الديمقراطية ذات أنْيَاب، ولا توجد ديمقراطية خِرْفانِيَّة، فَدِيمُقراطيات الدنيا مُتَأَسِّدة مُكَشِّرة الأنياب، ومُتَأَهِّبَة للتَّوَثُّب والافتراس.
فهل وجدتم ديمقراطية بلا أنياب؟!
انظروا دول العالم الديمقراطية، فمعظمها تتمتع بقوة خارقة، أو هي نَوَوِيِّة الطباع، ولديها قدرات عسكرية فَتَّاكة، وقوى أمن داخلي وشرطة ذات قدرات دفاعية فائقة.
فالديمقراطية لا تستقيم إلا بالقوة، وأي تَهَاوُن بقوة الدولة وهَيْبَتِها السِّيَادِيَّة يَمْحَق الوجود الديمقراطي فيها، ويُحَوِّلُها إلى دولة عصابات ومافْيَات، فالطباع البشرية مُتَوَحِّشَة، وإذا انفلتت بدون رَادِع فإنها تَعِيثُ فسادًا في الأرض، ولا يمنعها دين أو غيره من العقائد والمُنْطَلَقات، فأخلاق البشر نِسْبِيَّة، وتصرفاته تَتَبَدَّل وفقًا للظروف التي هو فيها، ولا بد من القوة لكي يتحقَّق التوازن السلوكي بين الحقوق والواجبات والمصلحة العامة.
وعندما نأتي إلى الدول الضعيفة أو المُسْتَضْعَفَة المُدَّعِيِة بالديمقراطية، فإنها لا تَعِي ما هي عليه من الفساد والتَّدَهْور الأخلاقي والقيمي وفقدان القدرة على السيطرة والإدارة وتصريف أمور الحياة، بل هي عبارة عن كَيْنُونات سائِبَة مُتَصارِعَة تَسْتَنْزِف طاقات الوجود الوطني وقدرات الأجيال الحائرة بِغَدِها.
ولا يمكن لديمقراطية أن تكون قبل وضع البُنى التحتية الأساسية للقوة والاقتدار للحفاظ على سلامة الوطن والحياة فيه... أما الكلام عن الديمقراطية في مجتمعات ذات كيانات سياسية واهِنَة فَنُوعٌ من الهَذَيَان والتَّوَهُّم بأن الديمقراطية مُجَرَّد أصوات انتخابية يمكن شراؤها وبَيْعُها والمُتَاجَرَة بها وفقًا لإرادة القوى والأحزاب المُناهِضِة بسلوكها لمعاني وقيم الديمقراطية.
فهل من دولة قوية أَبِيَّة لكي تتحقق الديمقراطية؟
واقرأ أيضاً:
لعبة الدين والبلاء / عراق قوي ومصر قائدة / وهْمُ الوحدة العربية / فقه الغنيمة والكرسي