السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكركم كثيرا على موقعكم الرائع.
مشكلتي أنني تزوجت فتاة تبيَّن لي فيما بعد أنها لديها مشكلة كسل وخمول شديدين فهي مقصرة في أعمال البيت وأمور الأولاد، وكذلك مقصرة في علاقتها معي كزوجة، وكل هذا يسبب لي مشكلة كبيرة في استقراري الإيماني وكذلك العاطفي.
أنا أصلا إنسان ملتزم، وأتمنى أن تكون حياتي إسلامية أنا وزوجتي وأبنائي وأن يكون شغلنا الشاغل العمل لديننا ووطننا، لكن بدلا من أن يساعدني زواجي في ذلك لقد صارت الأمور على العكس تماما، فأنا أتمنى الآن أن أتزوج بغيرها تعطيني حاجتي الطبيعية من العاطفة، وكذلك الناحية الجنسية إذ زوجتي هذه على العكس تماما مني هي لديها خمول جنسي، وأنا على العكس من ذلك؛ وهو ما سبب لي ضعفا إيمانيا عاما بعد عام، وأنا الآن لي 7 سنين متزوج، ولدي ثلاثة أطفال بحاجة إلى اهتمام ورعاية.
* تم نشر هذه الاستشارة سابقاً على صفحة مشاكل وحلول
رد المستشار
الأخ الكريم، هل تريد أن تتزوج مرة ثانية لأن زوجتك الأولى وأم أولادك كسولة جدا، وتعاني من برود جنسي ولا تشبع حاجاتك؟ الأمر طبعا متروك لك، وهذا حقك المشروع، ولكنا فقط نود أن نسألك:
ماذا لو كانت الزوجة الثانية مثل الأولى أو وجدت فيها عيوبا أشد خطورة؛ فهل تتزوج الثالثة؟
وماذا لو تكرر الأمر، ولن تخلو امرأة من عيوب. فالكمال لله وحده؛ فهل ستتزوج الرابعة؟
وماذا لو تكرر الأمر ثانية؛ هل ستطلق إحداهن لتتزوج من خامسة؟
ونود أن نسألك أيضا هل تملك القدر ة على إدارة بيتين (ولا أقصد هنا الأمور المادية فقط كما يتصور معظم الرجال)؟ وهل يمكنك السباحة بأسرتين في بحر الحياة المضطرب والسيطرة على الدفتين؟ أم سيفلت الأمر منك فلا تستطيع السيطرة على مقاليد الأمور ولا تتمكن من الموازنة والعدل؟ وساعتها ستكون أنت الخاسر في الدنيا والآخرة.
ثم هل تعتقد أنك بهروبك هذا تكون حققت معنى قوامتك؟ وهل تكون بذلك قد اتبعت هدي رسولنا الكريم حيث قال: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ألا يستحق الأمر بذل بعض الجهد لتفهم طبيعة ما تجده من زوجتك ومسبباته ومحاولة إصلاح ما تجده فيها من عيوب؟ ألا يستحق أولادك أن تبذل بعض الجهد لتصل بسفينتهم إلى مرفئها الآمن، وهم يستظلون بظلك وينعمون برعاية أمهم؟
إن زوجتك أيها الأخ الكريم – مثل معظم زوجات هذا الزمان – كانت فتاة مدللة في بيت الأسرة، اهتمت الأسرة والمؤسسة التعليمية بتعليمها العلم الأكاديمي، ولكنها لم تتلق التدريب الكافي على إدارة أسرة المستقبل والقيام على شئونها، وعندما تتزوج الفتاة تجد مسئوليات عظيمة ملقاة على عاتقها، خصوصا لو من الله عليها بالأطفال سريعا؛ فالمطلوب منها أن تسهر مع المولود الصغير؛ ترضعه وتغير ملابسه وتهدهده، وفى الصباح تلهث لإعداد الطعام وغسل الملابس وكيها وترتيب المنزل كلما أفسد الصغار نظامه - وهو أمر مستمر ليل نهار- وفض المنازعات التي لا تنتهي بين الصغار ومتابعة استذكار دروسهم، ويزداد الأمر سوءا لو كانت تعمل، فعليها أن تتوجه لعملها في المواعيد المحددة، وأن تحسن أداء عملها، حتى إذا حل المساء فواجبها يقتضي أن تتحول إلى راقصة ومسامرة للزوج تتجاوب معه وتلبي احتياجاته حتى ينام الزوج قرير العين، لتبدأ هي الدورة من جديد، تشعر الزوجة ساعتها أن أمورها كلها مضطربة فهي لا تحسن تدبير شئون المنزل، ولا تحسن إدارة وقتها ولا يوجد عندها تصور لكيفية إدارة اقتصاد الأسرة، لا تعرف كيف تعتني بالأولاد؟ وببساطة شديدة تشعر أنها تغرق في بحور من المسئوليات وهي لا تحسن السباحة، والزوج والحبيب يقف على الشاطئ ينظر إليها ويندب حظه، ويعقد المقارنات الظالمة بين زوجته وبين أمه التي كانت تجيد السباحة في هذا الخضم!! .
