الثقافة النفسية والطبنفسية بين الفن العربي والأجنبي
لا يحصل الإنسان على الثقافة اليوم من المدرسة أو معاهد التعليم أو المكتبات، وإنما يكتسبها من كل مكان، ومهمته أن يغتنم ما هو الجيد والسليم ونبذ ما هو المزيف والرديء. ولكن الإنسان أيضاً محاطٌ بالمعلومات من كل مكان، والبعض منها لا يستطيع الابتعاد عنها بسهولة. أحد مصادر الثقافة والتعليم هذه الأيام هو الشاشة الفضية التي تكاثرت مصادرها بشكل هائل حتى لا يقوى الإنسان على تعداد قنوات التلفزيون. الحديث في هذا الأمر طويل جداً، ولكن لا بأس عن الحديث عن المسلسل الدرامي وما يمكن أن يقدمه للمتفرج ونشر الثقافة.
تطرقت إلى مسلسل عربي درامي قبل عامين ولم أشاهد مسلسل آخر حتى قبل شهر وبالصدفة. في نفس الوقت شاهدت ثلاثة أعمال درامية مسلسلة على قنوات ثلاث وجميعها أجنبية. هذه الأمثلة الأربعة توضح لك رقي الدراما العالمية في نشر الثقافة العامة وخاصة النفسية على عكس الدراما العربية من خلال هذا المسلسل الذي سأتطرق إليه أدناه. لن أخوض في تفاصيل المسلسلات الأجنبية لكي لا أفسد عليك مشاهدتها بل عليك أن تحرص على أن تغتنم الفرصة وتستمتع بها وتوسع ثقافتك.
المسلسل الأول يتم عرضه على قناة Sky Atlantic وستدهشك الدقة في التطرق إلى وراثة الأمراض النفسية وبالذات الفصام وعلاجه ومعاناة أهل المريض وتتعلم منه طبيعة وشدة هذا الاضطراب. الحقيقة رقي الشعوب يتناسب طردياً مع خدمات علاج هذا المرض ورعاية المبتلين به. المسلسل بعنوان هذا مقدار ما عرفه واحرص على أن تشاهد أكثر من حلقة واحدة يومياً لأنه يولد مشاعر هائلة في كل إنسان.
المسلسل الثاني يجب أن تشاهده قبل النوم بساعتين بعنوان الدفاع عن يعقوب Defending Jacob تعرضه قناة Apple TV لأنه يولد مشاعر قوية جداً ويدور حول تأزم الوالدين مع ابنهم المراهق المتهم بقتل زميل له. ما هو المثير في هذا المسلسل هو دقة المعلومات حول وراثة السلوكيات في عصرنا هذا. هناك العديد من الجوانب النفسية في المسلس تمت دراستها بإتقان وسأتوقف عن الحديث عند هذه النقطة ولكن احرص على أن تشاهده قبل النوم بساعتين.
أما المسلسل الثالث فهو حرائق صغيرة في كل مكان تعرضه قناة Amazon وهو أشبه بطرح لثقافة علاج نفسي والعصاب الذي يحمله الإنسان ولا يعرف كيف يتخلص منه. هناك الأم وتأزمها مع ابنتها الصغيرة دون بقية الأطفال الأربعة، وهناك وصف دقيق للشخصية الوسواسية تتعلم من خلاله دفاعات الإنسان اللاواعية. في نهاية الأمر لا يوجد سواك لإصدار الحكم على الشخصيتين الرئيسيتين في المسلسل.
وماذا عن المسلسل العربي باسم ليالي أوجيني؟. الصراحة مسخرة فنية وتضليل للعقول وأداء رديء في كل مسلسل من قبل الجميع. كالعادة كراهية الناس وضحالة شخصية المرأة في غاية الوضوح. أما أسخف ما يمكن أن تشاهده فهو الحديث عن فقدان الذاكرة الذي لا علاقة له بواقع الممارسة الطبنفسية. شخصيات هزيلة وإخراج سيء ولا أعلم ما هو مصدر الرواية. جميع المسلسلات الأجنبية الجيدة مشتقة من عمل درامي تم نشره أما ليالي أوجيني فيبدو أن كاتب القصة كتبها في مقهى ما.
واقرأ أيضاً:
أفلام وجوائز وذكريات / شخصيات على الشاشة المصرية / التقمص العاطفي Picking Up Emotions التقاط العواطف