وغادرت الطالبات، استعد هو للذهاب فناديته وأنا أتمنى لو كنت ألبس قبعة الإخفاء وسألته إن كان يملك وقتاً أم أنه في عجلة من أمره، فأخبرني بأن أتبعه لمكتبه ففعلت.... عندما دخل لمكتبه طلب مني الجلوس، لكن لم أستطع فقد كنت مرتبكة جداً وأرتجف وحلقي جاف، اعتذرت إليه عما بدر مني ذلك اليوم وأنا ما أزال واقفة أمامه، وكان أثناء حديثي ينظر إليّ، فقد كانت علامات الارتباك واضحة عليّ حتى للأعمى، وعندما انتهيت ابتسم وقال أنه غضب يومها لكنه الآن ليس غاضباً مني فشكرته وغادرت بسرعة. لا أعرف ما الذي جعله يميز اسمي ويعرفني رغم أنني ألبس الخمار وبعض الطالبات يلبسن الخمار أيضاً، ربما لدرجاتي العالية بالامتحانات وربما هذا الموقف الكريه هو السبب...
بعد هذا الموقف قررت أن أذهب للعلاج النفسي فقد أكد لي هذا الموقف أنني أعاني خللاً نفسياً، فأخبرت أبي برغبتي تلك واقتنع خصوصاً أنه يعرف مدى خجلي الزائد. ذهبت وسألني الطبيب عن التاريخ الأسري والطبي، وإن كنت تعرضت لمواقف جنسية بالماضي فأجبته بالإيجاب لكن لم أخبره عما فعله أبي (فقد كنت أخاف أن يقوم بإبلاغ الشرطة ويتم القبض على أبي وينتشر الخبر وتصبح مصيبة)، ولم أخبره عن العادة السرية وعن بقية الأشياء التي حصلت، فقط أخبرته بموقف أخي الذي أخبرت الطبيب أنه أحد معارف العائلة حتى أبعد الخطر عنه. شخّص الطبيب حالتي على أنها رهاب اجتماعي، وصرف لي بروزاك 20 ملجم (كبسولة واحدة باليوم) وأنافرانيل 25 ملجم حبة واحدة قبل النوم، واستمر علاجي معه وصرف لي دواءً ثالثاً وهو البروبرانولول حيث أتناول منه حبة عند الحاجة، وتحسنت نفسيتي كثيراً تلك الفترة وأصبحت أختلط بالطالبات بالقسم، لكنني أصبحت أتحدث أثناء النوم، ودوماً يكون حديثي عبارة عن سب وشتم أو صرخة رعب أو كلام ناتج عن قهر شديد بالحلم، وعندما أخبرت طبيبي لم يهتم كثيراً كعادته فهو دوماً يسألني إن كنت تحسنت أو لا، ثم يكتب لي وصفة الدواء (باستثناء الزيارة الأولى التي أخذ فيها التاريخ الطبي).
وفي أثناء الزيارات للطبيب سألني مرة إن كنت أرغب بزيارة الأخصائية النفسية حيث أنها ستتحدث معي وتتولى العلاج السلوكي فوافقت، وتم تحديد الموعد مع بداية العام الدراسي، فبقيت بالعطلة الصيفية أشغل وقتي بالمركز الصيفي وأنشطته، لكنني لم أكمل معهم حيث مرضت تلك الفترة، وبعدها شغلت وقتي بعمل عرض بالكمبيوتر لإحدى قصص الأطفال التوعوية التي قمت بتصميمها.
كنت أشعر بالشوق الشديد لأستاذي، وكانت إحدى زميلاتي قد سافرت للبلد الذي ينتمي إليه أستاذي، كنا نتواصل بالهاتف أنا وزميلتي، فعرفت أنني أحب أستاذي وأخبرتني أنه عندما عرف بزيارتها لبلده دعاها لأحد المطاعم فذهبت هي وابنة عمتها بعد أن استأذنت والدتها.. لكن ذلك لم يطفئ نار شوقي لأستاذي؛ أريد أن أسمع صوته وأن أتحدث إليه حتى وإن كان ذلك يحرجني ويربكني، وعندما ضاقت بي نفسي أخبرت أبي بأنني أحب أستاذي هذا، صمت قليلاً وقال أن الحب ليس محرماً أو عيباً وهو شيء طبيعي بين الذكر والأنثى، لكن الشرع وضع لنا خطوطاً حمراء لا نتجاوزها، وأخبرني كيف أميّز الشاب اللعوب من الشاب الجاد، وكيف لا أسمح لأي شخص باستغلالي أو إهانة ذاتي وأن حبي لأستاذي ليس حباً حقيقياً وإنما هو انبهار طالبة بأستاذها، خصوصاً أنه لم تبدر منه أي حركة تدل على أنه يحبني، وعندما انتهى من الحديث سألني إن كنت أرغب بالحديث مع أستاذي، فأجبته بنعم، فسألته: ألا يغضب عندما أخبره بأنني أحب أستاذي؟ فقال بأنه يثق بي وبأخلاقي، وأن تحدثي مع أستاذي سيسعد هذا الأخير لاهتمام إحدى طالباته بالسؤال عنه.
سعدت جداً وأخذت رقمه من زميلتي بعد أن أذن لها بإعطائي رقمه، وعندما حادثته كنت جداً خجلة لكن سعيدة بنفس الوقت، وصدق أبي، فقد كان أستاذي سعيداً بمحادثتي له رغم قصرها، وعندما أخبرته بأمر القصة التي صممتها أعطاني إيميله لكي أرسلها له ليراها، فأرسلتها له وفرحت عندما حازت إعجابه، وبعدها بيوم أو يومين وجدت إضافة منه عبر الماسنجر.. لم أكن أعرف ما هو برنامج الماسنجر، فأخبرتني أختي الكبرى عن ماهيته فقبلت إضافته لي وتحدثت معه مرتين، وكان حديثنا مختصر وعملي لكنه أيضاً أسعدني كثيراً.
ظللت أعد الأيام عداً حتى يبدأ العام الدراسي وأراه من جديد، وجاء العام الدراسي وذهبت لكليتي فكانت محاضرته لنا باليوم الرابع، وقبلها بيوم ذهبت لزيارة الأخصائية النفسية للمرة الأولى، وكانت تسألني عن أشياء بالتفصيل، أشياء كثيرة كنت قد أسدلت ستار الماضي عليها، وعادت الأخصائية ونفضت الغبار عنها، لكنها ضرورية لوضع الخطة العلاجية رغم أنها تؤلمني كثيراً، ثم أعطتني واجباً أنجزه وهو أن أكتب الموقف وما يولده في خاطري من انفعال وأول فكرة خطرت لي بعد التعرض إليه، نفذت ما طلبته مني بالتفصيل، وفي نفس اليوم اتصلت بي زميلتي(ر) التي كانت ببلد أستاذي وأخبرتني أثناء حديثها أن الأستاذ متزوج ولديه ابنة وأنها عرفت ذلك من إحدى الأستاذات في الكلية.
ابتسمت حينها ببلاهة وكأنما أحدهم يزف لي بشرى ولادة طفل بالعائلة رغم أن قلبي تحطم جداً جداً حينها، وعندما أنهيت المكالمة ذهبت لحجرتي وبكيت بكاء لم أذق مرارته من قبل، لا أعرف لماذا عندما أتعرض لموقف يصدمني بشدة تختلط مشاعري وردات فعلي فيه، مثلما حصل عندما أخبرتني (ر) عن زواج أستاذي، وعندما تعرض أحد إخوتي لحادث سير وكنت خائفة أرتجف وأنا أراه غارقاً بالدماء وبنفس الوقت مبتسمة... كثيراً ما يحدث ذلك لي مما يعرضني للحرج أمام الآخرين.
استمر بكائي كلما اختليت بنفسي لأسابيع، وعندما جاء لإلقاء أول محاضرة جلب لنا هدايا من بلده، لكنني لم أستطع النظر إليه، فهو متزوج وأب أيضاً لذلك يجب أن أمحيه من قلبي وعقلي، لكن حتى عندما أكون بالكلية كانت دموعي تقاتلني، فكنت أذهب لدورة المياه حتى لا يراني أحد وأظل أبكي، وليت البكاء يخفف عذابي... فلجأت لعالم الانترنت وغرقت به حتى أهرب من الواقع المر... في إحدى المرات اكتشفت أن أخي (16 عاماً) يرتاد مواقع إباحية، صدمت منه وشعرت بالاشمئزاز، خصوصاً بعدما رأيت الصور التي كانت في المحفوظات وكان من بينها صورة لرجل عارٍ تماماً وكان عضوه منتصب وضخم جداً (عذراً على الوقاحة)، لم أستطع أن أصمت فلا بد أن يتدخل أبي، لذلك أخبرته ورأى ما كان يتصفحه أخي فتحدث معه بالعقل وأفهمه أن هذا محرّم وأن المراهق تكون طاقته الجنسية نشطة ووو...إلخ؛
كما أنني تحدثت مع أخي وشرحت له تكوين جسد الرجل والمرأة والفطرة التي خلقها الله بينهما، وعرضت عليه صوراً تشريحية وميكروسكوبية من أحد كتبي الطبية، فكان يسألني بخجل وأجيب رغم أسئلته المحرجة. أما أبي فتحدث معي وأنني لابد أن صدمت حينما رأيت صورة الرجل العاري فأجبته بنعم، فصار يقول لي لأن عضو الرجل في تلك الصورة ليس طبيعياً وتكلم كثيراً حتى انتهى به الأمر لما يشبه الجماع.. حقاً كرهت نفسي، لماذا يفعل أبي بي ذلك وهو يحبني؟ هل خاف عندما أخبرته أنني أحب أستاذي وبعدما رأيت الصور أن أنحرف مع من أحب؟ أو فكر أن تفريغي للطاقة الجنسية معه (أي أبي) أكثر أمناً بالنسبة له من لجوئي لشخص غريب؟.
صارحته بلمحات عن أفكاري عندما لاحظ تحفظي أمام ملامساته وحركاته فصار يسألني إن كان قربه مني يضايقني وأجيبه بالنفي حتى لا أجرح مشاعره، وكان دوماً يكرر السؤال حتى أخبرته أن الملامسة في منطقة العورة هي ما يضايقني، أما العناق والقبلات فعادي، ووعدني ألن يكررها وأنه لن يتجاوز العناق العادي، لكن ما هي إلا أيام قليلة ويعود الوضع مثلما كان عليه. أصبح يطالبني بأن أخبره ولا أخجل عندما يضايقني لكنني كنت أخجل ومرات قليله تعد على الأصابع هي التي أخبرته فيها أنني أتضايق من استلقائه فوقي أو وضعي فوقه أو لمس ما بين فخداي... لكن ذلك لم يغيّر شيئاً.
ويبدو أن ذلك العام كان عام ألم ونكد؛ فبعد معرفتي بأمر أستاذي المتزوج حولتني الأخصائية بعد أول زيارة لأحدى الأخصائيات لديها التي هي طالبة في نفس عمري وربما تصغرني بعام، لم أكن أثق بها لأنها صغيرة السن وليس لديها خبرة في الحياة لكنني استمريت معها حتى لا أجرح مشاعرها برفضي لها، وفي نفس الفترة أيضاً تغيّرت معاملة أبي لي ولم يعد يكتفي بالاستلقاء فوقي على الفراش أو وضعي فوقه أو حتى تقبيل صدري، بل زاد الأمر سوءاً وأصبح يلامس جسدي وعورتي من تحت الثياب، وخجلي منعني من الكلام. كنت في صراع مع ذاتي، أكاد أجزم أن ما يحدث محرم وهو أقرب للزنا لكن دون إيلاج، وكنت أشعر بجسد أبي ينتفض وينتصب وأحياناً اشعر ببلل فوق ملابسي منه فأعرف أنه وصل لمرحلة القذف.
أحاول الابتعاد عنه فيخبرني أن ابتعادي عنه يؤلمه ويجعل نفسيته سيئة، وخوفي من أن تسوء حالته الصحية أصبحت أوافقه بصمتي كلما دعاني لفراشه. اكتأبت بشدة وتراجعت حالتي النفسية للحضيض مما أثر على مستواي الدراسي الذي تحول من التفوق للعادي بل أقل من عادي، زميلاتي لاحظن تغيري لكنهن لم يسألنني، كما لاحظ أستاذي كثرة تغيبي عن الكلية (بسبب المواعيد مع الأخصائية النفسية) وتراجع مستواي الدراسي، فكان يسأل زميلتي (ر) عن السبب فتخبره بأنها لا تعرف حتى أنها هي نفسها متعجبة من وضعي!
