بوجهين ولا أستطيع التوقف..!؟
أنا فتاة بدأت مشكلتي منذ سن السابعة عشرة حيث تعرفت على صديقة عرفتني على شاب. وكانت أول مرة في حياتي أتعرف فيها على شباب. ولكن هذا الشاب بدأ بالخروج معي ثم بعد ذلك استغل سذاجتي ومارس معي الجنس ولكنني مازلت بكراً ولم أفقد عذريتي.
وكنت في ذلك الوقت أعرف أنني لا أحبه ولا أريده وأنني أفعل شيئاً فظيعاً. ولهذا توقفت عن فعل هذا معه وقطعت علاقتي بهذا الشاب وهذه الصديقة، ولكن من بعد هذه العلاقة بسنة تقريباً بدأت بالتعرف على شباب والدخول في علاقات معهم.A ولا أقصد بالعلاقات هنا الجنس ولكن الخروج والاستمتاع بوقتنا. وإن كان لا مانع مع بعضهم أن يحدث تلامسات أو قبلات أو أحضان. ولكن ما يثير جنوني هنا هو أنني لا أطيق من هؤلاء الشباب الخمسة عشر إلا اثنين فقط والباقي كنت فقط أضيع وقتي معهم. والمشكلة أنني في كل علاقة أشعر أنني الرجل حيث أنا التي تعد بالزواج، وأخلف وعودي بقطع العلاقة بطريقة جارحة.
وفي كل مرة أشعر بتأنيب الضمير وأقول أنني لن أفعل ذلك مجددا ولكن سرعان ما أنجذب إلى شخص آخر. والمصيبة أيضا أنني على استعداد أن أدخل في أكثر من علاقة في نفس الوقت.
لا أعرف لماذا أفعل هذا بنفسي, لماذا أرخص نفسي وجسدي ومع أشخاص لا أريدهم وأعرف أنني لن أستمر معهم, لماذا أنا بوجهين؟ وجه حسن ومتدين لمعارفي وأسرتي ولخطيبي، ووجه قذر للغاية مع رغباتي, لماذا أنا سهلة المنال؟ مع أنني جميلة والحمد لله مستوى أسرتي المادي والاجتماعي جيد جداً, لماذا أنا شهوانية جداً حيث أنني أجد نظري يتجه إلى أماكن لا يصح أن أنظر إليها عند الشباب. وأبدأ بتخيلهم من دون ملابس ولكن الحمد لله لا أتخيلهم يفعلون شيئا معي فقط أتخيلهم مع الأخريات.
وأحب أن أوضح أيضاً أنه منذ دخول خطيبي الذي أحبه جداً في حياتي توقفت عن التعرف على الشباب والتحدث أصلا إلى أي رجل. ولكن أشعر بالانجذاب إلى شقيق خطيبي وأقصد هنا بالانجذاب أي الانجذاب الجنسي، وأحب التحدث والتواجد معه كثيراً. ولكنني أقول أن مشاعري سوف تتغير عند الزواج.. فهل هذا صحيح؟؟؟؟ كيف لي أن أضبط نفسي؟؟؟؟؟ وهل أخبر خطيبي بالذي مضى مع العلم أنه سوف يتركني بالتأكيد إذا أخبرته؟؟؟؟ وكيف لي أن أمحو الماضي؟؟؟
وكيف لي أن أتقدم في حياتي بهذا الماضي الأسود؟؟؟ وهل الله سوف يسامحني على كل الذي فعلته بنفسي وبالناس؟؟؟؟؟
أرجوكم ساعدوني فأنا متعبة جدا
7/8/2010
رد المستشار
لم يخلق الله سبحانه وتعالى بداخلنا الرغبة كفطرة إنسانية لنتعذب بها أو نظلّ في حالة حرب شرسة معها طوال الوقت؟؛ فالغريزة الجنسية غريزة من بين غرائز أساسية وحيوية للإنسان، خلقها الله فينا ذكراً وأنثى؛ ليكون لها دور في حياة البشر.
ورغم أننا نكرر كالببغاوات أن الغريزة وُجدت بداخلنا لنعمّر كون الله وأرضه؛ فإننا ننسى تلك الحقيقة مع الأسف، ونجرّدها من دورها الأصلي والكبير بسبب تصرفاتنا وتصوراتنا؛ لذلك فكون تلك المشاعر لديك؛ فهذا لا غبار عليه، ولا يجب أن يُثقل كاهلك وينغّص عيشك، ويُشعرك بأنك إنسانة غير عفيفة كما تقولين.
