التغيرات المناخية التي تعصف بالكرة الأرضية لها تأثيرات منظورة وأخرى مغفولة، والمغفولة لها تداعياتها الخطيرة على سلامة الحياة فوق وفي التراب. فالأرض حاضنة حياة وفقاً لمعايير بيئية دقيقة ذات توازنات وتفاعلات متواصلة ومتداخلة لا يمكن التفريط بها أو تعويق إحدى حلقاتها لأن ذلك سيؤدي الى إضطرابات جسيمة ونتائج كارثية فتاكة.
ومن التطورات المغفولة أن العديد من الكائنات الحية اللامرئية سيدب فيها النشاط وتمارس صولاتها التدميرية للأحياء، ويأتي في مقدمتها الكائنات المجهرية والتي تتقدمها الفايروسات بأنواعها المعروفة والتي لا نعرف عنها شيئا لأنها كانت كامنة أو معقورة في مواضعها لعدم توفر الظروف البيئية الملائمة لنشاطها وتكاثرها واختراقها لأبدان الأحياء.
ويبدو أن البشرية ستواجه صولات عدوانية غادرة ذات وبائية عالية من قبل الفايروسات المجهولة والجراثيم التي ما عهدتها من قبل، وهذا يعني أن موجات من الأمراض المستوطنة والوبائية ستعصف في الأرض في العقود القادمات التي أخذت تأثيرات الانحباس الحراري تفعل فعلها فيها وتتسبب بتداعيات إبادية للجنس البشري وباقي الأجناس في مملكة الحيوان.
ويأتي في مقدمة الأسباب التي ستقضي على الحياة الاستخدام المفرط للنفظ الذي هيمن على الوجود الأرضي وصارت البشرية تعتمد عليه في مدنيتها أو حضارتها المعاصرة، النفط الذي أخرجناه من مواطنه التي تكفينا شروره وسفحناه فوق التراب وأطلقناه في الهواء غازات سامة ومكونات هايدروكاربونية تخنق الحياة وتسلبها طاقات وجودها.
كما أن الهوس الصناعي والتكنولوجي وما يترتب عليه من نفايات خطيرة أسهمت في زعزعة الكيان البيئي وأخذت تهدد قدرات الحياة السليمة الخالية من الويلات المرضية الجسيمة والتي يتصدرها السرطان بأنواعه ومخاطره القتالة. ومن أفزع التحديات الفاعلة في الحياة اليوم هي الأوبئة المجهولة المسببات والمنتشرة بسرعة الضوء في أنحاء الدنيا لتوفر وسائل التواصل والنقل السريعة، والتي ما عرفتها البشرية من قبل، ففي القرون الماضية كان التنقل ما بين القارات صعباً، أما اليوم فإنه يتحقق في غضون ساعات، وعندما يبدأ الوباء فإنه يكون عالمياً ولا يمكنه أن يبقى محلياً، وفي هذا تكمن مخاطر التحدي.
فاكتشاف أي وباء سيكون متأخراً، بمعنى أنه قد أصاب العديد من الناس في القارات ولا يمكن السيطرة عليه والتوهم بحجره في بقعة أرضية محدودة.
فهل ستستوعب العقول المهيمنة على مصير الأرض ما سيحصل للأجيال اللاحقة؟!!
* أناخ : أقامَ , أبْركَ, حلّ به
29\1\2020
واقرأ أيضاً:
سقر البشرية!! / الأطباء والقلم!!