أرسلت واحدة من بناتنا تقول:
السلام عليكم ورحمة الله،
صحيح أني غير متخصصة في أي من المجالات التي ذكرتها.. اللغة.. الطب النفسي.. أو الكمبيوتر، ولكنني أستطيع التدقيق الإملائي إن أردت مساعدة في مجانين.
ولا تخف لا أعاني من البطء الوسواسي.. وعلى الأقل "أعمل حاجة مفيدة".
واحدة من بناتك
"وفي ذعر فطنت للحقيقة: في كل فترات حياتي الصعبة كنت أنتظر أن تنتهي الفترة.. أنتظر النور عند نهاية النفق.. ماذا لو عرفت أن هذه هي حياتي ذاتها.. ليس بعدها بعد، وأن النفق لا نهاية له إلا القبر".
10/9/2007
الابنة العزيزة؛ أهلا وسهلا بك على مجانين، بارك الله فيك وجازاك كل الخير وأسعدك وأرضاك.... وهل تحسبين التدقيق الإملائي أمرا بسيطا يا ابنتي؟؟ إنه أحد أكبر المنغصات التي ما تزال تزعجني وإن خففت عني كثيرا من وجعها ابنتي الأستاذة هديل فكري.... وحمل كثيرا منها أخي أ.د.السعدني، ورغم ذلك كله ما تزال عملية مرهقة للجميع... يعني ليس عرضا بسيطا ما تعرضينه علينا وليست من تعرض القيام التطوعي به أبدا ليست بمن يصح أن تقول: وعلى الأقل "أعمل حاجة مفيدة"! أظنك مفيدة لكل من حولك فلا تغبني نفسك، لأني أشم اكتئابا أعمق ربما من وسوستك تلك التي بها تقرين!
يا ترى ماذا تختارين؟ التدقيق الأول على النص كما يكتبه غير المتمكنين من العربية كلغة أو غير المتمكنين من الكتابة بالعربية على لوحة المفاتيح أو غير المهتمين بأن تكون لغتهم العربية سليمة..... التدقيق الأول هذا أصعب الصعاب، ومعناه أنك تقرئين النصوص كما ولدتها أصابع زوار الموقع ولا أظن أني سأربطك إلى الإنترنت ليل نهار لكي تستلمي وتصححي وتدققي ما يصلنا كل يوم، ربما أرسل لك بعض الملفات يا ابنتي من هذا النوع،...... يعني لا تختاري الشقاء معنا فأنت صغيرة وأريدك أن تتفاعلي مع أناس حقيقيين أكثر من أناس افتراضيين.
ما رأيك في التدقيق بعد التدقيق؟؟؟ يعني تنبيهنا بعد أن تسقط منا بعض الأخطاء الصعبة أو السهلة –ربنا ستار- فتقرئين مجانين إما أولا بأول فتكتشفين ما سقط منا وتنبهيننا إليه لنصلحه أو حتى تقرئين من البدايات إذا استطعت.... ما رأيك في التدقيق بعد التدقيق؟
أنا أعرف أنك خير من يقوم بذلك وأوافق والخيارات أمامك مفتوحة كلها، لكن أحبذ لك الخيار الأخير، بشرط أن تتذكري أن حياتنا كلنا نفق من الظلام الذي نعيش لنكتشف النور -الذي ليس كمثله شيء سبحانه- فتبرأ عندها نفوس المؤمنين يا ابنتي.... إلا أن ظلام كل واحد منا يختلف عن الآخر، وأسوأ ظلام هو ظلام المكتئبين بالمعنى المعرفي للاكتئاب، فإياك أن تسمحي له بأن يثبط من عزمك على الخلاص!
ثم ماذا استوجب الذعر؟ وليس في ذلك ما يستوجب الذعر، لأن القبر ليس نهاية النفق يا صغيرتي بل هو جزءٌ منه، نكون فيه في ظلام أو في نور وتعرفين أنت مقدمات ذلك في سلوك كل واحد منا فهي ما يحدد مقدار النور والظلام في قبره بعد الموت.
تذكري دائما أن ليس هناك نموذج مثالي للكمال في المخلوقات كلها فكلها نواقص ظاهرة أو باطنة لأن الكمال لله وحده.... وناشد الكمال في المخلوق واعيا وغير واعٍ يكون عرضة للوسوسة فلا يفتننك ذلك يا صغيرتي، يعني أهلا بأصغر المتطوعات على مجانين سنا ربما لكنها من أرجح العقول عليها وأنا بذلك أشهد، سلام الله عليك.
واقرأ أيضًا:
أحتاج من يقرأ بشدةٍ..