وبدلا من مد يد المساعدة نجده يسارع باللوم والتقصير على كل هفوة وكل تقصير؛ فهل صبُّ اللوم فوق رأس هذه المسكينة يحل المشكلة أم يزيدها تعقيدا؟ إن اللوم يصيبها بالإحباط والاكتئاب وهذا كفيل بزيادة الخمول والكسل، فيزداد لوم الزوج وتقريعه ويدخل الزوجان في دائرة مفرغة والحل في كسر هذه الدائرة وبداية ذلك بأن يكف الزوج عن توجيه اللوم، وأن ينزل من برجه العالي ليقتدي برسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - "الذي كان في مهنة أهله"، عليه أن ينزل إلى الخضم ومعه قارب النجاة "الحب" ومجدافاه "التشجيع المستمر والتفاهم".
وأتوقف قليلا لأحكي لك قصة أحد الأزواج الرائعين كما وردت على لسان زوجته والتي تقول: "إنها كانت مثل زوجتك تماما، وإنها غرقت من البداية في مسئوليات البيت التي لا تنتهي، ولكن زوجها بحسن منطقه أقنعها بأهمية إدارة الوقت وحسن استغلاله، وأهميه أن تضع خطة يومية لأعمال المنزل وترتبها حسب الأولويات وتبدأ بما هو أهم حتى تنتهي منه؛ ثم بما يليه في الأهمية، والأعمال المؤجلة تنتقل إلى اليوم التالي وتوضع في الجدول حسب أهميتها، فإذا أحسنت أجزل لها الثناء، وإن كانت الأخرى لم يلجأ إلى اللوم، وفى البداية كانت لا تنجز حتى 10% من الأعمال المطلوبة، ومع تشجيعه المستمر ومتابعته للأمر أصبحت تنجز 100% من أعمال اليوم"؛
كما أذكر مقولة لإحدى السيدات الفضليات كانت تقول: "عندما أجد من زوجي التقدير وعندما أسمع منه كلمات الثناء والشكر أسرع لتلبية طلباته حتى لو أديتها زحفا على الأقدام"، فإذا كان لكلمات التقدير والثناء مفعول السحر هذا فلماذا لا نجربها؟ وإذا كانت عندك المقدرة على فتح بيت ثانٍ فلماذا لا تصرف بعضا من مالك لإحضار من تعاونها في شئون البيت؟ ولماذا لا تنفق بعضا من وقتك وجهدك في المشاركة في بعض الأعباء الملقاة على عاتق زوجتك؟ ساعتها لن تصف زوجتك بأنها كسولة وخمولة؛ ولكنك ستجد منها كل ما تحب، ولا تنس ساعتها أنت وزوجتك أن تتعاونا في تدريب أولادكم وبناتكم وتعدوهم الأعداد الأمثل لتحمل مسئوليات البيوت والزواج.
ونأتي بعد ذلك إلى أمر العلاقة الزوجية وشكواك من برود زوجتك الجنسي، وللبرود الجنسي عند النساء أسبابه، ومنها ما هو نفسي (ناتج عن سوء الفهم والتصورات الخاطئة) وهذا هو أكثر الأسباب شيوعا، ومنها ما هو عضوي نتيجة اضطراب الهرمونات أو ختان (خفاض) جائر.
ومن المؤكد أن هذه العلاقة من أهم أسباب دعم أواصر المودة والسكن بين الزوجين وإزالة الخلافات بينهما لو أحسن الطرفان أداءها بحيث تلبي احتياجات طرفي العلاقة، وأمر على هذا القدر من الأهمية يحتاج من الزوجين إلى حكمة شديدة في التعامل معه، وإلى تفهم لطبيعة الطرف الآخر وما يسعده، وذلك لوجود اختلافات جوهرية بين الرجل والمرأة في أمر المعاشرة الزوجية، وأهم هذه الاختلافات على الإطلاق هو أن الرجل يمارس الجنس لإرواء شهوته، أما المرأة فإن العلاقة الزوجية بالنسبة لها تمثل قمة التعبير عن الحب؛ فالحب حياة المرأة وجوهر اهتمامها، تبحث عنه دوما وتتطلع إليه بشغف عجيب، فإذا وجدته وهبت كل ما تملك: حياتها، وقلبها، وجسدها لمن تحب وهي راضية وقريرة العين؛ لأنها وجدت ما تطمح إليه وتبتغيه .