وذات مرة ذهبت لسؤاله بأمر بالمنهج (وإن كانت الحقيقة هي لأشبع عيني برؤيته)، فسألني عن سبب التغير الذي حل بي، لكن بماذا عساي أن أخبره؟ هل أخبره أن معرفتي بأمر أنه متزوج حطم قلبي؟ هل أخبره أن أبي يعاملني كزوجة له؟ هل أخبره أن أبي يخون أمي مع ابنتها التي هي أنا للأسف؟ لا وألف لا، لن أشوه صورة أبي أمام أي كان، فمهما فعل بي يظل أبي وأنا أحبه ولن أجرح مشاعره. أما أمر كثرة تغيبي عن الكلية فقد أخبرته بأنني أذهب للعلاج النفسي بسبب الرهاب الاجتماعي، ثم أن لدي ظروفاً خاصة هي السبب في تغير حالي. لاحظ أنني متكتمة ولن أخبره أكثر من ذلك، فقال اعتبريني أخاً أو صديقاً وتعالي تحدثي معي متى شئت، شكرته وغادرت.
مرت الأيام وحالتي السيئة كما هي وتراجعي الدراسي كما هو، والطالبة التي كانت تعالجني انتهت فترة تدريبها وغادرت، فتولت أمر علاجي أخصائية في منتصف الثلاثينات دربتني على تمارين الاسترخاء واستطاعت أن تجرني بالكلام حتى عرفت بأمر ممارستي للاسترجاز وأخبرتني أن قلقي على عذريتي له دور كبير في وصولي للرهاب الاجتماعي، أخبرتها بأن أمر عذريتي لا يهمني ولن يهمني إن كنت عذراء أم لا...
نعم! وماذا يفيد ذلك بعد أن تلوث الجسد بأكثر من يد قذرة، و بعد أن أصبحت كالحلوى المكشوفة لكل جائع حتى لنفسي الدنيئة، فالعذرية ليست محصورة في غشاء أو قطرات دم بل في طهارة الجسد من العلاقات المحرمة، على الأقل هذه نظرتي لعذرية الفتاة.
أصرت الأخصائية على ذهابي لطبيبة النساء وإجراء الكشف، فأخبرت أمي وأبي بطلب الأخصائية وذهبنا، طبعاً هما يظنان أن قلقي لما حدث من أخي بالماضي لكنهما لا يعلمان بأمر ممارستي للعادة السرية وإن كانت على فترات متقطعة. أجرت الطبيبة الفحص وأخبرت أمي أنني عذراء، لكني لم أقتنع بها فعندما كانت تفحصني أدخلت شيئاً بالمهبل ربما إصبعها المغطى بالجل أو الكريم وعندما تألمت قليلاً أخرجته وغادرت حجرة الفحص. عدت للأخصائية لأخبرها بنتيجة الكشف لكنهم أخبروني أنها ذهبت في إجازة أمومة، وبهذا انتقطع علاجي مع الأخصائية.
قبل 10 أشهر تقريباً طلبت إحدى زميلاتي (ح) في الكلية صورة أستاذي التي أحتفظ بها في الكمبيوتر بعد أن حفظتها من موقع الجامعة على الانترنت، شعرت أنها تميل له فحذرتها بأنه متزوج ولديه طفلة فلن يجلب لها حبها له إلا المتاعب، لكنها أخبرتني بأنها تحبه وواقعة بغرامه.. وللعلم هو ليس أول شخص تحبه زميلتي؛ فقد كانت تحب شاباً تعرفت عليه عبر الانترنت بل وخرجت معه من وراء أهلها، ثم أحبت ابن عمها أو عمتها وقابلته أيضاً دون علمٍ من أهلها بعد أن كانا على وشك الخطبة، لكنها تركته على حد قولها بعدما طلبت منه عدم التقابل من وراء ظهر أهلهم وأن يتقابلا في إطار شرعي فرفض هو مما جعلها تتركه.
زميلتي هذه تعاني من فراغ عاطفي ومن بُعد أهلها عنها؛ حيث لا أخوات لديها، ووالدها مسافر طيلة الوقت وعند زوجته الأولى، وأمها لاهية بالمنزل وإخوتها الذكور الصغار، مما جعل زميلتي متعطشة للحصول على حب واهتمام غيرها، بل أدى ذلك لخلع خمارها ووضع المساحيق فقط من أجل جذب أنظار الغير والحصول على حبهم واهتمامهم. كنت أنصحها بأمر حجابها وأطالبها بالابتعاد عن هذا الشاب أو بمصارحته (ما دامت تحبه ويحبها كما تظن) بأمر طلب يدها إن كان جاداً في حبه لها، حتى يكون حبهما في إطار شرعي، لكن حدث العكس كما هو حاصل في العديد من غراميات شباب هذه الأيام، ألا وهو الهروب من الفتاة بعدما يشبع منها، وهي لم تصارحه بموضوع طلب يدها (كان هذا عن الشاب الأول الذي أخبرتني بأمر علاقتها به).
وحدث بعد ذلك أن صارت زميلتي من ضمن الطالبات اللاتي يشرف أستاذي على بحوثهن، فكانت تقضي معه وقتاً طويلاً، وعندما يراها مريضة يسألها عن سبب ذلك فأخبرته بأمر ابن عمها الذي أتعب نفسيتها كثيراً وأيدها هو على قرارها لأن ابن العم هذا شاب لعوب، لكن للأسف فزميلتي أعرفها جيداً وإن كانت لا تقصد فعل السوء لكنها تفعله من أجل الحصول على من يهتم بها، ظلت تحوم و تكثر من ذهابها للأستاذ الذي هو أصلاً يسكن في بلدنا بعيداً عن زوجته وابنته، فحدث ما هو متوقع من فتاة تبحث عن الحب وحنان الأب المفقود ومن رجل وحيد يسكن بالغربة بعيداً عن زوجته.. فبعد أشهر صارح أستاذي زميلتي (ح) بأمر حبه لها، وأخبرته هي أيضاً فقال لها هل تقبلين الزواج من رجل في السادسة والأربعين وهو بضعف عمرك؟ فأخبرته بأنها موافقة، فسألها إن كانت عائلتها تقبل زواج بناتها من شخص من غير جنسيتهم؟ فقالت له أنها لا تدري! لم يفاتحها بموضوع الزواج مرة أخرى وكانا يكتفيان بالحب من بعيد لبعيد مثلما يقال... فكان يخبرها بأمنيته بلقائها في زمن غير هذا الزمن الذي يستحيل فيه أمر زواجه منها كما يرى، وأن أمله الوحيد هو أن يجمعه الله تعالى معها في الآخرة! لا أعرف ما هي الموانع التي تقف أمام زواجه من (ح)! حتى (ح) نفسها لا تعلم سبب تردده في طلب يدها، ربما لأنه متزوج وأب أيضاً فيخاف أن يظلم زوجته بذلك... الله أعلم.
كانت (ح) تخبرني بكل ما يستجد بينهما وكنت أسعد بذلك، والغريب بالأمر أنني لم أشعر بالغيرة مثلما يحصل لكل فتاة، بل كنت أشعر بالحزن والاكتئاب والسعادة، لا أعرف ما سبب هذا التناقض! ربما لأني فتاة مريضة أو غريبة الأطوار أو غبية حمقاء. المهم أنني كنت أسعد بأخبارهما عندما تحكيها (ح) لي، لكن ضميري يؤنبني بأنني أخونها بإخفاء أمر حبي للأستاذ، لذلك قلت لها الحقيقة واعتذرت هي مني لأنها كانت تخبرني بما يحدث ولا بد أن ذلك يجرح شعوري كما تظن.. صحيح أن ذلك يحزنني لكنها هي من اختارها الأستاذ في النهاية... أخبرتها بذلك واستمرت هي تخبرني بما يحدث بينهما وأنا أتابع الأمر، سعيدة حزينة وكأنني أقرأ رواية.
مرة دعاني أبي للفراش وحدث أن قام بإدخال يده في جسدي (لم يدخلها بالكامل لكنني شعرت بطرفها يدخل) فهو يفعل هذا منذ أول أيام عيد فطر العام الماضي (يا لها من عيديه أهداها لي أبي الحبيب!)... كانت نفسيتي في الحضيض تلك الأيام، وما فعله أبي زاد الطين بلة، فذهبت لحجرتي وأطفأت النور وانزويت في الزاوية وانخرطت في بكاء مر، ولا أعرف لماذا أحب البكاء في الأماكن المعزولة وخصوصاً الزوايا ودورات المياه في الظلمة! بعدما بكيت شعرت بغضب شديد من نفسي فأنا من يجر أبي لطريق الحرام، كيف أخجل من مصارحته ولا أخجل من الله الذي ينظر إليّ في كل لحظة؟؟ فقمت بالانتقام من ذاتي كعادة الجبناء وتناولت جرعة كبيرة (لكن ليست مميتة) من الأنافرانيل، ولازمت الفراش بعدها ثلاثة أيام من الدوخة والتعب الشديد الذي اجتاح جسدي، وأقنعت أهلي أنه مجرد برد أو ربما فقر دم، وعندما عدت للكلية كانت (ر) تحدثني حتى استطاعت أن تجرني بالكلام وحاصرتني بالأسئلة حتى عرفت أمر تناولي للدواء وما يقوم به أبي...
صمتت ليلاً ثم قالت أنها لم ترَ أباً في حياتها يحب ابنته مثلما يفعل أبي، وكان هذا الشيء يثير الغبطة فيها لكن الحقيقة الآن تجلت أمامها. صديقتي (ر) أثق بها لكنها من المجتمع الراقي المتحرر الذي يختلف كثيراً عن مجتمعي العادي المحافظ، لذلك أحاول الابتعاد عنها رغم طيبتها وصدقها... فقامت (ر) بتلقيني نصائح حول ما يجب عليّ فعله، لكنها تضغط عليّ كثيراً فأنا لم أعد تلك الإنسانة النشيطة التي تنفذ كل ما يطلب منها، أصبحت مجرد حطام لا يقدر على شيء، حتى على تغيير ما يفعله أبي، أريده هو أن يتوقف من تلقاء نفسه، فأنا لم ولن أطلب منه الجنس لكن هو من يطلب ويقوم بذلك، فلو توقف هو فسينتهي الأمر، أما هروبي منه فلن يفيد طالما نسكن في بيت واحد وهو أبي المتقاعد الذي يجدني دوماً أمامه كلما رغب بي... نفذت إحدى نصائحها وهي إقفال باب الحجرة بالمفتاح (رغم أن أمي لا تحب أن يغلق أحدنا باب غرفته بالمفتاح إلا أثناء تبديل الملابس)، وما أن أقفلته حتى انهالت أختي الصغرى طرقاً على الباب: مرة تريد أن تدخل لأخذ غرض، ومرة تريد أن تخرج من الحجرة، وأخذ أخي الصغير يصرخ بالمنزل قائلاً أنني حبست نفسي في حجرتي... وطبعاً كانت النتيجة فشل هذه الخطة.
تكررت دعوات أبي، حتى أصبح هو يأتي لفراشي حينما يوقظني لصلاة الفجر، أحياناً أتظاهر بالنوم وأحياناً أستيقظ وأنهض هرباً منه بزعم الصلاة، وأحياناً أضعف وأتركه يفعل ما يشاء بجسدي الشبيه بالجثمان الساكن... ولن أظلم أبي أو ألومه فأنا الملامة أولاً وأخيراً؛ فقد كان أبي دوماً يسألني إن كان ضايقني أم لا، أحياناً أخبره أن وضع رجله بين فخداي يضايقني، فيتوقف عنها أياماً وبالأكثر أسبوعاً ثم يعود لما كان عليه، وكان يسألني إن كانت قبلاته وضمه لي يضايقني فكنت أخبره بلا فهو أبي ولا أجد حرجاً في ضمه أو تقبيله لي، وسألني أكثر من مرة إن كان استلقاءه معي في نفس الفراش يضايقني فكنت أخبره بلا، فقط الذي يضايقني هو ما يتعلق بالجنس... نعم أنا الملامة، فقد كنت أرتدي أحياناً ملابس خفيفة وبعضها قصيرة ومن دون أكمام أثناء نومي.
