هناك هل توجد في واقعنا إنجازات أصيلة؟ هل جِئْنَا بما هو غير مسبوق، واعتمدنا على مَرْجِعِيَّة عربية بحتة؟
من الواضح أن السائد يعتمد على الأجنبي، ولكي يكون جيدًا فعليه أن يُقْرَن بما هو أجنبي!.. أفكارنا، كتاباتُنا بأنواعها من العلمية إلى الأدبية لا بُدَّ من ربطها بأجنبي لتكون ذات قيمة.
وعندما نُعَايِن ما تَطْفَحُ به صُحُفُنا ومواقعنا ووسائل إعلامنا وإبداعاتنا بأنواعها نكتشف أنها دَخِيلةً ولا تقترب من الأَصالة، فالسائد أننا ننسخ ونركض وراء غيرنا، ونستحضر ما تجاوزوه ونحاول أن نكون به، وقد فقد طاقات التكوين، فاستوردنا ما لا يمكن تصَوُّره من إنتاجهم، وتوَهَّمنا بأننا نُنْتِجُ معرفة وإبداعًا ونأتي بما هو جَدير بصناعة الحياة، وما نقوم به هو "النقش"، وبوضوح أكثر نتَّبع خطواتهم كالتائهين، ومَن يتَّبِعُ يكون في الوراء، والذي يتبعه سابقه، وهو كالذي فقد بصيرته واعتمد على غيره في الفهم والإدراك، أو كالأعمى الذي يتَّخِذُ من الآخر دليلًا.
والمشكلة أَزْمَنَت وتعَقَّدَت وصارت تقليدًا ثقافيًّا وعلميًّا يتَّخِذُه الدَّارِسون والمُبْدِعُون صِرَاطًا لما يُنْجِزُونه، مِمَّا جعل سلوك التَّبَعِيَّة مؤثرًا في الإنتاج المعرفي العربي... والعجيب أن العربي لا يشعر بالقوة عندما يعتمد على مرجعية عربية بحتة في نشاطانه الثقافية، ويميل وبقوة نحو المَرْجِعِيَّات الأجنبية، فيرى أنه أقوى وأقدر.
قد يقول قائل إنه التفاعل الحضاري، وهذا ليس موضوع المقال، وإنما إثارة أسئلة حول هذه الظاهرة التي أثَّرت في معظم النشاطات، وخصوصًا في القرن العشرين وحتى الآن... فلماذا لا نؤكد على أصالة الإبداع بدلًا من التَّوَهُّم بأن الدِّخيل أصيل؟!
واقرأ أيضاً:
مختصر المصير العربي / الأوطان مِلْكُ أهلها / الكراسي والمآسي!!