ساعد أخوك في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بدأ مرضي منذ عام 2004 بالخوف والقلق والأرق وعدم النوم، وعدم الذهاب إلى المدرسة، والاستيقاظ ليلاً، وبفك الأجهزة الكهربائية وعدم إعادتها لوضعها الطبيعي لأثبت ذاتي لوجود صراعات داخلية تقول أني غبي. قبلها بسنة واحدة أو أقل انتابتني حالة من الخوف من الثانوية العامة ومن صعوبتها، وأكثر من مرة وقعت في إغماء -مرتين-، ومشاكل مع والدتي وزيادة حب الامتلاك والأنانية. قبل ذلك كنت بفترة طبيعية كباقي أولاد جيلي وكثر السؤال عن الثانوية ومدى صعوبتها وكلما قال لي أحدهم أنها صعبة يتزلزل جسمي من أوله لآخره.
تطور الأمر إلى خوف من الزملاء في الصف ومشاغبتي وشدة قسوتي على الأساتذة حتى أنهم من كثر إرهاقي كرهني رفاقي والأساتذة، حتى في يوم من الأيام حصل بيني وبين الموجّه سوء تفاهم وقام بنقلي نقلاً إجبارياً من مدرستي. ذهبت إلى طبيب أعصاب فقام بوصف "لوكستان" ودواءً آخر، لم أستفد شيئاً فراجعت طبيباً نفسياً فوصف لي أدوية كلها مخدرة لم أتناولها سوى يوماً واحداً. راجعت بعدها طبيباً آخر ليكتب لي على "سيتارام" وبدأت بأخذه إلا أن التحسن كان ضئيلاً فتركته وسلمت أمري لله وفقدت الأمل بالشفاء.
سافرت إلى الأردن للدراسة إلا أني لم أكن مرتاحاً بتاتاً لا في التعامل مع الناس ولا في دراستي، وحصلت لي الكثير من المشاكل مع رفاقي وزادت عدوانيتي مع أولاد بلدي، وحصل معي مشاكل بالجملة لم أعرف التصرف فيها وتركت صلاتي.
في بعض الأحيان ليس كلها تأتيني أفكار وأسئلة بأن مَن خلق الله؟ وأن القرآن محرف! وهكذا أمور. وعندما عدت للدراسة في وطني لم أستطع التركيز في دراستي وكان ينتابني خوف من رفاقي ومن الامتحانات وقلة تركيز في الحصة. في الفصل الأول عندما دخلت إلى قاعة الامتحان وجدت تحت مقعدي ورقة تخص المادة فناديت للمراقب وأبلغته بها فقام بوضعها على ورقتي وبعد الامتحان ومن دون علمي كتب تقريراً بالذي جرى إلا أن هذا التقرير لم يكن منصفاً وأحلت إلى مجلس تأديب أقرّ بشطب الفصل لي ظلماً وإعطائي علامة الصفر في معدلي التراكمي، مع العلم أنني لم أتمكن من الدفاع عن نفسي أمام لجنة التأديب ولم أخبر أهلي بالأمر، علماً أنني أتعلم تعليماً خاصاً بتكلفة باهظة.
وبعد نصف العام من الحادثة إياها دلّني الطبيب على طبيبة بالشام قال لي أنها ماهرة، وبالفعل الغريق يتعلق بقشة ذهبت إليها وشرحت لها ما يحصل معي فوصفت لي "أنافرانيل 25" فبدأت بأخذ الدواء بانتظام، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أسابيع ظهر التحسن وبدأت حياتي تعود إلى طبيعتها. ذهبت لمراجعتها وشكرتها، ولكن بعد أن عدت من عندها بأسبوع أصبت بحالة تدعى الهوس؛ أصبحت لا أنام، وقال الطبيب المشرف على علاجي أنه ما كان ليصف هذا الدواء لمثل حالتي، صرت أعتقد أني عظيم وعلى معرفة برؤساء وأمراء، وأني المهدي المنتظر، وتوقعت زيارة الرئيس لبيتي وزيارة رئيس جامعتي لرفع الظلم الذي وقع عليّ، وبحت بكل ما بعقلي الباطن لأهلي وللناس.
بعد أخذ العديد من الأدوية لا أتذكر ما هي أصبت بحالة اكتئاب حاد فلا أستيقظ أبداً، وأتمنى الموت في كل لحظة، ولا أرغب في أي شيء، وتوقفت عن دراستي أكثر من عام وبعدها عدت للدراسة، لكن تركيزي ليس جيداً لا في الدراسة ولا قي الاستماع للمحاضرة رغم أنني لا أتكلم بأي شيء بالمحاضرة، فذهبت لعميد كلية الطب في جامعتي وقلت له أن لي قريباً وشرحت له ما يجري معه فأرشدني إلى طبيب في مدينة الشام، ذهبت عنده ووصف لي "لبيونكس" و"ايفكسور"، أخذته لمدة ثلاثة أشهر وسبب لي ضعفاً كبيراً بدراستي، إضافة للضعف السابق، وبعدها وصف لي "زولفت" وبمرور أكثر من تسعة أشهر من مراجعته أصبح التحسن جيداً فقلت له هذا الكلام فكتب لي فيتامين سي وسينتروم وقال لي أن أخذهما لفترة ثم أتوقف ولا أعاود مراجعته حتى شفائي التام!.