لكن وضع أبي لإصبعه في مكان عورتي فهو شيء آخر، وإنزال سرواله ومجامعتي فوق سروالي هو أيضاً شيء آخر، وملامسته للبظر وعورتي الخلفية أيضاً شيء آخر مقزز ومؤلم، حتى أصبح تقبيله لصدري وكشفه له اعتبره شيئاً عادياً أمام ما يحصل في الفترة الأخيرة، وهذا الشيء الذي لم أستطع مصارحته به.. لا أعرف لماذا؟ ربما خوفاً من أن أجرح مشاعره، أو أنني أخجل من مصارحته بالحقيقة، وربما كان صمتي انتقاماً من الذات، وربما أنا أرغب وأستمتع بذلك رغم رفضي وألمي الجسدي لما يحصل؟!.
ساءت نفسيتي جداً جداً، وكانت (ح) هي القريبة مني في تلك الفترة، كنت أحتاج إلى من أفضفض له، فصديقة طفولتي (س) أصبحت معلمة وعليها مسؤوليات كثيرة... و(ر) تختلف عني في كل شيء، في الشخصية وفي الأفكار وطريقة التربية والثقة بالنفس ووو...إلخ، كما أنها مشغولة دوماً ونصائحها فوق طاقتي، لذلك لم ألجأ إليها لتفريغ الهم الذي أحمله بقلبي... فلجأت إلى (ح) وأخبرتها وأنا أتوقع منها المساعدة والوقوف بجانبي، ولا أنكر لقد وقفت بجانبي لكنها أخذت تشتم وتسب أبي عندما تتكلم عنه مما أثار غضبي وجعلني أتجنب الحديث معها في هذا الموضوع. صبرت وصبرت، لمن ألجأ؟ أحتاج لشخص كبير يفهمني يحل هذا الموضوع ولا يحملني فوق طاقتي، فكرت ملياً وملياً حتى هداني تفكيري إلى مصارحته طبيبي النفسي المشغول دوماً، قمت بصلاة الاستخارة، وعندما سألني سؤاله المعتاد حول إن كنت تحسنت أم لا أخبرته أن الوضع أصبح أسوأ، سألني عن السبب، فسألته إن كان سوف يضر أحداً إن أخبرته فقال لي أن الأمر سري ولن يخبر أحداً حتى الشرطة نفسها، فمعظم المرضى يكونون مدمنين أو يتعرضون لتحرش ولا يخبر أحداً بذلك...
لا اعرف لماذا اغروقت عيناي بالدموع حينها وأخبرته بكلمات متقطعة وباختصار أن أبي يفعل معي شبه جماع، هز رأسه وأخذ يكتب في الملف أمامه ثم قال "سوف أقوم بتحويلك للأخصائية الاجتماعية وسوف يتصلون بك لحل هذا الأمر". خرجت من عنده وأنا خجله من نفسي، كيف سمحت لدموعي بالانهمار أمامه، لا أحب أن يرى أحد دموعي مهما كان الأمر صعباً. انتظرت اتصالهم أياماً وأسابيع وربما شهراً أو اثنين، لكن يبدو أنني أصبحت طيّ النسيان، فماذا سيحدث إن وجدت يوماً بين أحشائي طفلاً بريئاً من أبي؟ (فقد قرأت في الكتاب الذي تملكه أمي، أن هناك احتمال أن يقع الحمل أثناء الجماع فوق الملابس الداخلية إن قام الرجل بالإنزال، وقد أخبرت أبي بخوفي من أن يقع الحمل أثناء لمسه لي لكنه نفى ذلك وقال أن حدوث الحمل لا بد من إيلاج حتى يحدث... لكن لم أقتنع فطبيب النساء الذي ألف الكتاب أعلم بهذه الأمور). لا بد أنني سأهرب من أهلي حينها لمكان لا يعلمه إلا الله، فلن ألجأ لإجهاض طفلي مهما كلفني الأم،, ولن ألصق العار بعائلتي حتى وإن كان ذلك على حسابي، لا أنكر أني عشت أياماً برعب من أن أكون حاملاً عندما تتأخر الدورة الشهرية... لكن الحمد لله أن الله حماني رغم الكبيرة التي اقترفتها بحقه.
انتظرت اتصال المستشفى كثيراً لكن ما يحدث من أبي الحبيب يؤلمني جداً فقد أصبح يضاجعني مرة ومرتان وأحياناً أكثر في اليوم الواحد، إلى متى سأظل أنتظر؟ أحتاج لشخص كبير يفهمني، لا أستطيع الانتظار أكثر من ذلك، خصوصاً عندما أخبرتني أختي الصغرى أن أبي يضع عضوه بين رجليها عندما يكون معها في الفراش.. كان ذلك صفعة مؤلمة لي، أختي التي حاولت حمايتها وعدم تعريضها لما تعرضت له يحدث لها هذا؟! سألتها كم مرة حدث ذلك فأخبرتني أنها مرة واحدة، حاولت إفهامها أن هذا الأمر ليس مقصوداً من أبي، فهو فقط يدللها لكن طبيعة تكوين جسد الرجل هي من تجعلها تشعر بجسده عندما يضمها، وصدقتني المسكينة.
فكرت كثيراً كيف أقوم بحل هذا الموضوع، هل أخبر أمي؟ لا، بل مستحيل أن أخبرها، فسوف تجلط إن عرفت، أو أقل شيء ستطلب الطلاق من أبي ومن ثم يتشتت إخوتي بسببي، ولن أستطيع إخبار أياً من إخوتي فلن أشوه صورة أبي أمامهم، وكذلك أخوالي وعمي وعماتي فعلاقتي بهم لا تتجاوز السلام عليكم وكيف الحال... إلى من ألجأ؟ أدعو الله دوماً أن يتوقف هذا الشيء وأحاول أن أقاوم ملامسات أبي قدر ما أستطيع، دعوت الله كثيراً أن يكرهني أبي وينفر مني، لكن لم يتغير شيء.
اقترب موعد تقديم بحث التخرج، وقد قمت بتوزيع الاستبيان على عينات مختلفة من الآباء والأمهات وأعطيت نسختين لأستاذي وزوجته، فأخبرني أن زوجته في بلده لذلك لن تقدر على تعبئة الاستبيان الخاص بها، وبعدما قرأت الاستبيان الخاص به وجدت أنه متزوج فعلاً ولم أستغرب ذلك فأنا أعرف هذا الأمر، لكن الذي أثار دهشتي أنه أب لطفلين ذكرين وليس لطفلة أنثى وحيدة! هل (ر) مخطئة عندما أخبرتني أم أنها كذبت عليّ؟ وإن كانت تكذب عليّ فلماذا تفعل ذلك؟ تجاهلت الموضوع وقمت بالاستعداد لتقديم البحث، كنت أشعر بالرعب وأنا أتخيّل وقوفي أمام الطالبات وأعضاء هيئة التدريس، وتدربت كثيراً على قراءة الأجزاء التي سوف ألقيها، فلا أحب أن أتلعثم أمامهم وأصبح موضع سخرية.
وعندما حان الموعد، تناولت دوائي المعتاد (بروزاك) بالإضافة إلى (البروبرانولول) الذي صرفه لي الطبيب وأخبرني باستعماله عند الحاجة، قمت بالتقديم وأنا متخفية تقريبا خلف ظهر زميلتي الطويلة التي شاركتني في البحث، ارتبكت وكنت أقرأ بسرعة انتقدني عليها أغلبهم، لكن الحمد لله فقد انتهت هذه اللحظة المرعبة وكانت علامتي A+. بعدها حانت الاختبارات النهائية، لم أدرس جيداً، بل الأصح أنني اكتفيت بقراءة المنهج قبل يوم الامتحان، فلم تعد لي رغبة أو طموح، وكانت أيام الامتحانات منفصلة بعدة أيام، وهذا يعني أنني سأبقى بالمنزل وسيذهب إخوتي لمدارسهم وأعمالهم وستذهب أمي لعملها حتماً ولن يبقى إلا أبي معي بالمنزل وسيأتيني متى رغب وسيفعل بي ما يرغب، وحدث ما توقعت، وكانت إحدى المواد يسبقها 3 أيام، كانت علامتي في الجزء العملي والنظري تؤهلني للحصول على A+ أو A بكل سهولة، خصوصاً أن المادة سهلة، لكنني لم أدرس فالضغط النفسي الذي كنت أعيشه كان خانقاً...
أحتاج لمن أفضفض له، لجأت لصديقة طفولتي (س) وأخبرتها مشكلتي، لكن المسكينة ليس بيدها شيء تفعله سوى مشاركتي الألم والحزن والصمت. وقبل الامتحان بيومين ضاجعني أبي مرتين لا يفصل بينهما سوى ساعات قليلة، كرهت نفسي، شعرت بالقرف وبالألم الجسدي والنفسي، شعرت أنني منافقة لكل من حولي، حتى ربي أنافقه؛ أصلي وأصوم وأدعوه وبعدها أزني مع أبي! صمتي يعني الرضا بهذا الوضع أكثر من خوفي من تبعات ما سيحصل لعائلتي ولي، لا بد أن أفعل شيئاً يوقف أبي، سوف أتصل على العيادة وسأسأل عن الأخصائية وأحدد معها موعداً وعندما اتصلت أخبروني أنها في إجازة ولن تعود إلا في الأسبوع القادم... تحطمت حينها، كم مرة سيأتيني أبي حتى يحين الأسبوع القادم؟ بكيت قهراً، تمنيت الموت أو الاختفاء من الوجود، أو على الأقل الإصابة بحادثة شنيعة أفقد معها الجزء السفلي من جسدي، ثم خطرت لي فكرة، هل ألجأ إلى أستاذي؟ هل يقدر على مساعدتي؟ فهو قد أخبرني أن أعتبره أخي الأكبر وأن أتحدث معه متى شئت، لكن هل سأندم إن أخبرته؟ هو يساعد (ر) في مشاكلها العائلية كما أخبرتني سابقاً، وكذلك ساعد (ح) قبل أن يقع في غرامها، وقد قام بالصلح بين (ر) وإحدى الطالبات في الدفعة بعدما لاحظ أنهما ليستا على وفاق.. لكن موضوعي مختلف عنهن، فهل سيقدر على مساعدتي؟
قمت بصلاة الاستخارة، ومجرد تفكيري أنني سألجأ إلى أستاذي أو بالأصح إلى من أحب تجعلني أرجف وتجعل نبضات قلبي تتزايد وحلقي يجف ارتباكاً، توكلت على الله وأرسلت له رسالة عبر الموبايل إن كان يملك وقتاً لأنني أرغب بالتحدث معه في أمر ضروري، أرسل لي رسالة يخبرني فيها أنه يملك وقتاً ليستمع لي، فأرسلت له رسالة أخرى (فأنا لن أقدر على التحدث معه مباشرة) إن كان يستطيع الدخول عبر الماسنجر فأخبرني بأنه للأسف لا يستطيع وطلب مني أن أخبره عبر الرسائل، لكن ذلك صعب فلم أعتد الكلام عبر الرسائل، كما أنني أجد صعوبة في الكتابة عبر الموبايل، فأخبرني بأن أتحدث إليه مباشرة... تمالكت نفسي واتصلت به، كنت خائفة جداً ومرتبكة، ثم أخبرته بأن هناك موضوعاً يخصني وأبي أود أن أخبره به، شجعني على الكلام فأخبرته أن أبي تغيرت معاملته لي بعدما كبرت، فقال أنه لا بد أن تتغير معاملته لي فأنا لم أعد تلك الطفلة الصغيرة وإنما أصبحت فتاة كبيرة على وشك التخرج.. لم يفهمني، قلت له ليس هذا ما أقصد، قال: "ما الذي تقصدينه إذن؟" ارتبكت وترددت، كيف أفاتحه بالموضوع؟ قلت له بما أنه أب فهل سيؤذي أطفاله دون أن يقصد ذلك؟ قال: "نعم، قد يحصل هذا، وذلك عندما يقدم الأهل الحلوى مثلاً لأبنائهم لإسعادهم رغم أنها مضرة وتسبب تسوساً بالأسنان!"...