إذا نجح الرجل في احتواء زوجته، وأغرقها في بحور الحب، وإذا استطاع أن يعزف على أوتار قلبها بمهارة فإنه حتما سيستمتع بأعذب النغمات، وكل رجل يعرف كيف يسعد زوجته ويشعرها بحبه، ولكني فقط سأحاول ذكر بعض الخطوات العملية التي تساعد في ذلك:
* الحرص على مظاهر الحب الرومانسي الجميل، مثل إهداء الورود والكروت والخطابات التي تحمل أرق كلمات الإطراء والثناء على جمالها ولباسها وزينتها وعلى جميل خصالها، وتذكَّرْ أن هذا الأمر مما يباح فيه الكذب لتوطيد أواصر المحبة والمودة بين الزوجين، على أن يستمر هذا العطاء الرومانسي الجميل طوال اليوم فيبحث عنها عند عودته من العمل، يمسح على شعرها، ويربت على يديها ويقبلها ويبادلها نظرات الحب، يهتم بها إذا مرضت ولا يحملها ما لا تطيق، والخلاصة أن يشعرها بحبه واهتمامه طوال الوقت.
* أكثر ما يضايق المرأة أن تشعر أن زوجها -ومعذرة في هذا التعبير- "أناني" لا يراعي الأوقات المناسبة للعلاقة الزوجية فيطلبها وهي مرهقة أو مريضة، ويتجلى هذا أيضا في عدم مراعاة ما يؤلمها أو يؤذيها بترك التطيب والسواك والتجمل لها "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، أو قيامه بحركات عنيفة تؤلم جسدها الرقيق، أو انتهاؤه من قضاء شهوته بدون الاهتمام بها أو بما تريده، وما أجمل فعل الزوج الذي كان لا يطلب زوجته، ولكنه يشجعها على أن تطلبه هي تلميحا أو تصريحا حتى يضمن أنه لن يطلبها في وقت غير مناسب لها.
* على الزوج أثناء اللقاء أن يثير كل حواسها وأن يغرقها في بحور الحب كما قلت مسبقا، وأن يطيل فترة الملاعبة والمداعبة، وأن يكثر من كلمات الحب الرقيقة وهو يمتع جسدها بلمسات الحب الدافئة، وجسد المرأة كله قابل للإثارة، ويمكن أن يتفقا سويا على تأجيل الإيلاج حتى تشعر هي باحتياجها لذلك.
في هذه المرحلة وبعد أن تتذوق زوجتك من نبع الحب الصافي، يجب أن تكتسبا سويا الثقافة الجنسية المطلوبة وهي موجودة على موقعنا هذا في باب عندما يأتي المساء،والمصارحة ضرورية في هذه المرحلة فاسألها عما يسعدها من حركات وأطلعها على ما يسعدك ويثيرك.
* إذا لم تجد استجابة بعد ذلك فيمكنك استشارة طبيبة أمراض النساء للبحث عن أي سبب عضوي.
الأخ الكريم، عليك أن تسير في مساري الإصلاح سيرا سويا وبحكمة شديدة وتدبير؛ لأن إصلاح العلاقة الزوجية كفيل بإزالة أسباب الخلاف وتوطيد أواصر المحبة، وإصلاح أمور المنزل كفيل ببعث الهدوء والرضا في النفس.
الأخ الفاضل، زوجتك تحتاج منك بعض الجهد والحكمة والصبر من أجلها ومن أجلك ومن أجل ثمرات زواجكما، ودورك أن تبذل هذا الجهد لتصل إلى ما تصبو إليه من إقامة البيت المسلم، وتحقق فيه أهم أركانه "السكن والمودة" فلا تَأْلُ في بذل هذا الجهد وكلي ثقة أن الله سبحانه سيكافئك في الدنيا بأن تقر عيناك بزوجتك؛ تسعد معها وبها وتسعدها، وسيكون ثوابك أعظم في جنة الخلد فتستمع بزوجتك الرائعة وبالحور العين، وبكل متع جنة النعيم.