الثورة: سنحت لي فرصة في إحدى العواصم العربية أن أُمضِي بضعة أسابيع في مكتبة تراثية عريقة بمركز إسلامي، وكنت أقضي نهاري غارقاً في أمهات الكتب، وبعد أن قرأت ما قرأت وأبحرت في موسوعاتها ومجلداتها الثرية خرجت منها أقول لنفسي "إنك لمن الجاهلين"!.
نعم من الجاهلين... فكيف يكون الفرد من العارفين أمام الكم الهائل المتراكم من المعارف بأنواعها المكتوبة بالعربية.... وأدركت معنى "وقل ربي زدني علماً".
وعندما نتناول الدين فلا يصح لشخص أن يدِّعي المعرفة، ومهما قرأ فهو من الجاهلين. تلك حقيقة واقع أمة مبتلاة بتراث تجهله، ويتمنطق أدعياء المعرفة بما لا يمت بصلة إلى العلم الحقيقي والمعارف الأصيلة، ويتكلمون بلسان أهوائهم وقد تملكهم وهْمُ "أنا أعرف"!.
تجربتي في مكتبة تراثية عربية لبضعة أسابيع علمتني أنه لا يمكن لأحد أن يقول "أنا أعرف" بل مهما حاول أن يعرف يزداد جهلاً بما لا يعرف، لأنه كلما عرف شيئاً غابت عنه أشياء، وفُتِحَت أمامه أبواب مغلقة عليه أن يدخلها ويتعلم فيها ويتعرف على محتوياتها، وبما أن عمره لا يكفي لذلك فإنه يبقى من الجاهلين.
فما عند الأمة من تراكم معرفي يحتاج لجمهرة من المتخصصين ليستوعبوا بعضه، أما كله فأمرٌ عسيرٌ إن لم يكن مستحيلاً.
ولهذا تجد الأمة كالعيس يقتلها الجهل والعلم فوق ظهورها محمول.
فهل لديها القدرة على تنظيم جهودها وهضم معارفها لتكون؟
د-صادق السامرائي
25\11\2020
واقرأ أيضاً:
الأقدام والأقلام والأفهام / القوى الإقليمية الغاشمة / هل انتهى عصر الثورات؟!!