القوة الحقيقية قوة مجتمعية، وإذا غاب المجتمع فلا وجود للقوة مهما توهمت الكراسي وسَكِرَت بخمر السلطة والقدرة على ترتيع المواطنين وإذلالهم. فعندما يغيب المجتمع وينتفي دوره وتُصادر قيمة المواطن يسود الضعف والقهر والهوان، وتتحول القوة إلى وجود كارتوني أو بالون ينفجر بأية لحظة ويكون هباءً منثوراً.
والأمثلة متنوعة ومتراكمة في العديد من دول الدنيا، وما جرى في عدد منها يشير إلى ذلك ويؤكده بجلاء، فدول كالعراق وليبيا انهارت بسرعة لفقدان الكيان المجتمعي المتماسك، وتبيَّن أن القوة الخالية من القاعدة المجتمعية المتسابكة (من السبيكة) لا قيمة لها ولا منفعة ولا دور في حماية البلاد والعباد.
بينما دول كاليابان والكوريتين وفيتنام وغيرها من الدول التي تعرضت لويلات جسام صمدت وتمكَّنت من بناء وجودها القويم بعد نكباتها ببضعة عقود، وذلك بسبب تشبُّثِها بقيمها الوطنية الجامعة الراسخة.
أما الاتحاد السوفيتي بقوته الهائلة فقد انهار بسرعة خاطفة، وتكشفت أحوال مجتمعاته التي كانت تكظم ما تعانيه، فتفجر ما فيها من العدوان، وتشظت وكأنها لا تعرف بعضها.
فهل تتعظ القيادات وتبني مجتمعات ذات مصالح مشتركة؟!
إن علة الأمة في أن حكوماتها عاجزة عن صناعة المجتمعات المتماسكة ذات القيم المشتركة التي تصون عزتها وكرامتها وتمنحها الحرية والقدرة على التعبير عما فيها من الطاقات.
ترى لماذا لا نصون قيماً تجمعنا وبها نكون؟!!
19\11\2020
د-صادق السامرائي
واقرأ أيضاً:
هل انتهى عصر الثورات؟!! / إنك لمن الجاهلين / أمةٌ تكون، ولن تهون