القوة، الحضارة، التقدم، العدالة، قيمة الإنسان تُبْنَى بدستور وقانون، وليس بأشخاص وأحزاب وفئات ومجاميع مُسَلَّحة ومَذْهَبِيَّات وطائفيات انْدَرَسَت تحت سَنَابِك الدُّهور.
فالأمم الدستورية التي يسود فيها القانون أقوى وأقدر، وغيرها أضعف وأهون... ولن تحقق مجتمعاتنا أهدافها الإنسانية بغياب الدستور والقانون، وأُمَّتُنا عَبْرَ مسيرتها لم تُنْجِز أهدافًا متواصلة النَّمَاء لِهَيْمَنَة الأشخاص عليها... وما تبدَّلت آليات التفاعل ما بين الحاكم والمحكوم حتى اليوم، فهي ذات الصِّيَاغات التي انطلقت منذ عشرات القرون، وبذات الكَيْفِيَّات الفاعِلَة في حياة الأجيال على مَرِّ العصور.
الدستور كَعَقْد اجتماعي بين فئات المجتمع لتأمين مصالحها وتأمين وجودها وقدرتها على التواصل والتفاعل الإيجابي الحضاري المعاصر لا وجود له، ولا يتجَسَّد في وعي الأجيال الحاضرة واللاحقة، فالمَزْرُوع في الوعي الجَمْعِي أن الحكم قوة ذات تأثيرات دامِيَة مُرَوِّعَة فردية وفئوية وحزبية وشخصية لا غير... وليس من السهل كتابة دستور يتَّفق عليه أبناء المجتمع الذين اعتادوا على عدم الاتفاق فيما بينهم، بل التَّنَاحُر دَيْدَنُهُم، والإيقاع ببعضهم منهجهم الفاعل في حياتهم.
فلكي تكون قويًّا يجب أن تكون دستوريًّا، ولكي تكون ضعيفًا عليك بشريعة الغَاب، فَبِهَا تهون وتقضي على وجود البلاد والعباد.
الدستور يحمي سيادة الوطن، ويحافظ على وعاء الوجود الخالد للكَيَانات المُتَوَطِّنَة فيه، وبدون بُنُود ومواد دستورية شاملة ومَسْتَوْعِبَة ورَحِبَة يتَرَهَّل النَّسِيج الاجتماعي، وتضيع المعاني الوطنية، وتَنْتَفِي مُرْتَكَزَات الحياة الآمنة في البلاد... ولهذا فالأُمَمَ الحَيَّة لها دَسَاتِيرُها التي تستنبط منها القوانين الكَفِيلَة بصيانة وجودها وعِزَّتها وكرامتها وقدرتها على التواصل والرقاء.
فهل من دستور بحجم البلاد والعباد؟
واقرأ أيضاً:
الشمس الاصطناعية والشعوب الارتجاعية / الإعلام والأقلام/ التراث العلمي العربي المطمور