وسواس الحيرة والخوف من المستقبل..!؟
السلام عليكم ورحمة الله؛ عانيت طويلا والحمد لله من مرض الوسواس, كان المرض ينتقل فيها من فكرة إلى فكرة, وعاش معي حتى أصبح كظلي بل كجزء من جسدي حتى أتعبني كثيرا... وها أنا الآن وصلت إلى ما وصلت عليه الآن من وسواس في النية ووسواس الرياء والخوف من الشفاء (لأنني إذا شفيت أخاف من وقوع مصيبة أخرى) والخوف من المستقبل والحزن الشديد بأسباب وبدون أسباب والشعور بالخوف من الله الذي لا يصاحبه رجاء والحيرة الشديدة بسبب اختلاف الفقهاء في الآراء الفقهية؛
وشعوري بأنني فاسقة, كنت قد ترددت كثيرا على الأطباء وانتقلت من طبيب إلى طبيب بعد مدة طويلة من العلاج تقريبا سنة أو أقل عند كل طبيب أو أخصائي, حتى في النهاية ذهب إلى طبيبة للعلاج السلوكي ولكن كلامها كان يستمر معي مثل مسكن الآلام لا يستمر إلا لأيام ثم يعاودني الضيق والقلق.
وساوسي كلها ترجع إلى أصل واحد هو حرصي على إتمام طاعتي بشكل صحيح مثل الصلاة والوضوء والاغتسال والخوف من الكفر... ما زلت أعاني ولا أذكر ذلك من باب الشكوى بل من باب الإخبار بأنني أحيانا أصل إلى مرحلة أجد شعور الكره أستغفر الله للصلاة والعبادة، وأنا حاليا أعمل في شركة مختلطة وأنا ملتزمة بالحجاب وباللبس الشرعي ولكن تراودني أفكار وقلق من أنني لست ملتزمة وما ألبسه لا يرضي ربي ويجب أن ألبس مثل أهل السعودية نقاب ولباس واسع يبدأ من الرأس إلى القدم.
وأشعر بأنني فاسقة لأنني ألبس ما يسمى بالجلباب الذي تلبسه كل الفتيات وأحيانا ألبس غطاء للرأس ملون ولا أغطي وجهي، كما أنني أشعر بذلك الضيق أيضا لأنني أعمل مع رجال وحاليا لا أجد عملا بديلا آخر ولا يوجد من يصرف على البيت غيري.
حتى في عملي فأنا أنشر بعض معلومات الكتب مثل أسمائها وسنة نشرها...إلخ إما على موقعنا على الإنترنت أو من خلال القوائم التي توزع على الزبائن، فأجد بعض الكتب مثل الروايات تكون هابطة المحتوى وأحيانا تتحدث عن الحب لذلك أرفض عمل ذلك ولكن أشعر بحرج شديد ولا أعمل هل كل كتاب يتحدث عن الحب حرام قراءته لأنني قرأت بأنه حرام، حتى أنني أصبحت أدقق في كل كتاب هل هو حرام أم حلال وهذا يشق علي ويجعلني أتأخر في عملي، وأحيانا أفكر بترك عملي لأجل كل ذلك بما فيه أن الفتاة يجب أن تجلس في البيت ولا تخرج للعمل وأن حكم عمل المرأة عند بعض الفقهاء وخاصة أنه مختلط حرام.
بصراحة أواجه حيرة شديدة في كل شيء ولا أدري أن كنت أفهم الدين بشكل صحيح أم لا, حتى أنني أصبحت أبتعد عن قراءة الكتب الدينية خوفا من الحيرة أسأل نفسي هل يريدني ربي أن أجلس في البيت ولا أعمل وهو لا يوجد من يعيل البيت وأنتظر حتى تأتيني وظيفة جديدة غير مختلطة, وأنا أكره البيت وإن جلست في البيت أشعر بالاكتئاب أكثر والوحدة بسبب جو البيت المشحون وماذا أفعل تجاه اختلاف الفقهاء؟
هل أنا فاسقة وهل ما أقوم به من نشر للكتب حرام لا أملك سوى أنني أقول أنني أشعر بالضيق الشديد والحيرة والحزن وعدم وجود حلاوة في العبادة
أسال الله لي الثبات ولكم
20/03/2012
رد المستشار
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
أسال الله تعالى لك أختي عاجل الشفاء. فالوساوس من الأمراض التي يبتلى بها الله عباده، وهذا الابتلاء ليس شرا، بل هو للإنسان، ومن هنا، فالأصل أن الابتلاء يزيد إيمان الإنسان ولا ينقصه، لأنه كما جاء في الحديث: "إذا أحب الله عبدا ابتلاه".