ولكن جعل الله سبحانه وتعالى لتلك الرغبة تصريفاً واحداً فقط لا غير، يرضاه ويقبله لعباده، وهو الزواج الشرعي بين الرجل والمرأة،ولكن حتى يجعلنا سبحانه نتفادى السقوط فيما لا يُحمد عقباه، وضع سبحانه وتعالى ضوابط لتنظيم وتهذيب العلاقة بين الرجل والمرأة في إطارين: الإطار الأول إطار الدائرة العامة؛ وفيها ضوابط تخصّ طريقة الحديث ونوع الحديث وطبيعة الملابس وطبيعة التصرّف العام من جدّية وأدب وهدف نظيف، دون تحريم الاختلاط بينهما.. وإطار آخر أكثر خصوصية لدائرة العلاقات الخاصة؛ كالأقارب والخطيب، بضوابط مخصوصة لها يطول شرحها.
وقبل أن أعود لمشكلتك تحديداً أقول لك: إنني تحدثت هذا الحديث لكي تري المشهد ككل، وتفهمي القصة ككل؛ حتى تتعرفي على حقيقة مشكلتك وتبدئي في خطوات علاجها؛ فكما اتفقنا، فوجود الرغبة ليس أمراً مستنكراً؛ ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود قدرة على السيطرة على تلك الرغبة، التي أوقعتك بالفعل فيما وقعت فيه في مواقف لا ترضينها لنفسك، أو تسبب لك حرجاً، أو تجعل مَن حولك -مِن الشباب خاصة- يتصوّرون أنك فتاة غير مهذبة.
وحتى نتحدث بشكل منطقي عليك أن تقومي بالآتي:
- القيام بخطوة التأكد من عدم وجود أي خلل في الغدد؛ خاصة الغدة الدرقية؛ حيث إن وجود بعض الخلل يؤدي لوجود هذا النوع من الجموح؛ فلتتأكدي طبّياً من ذلك أولاً؛ فإن لم يكن هناك خلل فيها؛ فأتمنى أن تتمكني من التفريق بين احتمالين؛ لأنه لن يحسم هذا الفرق سواك:
الاحتمال الأول: أن يكون لديك ما يُعرف بـ"الوسواس القهري" أو طيف "الوسواس القهري"؛ وهو مرض نفسي يظهر مع الضغوط النفسية في الغالب؛ برغم أن هناك دراسات أثبتت أنه وراثي، وطبيعته ببساطة شديدة أنه يكون عبارة عن فكرة تسيطر على رأس صاحبها طول الوقت وتشغل تفكيره وخياله، مع معرفة الشخص اليقينية أنّ تلك الفكرة سخيفة أو لا يجب أن تكون موجودة، أو يشعر بأنها سخيفة وتافهة؛ إلا أنه لا يتمكن من التحكّم في قهر هذه الفكرة؛ بل تزداد شراستها في رأسه كلما حاول أن يقاومها! وتظلّ في قهرها له حتى يتكون لديه ما يُعرف باسم الفعل القهري؛ أي يضطر أو يُقهر الشخص بأن يقوم بأفعال لا يريد فعلها؛ ولكنه لا يستطيع أن يردعها، وهناك ما يعرف بوسواس النظر للعورات.
وسواء كان ما لديك هو بالفعل مرض الوسواس القهري أو أنك واقعة فقط في نطاقه؛ فهو أمر سهل إن شاء الله فستحتاجين للمساندة الطبية والعلاج الدوائي؛ على أن تتّبعي ما سيُحدّده لك المتخصص النفسي -أفضّل في حالتك أن تكون متخصصة- في خطة العلاج السلوكي والمعرفي، وكذلك العلاج الدوائي حتى يتمّ الشفاء؛ لأن الشفاء -والحمد لله- صار يصل لأكثر من 98% لمن يتبع الإرشادات بدقة.