يا الهي، إنه يكلمني ببراءة بعيدة كل البعد عن الصفعة التي أود قولها، قلت له وأنا أحاول الاقتراب من الموضوع أن أبي لا يعاملني معاملة أب وابنته، قال: "إذن كيف يعاملك؟" قلت له: "مثلما يعامل شخص زوجته" صمت أستاذي لحظة، أعرف أن ما قلته قد فاجأه، فلا بد أنه يظن أنني الفتاة الملتزمة الصامتة المنقبة التي لا تقبل الخطأ، لكنه لا يعلم أن تحت هذا الحجاب توجد فتاة رخيصة مستباحة مكتوب على جبينها عاهرة، وربما تكون العاهرة أفضل منها فهي تتلقى مقابلاً مادياً أما أنا فلا ألقى سوى الشعور بالاشمئزاز ولوم الذات والانتقام منها... سألني: "متى حصل ذلك؟" فأخبرته أنه منذ أن كنت بالصف الخامس أو السادس ابتدائي، لكن ذلك زاد وأصبح أكثر جرأة عما كان بالماضي، سألني: "هل يضمك ويقبلك أم هو شيء أكثر من ذلك؟" قلت له: "أكثر" صمت قليلاً ثم قال: "ألا تخافي على نفسك؟" لا أعرف من أي ناحية يقصد خوفي على نفسي، لكن ربما يقصد عذريتي، فقلت له: "إن كنت تقصد أنني ما أزال بنتاً أم لا فذلك لا يفرق معي" قال: "كيف لا يفرق ذلك معك، إن شاء الله تكوني بنت وتتزوجي وتنجبي أطفالاً".
حدثني كثيراً وطرح عليّ عدة حلول معظمها جديدة ولم تخطر على بالي، من ضمنها أن أخبر أمي لكنني رفضت، فقال لا بد أن يتزوج أبي من أخرى، تفاجأت وقلت له أبي ليس شهوانياً، ثم ما ذنب أمي وما ذنب الفتاة التي سيتزوجها، ولو كان أبي يريد الزواج لكان تزوج منذ زمن، قال: "وما حاجته للزواج ما دام يجدك متى رغب بذلك!" ثم طلب مني رؤيتي بعدما أنتهي من أداء امتحاني. حاولت قدر الإمكان تجنب أبي في هذين اليومين وتجنبت البقاء في حجرتي التي شهدت جدرانها الأحداث وربما ستشهد عليّ وجوارحي يوم الحساب، فتحت المادة التي سوف أمتحنها، لم أستطع أن أدرسها وكنت أشعر بالنوم كلما فتحت الكتاب، فأخذت مذكرتي وكتبت كل ما يعتمل بصدري ثم خلدت للنوم، واستيقظت في الرابعة فجراً وكان الامتحان في الثامنة، فقمت بقراءة الأجزاء المهمة بالمادة ودخلت الامتحان الذي كان سهلاً، لكنني لم أوفق في الإجابة على كل الأسئلة، فقمت بالإجابة على القلة التي عرفتها، والتي لم أعرفها قمت بكتابة واختيار أشياء عشوائية، كل ما أحتاجه هو بضع درجات وأنجح، وأن شاء الله سوف أحصل عليها، لكنني لن أحصل على معدل عالٍ في هذه المادة التي أهملتها كثيراً.
ذهبت بعدها لمكتب أستاذي الذي كان ينظر إليّ من رأسي لأخمص قدماي، لا بد أنني مرتبكة لذلك ينظر إليّ وإلى ارتجافة يدي وعبثها المستمر بطرف حقيبتي. تحدث معي بخصوص أبي وسألني إن كان أبي يقوم بالإنزال عندما يكون معي، فخجلت بشدة فمن أتحدث عنه أبي فكذبت عليه وقلت لا، وأخبرته بأنني أخبرت طبيبي النفسي لكنه لم يهتم، طلب مني أن أتشجع وأمنع أبي، قلت له: "أخاف إن منعته أن يلجأ لأختي الصغرى" قال: "أنت بذلك تسلميه نفسك لحماية أختك"، استغربت طريقة تفكيره لكنه ربما يكون محقاً.. لن أطيل عليكم الموقف... لكنني خرجت من عنده والغصة تخنقني، وعندما خرجت وجدت زميلتي (ح) التي كانت تعرف أنني ذهبت لأستاذي وأخبرته، قالت لي "هاه... ماذا حدث؟" قلت لها أنني متضايقة فقط، وخرجت لخارج الكلية بانتظار أبي للعودة للمنزل، لكن أستاذي قام بطلب (ح) بعدما خرجت، وتحدثا قليلاً ثم طبع قبلة على جبينها! أخبرتني بذلك (ح) نفسها، فكرت: هل عندما تحدثنا بخصوصي وأبي قمت بإثارة شهوته من حيث لا أدري؟ فالرجال شهوتهم سريعة التأثر كما فهمت من قراءاتي، كما أنني صدمت من موقف أستاذي؛ فأنا أراه رجلاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وعندما عرفت بأمر حبه لـ(ح) حاولت اقناعها بأن تتزوجه طالما لمح لها برغبته بالزواج منها حتى تكون علاقتهما في إطار شرعي رغم أنه متزوج، لكنني أكره رؤيته في موقف الخائن لزوجته وللأمانة العلمية التي يحملها في عنقه... وطلبت من (ح) بألا تسمح له بأن يلمسها فذلك يغضب ربي (وكأنني أنا التي لا تفعل شيئاً محرماً يغضب الله!).
ثم حان آخر يوم لنا في الكلية، وبقدر ما فرحت ذلك اليوم بقدر ما تألمت؛ فرحت لأنني لن أكون مضطرة لخوض الامتحانات التي أرهبها، وحزنت لأنني لن أرى أستاذي الحبيب ولن أرى زميلاتي في الدفعة المكونة من 15 طالبة، خصوصاً الطالبات اللاتي يسكنّ في سكن خاص وسيعدن لبلادهن. كنت أتوق للذهاب لأستاذي وإشباع نظري منه لآخر مرة، لكن ذلك سيغضب (ح)، لكنني أحبه منذ ثلاثة أعوام وفراقه يؤلمني، ومن حسن حظي أن اقترحت إحدى الزميلات أن نذهب للأستاذ لتوديعه بما أنه أشرف على بحث تخرجها أيضاً، فذهبت و(ح) و(ر) وزميلتين أخريين... دخلن مكتبه وألقين عليه السلام بكل ثقة لكنني خجلت أن أدخل واكتفيت بالوقوف خارجاً، خصوصاً أن اثنتين من زميلاتي وقفن أمام الباب، كما أن (ح) تغار عليه بجنون، وهي تعلم أنني مغرمة به، لذلك لن أحشر نفسي وأدخل لمكتبه، تكفيني رؤيته ولو من بعيد، لكنه للأسف رأني وألقى عليّ السلام وسألني عن أحوالي، كان الجميع مبتسماً ويتحدث إلا أنا فقد كنت صامتة أتمزق من الداخل بين خجلي وفرحتي برؤيته وحزني لفراقه.... بعدها بأيام أخبرتني (ح) أن الأستاذ قام بضمها وتقبيل شفتيها آخر يوم كنا فيه في الكلية، آلمني ذلك، لماذا تفعل ذلك يا أستاذي؟... لا أريد أن أصدم بك أيضاً وتكون مثل بقية الرجال تحركهم شهواتهم فقط.
اقترحت الطالبات مع أستاذاتنا النساء في الكلية أن يقمن بحفل وداع (نسائي) صغير في الأسبوع التالي حتى نودع بعضنا... الجميع فرح، والكل شارك، مجموعة شاركت في تقديم الحفل الصغير، وأخريات في تجهيز البوفيه، وأنا اخترت أن أجهز أغنية مسيرة التخرج وتزيين القاعة بالبالونات وشرائط الحفلات المزركشة. وعندما حان يوم الحفل جلبت معي مذكرتي حتى تكتب لي زميلاتي وأستاذاتي عبارات أتذكرهن بها، كما كنت أفعل وزميلاتي في المدرسة دوماً، أعطيت إحدى زميلاتي وكتبت لي عبارات جعلتني رغماً عن حزني أبتسم، وكتبت لي زميلتي التي شاركتني في بحث التخرج عبارات جميلة لن أنساها ما حييت، وعندما طلبت من (ح) أن تكتب لي، قالت أنها ستكتب لي في وقت لاحق، وكذلك فعلت (ر)، فقد كن مشغولات حينها، قلت لنفسي طالما أنهن مشغولات، فسوف أذهب لأستاذي الحبيب حتى يكتب لي وأعود ليكتبن البقية.
عندما ذهبت لمكتبه وجدته منكباً على أوراق طالبات السنة الثالثة فقد كان يصححها، كما كان ذقنه نابتاً مما يدل على أنه لم يحلقه منذ أيام، لكن منظر ذقنه النابت جعله جذاباً بنظري على الأقل، مما جعلني أرتجف قليلاً بارتباك، فطلبت منه بعبارات سريعة ومقتضبة أن يكتب لي إن كان يرغب بذلك، ابتسم وشكرني، لكنه كان مشغول حينها فقلت له: "لا بأس بعدما تنتهي من الأوراق تستطيع أن تكتب فيها، وسوف أمر عليك بعد قليل" اتفقنا على ذلك وخرجت للحفل... أخذني الحفل بفقراته المضحكة المحزنة، وبالطبع لم تستطع معظم زميلاتي كبح دموعهن، لكنني لن أبكي أمام أحد مهما كلفني الأمر، رغم أن غصة البكاء كانت تخنقني، وعندما انتهى الحفل وحان وقت قطع الكعكة تذكرت أستاذي، لا بد أني تأخرت عليه كثيراً فذهبت إليه ووجدته يهم بالخروج، وعندما رآني أخرج مذكرتي من حقيبته وقال لي: "الحياة ليست سيئة لهذه الدرجة" وأخذ يكلمني كلاماً غريباً.. ترى ما مناسبة كلامه هذا؟ هل يعقل أنه تجرأ وقرأ مذكرتي؟، سألته "هل قرأت مذكرتي؟" قال بسرعة: "لا"، ثم فتح على الصفحة التي كتب بها وقال: "انظري لقد كتبت في الجهة الأخرى من المذكرة"، ثم قال أنه غيّر رقم موباليه وسألني إن كنت أرغب بأخذ رقمه، قلت له:"نعم" فخط لي رقمه على إحدى صفحات مذكرتي فأخذتها وشكرته وخرجت. عندما خرجت جلست على الدرج وقرأت ما كتبه لي، آلمني ما كتبه فقد كتب الآتي:
(بسم الله الرّحمن الرّحيم؛
أهدي هذه الكلمات لي أرق وأذكى طالبة عرفتها في حياتي، متمنياً لها كل التوفيق والسعادة في حياتها، كما أتمنى لها كل التقدم والرقي في حياتها العملية، وأن أسمح لنفسي أن أعطيها بعض (لا أحب أن أكتب نصائح) الكلمات:
1) يجب أن تحبي نفسك وترفقي بحالك.
2) يجب أن تحبي الناس؛ فليس كلهم شراً ولا يمكن أن نعيش بمعزل عن الناس.
3) الحياة مستحيلة بغير قدر من الثقة فيمن حولنا.
4) الحياة جميلة ويجب أن تستمتعي بها، ولا تجعلي الآخرين يحرمونك جمال الحياة.
5) ما أنت فيه أنت الوحيدة القادرة على إيقافه إذا أردت ذلك.
وأخيراً أتمنى لك كل السعادة والخير وراحة البال.
6/2/2008 د............)
ما كتبه جعلني أشك شكاً هو أقرب لليقين من أنه قرأ مذكرتي، وإن حقاً قرأها فلماذا يفعل ذلك؟ فهو ليس من النوع الفضولي الذي ينبش لمعرفة ما يخفيه الآخرون! لا أعرف لماذا آلمتني كلماته فذهبت لدورة المياه وتركت لدموعي حرية الانهمار.
وبعد يومين من ذلك استيقظت على صوت وصول رسالتين عبر الموبايل، كان الوقت يوشك على دخول الفجر؛ وجدت إحدى الرسالتين لإحدى زميلاتي تودعني بكلمات جميلة، أما الرسالة الأخرى فكانت من (ح) قرأتها وكأنني أتلقى صفعة مؤلمة غير متوقعة. (ح) ترى أنني أريد التفرقة بينها وبين الأستاذ، قالتها صراحةً... تألمت جداً، سألتها لماذا قالت ذلك لكنها رفضت أن تخبرني السبب وظلت تسمعني كلمات كالسم من بينها أنني تعمدت إعطاءه مذكرتي لكي أفرق بينهما وأنه كرهها بسببي أنا... بكيت ألماً، الكل يرفضني... أظل في معزل عن الناس وعندما أتقرب منهم أسبب لهم المشاكل فيكرهونني، وجودي في الحياة خطأ، أنا لا أستحق أن أحيا بين الناس...
