العرب أمة، شئنا أن أبينا... نعم العرب أمة يرتكز كيانها على عراق قوي ومصر قائدة، وبفقدان العراق لقوته ومصر لقيادتها أصاب دولها ما أصابها من التداعيات والصراعات والتدخلات الخارجية، ومن الذل والهوان والتبعية والضياع... ولن تكون دول الأمة بخير دون عراق قوي ومصر قائدة.
مصر فقدت قدراتها القيادية منذ معاهدة 1978م، والعراق فقد قوته عند انزلاقه في مطبة الحرب (1980 – 1988م)، ومنذ ذلك الوقت والعرب يتخبَّطُون ويتَوَحَّلُون بمُعضِلَات تستدعي القوى الطامعة بهم للتدخل لإيجاد حل، وما تحقق حل لمشكلة، فمشاكل العرب تم استثمارها من قبل القِوى الطامعة بهم.
مصر لا تقود، وعراق ضعيف، فماذا يُرتَجَى من دولٍ بلا بُوصلَة تَتَخَبَّطُها أمواج الأطماع والمصالح، وترمي بها إلى موانئ أنّى تشاء مشاريعها وأهدافها المرسومة.
فغَزوُ العراق مُخطَّط ومدروس للهيمنة على المنطقة، ولتفريغها من قدرات تقرير المصير وتحويلها إلى ثكنات عسكرية لمحاربة القوى العالمية الناشئة بتحالفاتها الاقتصادية والعسكرية... وبموجب ذلك فإن العراق سيبقى ضعيفًا ورهينة عند القوى الإقليمية بالتَّناوُب وفقًا لقابلياتها على تأمين المصالح، فهي تتبادل الأدوار كما تستوجبه إرادة القوى العالمية.
أما بخصوص مصر فإن عودتها لقيادة الدول العربية أصبحت من الخطوط الحمراء، فسياسة التَّقَوقُع والاهتمام بالمشاكل الداخلية هو المسموح به لمصر (أي تبقى بعزلتها)، وكما تمخَّضَت إرادة الغباء العربي في مؤتمر بغداد بعد معاهدة "كامب ديفد" بتأمين عزل مصر، وبذلك المؤتمر انتحر العرب الذين ما استطاعوا أن يقتربوا من الحالة بذكاء ودهاء.
وهكذا فالواقع العربي ميَّال للتَّشَرذُم، وفقدان السِّيادة، والاعتماد على الآخرين لتأمين بقاء أنظمة الحكم العاملة بالوكالة... فمادام العراق ضعيفًا، ومصر لا تقود، فلا وجود لإرادة عربية ذات قيمة دولية وتأثير في العالم.
فإلى متى يبقى بَعِيرُ الوَيلات العربية على تل التبعية والخنوع للآخرين؟!
واقرأ أيضاً:
الفكرة والفكرة / الهُرَائِيَّة / أمريكا والكراسي العربية / لعبة الدين والبلاء