لا خِيَار أمام العَرَب غير الانطلاق في دُرُوب العلم لِتَحْقِيق الكَيْنُونة الحضارية المُتَوَافِقَة مع جَوْهَر الأُمَّة؛ فهذه أُمَّة عِلْم، ذلك ما يُؤَكِّدُه تُرَاثُها وأَسْبَقِيَّتُها العلمِيَّة في مجالات العلوم المُتَنَوِّعَة، فتُرَاث الأمة الحقيقي علمي، وبالعِلم سادَت وتأَلَّقت وأَحْيَت الوجود الإنساني فوق التراب.
واليوم أُمَّة العلم تَعِيش بلا عِلْم، وتُمْعِن بتَجْهِيل أجيالها وقَطْعِهم عن أصلها ومَشِيمِة وجودها الحَيّ المُشرِق. ويَقُود تَجْهِيلَها عدد من أبنائها الذين يُسَمُّون أنفسهم بالمُفَكِّرين والنُّخَب، وهَمُّهُم التركيز على الدين، ويحسبونه السبب فيما يحصل للأُمَّة من أَوْجَاع وتَدَاعِيَات. ويستهلكون طاقاتهم، ويستَنْزِفُون جُهُود الأُمَّة فِيمَا يَضُرُّ ولا ينفع . وما نظَرُوا إلى حقيقتها وجَوْهَرها المعرفي والعلمي في مسيرة البشرية على مدى القرون.
أُمَّةُ العِلم تُعادِي العلم بسبب أَدْعِياء الفِكْر والمعرفة الذين أَغْرَقُوها بالتَّصَوُّرات العُدوَانِيَّة على ذاتها وموضوعها، وتَمَادُوا في تَرْسِيخ ما هو سلبي انكساري انتِكَاسِي في حياتها. فالواقع التُّراثي والتاريخي يُشِير إلى أنَّ قوة الأمة في العلم، وبِدُونه لا تتَحَقَّق وتكون.
وقد أَهْمَلَت العلم على مدى عقود وعقود، فأَصَابَها ما أصابها من الشَّقَاءِ الأليم. ولا يُمكِن إصلاح أوضاع الأمة إلَّا باتِّخاذ العلم سبيلًا للحياة الحُرَّة الكريمة. ولا بُدَّ من استثمار طاقات الأجيال وتوظيفها في المشاريع العلمية الرائدة القائدة لِمَسِيرَة التَّوَثُّب نحو المستقبل الأفضل.
فأبناء الأُمَّة فيهم من المَوْرُوثات الحضارية العلمية اللازمة للانطلاق الأصيل في ميادين الدنيا، والتنافس مع ما هو قائم فيها من الإبداعات والابتكارات والقدرات الاختراعية. وما تحتاجه الأمة هو قَدَحَة علمية، وقيادة تَستَوْعِب وتُدْرِك أهمية العلم في صناعة حاضرها ومستقبلها. فالأُمَّة بالعلم تكون، وبغيره تنتهي إلى حَضِيضِ لا أكون.
فهل من هِمَّة علمية وعزيمة على إطلاق جوهر أمة العلم الرَّصِين؟
واقرأ أيضاً:
أرقام بشرية! / الأُمَّة العالِمَة / الإبداع العلمي / الهِمَّة والأُمَّة!