كرهت نفسي، وشعرت بالعذاب وأنا أكر بهذا الموضوع، وفي غمرة ألمي تناولت جرعة كبيرة من الانافرانيل لعلها تجعلني أخلد لنوم عميق ينسيني كلمات (ح) المؤلمة، فكما تعرفون أن الانافرانيل يحتوي على نسبه من مضاد الهستامين الذي يسبب النعاس.... بعد تناوله مباشرة أرسلت لأستاذي رسالة أسأله فيها لماذا قرأ مذكرتي فأنكر ذلك، ثم ألقيت رأسي على الوسادة وأنا أتمنى النوم وعدم الاستيقاظ أبداً. لكن أمنيتي لم تتحقق؛ فسرعان ما قامت (ح) بالاتصال وصرخت بوجهي تلومني على إرسالي الرسالة للأستاذ، لا أعرف كيف عرفت بالأمر؟! ولا أعرف ما شأنها بهذه الرسالة فهي مجرد سؤال سألته إياه ولم أذكر أمرها أمامه أبداً، كما أنه لا بد أن يكون نائماً حينها ولن يرى رسالتي إلا عندما يستيقظ، بما أنه لم يرد عليها... بعد أن أغلقت (ح) الخط، رجعت لوسادتي التي سئمت دموعي، ثم اتصلت (ح) مرة أخرى وطلبت مني ألا أفعل بنفسي شيئاً، لا أعرف ما الذي خطر ببالها بأنني سوف أؤذي نفسي، فقلت لها أنني قد فعلت وانتهى الأمر، أخذت تقول بقسوة أنني أتعمد ذلك حتى أجعلها تشعر بتأنيب الضمير.
حاولت النوم فلن يهمني أمر (ح) أو غيرها، كل ما أريده هو النوم أو الدخول في غيبوبة عميقة جداً تنتشلني من الواقع، لكنني للأسف ظللت أعاني من جراء تناولي لهذه الجرعة من الدواء. تعبت جداً، فالدوار يكاد يفقدني الوعي ومفاصلي تؤلمني بشدة، كما أنني أشعر بالغثيان رغم معدتي شبه الفارغة، جسدي يتعرق بشدة على الرغم من اللباس الخفيف الذي أرتديه.. أعرف أنها أعراض التسمم الدوائي، فهل أخبر أهلي بأمر تناولي للدواء حتى أذهب للمستشفى؟ لكنهم سيسألونني لماذا فعلت ذلك، لا أستطيع إخبار أي أحد فلن أسبب مزيداً من المشاكل لـ(ح) والأستاذ... لجأت إلى (ح) لكنها قالت لي: "ما الذي أفعله لك؟، لست أنا من أعطاك الدواء بيده، تأكدي أن الله يمهل ولا يهمل" وفي غمرة حيرتي مما حدث نمت رغماً عني.
استيقظت وكانت الأسئلة المحيرة تكاد تفجر رأسي أكثر من ذلك الدواء الذي لعب بجسدي، سألت (ح) عما حدث، كانت قد هدأت قليلاً وأخبرتني ألا أشغل نفسي بهذا الأمر، وأنها لم تنم فقد كانت قلقة عليّ، وكل ما في الأمر أن الأستاذ غضب منها عندما عرف أنني أعلم بأمر علاقتهما، وقد عرف ذلك من مذكراتي. لقد كذب عليّ أستاذي حينما أنكر أمر قراءته لها، ثم أن 90% مما كتبته كانت عن أمور تخصني وحدي ولم أذكر أمر علاقتهما صراحة وإنما كانت عبارتين أو ثلاث ربما هي السبب، فقد قرأت مذكرتي أكثر من مرة حتى أجد ما جعله يعرف بعلمي بالأمر، وهي كالآتي:(من يصدق أن من ملك قلبي أصبح حبيب صديقتي (ح)) والعبارة الأخرى (سأظل أحبه بصمت... حاولت نسيانه لكن لم أستطع... حاولت التجاهل ففشلت فشلاً ذريعاً، لا أريد أن أكون الخائنة لصديقتي (ح)...لا ريد أن خون ثقة أهلي بي... لا أريد ن أبني سعادتي على تعاسة غيري).
بعدما أنهت (ح) الاتصال وصلتني رسالة الأستاذ رداً على سؤالي، وكان يخبرني فيها بأنه لم يقرأ مذكراتي.. قلت له "لا أريد أن أسبب مشاكل بينك وبين (ح) فقال أنني لا أسبب ذلك. ثم اتصلت (ح) وقالت لي "لماذا أرسلت له رسالة، قلت لها أنني لم أفعل؟ بل هو من أرسل رداً على رسالتي التي أرسلتها في الفجر، وقد كانت رسالته مجرد رد ينكر فيه أمر قراءته لمذكراتي اللعينة، ثم أخبرتها بالرسالة التي أرسلتها وبرده، قالت: "آه، إذن هي نفس الرسالة التي أرسلتها في الفجر" ثم قالت: "إن كنت صديقتي حقاً ابتعدي عنه تماماً". شعرت أنني شخص فضولي يحشر نفسه بين حبيبين ويسبب لهما المشاكل، لكن رغم كل صفاتي السيئة فأنا لست تلك الفتاة التي تسرق حبيب صديقتها، فأخبرتها "بأنني سأبتعد عنه كما تريد" وطلبت مني ألا أفتح معه هذا الموضوع أبداً أبداً، أجبتها بحاضر، ثم سألتها إن كان قد قرأ مذكرتي حقاً أم لا، وإن كان قد فعل ذلك فلماذا ينكر؟ قالت أنه غضب منها عندما عرف أنني أعلم بأمر علاقتهما، ثم تصالحا بعد أن اعتذرت منه ووعدته بأنها لن تخبر أحداً، لكنها كانت غاضبة حينها فصبت جام غضبها عليّ، وعندما أرسلت رسالتي في الفجر لم يكن نائماً حينها كما ظنت واتصل بها مرة أخرى وهزأها على اتصالها بي وأخبرها أنها وضعته في موقف "بايخ" أمامي، وظلا أكثر من ساعة يشاجران، لا أعرف ما الذي قالاه ولا أرغب بمعرفة ذلك فيكفي ما عرفته. كما أنها أخبرتني أنه لم يقرأ مذكرتي وإنما لفت انتباهه أثناء بحثه عن صفحة فارغة أن اسمه مكتوب في أحد الأسطر... لكنني أشك بذلك، فأنا لم أذكر اسمه إلا في موضعين وكلاهما ليس لهما علاقه بأمر معرفتي بعلاقتهما، وهما كالآتي:( حبي لـ......صامت لا يجرؤ على الكلام...لا يجرؤ على التصريح... أو المطالبه بحقه...)، والموضع الآخر (لماذا أخبرت.......؟...هل حقاً أنه السبيل الوحيد أمامي لحل مشكلتي أم أن مشاعري هي من جرتني إليه؟). لكن مهما حصل فقد انتهى الأمر، وسأبتعد عنه قدر الإمكان، لكنه أرسل لي رسالة يخبرني فيها بأن أتحدث إليه متى شئت وليس لأحد الحق بمنعي من ذلك.
حاولت تناسي الموضوع برمته، فقد كان كابوساً بشعاً تمنيت الاستيقاظ منه، وقد لاحظ أهلي تعبي وعدم مغادرتي للفراش، فكنت أخبرهم بأنه مجرد إرهاق لا أكثر ولا أقل رغم أن أبي لم يقتنع بذلك.
أخبرت أبي عندما سألني سؤاله المعتاد عما يضايقني عندما يكون بقربي، فأخبرته بأن ما يفعله يضايقني، وأن استلقاءه معي في نفس الفراش يضايقني أيضاً، وعدني بأنه لن يستلقي معي في الفراش مرة أخرى وإن قلبني أو ضمني سيكون ذلك في أي مكان في المنزل ولكن ليس حجرات النوم.. سعدت بذلك، لكنها سعادة لم تدم طويلاً، فما هي إلا أيام حتى عاد أبي وهو يخبرني بأنه لم يقدر على فراقي، وكنت أخاف على صحته عندما يتضايق فصبرت على ذلك رغم محاولاتي إبعاد جسدي عن جسده، وكان هو يفعل المثل فكان يضع اللحاف بين جسدي وجسده حتى لا يحدث أي تلامس.. الحمد لله يبدو أن أمر الجزء السفلي من جسدي انتهى ولم يبق إلا أمر صدري الذي اكتفى أبي بالاستمتاع به.
سؤال كثيراً ما يتردد في عقلي ولا أجد له جواباً: لماذا أنا من يحصل لها ذلك؟ لماذا؟. خفت أن يضعف أبي ويعود كما كان سابقاً فتصرفاته توحي بذلك، حتى حدث ما توقعت، فقمت بإخبار أستاذي لكنه أصر أن أخبر أمي وأنا رفضت رفضاً قاطعاً. يئست، مللت تلك الدموع التي وجدت طريقها لعينيي بعد سنوات من الجفاف، هل أهرب من المنزل؟ لكن أين أذهب؟ فأنا ما زلت أعتمد على أهلي من الناحية المادية، كما أن هروبي يحتاج لشجاعة أفتقدها بالأصل. غضبت من نفسي ومن سلبيتي وغضبت من أبي كثيراً، وقررت أن أخبر أمي فليس بي طاقة لأحتمل أكثر من ذلك..
أخبرت أستاذي بأنني قررت أن أخبر أمي وليحدث ما يحدث فلم يعد يهمني شيء، لكنه نصحني بالتريث قليلاً وبأن أخبر أبي أنني سأخبر أمي فذلك سيجعله يتوقف حتماً. فعلت ما طلبه مني الأستاذ، وفعلاً توقف أبي عن ذلك، لكن ظلت هناك لحظات تثير حيرتي، عندما يقبلني أبي وتمتد يده لصدري الذي أحاول إخفاءه بلف ذراعي حولي، أخاف أن يعود أبي الحبيب لما كان عليه لذلك يجب أن أدق الحديد وهو حامٍ.. قمت بالاتصال مرة اخرى بالعيادة وأخبروني أن الأخصائية ستكون موجودة بعد يومين، استشرت أستاذي بأمر إخباري للأخصائية فشجعني وطلب منه أن أخبره بما يستجد من الأمر. وبعد يومين حدثتها وحددت معها موعد بعد أسبوع وكنا قد بدأنا تدريب الامتياز في ذلك الوقت، عندما حان الموعد أخبرت الأخصائية التي لم تكن إلا الأخصائية الأولى التي فتحت أبواب الماضي ولم تغلقها، قالت أنه لا بد أن يتحدث الطبيب مع أبي بخصوص هذا الأمر، رفضت ذلك، شعرت أنني كمن يطعن أبي في ظهره. أخبرتني أنهم لن يؤذوه فوافقت ولكنني ما زلت خائفة، وطلبت مني أن أخبر أبي أن الطبيب يود مقابلته بأمر يخص علاجي، ثم حددت لي موعد في الأسبوع الذي يليه. لم أجرؤ على إخبار أبي بأن الطبيب يود مقابلته، سيسألني حتماً لماذا وحتى يعرف بالأمر، ولا بد أن ذلك سيجرح مشاعره جداً، ألا يكفي أنني نشرت أسراري على الحبل بعد كل تلك السنوات من الصمت، ولم أخبره رغم أنه كان أقرب إنسان إليّ!.
