هل أفلح الآكلون للوجود العربي والوطني ببرمجة الأدمغة العربية، لكي تكون القوة المدمرة لذاتها وموضوعها؟!! فلكي تقضي على أية قوة أو مجموعة عليك أن تحث فيها طاقات تنافرية وتبني عليها وتعززها وتنميها، وتضخها بعواطف وانفعالات حامية تعطل العقل وتعمي البصائر وتشوّه الرؤية، وتجعل من أفرادها أدوات مُسخرة للإفناء الذاتي والموضوعي.
وهذه أساليب متبعة منذ عصور قديمة وموغلة في البعد والتمادي بالتدمير والامتلاك، وهي معروفة ومجرّبَة ولها قوانينها ومعادلاتها وآلياتها، وتخبرها القوى المُهيمنة على غيرها من مجتمعات الدنيا وشعوبها ومقدراتها. والعجيب في أمر المجتمعات المُستهدفة أنها تكون مؤهلة نفسيا وسلوكيا للقيام بما يفضي إلى هلاكها وغيابها في أتون إرادة الطامع فيها.
وبعض المجتمعات ذات أهلية وراثية واستعداد سلوكي متكرر في مسيرات أجيالها، تسبب بإنتاجية عالية من البشر الذي يبحث عن وسيلة للانقضاض على كينونته الوطنية، وتأكيد العدوانية على حاضره ومستقبله واقتلاع ماضيه. ولهذا تجد من أبنائها مَن هم على أهبة الاستعداد للقيام بما لا يخطر على بال من التفاعلات المدججة بالانفعالات والمشاعر السلبية تجاه أبناء وطنه وملته، وفقا لتوصيفات محقونة بالتصورات والعواطف العدوانية الفتاكة. ووفقا لذلك يتم تنمية الطائفية والأحقاد ما بين أبناء الوطن الواحد، وتبرير التصرفات بأعذار خطيرة ومعبرة عن البرمجة المتحكمة بآليات التفكير والتصور والسلوك.
ومن الأمثلة ما نقرأه من مقالات للأقلام المؤدلجة والممولة والناطقة بلسان أعداء الوطن والعروبة والتأريخ والدين، وكل ما يمت بصلة إلى الحياة الإنسانية المعاصرة، فتراها تبث أحقادا وسموما وأوهاما لتحقيق أعلى درجات الدمار والفتك بالحياة القائمة في المجتمع، الذي من المفترض أنهم ينتمون إليه ويذودون عنه ويساهمون بتنويره لا بتضليله.
وما تقوم به يبرهن على نجاح القوى المضادة للوجود الوطني والطامحة إلى تمزيق الواقع العربي في كل مكان، والنيل من القيم والتقاليد والأعراف والأخلاق التي توارثتها الأجيال، وبموجبها تعايشت وتكاتفت وتماسكت وأسست لتواصلات إنسانية وحضارية ذات قيمة بقائية وإنسانية.
ويبدو أن على هذه الأقلام أن تستفيق من غيها وتتحرر من قبضة البرامج المتحكمة بأدمغتها، والموجهة لنفوسها وسلوكها وفقا لإرادتها الافتراسية والعدوانية، فهي تؤدي مراسيم الانتحار الفردي والجماعي، وكأنها في غفلة ونوم شديد!!
فهل من يقظة وانتباهة وغيرة على الوطن والإنسان؟!!
واقرأ أيضاً:
إرادة الكراسي بوابة المآسي!! / وداوي السياسة بالسياسة!! / المعرفة والتحريف!! / "الله أعلم" و"أنا أعلم"!! / التأريخ يوجعنا!!