بعد مرور أكثر من ستة أشهر قاموا بفصلي من الجامعة بسبب معدلي المنخفض، على الرغم أني كنت بحالة جيدة من الناحية النفسية وبعد أخذ ورد عدت إلى الجامعة ولكنني عشت فترة من القلق الطبيعي، وبعد سماعي لخبر إعادتي إلى الجامعة كان هذا أفضل خبر أسمعه بالدنيا، وكنت أعيش في تلك الفترة مجموعة من المشاكل أهمها عدم قدرتنا على تأمين القسط وضيق الحال وبعض الغدر الذي صدر من أصدقاء، لكني لم أكترث بذلك. بعدها ودون سابق إنذار أصبت بحالة من التوتر وعدم القدرة على النوم والقلق، ذهبت للطبيب السابق ليصف لي "زولام" مع "سيروكسات 20" وبعد تناولي لهما أكثر من 3 أشهر لم أشعر إلا بتحسن طفيف.
لدينا بالجامعة طبيب نفسي فذهبت له وشرحت الوضع فقال لي أن آخذ السيروكسات ولكني لم أشعر بتحسن يذكر، قلت للمشرفة عن حالتي فنصحتني بطبيب بالشام ذهبت له وكانت فترة امتحانات، قال لي ألا آخذ أي دواء حالياً وأن أركز على النجاح فقط ولو كان بأدنى العلامات، وقال لي أن داخلي إبداع ولكني كالغاز الطبيعي إن لم أعرف كيف أستخدمه فهو ممكن أن يحرقني. نجحت بموادي وراجعته فوصف لي "فلوزاك" و"تيغرتول" وأنا الآن أخذهما بانتظام، وقال لي أن لحالتي علاج ولكن بعد مرور سنتين وعليّ أن أعتبرهما سنتي عسكرية. أنا الآن أحس أن بداخلي إبداع كبير ولكنه مشتت لا أعرف من أين أبدأ، ومزاجي متقلب فأحياناً طبيعي وأخرى دون الحد الطبيعي، وأنا يائس وضائع في هذه الدنيا وأتململ من أي شيء لم أكن أتململ منه مسبقاً، أريد أن أعيش بسلام وأمضي في تحقيق طموحاتي، ولكن لا أستطيع! ينتابني خوف وقلق فظيعين، وشعور أني لن أكمل مشواري بالجامعة بعد كل هذه الأمور التي مررت بها، وسألت الطبيب المعالج لحالتي حالياً عن الارتباط فلم ينصح به الآن.
لا أعرف ماذا أفعل، أرجو مساعدتي وشرح مرضي وطرق علاجي بالتفصيل، والطرق التدعيمية للعلاج، أرجوكم. آسف لطول الرسالة يا إخواني فهذا والله ما يحدث معي،
وأي سؤال أنا جاهز لتمام تشخيص الحالة بشكل سليم وجيد.
5/8/2009
رد المستشار
الأخ السائل الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
حالتك تتلخص في الخوف والقلق، وحب الاستطلاع، واضطراب النوم، والخوف من الامتحان الذي أدّى إلى فقدانك الوعي في الامتحان والحساسية من الآخرين التي تميزت بعلاقة سيئة مع الزملاء والأساتذة. وظهور الأفكار التسلطية التي تشكك في وجود الله وتحريف القرآن، ومن ثم التحول إلى الهوس الذي تميز بقلة النوم وضلالات العظمة وأنك المهدي المنتظر بعد علاج الأنفرانيل، ومن ثم الاكتئاب الذي تميز بضعف التركيز وفقدان المتعة بالأشياء وفقدان الاهتمام بالدراسة؛ يدل على أنك ابتداءً كنت تعاني من شخصية وسواسية، والتي تتميز بالصلابة والعناد، وتكرار الأشياء والإتقان، والانضباط وتضخيم الأمور وتحميلها أكثر مما تحتمل (أي يعمل من الحبة قبة)، والتي أدت إلى الخوف الشديد من الامتحان والذي أدى إلى ما يسمى بفقدان الوعي التحويلي (الرحامي).
وكذلك صعوبة في التكيف مع الزملاء والأساتذة. وعندما راجعت الأطباء أعطوك العلاج الذي لم تنتفع به، ثم أن تحولك إلى الدراسة في الأردن زاد عليك المشكلة. وبعد ظهور أعراض الوسواس القهري وهي الشك في الله وتحريف القرآن الذي استجاب لعلاج الأنفرانيل والذي لا أعتقد أنه خطأ في تلك المرحلة، ثم التحول إلى الهوس بعد استخدامك للأنفرانيل ومعالجتك بالأدوية التي حولتك من الهوس إلى الاكتئاب الذي تميز بالأعراض التالية: عدم الاستيقاظ، وتمنيك الموت، وعدم الرغبة بالدراسة، ثم انتقالك بين علاج وآخر ودون استفادة.
أعتقد أنك تعاني من الاضطراب الوجداني المزدوج (الثنائي) القطبية والوسواس القهري، وإن استمرارك على التكريتول والفلوزاك والذي يمكن أن يكون تقلب المزاج هو ناتج عما يسمى بالاضطراب الدوري السريع الانقلاب.
لذلك نصيحتي لك بأن تراجع طبيباً نفسياً يمكنه أن يستخدم معك العلاج السلوكي المعرفي لغرض مكافحة الأفكار التسلطية، وكذلك أعراض الاكتئاب، وأن تستمر على مثبتات المزاج التي تقيك من تذبذب المزاج. أما من ناحية الارتباط والزواج فإني أعتقد إذا استقرت حالتك يمكنك الارتباط والزواج ويجب عليك تعريف شريكتك بطبيعة مرضك.
أتمنى لك وللجميع الصحة والعافية.