العديد من الأضاليل والافتراءات السَّارِيَة في الوعي الجمعي على أنَّها حقائق ووقائع حصلت، ما هي إلَّا من نسيج الخيال وإبداع المُغرِضِين المُعَبِّرين عن إرادة السوء التي فيهم، لكنَّها دُوِّنَت في زَمَن عَزَّ فيه التدوين، واعتُمِدَت وتكَرَّرت فتَرَسَّخَت، وما عاد من السَّهْل زَحْزَحَتها من مكاناتها وأدوارها الفاعلة في سلوك الأجيال، ذلك أنَّها أكاذيب ذات طاقات انفعالية تُعَزِّزُها إرادات عاطفية وتمنع عنها أنوار العقل، ولا تسمح بطرح سؤال حولها أو النَّظَر إليها بعيون المنهج العلمي السليم.
وهذه الحالات مُتراكِمَة في كتب التراث والتاريخ، ومُعتمَدَة كمراجع ومصادر، وذات حَبْكَة عاطفية وعدوانية على وجودنا العربي والدين، مِمَّا يُشِير إلى أنَّها مكتوبة بأقلام أجندات سياسية ِفَئِوَّية واضحة لتأكيد القوة والسَّطْوَة، واستعباد الأجيال وتَسْخِيرها لتنفيذ مهمات سيئة. وقد عبّأت المُغَرَّر بهم للقيام بأفعال شَنِيعَة مُرَوِّعَة وِفقًا لتصَوُّرات خَرْقاء وعواطف سوداء تُحقََن بها الصدور والنفوس، ويُدفَع بأصحابها إلى سَوْحِ البلاء والوَجِيع.
إن الخروج من هذا المُستَنْقَع المُتَعَفِّن بالبُهتان يتطَلَّب عدم الصمت، ويَستَدْعِي الصُّراخ بِوَجْهِه، وَوَضْعِه تحت أضواء البحث العلمي والقراءة العلمية الدَّقِيقة اللَّازِمَة للتَّمحِيص وتَنْقِيَة كتب التاريخ ومُدَوَّنَاتِه من اللَّامعقول المَدسُوس فيها، والذي تمَكَّن من رَسْم صورة الحياة الخالية من قُدرات العطاء والتفاعل العقلي مع التَّحَدِّيات، وأَمْلَت على مسيرات الأجيال الاستسلام والخنوع وعدم الإيمان بالوجود الذاتي والموضوعي لأبناء الأمة. وهي من وسائل لَجْم الإرادة العربية، وتَدمِير مُنطَلَقَات العرب، وقَتل ما فيهم من القدرات المؤثرة بصناعة وجودهم الأقوى.
فهل يستطيع العربي أن يرفع صوته، ويقضي على مواطن الصمت والخُنُوع والانحناء لإرادة الفاعلين فيه والقابِضين على مصيره بالأوهام والأضاليل الفَتَّاكة؟
إنها مسؤولية الأجيال المُتنوِّرَة المُعاصِرَة!
د-صادق السامرائي
2\6\2021
واقرأ أيضاً:
مَنْ اكتشَفَنا؟ / المعرفة والتَّحرِيف / الأجيال المُتَرَاصِفَة! / الجهل بالتراث والغُثاث