الكلمة حياة، والحياة نشاط وقوة وحركة، وعندما تتجرد الكلمة من الطاقة بأنواعها فإنها ميتة وتصلح للاندفان في غياهب النسيان والاكتنان. والكلمة النشطة المُتَحَمِّسة المتمردة المتوثبة المتحدية ترسم مسيرة الحياة، وغيرها تساهم في ذبولها وتآكلها واندحارها في التراب.
والذي يكتب يفترض أن يمارس الحياة، وعليه أن يُعبِّر عنها بصدق وإخلاص وإيمان مُنقَطِع النظير. وعندما تقرأ كتابات مشحونة بالمفردات الميتة الخاملة الخاوية فإن الحيرة والتساؤل عن فحواها ومراميها يتواردان إلى الأذهان.
ويمكن القول فيما إذا كانت المجتمعات حيَّة أم ميِّتة من طبيعة كتابات أبنائها، والمفردات المستعملة فيها، وما ينشرونه من نصوص يُسمُّونها على شاكلة ما يتصورون. ففي المجتمعات القوية المُعاصِرة للكلمة دور لأنها تشير إلى إنجاز وعمل، وفي الضعيفة المتأخرة لا قيمة للكلمة في حياتها، بل تحسبها هي الإنجاز وحسب.
ولهذا فإن ما يسود هو الهذربات فوق السطور، ولا يمكن لما يُكتب أن يُساهم بصناعة الأفضل أو التأثير في السلوك والتفاعلات القائمة بين الناس، وإنما يكون انعكاسًا لما يدور، أي أن الكلمة المكتوبة تكون صدى لواقع يتأزم وليست قوة تغيير وبناء وتأثير في واقع يُراد له أن يكون أفضل كما في المجتمعات القوية الَّتي تتحرك وفقًا لرؤية ذات قيمة حضارية.
فالكلمة تكون حية في أمم تُعاصِر، وميتة خالية من رحيق النماء في أمم متأخرة عجفاء.
فهل من إرادة لبثِّ الطاقة في الكلمة؟!!
واقرأ أيضاً:
الأمم مصالحها أولًا، إلا أمة العرب!! / الاحتلال الدماغي / احذروا الأخطاء اللغوية المدسوسة