تصادف الليلة ذكرى ليلة عيد ميلاد مجانين الرابع عشر فقد ولد الموقع يوم 13/8/2003 .... وفي أغلب أعياد ميلاد مجانين كنت أكتب أو يكتب غيري من المستشارين لهذه المناسبة، .. لكنني هذه المرة لم أنتبه إلا مساء الجمعة 11/8/2017 بعدما رجعت البيت آخر الليل، انتبهت أن ذكرى ميلاد مجانين تصادف الأحد... ثم استحال نهار السبت أن أكتب ... وهذا أنا عدت البيت آخر الليل أحاول أن أكتب.
نعم هو أنا خادم مجانين الذي تشغله أعباء مجانين عن الكتابة لها... وحتى الآن لم أجد لذلك الوضع حلا بديلا.. ربما كوني أعيش دور خادم مجانين في واقع حياتي.. منذ 14 عشر عاما الآن .. والأعباء الخدمية زادت منذ 4 سنوات لانشغال نانسي زوجتي وأم ولدي الأصغر جواد أبو هندي بابننا بحيث أصبح عبء التحرير أو الجزء الأكبر منه علي كله... إضافة إلى عشت أعطي لمجانين عقدا كاملا قبل ميلاد جواد.. لعل اتخاذي دور الخادم سببا في عدم حماستي للكتابة ... ولعله الانشغال الذي يطحن أغلب المصريين.... لكن ما أنا متأكد منه هو أنني لست صاحب مجانين وإنما مجانين هو صاحبي الذي أعمل عنده ويمتلك معظم وقتي ويأخذ المكانة الأهم في حياتي وأظنه جديرا بهذه المكانة.
عندما ولد لم يكن موقع مجانين هدفا خططت له بشكل مباشر ليصبح كما هو الآن ... وإنما كما ذكرت في مدونة أو استشارة على مجانين لا أذكر أين لكن لابد أنها واحدة من سلسلة لماذا سميناه مجانين ؟ .. أن الفكرة أصلا كانت إنشاء موقع أنشر فيه بعض أشعاري وكنت أنوي تسميته "مجنون.كوم" ثم لما لم نجد اسم النطاق مجنون متاحا تحولت "مجنون" بناء على اقتراح من الحاضرين وقتها وأهمهم كان المهندس أشرف السيد الذي ساعدني في حجز اسم النطاق تحولت "مجنون.كوم" إلى "مجانين.كوم" ... لتكون أكثر مناسبة لعملك.... ولم أدرك جيدا ساعتها أن لهذا الاسم سيكون شأنٌ كما أصبح الآن ... ولم أدرك أن الله عز وجل كأن أراد تنبيهي إلى أن ما يحتاج إليه الناس في بلادي ليس يكفيه أداء رجل واحد (مجنون واحد) وإنما مجموعة أو مجموعات مجانين....
بعد ذلك بحوالي السنة كتب لي ابن عبد الله اقتراحه لكيف أكتب سيرتي الذاتية لأرسلها إلى عالم المعرفة الكويتية بعد موافقتها على طبع كتابي الثالث : الوسواس القهري من منظور عربي إسلامي.. فعندها اكتفيت أنا بأن أضع في السيرة الذاتية عملي كمستشار نفسي اجتماعي لشبكة إسلام أونلاين لكن ابن عبد الله أضاف بخط يده أنني أنشأت موقعا خاصا بي لخدمة نفس أهدافي في إسلام أونلاين... وأصبح معنى ما حدث أن اسم موقع مجانين سينتشر على نطاق واسع... فسلسلة عالم المعرفة تطبع أكثر من أربعين ألف نسخة وتتمتع بانتشار لا ينافس، على الأقل في مصر.
