البشرية منذ الأزل تستخدم الدين ولا تخدمه، فالدين في الحضارات القديمة كان الوسيلة الأقدر للقبض على الناس والتحكم بمصيرهم، فاستخدام الدين يمنح القوة والهيبة والحرية المطلقة للتحكم بأحوال البشر المحكوم بسلطان يمثل ديناً.
أما الذي يخدم الدين فهو الضعيف البائس الفقير الذي عاف الدنيا وطلقها بالثلاث، وراح يذل نفسه ويؤدبها ويستجلب عليها الوجيع لكي يفوز بما بعدها من نعيم موعود.
ولا يختلف أي دين عن غيره في هذين المفهومين، فالأديان يسود فيها الاستخدام وتقل فيها الخدمة، فلا دين يخدمه أهله بسلوكهم وإنما يستخدمونه لتبرير سلوكهم.
وما يجري في واقعنا المنهوك بالدين هو استخدام الدين للنيل من أهل الدين واستعبادهم ومصادرة ما يمت بصلة إليهم من أسباب الحياة، ودفعهم بقوة نحو ميادين الهلاك.
واستخدامات الدين متنوعة لا تعد ولا تحصى، ويمكن تمثيلها وفقاً للمصالح والغايات المرغوبة، والسائد منها هو الطائفية والمذهبية والفئوية والتحزبية وغيرها من الحالات المشحونة بالأضاليل والبهتان والقصص المفبركة الداعية لامتلاك المنتمين للدين بأطيافه المسماة أو المنتقاة لكي يتحقق الاستعباد بالدين.
واستخدام الدين تجارة مربحة وأسلوب تضليلي مدمر للوجود الإنساني، وقد عهدته البشرية على مرّ العصور والأزمان، فأوربا في عصورها السابقة استخدمت الدين وعاشت قروناً دامسة، والمسلمون اليوم يجيدون مهارات استخدام الدين فتراهم يعيشون عصورهم المأساوية العتماء التي صارالقتل فيها والفتك بالإنسان بفتاوى من تجار الدين الأباليس.
ولن يتحقق الأمن والأمان في بلاد المسلمين دون العودة إلى خدمة الدين التي تعني الامتثال لجوهر مبادئه وقيمه وأعرافه الإنسانية الأخوية الرحيمة.
فهل من خدمة لدين؟!!
واقرأ أيضاً:
كش ماتَ القلم \ أحجية البهتان!! \ بلسم المحبة والغفران