حزني على أمتي التي تصر على ألا تقبل إلا أن تكون متفرقة، فمع كون أمة الإسلام جُمع لها ما لم يجمع لغيرها من عوامل ووسائل الاتحاد والاجتماع، إلا أنها ترفض إلا أن تكون مختلفة!
والمشكلة أنها تختلف في حياتها العامة وقت الترف وممارسة الحياة بشكل عادي ولكن المشكلة الكبرى هو توظيف هذا الخلاف وقت الأزمات بشكل مدروس من قبل أعداء هذه الأمة، ونقع فيها بدون وعي وإدراك.
والأخطر من ذلك هو توظيف الدين وأئمته في إدارة النزاع في وقت نحن في حاجة ماسة إلى أن نجتمع ولا نتفرق، وهذا يتطلب من علماء الدين وباحثي الشريعة ألا "يتدروشوا" وأن يكونوا على وعي كبير بواقع الحياة، وأن الأمر لم يعد محصورا لاجترار بعض النقول القديمة على واقع متشابك، لا يمكن لفقيه وحده، ولا أمة من الفقهاء أن يدركوه إلا بعد الرجوع إلى المتخصصين من أهل وخبراء السياسة وعلماء الحضارة، لكي يقول القائد الديني كلمته، لتكون أقرب للقبول عند الله ثم عند الناس.
إن أمتنا تعيش بين رحى حربين، حرب خارجية، يقودها أعداء عندهم من الوعي والذكاء والإدراك لما يريدون، وبين حرب داخلية، لا نلوم غيرنا عليها، لأننا جزء من المشكلة.
إن هذا الدين لن ينصر إلا بالأذكياء، أما الغباء فهو كما قال العلامة الشيخ محمد الغزالي –رحمه الله- فإنه في ديننا معصية، وفرق بين معصية فردية يصيبها المرء ويكفيه فيها التوبة بينه وبين الله، وبين معصية تنقلها وسائل الإعلام لتكون أكثر تأثيرا على قطاع عريض من شعبنا وجمهورنا.
إننا في وقت حساس جدا، ويجب علينا شعبا وطلاب علم وعلماء ودعاة أن نكون على قدر المسئولية، حتى لا يلعننا الله ويلعننا اللاعنون، ولهذا فإننا في حاجة أن ندرك الأمور بشكل شمولي، فالأزمة التي تمر بها الأمة أكبر من أن تكون اختلافا بين سنة وشيعة، بل هي حرب بين عصابة مجرمة، وصلت إلى سدة الحكم في بلاد تتظاهر بالديمقراطية والمدنية، وهي أقرب ما تكون للفاشية والنازية في أسوأ تاريخها وأثرها على المجتمع البشري، وإن من واجب الأمة بكل طوائفها أن تقف صفا واحدا ضد هذا الشيطان الأكبر الذي هو أضر على البشرية من الشيطان الرجيم.
إننا في حاجة أن ترجم هوة الخلاف بيننا، وأن نتحد صفا لرجم الشيطان الصهيو أمريكي لخطره على الجميع، وفي هذا المجال لسنا في حاجة إلى اتحادنا كمسلمين سنة وشيعة، بل نحن في حاجة أن نتحد مع كل المجتمعات الإنسانية التي ترفض الظلم، ولنا في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم القدوة، حيث حضر ندوة دار بن جدعان التي تعاهدت على نصرة المظلوم، وقال: لو دعيت إلى مثلها لأجبت.
إننا في حاجة إلى هيئة أمم متحدة شعبية تخرج من ضمائر الشعوب لا من كراسي الأنظمة، وأن تخرج من الضمائر الحية، لا من ضمائر الذين يتجارون بشعوبهم، إن الشعوب الإنسانية مظلومة وهي لا تدري، وإنه آن الأوان لتثور الشعوب على مافيا السياسة في العالم، لتكون الأرض لنا جميعا، وإن كنا مختلفين، فلا بد من مساحات مشتركة بيننا، وليس كل الاختلاف شر، ولكن الشر هو استجرار الخلاف في وقت يجب فيه الاتحاد، أو أن ندعي أنه يجب علينا أن نكون شيئا واحدا في كل شيء.
وفي فهم الدين يجب علينا ألا نخرج عن واقعنا وعقولنا، بل لابد أن نعي الأمور شيئا وأن ندرك مقاصد الأمور بوعي كبير، وأن ننظر إلى الكليات لا الجزئيات، مع مراعاتها في أوانها ، ففقه الدين واجب على كل المسلمين، أما فقه الأحكام الشرعية فله أهله واختصاصه.
فافقهوا دينكم ، يرحكم الله.
اقرأ أيضًا:
شاهدة عيان: ماذا يجري في لبنان1 / قاتلوا إذن معنا / حينما نعجز عن"تصديق" النصر / الأزرق والأحمر وصبغات أخرى.. / حوار مع السيد العلامة: محمد حسين فضل الله / أجساد ساخنة 24 7 2006 / يا هنود العالم الحُمْر، اغضبوا أو انقرضوا..! / رواد مجانين نعم حرب لبنان حلاً / رسائل فك الحصار 24 /7 /2006 / اعترافاتي الشخصية:الأطفال يهدون الدمار / لم يعد خرساً زوجياً فقط.. اللعبة عامة / هذا الذي أفعله..المجد للمقاومة / أنقذوا لبنان الشقيقة / شكرا منظمة الصحة وفي انتظار المزيد / على باب الله أشباح بيروت / تحيا كوريا الشمالية: يحيا حزب الله / ساعات سكينة: ساعة الأخبار / اغتيال الحرية: لبنان عروس العرب / شيزلونج مجانين نوم في غير وقته / صواريخ مباركة عربية!!