عندما حان الموعد دخلت للمستشفى وظل أبي خارجاً ينتظرني حتى أنتهي، سألتني الأخصائية إن كنت أخبرته بأمر مقابلة الطبيب له فأجبتها بلا، فأنا أخاف أن يقولوا له كلمات تجرحه، قالت بأنهم لن يفعلوا ذلك. وقابلني الطبيب الذي لم يكن طبيبي نفسه وإنما كان طبيباً نفسياً آخر بنفس القسم، أخذ يسألني كذا سؤال حول الموضوع وأنهاها بسؤالي إن كنت أرغب في التواجد أثناء مقابلته لأبي فقلت له لا، ثم طلب مني أن أستدعي أبي... عندما أخبرت أبي أن الطبيب يود مقابلته سألني كما توقعت لماذا؟ ارتبكت وقلت لا أعرف، شك بالأمر وقال: هل أخبرته بما يحدث بيننا؟ لم أستطع الكذب أكثر من ذلك وقلت له "لم أخبره لكنهم عرفوا شيئاً من ذلك أثناء أسئلتهم لي" صمت قليلاً ثم قال: "لماذا فعلت ذلك يا حبيبتي؟" صمت فقد كان الموقف صعباً جداً عليّ، ثم قال أبي "لا تشغلي بالك" وذهب لعيادة الطبيب وبقيت أنا بصالة الانتظار أنتظر على جمر، بعدها استدعاني الطبيب وعندما دخلت لم أجد والدي، فقال لي الطبيب أن أبي أنكر أمر ما يحدث وأنه لم يكن إلا مجرد عناق وشيء من هذا القبيل، مما صعب على الطبيب مواجهته، فطلب مني أن أخبره بما يحدث بالتفصيل الملل...
كان ذلك ضغطا شديدا عليّ, وكان الطبيب يسأل أسئلة محرجة جدا ً-خصوصاً أنه ذكر وأنا أنثى- كنت أجيب غالبيتها بنعم ومعظمها بلا، لم أقدر على كل هذا الضغط فأخذت دموعي الكريهة بالانسياب رغماً عني، ثم دخل أبي ودخلت من بعده الأخصائية لم أستطع التركيز على ما قالوا، فقد كنت أبكي بصمت وأنا أشعر أنني وضعت أبي بموقف لا يحسد عليه، فهو رجل ملتزم بالدين وذو لحية بيضاء تجعل وجهه يشع نوراً مع بشرته الوردية الملوحة بالشمس قليلاً... بعدما انتهوا كان أذان الظهر يعلو فذهب الطبيب وأبي للصلاة ودعتني الأخصائية لعيادتها، قالت لي أن المقابلة كانت جداً دبلوماسية وراقية، لكنني لا أرى ذلك، فكل ما أراه أنني وضعت أبي بموقف سيء محرج، وطعنته بظهره بينما كان يأتي بي للعلاج ويظل ينتظرني حتى انتهائي.
حددت لي موعداً لإعادة التأهيل، وفي أثناء طريق العودة أخذ أبي يعتذر مني عما بدر منه كل تلك السنوات، يا إلهي بعد كل ما فعلته به يعتذر مني؟ انسابت دموعي أكثر وأكثر، وعندما عدت للمنزل وهدأت نفسي أخبرت أستاذي أن الأمر مر على خير، ثم قلت له بأن إخفائي أمر إخباره بموضوع أبي يجعل ضميري يؤنبني، فأنا لم أعتد على إخفاء الأسرار عن أبي، فقال لي: "أرجوك، دعي هذا الموضوع بيني وبينك فقط، فذلك قد يؤدي لمشاكل أقع فيها" لم أخبر أبي لكن نيتي ليست صافية عندما أتحدث مع أستاذي، فأنا أحبه وربما يكون كلامي معه أمراً سيئاً، فسألته إن كانت أخته لجأت لأساتذتها وأخبرته بأمر من أسرارها هل سيغضب منها، فقال: "لا، طالما من لجأت إليه يساعدها ولا يؤذيها".
وفي هذه الأثناء تغيرت (ح) كثيراً، فأصبحت لا تتحجب جيداً رغم أنها كانت منقبة بالماضي، وقد خلعت نقابها عندما كنا في السنة الثالثة في الكلية، والآن أصبحت تمشي والبالطو مفتوح ونحرها ظاهر ومقدمة شعرها مكشوفة وتضع ميك أب... نصحتها فلم تستمع إلي، وعندما قالت أنها معجبة بالدكتور فلان (وهو جراح في نفس المستشفى الذي كنا نتدرب به) سقطت من عيني وشعرت أنها خائنة للأستاذ الذي كانت تحبه حتى النخاع، صدمني موقفها فأرسلت لها رسالة (للأسف سقطت من عيني)، طبعاً غضبت وأرسلت (انصحي نفسك قبل أن تنصحي غيرك).. كنت أعرف ما تقصد، فهي تعيرني بموضوعي مع أبي.
حاولت تجاهلها لكن الكلام عنها أخذ ينتشر في الخفاء بين الأطباء، مما أثار حفيظتي، فهي مهما فعلت تظل صديقتي وسيسألني ربي عنها يوم الدين فاتصلت بها وتناقشنا وقلت لها الأستاذ لا يستحق منك أن تفعلي ذلك به، قالت لي أن أمره لم يعد يهمها فهو مجرد أستاذ قام بتدريسها وهي طالبة عنده، وتحول النقاش لشجار انتهى بأن قالت لي أنها دوماً تصبر عليّ، فأنا لا أملك أسلوباً في الحديث ودوماً أجرحها عندما نكون في المستشفى وهي تتغاضى عن ذلك، سألتها متى قلت لها كلاماً في المستشفى وجرحها وما الذي قلته، فوالله العظيم لا أذكر أنني قلت لها كلاماً جارحاً، قالت لي وهي ثائرة أنها لن تخبرني وأنها تعبت مني جداً، حتى عندما نكون نحن والزميلات معاً فإنها تتعمد تجاهل ما أقول لأنها لا تطيق حتى سماع صوتي.
ألهذه الدرجة كانت تكرهني (ح)؟ فإلى هنا يكفي، لن أقدر على الجلوس معهم وأنا أعرف أن هناك من يضيق بوجودي ولا يرغب بسماعي، فأصبحت أتشاغل عنهم بالمرضى أو العيادات، وأتحدث معهم عندما لا تكون (ح) حاضرة، فصدقاً لم أعد واثقة من نفسي ومما أقول، أصبحت أخاف أن أقول كلمة في نظري عادية ويعتبرها الغير جارحة. لجأت للكتب والروايات التي التهمتها التهاماً في تلك الفترة حتى لم يعد هناك قصة لدي لم أقرأها، وكانت تحدث أحياناً أن أكون موجودة مع الزميلات وتأتي (ح)، وعندما نقول شيئاً وأشاركهم تسخر مني (ح) خصوصاً عندما أتحدث عن قطتي وأولادها أو عن أرانبي الذين أسميتهم باسم أستاذتي وأستاذي، أو حتى عن العصافير التي أملكها... كلهم يسخرون مني لأنني متعلقة جداً بحيواناتي التي أحب تسميتهم بأطفالي.
أعتبرهم أطفالي لأنني أتوق لأن يكون لدي طفلاً، لكنني أعرف أن ذلك لن يحدث يوماً، لأن ذلك يعني أنني سأتزوج، ولن أقدر على الزواج وقلبي متعلق بشخص آخر، كما أنه لن يوجد رجل يرضى بفتاة سبق وإن لمسها غيره... لا تخبروني بأن أتزوج وأخفي أمر الماضي عن زوجي، فلن أفعل ذلك، فأساس العلاقة الزوجية بنظري هي المصارحة، فأنا أريد زوجي أن يكون كمذكرتي التي أخبرها بكل شيء ولا تحتقرني أو تنفر مني.. لن أخبره بمن تحرش بي، خصوصاً أقربائي، لكنني سأخبره بأن هناك من تحرش بي بالماضي وأنني أصبحت أمارس الاسترجاز وإن كانت على فترات متباعدة.
لاحظن زميلاتي أنني أبتعد عنهن فأصرت اثنتان منهن على معرفة السبب، لم أخبره بالتفاصيل ولكن قلت لهم أنه توجد حساسيات بيني وبين إحدى الزميلات، نظرت زميلتي لي متمعنة ثم قالت: "(ح) أليس كذلك؟" قلت لها "لماذا اخترت هي بذاتها؟" قالت: "لأنها تبرجت والكلام في المستشفى عليها ينتشر انتشار النار بالهشيم وقد حدثتها بذلك لكنها لم تهتم، حتى أن أحد الأطباء لقبها ببطلة الـface book "، قهرني والله أن وصلت سمعة (ح) لهذا المستوى، وقد حاولت معها باللطف تارة وبالشدة تارة أخرى، ولم يجدِ ذلك نفعاً، فأقول ما يمكنني أن أفعله، هو أن أحفظ سمعتي، فالصديق مرآة لصديقه، لذلك سأبتعد عنها وصداقتنا على خير أفضل من أن نفترق ونحن على شجار.
أكملت أربعة أشهر في هذا المستشفى ثم انتقلت وحدي لمستشفى آخر وقد كان مستشفى للأمراض النفسية، أردت الذهاب للتدرب بهذا المستشفى بشدة، فهناك شيء بداخلي يقول أنني أنتمي لهؤلاء المرضى.
ذهبت هناك وعندما دخلت لعنابر المرضى آلمني ما رأيت، فقد كن معظم النزيلات فتيات كالورد، وما آلمني أكثر هو كلام الطبيبات عن المرضى ونظرة الشفقة من معظمهم ونظرة الخوف من البعض الآخر شعرت بالخوف من أن يكون مصيري يوماً ما نزيلة مثلهم.
عندما حانت العطلة الصيفية سافر أستاذي لبلده، بينما استمرينا نحن في التدريب بالمستشفيات، وكان كثيراً ما يدخل عبر الماسنجر وعندما تحدثت إليه لإلقاء السلام والسؤال عن أحواله قال لي: "هل أستطيع أن أسألك؟" قلت له: "تفضل" تردد قليلاً فقد كان يود السؤال عن إن كان أبي مستمراً بما يفعل فأخبرته أن هذا الشيء الحمد لله انتهى منذ أن تكلم الطبيب مع أبي والآن أعيش مثل بقية الفتيات، لكنني أخبرته بشعوري بتأنيب الضمير فيما فعلته به فقال وهل ستعودين للسابق فقلت له "لا وإن كانت على جثتي". استمرت محادثتنا عبر الماسنجر طوال العطلة، صحيح أنها لم تكن يومياً لكن كانت كل يومين أو أكثر، وطبعاً معظمها أكون أنا البادئة في الكلام، فطالما حاولت مداراة شوقي له لكنني لم أستطع ذلك، وعندما أتحدث معه عبر الماسنجر لا أشعر برهبة كما يحدث عندما أتحدث معه وجهاً لوجه أو عبر الهاتف.. كان معظم كلامي معه عن التدريب وعن حيواناتي والطقس، لكنني أرغب بمعرفته أكثر فسألته مرة عن عمر طفليه وعن عدد إخوته وترتيبه بينهم، ومرة سألته عن اسم طفليه.. لا أعرف لماذا أكثر أسئلتي له عن أطفاله؟ ربما لأنني أحب الأطفال كثيراً! ثم وعدني أنه سوف يريني صورهم في مرة أخرى، وفعلاً جعلني أرى صورة طفليه، كم أحببتهما لكن هناك شعور داخلي بأنهم سيكرهونني إن عرفوا أنني مغرمة بوالدهم.
لم أعترف للأستاذ بحقيقة حبي له ولا أعرف إن كان حقاً يعرف أنني أحبه من خلال ما قرأه من مذكراتي أو لم يقرأها، لكنني لن أبوح له بذلك، فلن أغضب ربي مني ولن أخون ثقة أهلي بي، ثم إنه متزوج وأب أيضاً فحرام عليّ أن أهدم منزلهم إن عرفت زوجته بأنه يتحدث مع فتاة تحبه، كما أنه عاش مع من كانت صديقتي قصة حب فسأكون كالخائنة إن اعترفت له بحبي.. وأنا أصلاً خائنة وإن كنت قد تبت عن ذلك، فقد خنت أمي مع أبي. لكن ما جعلني أشك بأمر مشاعره نحوي ما حدث ذلك اليوم عندما أخبرته أن قطتي أنجبت 4 قطط، فسألني عن أسمائهم فأخبرته فقال لي أنها أسماء جميلة، رددت عليه "ليس أجمل من اسمك" فقال بما معناه باللغة العربية "أنت جميلة" أو عبارة تحمل هذا المعنى..
