شريك في الخيال

 على صفحة الرمال الناعمة.. ألقيت بجسدي المثقل بآثار الحياة.. ذهبت ببصري إلى أبعد مكان ممكن.. إلى لقاء السماء بالأرض.. كان الليل قد تم ميلاده منذ قليل..
 عندما ألقى البدر ألوانه على لوحة الماء.. و عزف عبور النسيم نوتة الصفاء.. تراقصت أمامي النجوم في عرض جماعي..ذكرني بمواقع الحروف والكلمات على سطور النفس..
 أنا الآن قد ملكت العالم.. لا شيء يستطيع منعي من الاستمتاع بالحياة..
 هزتني في كتفي: لقد نسيتني..!!!
 تنبهت أنها جالسة بجواري.. تمتمت بكلمات ليس لها معنى، لقد انتزعتني من مجلس الندماء..
 سألتها: ماذا تريدين؟؟
 أجابت: فيم تفكر؟؟
 ....لا شيء
 
 رسمت على صفحة وجهها .. خطوط الأسى.. و شعرت بلهيب الضيق تلفحني..
 
 عدت إلى ملكوتي.. تأملت النجوم وهي تتراقص على مسرح السماء.. ليس هناك حركة مكررة.. هناك إبداع متواصل.. الغريب أن الليل موجود.. لماذا الناس تظن في الليل الظنون؟؟
 إن الليل هو الحياة المحضة.. هو الصفاء المطلق.. النهار محل خطايا العباد، أما الليل فهو وقت القيام والتقرب والتجرد..
 
 هزتني مرة أخرى بشدة.. سألت باستنكار: بجوارك وتفكر في شيء أخر؟؟؟!!!
 لابد من الإجابة.. لا بد من الدفاع ورد العدوان..
 -لم لا؟؟؟
 استنكرت الإجابة.. استنفرت جميع قواتها .. وقالت:أنت عديم الإحساس..
 وجدتها وقد اتخذت وضع الدفاع.. لذلك أدركت أن الرد المثالي جدًا.. هو الصمت
 
 اشتعلت ووجهت الضربة التالية:
 شاركني وقل لي فيم تفكر؟
 
 نظرت في عينيها مباشرة و قلت لها: في الجمال...
 ارتسمت على ثغرها بسمة رقيقة.. فأردفت وقد علمت ما قد فهمته..
 -جمال من نوع آخر..
 -أي نوع آخر؟ سألت برقة بالغة..
 
 ليت شعري، كيف يدرك الرجل جميع وسائل المرأة لكسر إرادته.. وبالرغم من ذلك لا يستطيع منها الفكاك.. عندما نرى منها ابتسامة ورقة نقوم بفك كل قلاعنا ونقتل حراسنا ونترك باب القصر مفتوحًا.. وحين نرى منها دمعة اتخذت طريقًا على الخدود.. نعلن داخل أنفسنا أننا اكتشفنا حقيقتنا.. أننا مجرد جلاد قساة القلوب ومتحجرة..
 
 -جمال لم يراه أحد سواي، لم يعرفه قبلي أنس ولا جان..
 -صفه لي!!!!
 
 بعد أن أعلنت استسلامي كان لابد من الوصف والاستعارة والتشبيه..
 
 - كنت تقول هذا من الأول.. دعنا نستمتع به معا..
 وسبقتني وألقت بنفسها على الصفحة..
 عدت إلى لوحتي المرسومة بأفكاري على جدار الخيال الصافي..
 بدر.. نجوم.. نسيم.. وشريك في الخيال...
 
 
واقرأ أيضا:
قصة أبى غياث المكي وزوجته لبابة / من وحي المونديال / هاجر (أم الخير) المصرية مشاركة / ليست دعوة للعنصرية / أبي هو الأفضل مشاركة / جيل منحط... جيل فاشل... جيل بلا أخلاق