المشهد : ليل داخلي...
إمام المسجد الشاب يسأل بعد الصلاة عن نتيجة مباراة البرازيل وألمانيا.. عدد الأهداف، أحد المصلين يجيبه!
يسأل الإمام عن حصيلة عدد شهداء الأمس في غزة.. وأحد المصلين يجيبه!
ثم تبدأ الوصلة المتوقعة: عن البنزين الذي ارتفع سعره، بينما دم المسلمين يرخص كل يوم أكثر، وعن مذابح في كل العالم.. لا يذبح فيها إلا المسلمون، وعن جموع الناس التي تتابع الكرة، ولا تهتم بقتل الضحايا، وعن أن البعد عن الله هو سبب كل ما يحصل لنا.. وغالبا لو ركزتم شوية.. ممكن تتوقعوا بقية الكلام!
تأملت في الأساطير التي تملأ كل عقل ليتحول صاحبه إلى مجرد شلتة تتلقى الضربات، وردود الأفعال المكررة المحفوظة.. إما تشيل سلاح، وتنضم إلى أي مجموعات مقاتلة، أو تقعد في بيتكم زي خيبتها.. تدعي على الظالمين، أو تبرر قتل المظلومين!!
مين اللي حول الإنسان القادر المبدع المفكر الذي يمتلك مواهب وإبداعات بلا حدود،كما خلقه الله وعلمه عن كل شيء ليستخلفه.. إلى هذه المسوخ المشوهة المقتنعة بأنه لا حول لها ولا قوة، أو بأن إبراء الذمة وميدان الجهاد هو أن تنضم إلى كتيبة قتال في جهاد سليم، أو خاطئ؟؟
مين اللي حجب عنا مسيرة قرون من تفاصيل خبرات نضالات البشر ضد الظلم، وكيفية تنظيم مقاومتهم لإفساد الأرض، وجهاد البشر في مواجهة الجلادين؟؟
مين المسئول عن قعدتنا كده زي خيبتها؟؟ لا عارفين ننقذ أنفسنا، ولا عارفين ننجد إخواننا، وكل بضاعتنا إما عويل فارغ، أو لغو سفيه سقيم، أو تخاريف وأساطير عن خلافة تقوم بكام كلاشينكوف، وكام عربة جيب، وكام أية، وكام لحية!!!
ساعات الناس بتهرب من ألم الشعور بالعجز (والعجز متوهم، ومتبرمجين إحنا عليه).. إلى أي هبل، وبالتدريج بيموت جوانا شيء، أو أشياء.. وساعات بحس إن المواعظ المتحمسة دي.. ملهاش أي نفع، وبتبقى عاملة زي الضرب في الميت، والضرب في الميت حرام!!
لف وارجع.. الطريق مش من هونيك.. الطريق من هنا
واقرأ أيضاً:
رجعوا التلامذة / فرصتنا للحياة / عقوبة أم نعمة؟ / ألغام معركة الأمل / أحاديث الإسكندرية / متسع جديد للدهشة / زينب مهدي: صرخة وفرصة