أقلام تكتب بمداد الكآبة واليأس المًقِيت، وتستحضر المفردات السلبية ذات الشحنات العاطفية الحزينة الموجعة لِتَرسم حالة مُتصَوِّرَة ساكنة فيها ومُعَبِّرة عما يَعتَرِيها من عواطف ومشاعر ذات تداعيات وانكسارات نفسية وسلوكية قاتمة.
والعجيب في الأمر أن كتابات كهذه تسري في مواقع التواصل وكأنها النار في الهشيم، وكُتّابها من الجاهلين في التاريخ والسلوك البشري، ويضعون لها عناوين على أنها التحليل النفسي للواقع المعاش أو لما يسمونه بالشخصية الفلانية، وينسبون إلى المجتمع تَسمِيَات، فيُعَمِّمُون ويتَّهِمون ويصفون الأحوال بما ليس فيها، ويتعاملون مع النتائج، ويخشون مواجهة وتحدي الأسباب بالفعل الراجح والفكر الواضح الذي يُفَنِّد حُجَج الأدعياء الساهمين في غَيِّهم وطغيانهم، وفي فسادهم وغفلتهم يعمهون.
إنها كتابات يمكن تسميتها بـ "اللَّطمِيَّات القَلَمِيَّة"!، فهل هذا ما يجب أن يَخُطَّه المنسوبون للكتابة؟!
الكتابة رسالة إنسانية، والكاتب عليه أن يَبُثَّ روح الأمل والحياة، ويكون قوة في تغيير الواقع إلى الأفضل، لا أن يكون أداة استنقاع وتأسين للفساد، وجُندِيًّا وفيًّا للرذائل والأضاليل، وبُوقًا من أبواق الكراسي، ومُتَسَوِّلُا عند أبواب الظالمين الجائرين المنافقين الدجالين الذين باعوا وطنهم وضمائرهم، وتجرَّدوا من أخلاقه،, وخَنَعوا وتعبَّدوا في محاريب التابعين لهم والذين يقلدونهم كالدُّمَى، وبحماقة وسفاهة منقطعة النظير.
أهذه أقلام ممولة، ومُتَاجِرَة بالكلمة، ومُجَرَّدة من الموقف والمبدأ والقيم والأخلاق والضمير، ومُدَجَّجة بالسوء والبغضاء، ومُبَرمَجَة ضد ذاتها وموضوعها؟ وإلَّا فلماذا تكتبون إذا أنتم تزيدون الطين بلَّة، وكتاباتكم تدعو لِذَرفِ الدموع، وسفك الدماء، والنَّيلِ من قيمة الإنسان، ونُكرَان الوطن، ومُحاربة الأمل، والإمعان باستحضار مفردات السوء والكراهية، والحط من الإرادة والقوة والقدرة على صناعة الحياة ومجد الذات والوطن؟!
اكسروا أقلامكم، وتدثَّروا في أسمال يأسكم السقيم.
واقرأ أيضاً:
الدم والكرسي!! / السهللة / الجدل العقيم عَمَلُنا!