الاحتلال الدماغي يعني أن يمتلك غيرك رأسك، وهو من أبشع أنواع الاحتلالات وأشدها قسوة وقدرة على تدمير الهدف، ذلك أنه يجعل البشر طاقة مناهضة لوجوده ومعادية لذاته وموضوعه وما يمت بصلة إليه.
وقد انتقلت البشرية بعد مسيرات طويلة من الصراعات الدامية إلى هذا المستوى من الاحتلال الشرس، وذلك لتوفر الوسائل والأدوات والمهارات اللازمة لتحقيقة بأيسر السبل والبرامج والخطط والتفاعلات الخفية التي تعطي أوكلها بسرعة، وتمضي في متوالية هندسية عذابية تدميرية لتحطيم الهدف.
والاحتلال الدماغي يتحقق بحقن الرؤوس بأفكار وتصورات مقرونة بتداعيات انفعالية ذات شدة عاطفية قصوى تساهم في ترسيخ الفكرة والتصور، وصناعة حالة التمترس الدماغي والتفاعل العدواني ما بين الأدمغة المحشوة بخليط الأفكار والانفعال.
فلكي تحتل الأدمغة عليك أن تسخر وسائل الإعلام والتواصل، وتشحنها بما تريد، وتُؤجِّج مساعيك وتصاعدها إلى ذروتها العدوانية، وفي ذروتها تأتي بعمل بشع يثير العواطف والانفعالات وتقرنها بقوة بما حصل كدليل على صدق ما ذهبت إليه وتواصلت معه، وعندها تحصل الفاجعة ويتحقق السلوك المطلوب لتحطيم الهدف.
والأمثلة السلوكية على هذا الاحتلال كثيرة ومتنوعة، وقد تم التعبير عنها بشدة وقسوة وعدوانية شرسة ووحشية منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم، وستمضي مسيرة التعبيرات المطلوبة لترسيخ وتعزيز الاحتلال الدماغي للناس في رقعة الهدف المطلوب.
والعديد من مجتمعاتنا تم احتلالها دماغيًا وتحويلها إلى وسائط ووسائل لتحقيق الأهداف المنشودة للقوى المعادية للوجود العربي والعروبة والدين، وبهذا تمضي مسيرة التداعيات القاسية والتفاعلات التصارعية الاستنزافية اللازمة لتحقيق أقصى ما يمكن من البرامج المرسومة والخطط المكتومة، ويبدو الساعي إلى هدفه في موقف المتفرج أو المستعد للتهدئة والمساعدة، وما ذلك إلا جزء مهم من المساهمة في ترسيخ الاحتلال الدماغي.
والمجتمعات المحتلة دماغية يمكن وصفها بالروبوتية لأنها تتحرك وفقًا لمشيئة القوة التي تمكنت من احتلالها دماغيًا، أي أن البشر وفقًا لآليات الاحتلال الدماغي يتحول إلى روبوت مُسخَّر لتنفيذ الأوامر الصادرة إليه من القوة التي احتلت دماغه واستعبدته لتنفيذ مشاريعها والقضاء عليه بملئ إرادته.
فكيف نحرر أدمغتنا المُسْتَعْبَدَة؟!!
واقرأ أيضاً:
أحمد شوقي صوت النهوض الخالد!! / العرب في القرن العشرين / الأمم مصالحها أولًا، إلا أمة العرب!!