انتهى هذا الفصل من الرواية.. اقلبي الصفحة..!؟
الله لطيف بعباده يا لطيفة
السلام عليكم ورحمة الله، لقد قرأت رسالتك عدة مرات وكنت على وشك أن أنام لكن مبالغتك في تقييم ما فعلت وقسوتك الزائدة على نفسك، بالإضافة إلى الرد المقتضب للمستشارة دفعني لطرح النوم جانباً والرد على مشكلتك وأرجو أن أوفق في ذلك.
بداية، أنت تروين قصة حب تخللها بعض اللمسات والقبل بينك وبين شاب أوهمك بالحب والزواج ثم انسحب لتعاني الفتاة تبعات الأمر، والحمد لله أنك لا تعانين أبعاداً جسدية لها فليس في بطنك ذكرى لما حدث! المسالة تبعات نفسية ولوم شديد للذات وشعور قاتل بالذنب.
بلا شك يا عزيزتي أنك أخطأت، لكن فهمك للأسباب التي دفعتك لهذا الخطأ قد تساعدك في تخطيه؛ أنت لست رخيصة ولست ساقطة، أنت فقط فتاة محتاجة للحب أنزلت من "أحبها" وأحبته منزلاً ليس له على اعتبار ما سيكون فيما بعد، وهذا الأمر حدث ويحدث الآن وسيحدث في المستقبل.. حب الشباب والبنات لن يتوقف حتى تقوم الساعة.. وستبقى هناك قُبل ومداعبات وتمنُّع، وما هو أقل من ذلك وما هو أكثر.. بيت القصيد هنا أنك لست ساقطة ولست رخيصة، أنت أردت الحب والاهتمام وطبعاً الزواج كأي فتاة، لكن الرجل الذي أحببته ذهب!.
خلاصة القول أنك أخطأت، لكن كونفوشيوس حكيم الصين يقول "لا يمكن للإنسان أن يعبر النهر نفسه مرتين" وهو محق، فالنهر دائم الجريان دائم التغيّر بالضرورة، كذلك الإنسان! هذه هي حياته؛ نهر مستمر من التغيرات، فالفتاة التي أحبت وأخطأت ليست هنا الآن.. لقد ذهبت وانطوت فسامحيها والتمسي لها العذر.. هي ليست أنت، وهي ليست ساقطة، كانت ببساطة مجرد عاشقة.
إن استحضارك لصور اللقاءات ومقارنة نفسك بالفتيات "الطاهرات" ما هو إلا إحياء للفتاة العاشقة التي أخطأت والتي هي ليست أنت، هذه المقارنات لا تفيد.. الماضي لا يعود وهو ليس من القتامة بمكان ليسود المستقبل، ولو بقي عقلك يعمل بهذا الطريقة ويعتبر تلك الفتاة هي أنت فلن تتقدمي شبراً واحداً ولن يفيدك لو قرأت القران كله أو صليت ألف ركعة، تلك الفتاة انتهت وأنت الآن أكبر منها عمراً، كانت عاشقة صغيرة وطائشة، كنت أنت تلك الفتاة لكنك الآن لست هي.. أفهمت؟.
أما الجنس؛ فهو لا يزال أكثر الأنشطة البشرية إمتاعاً، وله الفضل في بقاء الجنس البشري إلى الآن شئت أم أبيت، لذلك يجب ألا تكرهينه بسبب تجربتك الصغيرة.. فليس هو الملوم! بل ثقتك في من لا يستحق هي السبب. لا تربطي هذا بذاك، غداً إن شاء الله ستتزوجين، وحاولي أن تستمتعي بالجنس قدر الإمكان ضمن حدود الله.
بخصوص زوج المستقبل، هو يستحق زوجة مطيعة تحفظ عرضه في غيابه، ولا شأن له بما مضى فهو لا يعرفه ولا يجوز أن يعرفه وليس مسؤولاً عنه ولا تخونينه لو لم تخبريه، ودعك من ترهات يستحق زوجة طاهرة و ما إلى ذلك! المسلم لا ينجس وأنت طاهرة ونقية.. إن فتاة تحرقها بعض القبلات عاماً وأكثر لهي قمة الطهارة!.
أخيراً.. أعتقد أنك بدافع الذنب تحوّلت عن صديقاتك إلى صديقات ملتزمات، وهذا جيد إلى حد ما، لكن ما لفت نظري هو حديثهن عن الفتاة التي تمنح نفسها وأعتقد جازماً أن هذا الكلام هو محراك الألم في صدرك، فكلامهن يضعك دائماً في مقارنة تفشلين فيها. المشكلة يا عزيزتي أن بعض الناس نزعوا عن الإسلام صفته الإنسانية، فيصنفون الناس إلى عصاة ومطيعين، ملائكة وشياطين، أبيض وأسود، طاهرين وقذرين.. وتناسوا أننا بشر نصيب ونخطئ، نصلّي ونقصّر، قد نصوم أعواماً ونفطر يوماً بغير عذر! قد ننام عن صلاة مكتوبة كسلاً أو نسياناً! قد نرائي، قد نبخل، قد نغضب أبوينا، قد نغتاب، قد نقبل لو أغوانا العشق وضعفنا أمام أنفسنا! لكن هذا كله لا يجعلنا قذرين، ولا يجعل الآخرين أطهر منا، متى شهدنا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول لله فنحن طاهرون ولو ارتكبنا اللمم من الذنوب.
انسي ما أقدمت عليه فهو ماضٍ لا يعود، وتلك العاشقة أخطأت وولّت إلى غير رجعة، أنت الآن إنسانة جديدة. توضئي وصلّي ركعتين لمالك الملك، وتأكدي أنه هو من خلقك وهو يعرف كم كنت ضعيفة ويعرف كم أنت طاهرة. ولو لم يسامحك ما رضي أن تقفي بين يديه في جوف الليل.
الله لطيف بعباده يا لطيفة، فتعلمي ذلك عنه منه.
وفقك الله وأسعدك
18/4/2010
رد المستشار
أسعد الله أوقاتك وأهلاً وسهلاً بك أخي المراقب لهموم الناس...
أشكرك على محاولاتك التخفيف عن لطيفة وأشاركك الرأي في ضرورة أن تتجاوز ما حصل بعد أن استغفرت وتابت، وأنها يجب أن تمضي في الحياة لأن الكثير ينتظرها والنظر للوراء يوقفها عن أداء دورها كمسلمة فاعلة يجب أن تشارك في عمارة الأرض..
لكني يا أخي أختلف معك في ما قدمت به رسالتك فنحن مطالبون بالتصدي لشهواتنا، وتذكر أن كلماتك قد تقرأها من هي غير لطيفة ومن لم تتجاوز هذه القصة بعد بل قد تجد فيها مبرراً لنفسها بالتساهل في العلاقة مع من تظن فيه زوج المستقبل وليس تركه لها وعدم تقديره لذلك هو السبب الوحيد لرفض العلاقة غير الشرعية بل الدافع الأول هو أنها "غير شرعية"...
أشكرك مرة أخرى على مشاركتك وأنتظر من "لطيفة" أخباراً سارة عن حياتها الجديدة المثمرة...