استغربت عبارته فهو لم ير وجهي أبداً باستثناء صورة لي وأنا طفلة بالرابعة كنت قد صممتها وكتبت عليها عبارة للذكرى وطبعت منها نسختين واحدة له وواحدة لأستاذتي التي أشرفت على بحث تخرجي، وكان ذلك في الأيام الأخيرة لي في الكلية، كما أنني لم أخبرهم بأن تلك الطفلة في الصورة هي أنا ولم يسألوني هم عن ذلك. تجاهلت ما قال، فلابد أنها مجاملة لا أكثر ولا أقل، وأخذت أخبره عن أطفالي ومشاكساتهم. ومرة أخرى وضعت في صورة العرض في الماسنجر صورة لفتاة بالرسم كانت قد أعطتني إياها صديقة أختي الصغرى، سألني عن هوية الفتاة بالصورة ون كانت تشبهني أو لا، قلت له أنها رسمة أعطتني إياها صديقة أختي الصغيرة، كما أنها لا تشبهني، فقال: "لا بد أنك جميلة" صمت واحترت بعبارة مناسبة للرد فقلت له: "الجمال لله وحده". والموقف الثالث أنه مر يومين من دون أن أراه، فقد اشتقت له كثيراً فكتبت في الرسالة الشخصية التي تظهر بجانب الاسم في الماسنجر "I miss u" بعدها حدث وأن أصبح متصلاً وسألني: "أنت تفتقدين شيئاً لم ترينه ليومين؟" صمت قليلاً وأنا أفكر هل يعرف؟ هل يشك بالأمر؟ لكن أخبرته بالحقيقة "نعم" فقال: "من؟" لم أجرؤ أن أخبره بأنه هو، ولن أفعلها أبداً فقلت له: "ناس" صمت قليلاً ثم قال: "أتمنى أن تلتقي بهم".
أبي يعلم أنني أتحدث مع أستاذي وأنني أحبه، وسألته ذات مرة حول إن حدث وطلب أستاذي يدي فهل سيوافق؟ أخبرني أن الأمر عائد إلي أولاً وأخيراً، قلت له: "لكن أستاذي متزوج فهل ستوافق؟" قال: "الرأي رأيك" قلت له: "أنني أوافق"، بل الحقيقة أنني أتمنى ذلك لكنني لا أريدها مني، فلا أريد أن ألف وأدور حوله حتى أجذبه لي وأكون كمن يصطاد فريسة بمكر، أريده هو أن يحبني أو على الأقل يطلب يدي حتى وإن كان لا يملك نحوي إلا العطف أو المجاملة. يكفيني أن أعيش في عصمته ما بقي لي من عمر، ويكفيني أن أنجب طفلة منه أضمها لصدري وأغني لها قبل نومها وأرضعها من صدري، حتى أنني سأتنازل عن عملي إن أصبحت أماً، فعائلتي في المقام الأول بعد الدين، أما العمل فأستطيع أن أكون متطوعة في أي منشأة صحية وبذلك لا أفقد مهارتي العلاجية وأكسب الأجر من الله، كما أنني لا أريد منه مهراً مادياً، يكفيني أن يختم القرآن غيباً ويذهب بي للحج.
أعرف أنها أفكار سخيفة بنظركم ونظر الغير لكنها أمنيتي الوحيدة في هذه الدنيا، ستقولون أنني سأنساه وأتزوج شخصاً غيره، لكنني لا أتخيل نفسي زوجة لغيره، حتى عندما أخبرتني أختي الصغرى منذ أيام أن زميلة أختي الكبرى في العمل فتحت معها موضوع رغبتها بخطبة أخاها الذي يكبرني بثلاثة أعوام والذي هو أيضا طبيب في نفس مجالي، لكنني رفضت حتى مجرد التفكير، لن أتزوج شخصاً لا يعرف عني شيئاً، أريد زوجي أن يقبلني بكل عيوبي دون أن أكذب عليه، كما أنه ليس من السهل أن أنسى من أحببت طوال 3 أعوام ومازلت، في لحظة... فقد حاولت الأخصائية إقناعي بنسيان أمر أستاذي، حتى أنني حاولت أن أكرهه لعله يخرج من قلبي، فلم أستطع، أما الأخصائية فقد اكتفت بمحاولة النسيان وانتقلت للمراحل الأخرى للعلاج، حتى حانت اللحظة التي ملت فيها مني وقامت بتحويلي لإحدى الأخصائيات التي شككت أنها طالبة علم نفس.
لن أخوض فترة علاج فاشلة مرة أخرى، أخبرت الأخصائية أنني أريدها هي أن تتولى علاجي فقالت أن الأخصائية الأخرى كبيرة وليست صغيرة كما أظن، ثم أنها ماهرة في العلاج. لم أحب أن أضغط على الأخصائية كثيراً، فهي مصابة بداء السرطان شفاها الله ومرضى المسلمين منه، وربما ستكون متعبة إن تولت أمر حالتي، فذهبت للأخصائية الأخرى التي تأخرت بالحضور، وعندما دخلت كانت تضع الحجاب وأحمر شفاه، شككت بأمرها، فهي صغيرة في السن وقد وضعت الحجاب وأحمر الشفاه حتى أظن أنها كبيرة، خصوصاً مع جسمها الممتلئ.. كانت طريقة علاجها نفس طريقة الطالبة السابقة التي تولت علاجي، كما أنها لا تشعر بي، فهمها الأول والأخير وضع الحلول على الورق وكأن كتابة ذلك على الورق يحل مشكلتي، لكن ما حملته الأيام التالية صدمني كثيراً وجعلني أفقد ثقتي في الأخصائيات، فقد كنت في حفل تخرج دفعتناً وبقية الدفعات من الكليات الأخرى بالإضافة للدفعة المتوقع تخرجها هذا العام، والحمد لله فقد حصلت على مرتبة الشرف الثانية، لكنني رأيتها، نعم رأيت الأخصائية التي تعالجني وهي تلبس لباس التخرج مثلي وتضحك مع صديقاتها، شعرت وكأن صفعة مؤلمة انهالت على وجهي، ذهبت للجهة الأخرى حتى لا تراني وقررت أن أصارحها في الزيارة القادمة بما رأيت... لماذا كذبوا عليّ؟.
وفي نفس اليوم الذي كان فيه موعدي معها، تلقيت اتصالاً من العيادة يخبرونني فيه أن الأخصائية (الطالبة) ذهبت في إجازة وأنهم سيحددون لي موعداً آخر مع أخصائية أخرى... ما زالوا مستمرين في الكذب، فهي ليست في إجازة بل كانت الامتحانات النهائية قد بدأت في الكليات ولو ذهبت لقسم علم النفس لوجدتها هناك.
الآن وبعد عودة أستاذي لبلدي أصبحت جداً مكتئبة أكثر من السابق، صحيح أن أستاذي قريب مني في المكان، لكنه لا يدخل على الانترنت إلا عندما يكون في بلده، وأنا لا أجرؤ على التحدث معه هاتفياً، كما أنني أشعر أنه ينزعج مني ومن كلامي الشبيه بكلام الأطفال الأغبياء.. فتعلقي به شديد ولا بد أن ذلك يضايقه.
ما ضايقني أكثر وأكثر أن والداي تشاجرا في الخفاء وعرفت ذلك، وقد هجرت أمي أبي في الفراش لما يزيد عن أسبوعين، وعندما اقترب العيد تصالحا كما يبدو لي، لكن في اليوم الرابع بعد العيد استيقظت على صوت صراخ جعل قلبي يسقط من موضعه، فوجدت أمي تشتم أبي بكلمات بشعة جداً وكان أبي يرد عليها بكلام ليس سباً أو شتماً، لكن أمي استمرت بكلماتها المسمومة، فصمت أبي وطلب مني تحضير العشاء له ففعلت، جاءت أمي للمطبخ وأخذت تشتم أبي الذي تجاهلها تماماً، فطلبت مني أمي الخروج من المطبخ، كنت خائفة جداً وأرتجف وغصة البكاء تخنقني لكنني لن أبكي لذلك وقفت بحزم أمامها ورفضت الخروج وأخبرتها أنها تريد مني أن أخرج حتى تطلب الطلاق من أبي فصرخت لن أطلب منه الطلاق فأين سأذهب إن تطلقت منه، قلت لها من أجلي يا أمي اهدئي، قالت اللعنة عليك وعلى اليوم الذي تزوجت فيه وأنجبتكم فيه، واستمرت السب والشتم والصراخ، فقلت إذا لم تصمتي فسوف آخذ السكين وأقطع عروق يدي وليحدث ما يحدث، أخذت تتكلم كثيراً حتى نهض أبي وصعد للأعلى ودخل لحجرته، فدخلت خلفه أنا وأخي الصغير وسألته لماذا تشاجر هو وأمي وأخبرني بالسبب الذي كان تافهاً جداً، لكن أمي هداها الله تشعر بالخجل من سيارة التاكسي التي اشتراها أبي بعدما تقاعد، لذلك تصر عليه ببيعها رغم أنها تغطي مصاريف المنزل اليومية، لكنها ظلت تزن على والدي حتى يبيعها وهو يرفض لأنه يحب سيارته ويشعر بالمتعة عندما يعمل بها، فأخذت أمي هداها الله تتهم أبي بأنه يذهب مع نساء حتى ساعات متأخرة وهذا أقل الكلام المخجل الذي أستطيع ذكره لكم، بعدها ذهبت لأمي وجلست معها حتى لا تشعر أنني منحازة لصف أبي وبعد ذلك أخذت أمي فراشاً ووضعته على الأرض بحجرتها، أبي ومنذ ذلك اليوم لساعة كتابتي لهذه السطور وهي تهجر أبي في الفراش.
الآن عرفت سبب لجوء أبي إليّ؛ ربما لأن أمي تحرمه من حقه الشرعي كزوج لها، ولن ألوم أبي إن تزوج أخرى، فأمي رغم أنني أحبها، فهي تهين أبي سراً والآن علناً ولا تقدر ما يفعله أبي من أجلها. أما أبي فقد أصبح الآن كالآلة التي تعمل من أجلنا فقط؛ يستيقظ فجراً ويصلي، ثم يوصل إخوتي لمدارسهم ويعود ويوصلني وأمي لدوامتنا، ويعود للمنزل ويوصل أختي الكبرى لعملها في الساعة العاشرة، ويعود لينام قليلاً ويستيقظ ويصلي الظهر ثم يجلب إخوتي من مدارسهم ويذهب ليعيد أختي الكبرى في الساعة الواحدة، ويتناول غداءه ويذهب ليعيد أمي من عملها، ثم يوصل أختي الكبرى للفترة المسائية لعملها ويعيدني بعد ذلك، وفي العاشرة مساء يذهب لإحضار أختي الكبرى للمنزل.
أبي أصبح كالآلة كما أخبرتكم، وليت أمي أو أختي الكبرى يقدرن ذلك، ثم أن أمي ليست بحاجه لعملها، فأبي يوفر لها المنزل الكبير والأثاث الراقي والخادمة وكل ما ترغب. أتمنى أن تعود أمي كالسابق عندما كنت طفلة، فقد كانت تستقبل أبي باسمة عندما يعود في الثالثة عصراً من عمله، وكانت تطبخ لنا الطعام بنفسها، ونجتمع كلنا على سفرة واحدة، وتذاكر لإخوتي دروسهم ويساعدها أبي في ذلك عندما يجد وقتاً، وكنا نتعاون أنا وأمي وأختي الكبرى في ترتيب وتنظيف المنزل، وكان منزلنا نظيف كالوردة...
أما الآن فقد أصبحت أرى الخادمة أكثر مما أرى أمي، وأصبحت الخادمة هي من تنظف وتطبخ وتفعل كل شيء، وصار كل واحد منا يتناول غداءه بمفرده وفي أحسن الأحوال يجتمع اثنان أو ثلاثة منا على سفرة واحدة، وأصبح منزلنا عنواناً للفوضى والغبار المتكدس التي لا تنظفه الخادمة ولا تفكر أصلاً بتنظيفه.. ليت أمي تشعر بنا وبما دفعت أبي لفعله بي بحرمانه من حقه الشرعي منها، لكنها للأسف إن حدث واضطرت للتنظيف أو الطبخ فإنها تظل تصرخ فينا وتصب جام غضبها على كل من تراه، حتى قهوة أبي وطعامه أصبحت لا تحضرهم له، وحتى الأكلات الشعبية أصبحت الخادمة الآسيوية تقوم بتحضيرها لأبي. ليتني لم أكبر يوماًً وظللت طفلة لا تعي إلا اللعب فقط، بل ليتني أسقط بغيبوبة أو أصاب بالفصام حتى أهرب من الواقع المر الذي أعيش به، أتمنى الموت، لكن الموت لن يحمل لي النهاية فما هو إلا بداية لحياة أخرى، كما أن الذنوب تثقل كتفاي، فكيف أقابل ربي بما فعلت بحق أمي وأبي وعائلتي ومن أحب. كلام كثير يتأجج بداخلي، ولكن اعذروني فما كتبته كان كثير جداً عليكم وممل أكثر.