أما الاحتمال الثاني: أنك تعانين من اضطراب في شخصيتك أو سماته ومن سماته أنه يجعل صاحبه يستهين بالأعراف وتقاليد المجتمع والحلال والحرام، ضميره في حالة سكون، لا يسعى إلا وراء إشباع ملذاته سواء كانت جنسية أو غيره فالمهم تحقيق ما يريده بغض النظر عن أي شيء،ولا يتعلم من خبراته السابقة شيئاَ فيكرر نفس الأخطاء، وتشخيصه يحتاج لدقة وجلسات متكررة، وغالبا ما يكون معه اضطرابات نفسية أخرى، وسواء كان هذا التشخيص أو الآخر فأنت تحتاجين لتواصل مع متخصصة نفسية بشكل عاجل ويمكنك القيام بتلك الخطوات حتى تجدينها لأن تواصلك مع متخصصة هي بيت القصيد لتضع يدها على نقطة الانطلاق في علاجك وتشخيص حقيقة مشكلتك:
- عدم التعرّض بشكل نهائي لأي مثير جنسي في أي شكل من أشكاله؛ سواء من خلال مشاهدة الأفلام التي تحمل مشاعر وعواطف ومشاهد جنسية، أو سماع قصص فتيات وقصص حب وغيره، أو متابعة أي مثير عاطفي أو جنسي قدر الإمكان؛ حتى نقلّل تعزيز وتأجّج الرغبة الجنسية لديك.
- الاستغلال المفيد والحقيقي لطاقتك في أي عمل تهوَيْنه، وأفضّل ممارسة رياضة؛ حيث تحقّق لك التنفيس مع الراحة النفسية والتوازن الصحي والنفسي في نفس الوقت.
- التواجد قدر الإمكان في مجموعات من الفتيات والتعامل معهن أكثر بشكل أو بآخر.
- وضع برنامج إيماني بسيط لك يجعلك أكثر قُرباً من الله سبحانه وتعالى؛ لأنه سيكون حافزاً كبيراً لك لعدم الخضوع لتلك الملامسات؛ كزيادة صلواتك وصيامك واستغفارك وهكذا.
- التدرب على مهارة "التنبيه قبل التصرف"؛ فأنت تتصرفين ثم تُفكّرين؛ فعليك بالتدرّب على العكس لكبح جماح تلك التصرفات؛ فحين تجدين نفسك ستقومين بتلك الأفعال، تُنبّهين نفسك قبل التصرّف.
- زيادة حوارك الذاتي مع نفسك؛ بأن تتذكري وطأة ألمك النفسي وخوفك على سمعتك بعد تلك التصرفات، وكذلك تذكّري جيّداً أن الشاب في مجتمعنا ينظر للفتاة نظرة خاصة تجعله قد يضحّي بحبه ولا يتمكن من مسامحة من يحبها لتهاونها معه؛ رغم معرفته بأنها تتهاون معه بسبب حبها؛ فما بالك بمن ينظر لتهاونها دون سبب عاطفي؟
- كذلك يمكنك عمل جدول ذاتي للتمكّن من اكتساب هذا التحكّم من خلال القيام بما يمكن أن نسميه سوياً "خطة الثلاثين يوماً"؛ حيث تتفقين مع نفسك أن تتوقفي عن تلك الملامسات لمدة 30 يوماً متواصلة؛ على أن تتابعي نفسك يومياً من خلال الجدول، وتقومين بالتعليم فيه من خلال خانة النجاح أو خانة الفشل، وتضعين لنفسك مكافأة جيدة عن كل يوم يمرّ دون تلك الأمور، وتضعين كذلك لنفسك عقاباً عن كل مرة سقوط، وأعيني نفسك بارتداء ملابس ملائمة، ولا تجلسي مع رجل وحدك، ولا تتبسطي في الحديث مع رجل.
ولكن أذكّرك بقوة ألا تيأسي من نفسك أبداً، وكلما فشلت كلما زادت رغبتك في التحدي أكثر، ولا تجعلي الشيطان يصوّر لك أنه لا فائدة منك؛ لأن معنى فشلك هو أنك بالفعل تقاومين، والله سبحانه وتعالى موجود ويرى قلبك ويعلم ما يكدّر عيشك، ويعلم تماماً أكثر مني ومنك أنك لا ترضين لنفسك هذا، وأنك تحاولين محاولات حقيقية وجادّة لترَضيْ عن نفسك وتُرضيه تعالى، وكلما فشلت ابدئي من جديد، واجعلي هناك خطة ثانوية داخل الخطة الكبيرة؛ كأن تخصصي مكافأة أكبر لمرور أسبوع بشكل مستمر دون وقوعك في تلك التصرفات؛ لأن ذلك سيشجّعك كثيراً على الاستمرار في تحقيق النجاح.
وأخيراً أذكّرك أن تقرئي سطوري جيداً لتضعي يديْك على حقيقة ما تعانينه حتى لا يقع المحذور الذي سيكون من العيار الثقيل.