أمم الأرض القوية تتسابق نحو الاستثمار المتنوع على سطح القمر، والأمم الضعيفة المَنْكُوبَة بِرُؤَاها وتصوُّرَاتِها تستحضر أسباب الخطر إلى مُوَاطِنِها، ولا تعرف الاستثمار في ثرواتها ومواردها البشرية، وتتخَبَّط بما لديها من قُدُرَاتٍ وطاقات، وتُسَخِّرُها لإِنْهَاك وجودها وإضعاف دورها في الحياة.
والأمم حَطَّت على سطح المَرِّيخ، وتَرْومُ التَّخَاطُبَ مع حضارات كَوْنِيَّة أخرى إن استطاعات، فهي تَبُثُّ رسائلها في فضاءات الأكوان السَّحِيقَة على أَمَلِ التواصل مع المخلوقات الكونية التي رُبَّما تكون أكثر مِنَّا تَحَضُّرًا وتَقَدُّمًا وعِلْمًا.
الأمم تتفَكَّر في خَلْقِ السماوات والأرض، وتحاول أن تَمْرُقَ في دنيا الوجود المُطْلَقِ البعيد، ونحن أُمَّةٌ يَحُثُّها دينها على التفكر والتعقل والتأمل والتدبر، وما عرفنا النظر إلى السماء، وعلَّمْنَا الأجيال أن تنظر نحو أقدامها وتَنْغَرِسَ في التراب... هذا التراب الذي أَطْعَمَنَا وعَطَّلَنَا وخَدَعَنا وسَفَكَ دِماءَنا، وكأنَّ ما نسرقه مِنْهُ يَتَحَوَّلُ إلى أدوات انتقامٍ من وجودنا، فَتَرَانَا في تَدَاعِيَات انتقامِيَّة مُتَوَارَثَة وسفك دماء متواصل.
إن النَّظَر إلى السماء نظرية سلوكية ذات قيمة حضارية تُحَرِّرُ الإنسان من جَذْبِ الأرض، وتَعْتِقُه من إرادة التراب، وتمنحه طاقة ارْتِقَاءٍ ونَمَاءٍ مُتَسَابِقَة مع أفكاره وتَطَلُّعَاتِه الكبرى... فهل قرأنا أَبْجَدِيَّات السماء؟ وهل فَعَّلْنَا العُقُول؟
إن مشكلتنا المُعَاصِرَة تَتَلَخَّص بانعدام مهارات القراءة الحضارية التي تَمْنَحُ وجودنا إشراقًا وجُضُورًا أصيلًا، فالقراءة لا تَعْنِي النظر إلى المكتوب بأبجديات لغة ما، وإِنَّما أن نُبْصِرَ ما حولنا ونَتَمَعَّن في آيات الخلق العظيم، ونَتَوَصَّل إلى بُوصْلَةِ مَسِيرِنا الأمين.... فيَتَوَجَّبُ علينا العودة إلى جوهرنا ورُوحِ رسالتنا وفَحْوَى وجودنا لنتواصل مع معاني ما فينا من البَرَاعِم الحضارية الوَاعِدَة التَّائِقَة للتَّفَتُّح الخَلَّاق البديع.
فهل من قُدْرَةٍ على كَيْنُونَةٍ فَضَائِيَّة مُطْلَقَة؟
واقرأ أيضاً:
أوهام "لن"!! / المسلمون يتقدمون ويعاصرون / الكراهية، وما أدراك ما هيّ