وهنا إجاباتي على أسئلتكم قبل إرسال الاستشارة:
- البلد حالياً، محافظتك حالياً.... جنسك، الديانة، عمرك، وزنك، طولك.... وظيفتك، مدى كفاية الدخل المادي.. نومك، أكلك وشهيتك؟
وزني 50 كجم وطولي 152سم، الحالة المادية متوسطة، والنوم شبه عادي لكن الكوابيس كثيرة جداً، وشهيتي عادية.
- أفكار غريبة: كالشك في بعض الناس؟ (بالتفصيل).... أو أفكار غير منطقية؟...... أو الشعور بالعظمة؟ أو الشعور بالاضطهاد؟ أو أفكار غريبة عن الدين؟
لا
- تهيؤات، أو هلاوس سمعية أو بصرية؟ (بالتفصيل)
مرة استيقظت من نومي وكنت أشعر بأحدهم يمشي خلف ظهري، أغمضت عينيي وفتحتهما مرة أخرى، وأقسم أنني شعرت بأحدهم خلف ظهري، وعندما التفت للخلف لم أر شيئاً.
- سلوكيات غريبة؟ كالإهمال في نظافتك وملبسك؟ أو جمعك لأشياء تافهة لا قيمة لها كالعلب الفارغة؟ سلوك جنسي شاذ أو غريب؟
نعم، أهمل نظافتي كثيراً وأهمل أيضاً نوعية طعامي خصوصاً عندما أكون بالمنزل، أما عندما أضطر للخروج فإنني أتنظف وألبس ملابس مرتبة وليست أنيقة. أهوى جمع صور الأطفال، وكل ما يحمل ذكرى سعيدة كالبطاريات مثلاً لأنني اشتريتها في شهر رمضان وأنا أحب هذا الشهر. وبخصوص السلوك الجنسي الشاذ فهو الاسترجاز لا غير، وأمر علاقتي بأبي.
- عائلتك (بالتفصيل): العلاقة مع الوالد، الوالدة، الأخوة، الأخوات.
علاقتي مع الوالد كانت قوية جداً، لكنني ابتعدت عنه بناءً على نصيحة الأخصائية النفسية. علاقتي مع الأم جيدة، ولكن أشعر بأن هناك حاجزاً بيني وبينها خصوصاً بعدما صادقت المرأة السيئة وبعد شجارها مع أبي وطلبها الطلاق، حتى أنني عندما أجلس معها لا أعرف ماذا أقول فأظل صامتة أجيب على أسئلتها فقط. أما علاقتي بإخوتي الأكبر مني سناً فهي سطحية، وأحياناً تمر أيام دون أن أراهم رغم أننا بمنزل واحد، أما إخوتي الصغار فعلاقتي بهم قوية ولله الحمد.
- أي أحداث صادمة وفاجعة في حياتك كمحاولات اعتداء (بالتفصيل)، أو حوادث طرق، وفاة عزيز عليك..
الحوادث الجنسية وقد ذكرتها، أما حوادث الطرق فقد كانت 5: أربعة منها بسيطة والأولى كانت مفجعة، فقد كنت بالتاسعة حينها وكنت أظن أن أخي (16سنه) مات حينها مما جعلني أنهار في الشارع والناس متجمعة مكتفية بالنظر فقط. وبالنسبة للوفاة، فقد أثرت فيّ ثلاث وفيات؛ وهي وفاة صبي كان مصاباً بالسرطان وكان مشتركاً في نفس المنتدى الذي كنت مشتركة به، ووفاة أرانبي الأول قبل شهر والآخر بالأمس.
- أي علاج نفسي سابق؟، واسم الطبيب المعالج والعلاج والمدة؟ ومدى التحسن على العلاج؟
ذكرت ذلك.
- أي اضطراب نفسي سابق؟ أي مرض نفسي لشخص ما في العائلة؟ (بالتفصيل)، وما العلاج الذي تناولته؟ وما مدى تحسنه؟
لا يوجد في منزلنا، لكن جدتي (أم والدتي) تتعالج نفسياً بعدما تطلق خالي من ابنة أختها وتشتت أطفالهم. وكذلك عمتي فهي تتعالج نفسياُ لكنني لا أعرف تشخيص مرضها ولا أعرف الدواء الذي تتناوله.
- أي مرض عضوي كالصرع أو مرض بالقلب أو ربو أو سكر؟
فقط ربو، وقد أصبت به في الآونة الأخيرة من الكلوركس والمنظفات ذات الرائحة الطيارة.
- منذ متى وأنت مريضة؟
منذ متى لا أعلم، ربما منذ أن كنت طفلة! لكنني تحت العلاج منذ ما يقارب ثلاثة أعوام لا 4 أو 5 أشهر.
- أريد وصفاً أكثر تفصيلاً للاكتئاب (بالتفصيل) أو القلق... بدايته، زيادته، ما يقلله أو يزيده، مدته، شدته، كثرة لوم النفس وتأنيب الضمير؟ طبيعة نومك؟ هل لديك قلق وتوتر وخوف من المستقبل؟ رهاب اجتماعي؟
لوم الذات موجود وبشدة، وتأنيب الضمير كذلك، أخاف من الامتحانات وذلك بعد أن رُشحت في المرحلة الثانوية لدخول امتحان الرياضيات المنعقد على مستوى الدولة، وكانت الأسئلة صعبة مما جعلني أفشل في الإجابة، وأصاب بالرهبة من مجرد فكرة الخوض في امتحان، والرهاب الاجتماعي موجود كما ذكرت سابقاً.
- أو الرغبة في الموت أو الانتحار (بالتفصيل).
توجد... فكثيراً ما تراوني أفكار انتحارية كقطع عروق يدي أو رقبتي بالسكين أو تناول أدوية بجرعات كبيرة أو عدم تغطية جروحي أثناء علاجي للمرضى رغبة بأن أصاب بعدوى فيروس الكبد الوبائي سي أو الإيدز. كما أنني أصبحت ضعيفة الإيمان وأؤخر صلاتي عن وقتها ولا أردد الأذكار أو أقوم بالسنن كنت بالسابق.
- الطريقة.....، كم محاولة؟؟ اسم المستشفى التي تم إنقاذك فيها، هل تفكرين في محاولات أخرى؟ كيف؟ (بالتفصيل)
ذكرت الطريقة وعدد المحاولات، ولم يتم إنقاذي في أي مستشفى. نعم أفكر بمحاولات أخرى وإن كنت لا أجرؤ على تنفيذها، لكن ربما أفعلها في لحظات اليأس أو الإحباط والغضب.
- هل تتعاطي أي نوع من المخدرات: حشيش، بانجو، هيروين ، أفيون حبوب مهلوسة، أو منومة أو منشطة أو أدوية كحة، أو المواد الطيارة كشم الكلة أو الإيثير.... أو.... أو...؟ ولو مرة واحدة أو مرات قليلة؟ أريد التفاصيل؟
فقط أحياناً أحب شم الأسيتون (مزيل طلاء الأظافر)، وأفعل ذلك كلما وجدته أمامي.
- هل لديك نوبات هوس: انبساط زائد ومرضي وغير طبيعي مع قلة نوم، وزيادة في الرغبة الجنسية، ونقد للآخرين، وعدم أكل، وشعورك أنك فوق كل الناس وأعظم منهم، وأنك مضطهدة وشكاكة في كل من حولك؟
لا أعتقد، فلست مضطهدة، فأنا أجد نفسي ظالمة ومجرمة.
- هل لديك وساوس؟ ما هي؟ منذ متى؟ وكم من الوقت تقضيه في الأفكار الوسواسية؟ وكم من الوقت تقضيه في الأفعال القهرية؟ وهل تلك الوساوس أو الأفعال القهرية تؤثر على عملك أو دراستك أو علاقاتك الاجتماعية مع الناس؟ وإلى أي مدى تؤثر على حياتك؟
نعم لدي تصرفات قهرية، وهي أكل المناديل والورق ونتف الشعر الذي أصبحت نادراً ما أفعله بعد علاجي النفسي، وكذلك قضم الأظافر.
- هل لديك نوبات هلع؟ توهم مرضي؟
نوبات هلع لا، لكن أشعر أحياناً بخوف وبأن شيئاً سيئاً سيحدث أو أن أحد أطفالي سيموت، وأشعر بخمول بالجسد غير طبيعي وبطء في الحركات والمشي وكل شيء أنفذه، كما تتكرر دوماً عبارات في ذهني (لا أحد يحبني)، (أكره نفسي)، (الجميع يكرهني) وغيرها.
- ما هو تصورك لنوعية المساعدة التي يمكنني أن أقدمها لك؟
لا أعرف حقاً، فالشيء المتوقع في ردكم هو التجاهل أو الانتقاد.
- هل ترغبين في وصفي علاجاً دوائياً لحالتك؟
لا أعرف، لكن إن كان مفيداً فلِمَ لا؟
وأخيراً، شكراً وأكرر أسفي على السرد الممل الطويل جداً جداً للجانب السوداوي لحياتي.
24/10/2008
رد المستشار
(أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله... جاءت هذه "الرواية"- التي تفتقر لعناصر التشويق والذروة- في 29 صفحة واستغرقت لإتمام تنقيحها ثلاثة أيام مرهقة ومملة من العمل!!! سامح الله كاتبتها وغفر لنا ولها.) بهذا علقت المدققة اللغوية للموقع... وبما يلي أجاب المستشار بعد خمسة أشهر من إرسال المشكلة له: بعد التحية،
سعادة الأستاذ الدكتور وائل، عذراً واعتذاراً للتأخر وذلك لانشغالي الكثيف ولطول الموضوع الذي تمنيت أن يكون له نهايات واضحة... حيث أني اطلعت على مجمل ما تعرضت له تلك الفتاة عبر مراحل حياتها المتتالية، من تحرش جنسي أسري، ولا أعلم إذا وصل إلى سفاح القربى؟ أم ما زالت الإمكانية قائمة لذلك؟.
في الحقيقة تنتشر هذه الظاهرة بدرجات متباينة في مجتمعاتنا العربية والتي ما زالت ترفض الإفصاح أو الاعتراف بوجودها، وهذا يدفع نحو تفاقم الظاهرة، مما يصل بالطفلة أو من يقع عليه الاعتداء إلى عدم معرفة ماذا يعمل ولمن يلجأ خصوصاً إذا كانت الأسرة مفككة؟ وعندها قد لا يكون هناك من مفر من محاولات الهروب من البيت أو الانتحار مثلما حصل هنا. لكن الغريب هنا أن هذه الفتاة علمت وعرفت بخطأ ما يعمله الوالد ولم تحاول أقلها التهديد بأنها ستخبر الوالدة! فلماذا لم تفعل؟ خصوصاً أن الأمهات محل أسرار البنات!.
ومما زاد من تعقيد الأمور الانعكاسات النفسية للمرض بشكله العضوي متمثلاً بالتعرق، وأخطاء الأطباء والجراحة، وهذا يوضح ضعف المؤسسات الاجتماعية وقصور دورها الإعلامي والتعليمي الذي يجب أن يركز على قدسية جسدك والتي لا يجوز معه العبث به حتى من قبل الوالد أو الأخ، أو أي كان خارج العلاقات الشرعية الطبيعية.
الآن فتاتنا بحاجة إلى إرشاد نفسي أقلها للتخلص من السلبيات التي صاحبت التجارب القاسية التي تعرضت لها.
ولك السلامة والعافية.
وطالعي أيضاً:
جني التحرش؟ السكوت حرام! مشاركة2
أضاجع أختي: الخطايا والحماقات: متابعة
زنا المحارم في الماضي...أين أنا الآن؟
أنا وأختي في الحرام: صفحتنا وآثارها -استدراك-
التعليق: لقد قرأت رسالتك أكثر من عشر مرات كنت أقرأها في اليوم مرتين لا أعلم لماذا ولكني تأثرت حقا لروايتك وأشعر بكل كلمة كتبتها
كلماتك وروايتك أثرت فيّ بشكل كبير جدا وكم تألمت لجملة (ويالها من عيدية من أبي الحنون) والله أني بكيت عندما قرآتها .
كل ما أستطيع أن أقوله لك أني سأدعو الله لك في الكعبة إن شاء الله قريبا أن يحفظك من كل شر