العرب لم يكتشفوا أنفسهم، وإنَّما الأجانب اكتشفوهم وأعلموهم بأنَّ لديهم تأريخ حضاري عليهم أن يعرفوه!
الحضارات القديمة في وادي الرافدين والنيل لم يكتشفها العرب، بل المُستَشْرِقُون الذين غامروا بحياتهم وجاؤا إلى دِيَارِنا وخَيَّموا في أماكن نخشى أن نَصِلَ إليها، ونقَّبُوا وبحثوا ودرسوا وأثبتوا أن لِلعَرَب حضارات عريقة ولولاهم ما عرفنا شيئًا عن تاريخنا القديم.
لقد فكُّوا رموز اللغة الهيروغليفية والمِسْمَارِيَّة، وعلَّمُونا أنَّ في أرضنا آثار من تلك الحضارات العريقة. وما عَرِفْنَا قيمة ما عندنا من معطياتها، ولهذا تجدنا من أَلَدَّ أعداء آثارنا والمُستَخِفِّين بتراثنا.
إنَّ الحَقَّ يجب أن يُقال، والاعتراف بالفضل عليه أن يكون صريحًا وواضحًا. إنَّهم اكتشفونا وصانوا آثارنا في متاحفهم، ولو بَقِيَت عندنا لَسَطَى عليها أعداء الحضارات وأَحَالُوها إلى هَشِيم. فآثارنا شامِخَة في متاحف الدنيا العالمية، وخائبة خائفة مرعوبة مَذلُولَة في متاحفنا!
فلماذا نكتب بِسَلبِيَّة عن الذين احترموا حضارتنا وكشفوها للدنيا، ونحن أعداؤها ولدينا مَيْلٌ مُتَوَحِّش للانتقام منها والمتاجرة بآثارها. فنحن سُرَّاق آثارنا، ولا نأبه للقى الأثرية. نحن أعداء أنفسنا وحضاراتنا، ونُسَلِّط عدواننا على الذين يعرفوننا أكثر مما نعرف أنفسنا. نحن مجتمعات جاهلة بترابها ومِيَاهِها وسمائها وما يعلو الثرى بِدِيارها! فلماذا لا نُنصِفُ الذين احترموا حضاراتنا؟!
واقرأ أيضاً:
قطاراتنا وقطاراتهم! / عقول عظيمة وبلاد سقيمة! / سلة الغذاء وبنوك الطعام