عند هذه اللحظة رأيت أنه لابد أن يتغير الشكل الذي كنت أنوي أن أظهر به مجانين ... ووجدت مجانين بالتدريج يتحول إلى أكبر موقع عربي للاستشارات النفسية بمستوى مهني حيث يحتل الصدارة وما يزال عربيا... ووجدته يجمعني بمستشارين من مصر ومن سوريا والأردن ومن السعودية والعراق ثم من لبنان ومن ليبيا ومن الجزائر... ثم من اليمن ثم من المملكة المتحدة ثم الكويت... ثم من الإمارات -إلا أن مستشارنا منها لم يكمل المسيرة-... وأخيرا جائنا حسن خالدي من المغرب.
أكثر ما يقرأه المتصفحون على مجانين ويهتمون به ويتفاعلون هو قسم استشارات مجانين، ولعل هذا متوقعا نظرا لفضول الناس للمعرفة عن المشكلات النفسية إلا أن وجود كثير من الأقسام على الموقع غير قسم الاستشارات يجعلني أشعر باحتياج شديد لمن يقرأ وهو ما عبرت عنه قديما في سلسلة مدونات أحتاج من يقرأ بشدة حتى هذه اللحظة ما أزال المسؤول الرئيس عن قراءة كل ما ينشر على مجانين قبل النشر على الأقل، وأحدى أهم المشكلات التي تواجهني وتجعلني مضطرا لذلك هي سوء عربية المصريين ... وأنا مصاب بحساسية شديدة -كأنها حساسية الموسوسين- للأخطاء الكتابية في اللغة العربية.
السنة الماضية وهذه السنة أخذ قسم ملفات مجانين يتضخم ونضم له القسم بعد القسم وساعدي الأيمن في هذا كان مستشارنا أ.د سداد جواد التميمي، فقد اقترح ملفا عن الاضطرابات العصبية النفسية وعن الطب النفسي الوصلي وآخر عن الطب النفسي العدلي أو الشرعي كما يسمى في مصر، وملف آخر للمقالات الطبنفسية التعليمية، كذلك رأيت أن أضيف ملفا يهتم بشؤون اللغة العربية :لغة مجانين ذلك أنها واحدة من أهم أولوياتنا في مجانين.
وعلى مدى أربعة عشر عاما من العمل في هذا الموقع، عرفت صنوفا شتى من طبائع المستشارين فبعض المستشارين يبدأ العمل معنا ثم لا يلبث أن يتكاسل وبعض المستشارين يتسم نشاطه بنوبات من النشاط والعطاء ونوبات من الكسل، وبعضهم يتعبني باستمرار في تتبع الاستشارات واستعجال الردود، ولكن ما يثلج الصدر هو أن بعضهم يعطي مجانين باستمرار بغير حساب وعلى رأسهم أ.د سداد جواد التميمي وأ.د صادق السامرائي وكلاهما من العراق، ويبدو مستشارنا الأحدث من المغرب أ. حسن خالدي مبشرا بعطاء جزيل ومتميز.
ورغم كون الموقع انطلق من مصر وما تزال هي مكان إدارته وإصداراته اليومية إلا أن مساهمة المستشارين المصريين خاصة بعد السنوات الثلاثة الأوائل ليست الأكبر والسبب غالبا هو طبيعة حياة المصريين التي لا تسمح لهم بعمل تطوعي لفترة طويلة من حياتهم ولولا فضل أهل سوريا وأهل العراق علينا لتوقفنا منذ زمن عن العطاء... يستطيع المستشار المصري أن يستمر في عمل تطوعي في حالة واحدة هي أن يكون مغتربا حيث يعطيه البلد المستضيف أجرا يناسب عمله ويكفيه كإنسان وهو ما لا تفعله مصر إلا لمن يهم الدولة كالعامل في الجيش أو الشرطة أو القضاء، وبعض الأشخاص في بعض البنوك هذا طبعا بالإضافة إلى أعضاء أي حكومة، أما المعلمون أو الأطباء ...إلخ. فليسوا ولا أعمالهم من أولويات الدولة ...... وليس هذا التوجه جديدا بل هو قديم لكنه استشرى في الآونة الأخيرة.
