التُّراث: ما خَلَّفَه السَّلَف من آثار علمية وفنية وأدبية مادية ومعنوية كالكتب والآثار والآراء والأنماط والعادات الحضارية المُنْتَقِلَة جيلًا بعد جيل.
لو تصَفَّحنا الإعلام بأنواعه المرئي والمكتوب والمسموع، فلن نَجِد شيئًا عن التراث العلمي العربي، ومن النادر أن تجد مقالةً مكتوبة بهذا الخصوص، وتتساءل لماذا؟!
ما نُسَمِّيه تُراثًا اختصرناه، وعلى مدى أكثر من قرن، بما يتَّصِل بالكرسي، وأَلِفْنا المئات من الكتب عن "تراث الكراسي"، وهو عبارة عن صراعات مُتَوَحِّشَة من أجل السلطة والمال أُعْطِيَت مُسَمَّيات وعناوين من أجل المُتَاجَرَة بها والاستثمار فيها، فصارت مذهَبِيَّة وطائفية وفِئَوِيَّة وعائلية وغيرها، وفي جوهرها كرسي وقوة وسلطة ومال، ولا علاقة لها بما عِشْنَاه من أوهام وأضاليل وافتراءات.
أين التُّراث العلمي العربي الذي تعلَّمَت منه الدنيا؟! لماذا لا يجتهد العرب بإحياء مخطوطات أجدادهم العلماء ويتفاخرون بإنجازاتهم، بدلًا من التركيز على ما جرى من صراعات حول الكراسي؟! فلماذا لا نجد كتابات لمفكرينا عن التراث العلمي العربي (فما يسود في كتاباتهم محاولات لتفسير الصراعات الدائرة حول الكراسي عبر مراحل التأريخ الدامي التفاعلات)؟!... ولماذا تَنْغَمِس الأمة بالمُشِين وتتجاهل الزاهي الثمين؟!
التركيز على التراث العلمي العربي يُخْرِجُنا من الظلمات، ويُطْلِقُنا في فضاءات النور والبهجة والسعادة الإنسانية... فهل أنَّها هجمة شَرِسَة على الأمة باسم التراث والدين، ومحاولة لخَلْعِ الأجيال من أصلها وتحويلها إلى قشور تذْرُوها رِيَاح العصور؟!!
إن أبناء الأمة المُنَوَّرِين مُطالَبُون بإظهار تراث الأمة العلمي بدلًا من التَّوَهان في أفاعيل الكراسي واختصار مسيرتها بها، وما هي إلَّا صِرَاعات في قصور التَّسَلُّط عليها وكَنْز ما لها، والتَّمَتُّع بثرواتها وخيراتها، وحرمان أبنائها من أبسط الحقوق، ولذلك أَبَتْ الكراسي أن تُقِيمَ حُكْمًا دستوريًّا يُراعِي حقوق المواطنين لأنه سيُحَدِّد صلاحيات السلطان ويخرجه من دائرة المطلق التي تعني الحكم بأمر الله.
ولهذا أدعو إلى حَمْلَة لإحياء التراث العلمي العربي لكي نعاصر ونكون... إن تُرَاثَنا العِلْمي جوهر ذات الأمة، ونِبْرَاس وجودها الخالد... فهل من هَمَّة غَيُورة وعزيمة واعية؟
واقرأ أيضاً:
هل يتعظ البشر؟! / الشمس الاصطناعية والشعوب الارتجاعية / الإعلام والأقلام