الغلو: المبالغة
غلو في الدين: أي المغالاة والمشقَّة وتحميل النفس ما لا تطيق.
المبالغة: تجاوز الحد في الشيء أو الإفراط.
الغلُو سلوك لا تقره البديهيات ولا الشرائع الدنيوية والسماوية، لكنَّه يتأكد في التفاعلات البشرية على مر العصور، ويتسبب بتداعيات خسرانية مروعة، خصوصًا عندما يتصل بفكرة ما (دينية، حزبية أوغيرها) إذ يبدو المغلولون بها وكأنهم قد تمترسوا وتدرَّعوا وتوهَّموا بأن الحياة ملكهم والحقيقة المطلقة غنيمتهم، وعليهم إبادة كل تقاطع أو تعارض مع ما يرونه ويتوهَّمُون به من رؤى وتصورات.
والغلو بحد ذاته نوع من الوهم المرضي الشديد الفتاك الذي لا يقبل المواجهة والتفاعل والأخذ والرد، فالواهم مُتخَندِق في أوهامه، ومُتَعَتِّق في بودقتها الظلماء، ولا يمكنه التحرر من سطوتها وإعمال العقل فيها لأنها قد هيمنت وتجسَّمت وتجسَّدت وتسلَّطت على وعيه وتجذَّرت في كيانه.
فهو يرى نفسه إلهًا أو رسولًا أو قوةً ما ذات رسالة معينة عليها أن تؤديها وتحققها بعيدًا عن الواقع الذي يتحرك فيه لأن الواقع الوهمي هو ساحة تفاعلاته.
وهكذا هو الغلو الفكري والعقائدي والأيديولوجي الذي يُدمِّر الوجود البشري ويعيق التفاعلات الإنسانية.
ومن الصعب الوصول إلى تفسير واضح لهذه الظاهرة المتكررة المتواصلة عند البشر والتي تهب على الأرض وكأنها الأعاصير الشديدة التي لا تُبقِي ولا تذر، ثم تهدأ لتهبَّ أخرى بعدها.
وقد شهد القرن العشرون العديد منها والتي أدّت إلى تداعيات فتاكة في بقاع الأرض المختلفة، ولا تزال جنازيرها تدور في مجتمعات تمكَّنت منها الرؤوس المغلولة بالبهتان والضلال الذي تحسبه دينًا قويمًا!.
فهل من قدرة بشرية على وعي الغلو والخروج من خنادقه إلى فضاءات الحياة الإنسانية الرحبة؟!!
واقرأ أيضاً:
أمة الأفذاذ بلا ملاذ!! / الأمة الشمَّاء / العلم مفتاح الفرج!!