وحقيقة فإنه خلال أربعة عشر عاما تفاعلت فيها الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية مع الناطقين بالعربية على مستوى العالم وتفاعلت مع قضايا الأمة الاجتماعية والسياسية مثلما تفاعلت مع مشكلات الأشخاص النفسية والاجتماعية... لم يحدث يوما أن كانت أحوال البلاد والعباد في أوطاننا مثلما هي الآن فمنذ اضطراب الأوضاع بعد الربيع العربي الذي تكاتف أعداء الأمة وجلادوها على وأده وتأديب أبطاله ونحن نرصد تغيرات حادة ومتسارعة في المفاهيم والتوجهات والأهداف العلنية للدول التي ما تزال تسمى عربية حتى أصبح ما كان محمودا بالأمس القريب جريمة يعاقب عليها القانون... والتغير الأخير جاء حادا بشكل لا أظن استيعابه ممكنا من قبل الشعوب لكن أكثر ما كان مفاجئا لي هو اتصال بعض الكتاب أصحاب المقالات أو المدونات على مجانين طالبين مني أن أحجب بعضا مما كتبوه ونشروه على مجانين في السنتين اللتين اتسمتا بحرية التعبير مباشرة بعد ثورة 25 يناير وحتى أحداث الثلاثين من يونيو التي شهدتها مصر ... والحقيقة أنه ليس فقط ما نشر في تلك الفترة وإنما كثير مما نشر في فترة ما قبل الثورة يحوي آراء وكلاما هو الآن بمثابة الجريمة في أغلب الدول العربية باستثناء دول المغرب العربي ... المهم أن على مجانين موادًا منشورة تعبر عن آراء حرة ربما يسبب نشرها كثيرا من المشاكل، بل نصحني بعضهم بإلغاء قسم يدٌ بيد ... فلسطين وما يستجد !!!... لأن المناخ العام ضد هذا الموضوع حاليا ... ورغم ذلك ورغم مكانة الناصحين عندي لا أراني أوافق على حجب أي مما نشرناه مقتنعين بصحته وجدواه.
وأخيرا كنت نظرا لشكي في أنني سأتمكن من إكمال الكتابة بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لانطلاق مجانين فقد تواصلت مع أخي سداد طالبا منه أن يكتب شيئا بهذه المناسبة فوعدني أن يفعل بعد عودته من لندن إلى كارديف** .. كما أرسلت إلى حسن خالدي طالبا منه نفس الشيء ولكنه حتى الآن لم يرد ... الحمد لله تمكنت من بعض الكتابة وإن بقي الكثير لكن السكوت عن ما بقي خير.... دعواتكم أن يمكننا الله من استكمال المسيرة وجعل مجانين دائما في الصدارة... وكل عام وأنتم بخير
** كعادته سبقنا سداد وأرسل لي مدونته بل مقاله عن عيد ميلاد مجانيبن وأنا أكتب المقطع الأخير بل طلع لي مربع صغير أمام عيني اليمنى في ركن الشاشة السفلي وأنا أكتب كما التالية لكارديف في المقطع الأخير !! ولذا رأيت من الأوجه أن أنشر مقاله بالأمس في عيد الميلاد وأتبعه بهذه المدونة اليوم.
14/8/2017
واقرأ أيضاً:
تسمية مجانين : هل هذا مستوى بروفشنال؟ / عيد ميلاد مجانين 12 فاق العشر بسنتين! / عيد ميلاد مجانين 13 -8 - 2007
التعليق: أحب في كتاباتك يا دكتور وائل الأريحية والسماحة والتلقائية..
بارك الله فيك وأطال عمرك بعطاء وأعظم لك الأجر فوق كل أجر أجر وهكذا إلى أن تتراكم عند من لا تضيع عنده الأعمال
ونتمنى من الله أن يقدرنا على خدمة أصحاب المشاكل ويرزقنا الوقت والصحة والعافية