الأمر الثاني: أن المسلم لابد أن ينظر إلى الكون حوله، وأن يتعلم، فالمرض من السنن التي كتبها الله تعالى على جميع عباده، مسلما أم غير مسلم، وقد جاء في الحديث: "لابد للمرء من ثمانية: عسر ويسر، وحزن وفرح، وفرقة واجتماع، وسقم وعافية"، فلابد من النظر إلى المرض على أنه شيء طبيعي يصيبني ويصيب غيري، فهذا مما يهون المرض على الإنسان.
الأمر الثالث: أن الشك في الأحكام الفقهية طريقها العلم والسؤال، دون أن يزاد عليها، فإن كنت تشكين في طهارتك وصلاتك فالسؤال هو وسيلة الراحة.
الأمر الرابع: أن الأصل في الدين أنه مبني على اليسر، فلا يتعب الإنسان نفسه ويشدد، وقد يسر الله تعالى عليه، وقد قال سبحانه: (ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج).
الأمر الخامس: أنه لابد من فهم الدين برؤية كلية، فالدين عقيدة وعبادة ومعاملات، فالأولى والثانية ليس لنا فيها اجتهاد، فنؤمن بالله كما شاء، ونعبده كيف شاء، أما المعاملات فهي من الأمور التي تركها الله تعالى لنا، ولكنه سبحانه وضع قواعد عامة يجب أن نلتزم بها، لأن الفائدة من المعاملات تعود للإنسان، ومن هنا مثلا، عمل المرأة، هو من المعاملات، فالأصل فيه أنه مباح، مع الالتزام بأخلاق الإسلام، كما أن كثيرا من المعاملات تعد من باب العادات، والأصل في العادات أنها مباحة، فلا هي عبادة، ولا هي عقيدة.
فالدين أيسر مما تتصورين، ولا تعيشي نفسك في تعب تجلبينه لنفسك أنت ثم تنسبينه إلى الدين، والدين منه براء، ولا تتعاملي في كل شيء بعقلية الحلال والحرام ابتداء، لكن اعلمي أن العادات مبنية على الجواز والإباحة، بخلاف العبادات، وإذا جهلت شيئا فاسألي عنه أهل الذكر كما قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). فالدين جاء ليسعد الناس لا ليشقوا به، ودع وساوس الشيطان جانبا، وعيشي حياتك كأية فتاة مسلمة، تعيش دنياها ولا تنس آخرتها.
حاولي أن تخرجي نفسك من الحالة التي أنت فيها، كوني صديقات صالحات، اخرجي إلى المنتزهات، شاهدي البرامج النظيفة، حاولي أن تجلبي السعادة لنفسك، واعلمي أن الله تعالى جعل هذا الكون كله لنستمتع به، وفي ذات الوقت نعبده سبحانه، وقد قال سبحانه: (ولا تنس نصيبك من الدنيا)، وقال: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، انظري إلى زملائك وزميلاتك الذين يعيشون حياتهم بسعادة، وتعلمي من تجارب الحياة، وتوكلي على الله، وأكثري من الدعاء أن يهبك الله تعالى السعادة في الدنيا والآخرة.
واقرئي على مجانين:
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري
وسواس الطهارة: هلك المتنطعون مشاركة
وسواس الطهارة: هلك المتنطعون
التنطع والوسواس والجنس الآخر!
مريم من الجزائر: وسواس الرياء
خالص دعائي لك بحياة سعيدة,ويتبع>>>>>> الحيرة والخوف من المستقبل والوسواس