من أخطر أعداء الوجود البشري على مر العصور، الغلاة الذين يدّعون الدين، وهم به من أجهل الجاهلين. وحقيقة ما يقومون به تعبير وقح عن أمّارة السوء المفلوتة في دنياهم، التي تأخذهم إلى سوء المصير. فهم وحوش ضارية، تتكاثر في زمن انكسار الأمم والشعوب، وإن أصبحت ذات قوة فإنها تذيق الناس علقم الحياة.
ولو درسناها لوجدناها تقوم بذات السلوك، وتكرره منذ انطلاقها فوق التراب. وهي ليست خاصة بدين، بل مستشرية بجميع الأديان والعقائد، والمدارس والمذاهب والجماعات، التي تتمسك بما تسميه دين.
وربما تكون أكثر انتشارا في الإسلام ومنذ عهدٍ بعيد، وقد أشار إليها ابن الجوزي في كتابه "تلبيس إبليس"، وهي أشد عنفوانا وقسوة من غيرها عند باقي الأديان، فتعطي لنفسها حق امتلاك المطلق من الرؤى والتصورات، وتكتسب بموجب ما تراه سلطة تقرير مصير الآخرين، والنظر إليهم بمنظارها الإلهي، وتنفذ أمر ربها بعباده الذين تتهمهم بالكفر والفساد، وفيها جوهر الفساد والعدوان على الرب والدين.
فالجماعات المغالية تشكل خطرا مروعا على البشرية في كل مكان، وعلى المجتمعات أن تعي مخاطرها، وتتكاتف لمنعها من الظهور والتعبير عن عاهاتها النفسية، وانحراقاتها السلوكية المحجبة بدين، وما هي إلا نوازع دونية تتخذ من الدين غِطاءً لتمرير رغباتها السيئة، وفي مقدمتها سفك الدماء والاعتداء على الحرمات وحقوق الآخرين، والحقد والانتقام والكراهية وعماء البصيرة السوداء.
فهل للبشرية قدرة على مجابهتها وطمرها، والقضاء على وجودها الوبائي بين البشر، فهي أخطر من أي وباء يداهم المجتمعات ليحيلها إلى ميادين صراعات قاسية.
واللعنة على المُغالين الأشرار!!
واقرأ أيضاً:
العرب ونظام الحكم المفقود / أمُّ الحروب / الخلايا الضوئية والعرب!!