لو بحثنا عن العقل فيما تكتبه الأقلام، لتعذر علينا الفوز بمقالة أو منشور فيه عقل!!
والمقصود بالعقل، التعبير الفكري المنير الذي يعبّد الطريق إلى حيث الرقاء والعلاء والحياة المعاصرة، فالمنشور يندر فيه العقل وتسود العواطف السلبية والانفعالات السيئة الداعية للكراهية والأحقاد والانتقام. وما يبدو كأن العقول معطلة أو مغيبة، والقدرة على التفاعل الإبداعي مع الحياة مفقود، فالمقبول قولا وسلوكا عندنا ليس مقبولا في مجتمعات الدنيا المتقدمة.
فالواضح والمؤكد أن المجتمع منهمك بما لا ينفع ولا يصلح للحياة، وهذا يعني بحد ذاته إنكار العقل. ولو تناولنا أي حالة، فإنها ستبدو خالية من دور العقل، فإن تطرقت للدين والتأريخ والدولة والسياسة، فإنها وبلا استثناء ينطبق عليها التوصيف المتقدم. ولا يمكن لأي مجتمع مهما امتلك من الثروات والقدرات، أن يكون ويتطور ويعاصر إذا تنازل عن العقل ودوره في بناء الحاضر والمستقبل. فلكي ننتج فكرا علينا أن نتقن مهارات التفكير المعاصر، ونجتهد في اختراع ما نحتاجه، وتكون عندنا قدرات التفاعل المشترك الصالح لبناء حياتنا ومستقبلنا.
فنحن كأننا لا نفكر بالارتقاء بأحوالنا، وإنما هي التبعية والاستنساخية والهرولة على خطوات الفاشلين المتوهمين المتعممين بالضلال والبهتان الأليم. والعجيب في أمرنا أن العديد من قادتنا الذين تعلموا في المجتمعات المتقدمة، حالما أصبحوا أصحاب مسؤولية في مجتمعاتهم، أخذوا يمارسون ما هو ممنوع ويحاسب عليه القانون في المجتمعات المتقدمة التي عاشوا فيها. فالفساد جريمة، وكذلك السرقة والاستحواذ على المال العام، وغيرها من السلوكيات التي لا يمكن التفريط بها في المجتمعات التي تعلموا فيها، لكنهم ينكرونها ويفسدون ويسرقون ويحتالون، ويقهرون مواطنيهم، ويتمتعون بأنانيتهم وشراهتهم العمياء.
وهذا اتجاه خطير يدمر المجتمعات خصوصا تلك التي حولت نعمة الأرض إلى نقمة، فتعطلت قواها، وهي تترقب ما تتقيأه الأرض من سائلٍ أسود يسمى نفطا، لتأكل به وتحتكره وليموت الآخرون ويحترقون بنيرانه.
فهل من عقل يا أمة يعقلون؟!!
واقرأ أيضاً:
تبطيل الأباطيل!! / التنوير العلمي!! / النفس والتصنيع!! / العرب ضد العرب!! / الزمن والكرسي!! / هيبات وخيبات!! / نمطية التفكير الخائبة!!