العرب يحتاجون لِثَوْرَة علمية شامِلَة تُزَعْزِع أركان النَّمَطِيَّة الخامِدَة، وآلِيَّات التفاعل الخامِلَة مع التحديات القائمة.
العرب بالعلم يكونون، مِثْلَمَا كانوا به في مَسِيرَتِهِم الحضارية. أمَّا التَّرْكِيز على ما دون العلم فَعَبَثٌ وضَيَاع واستنزاف للطاقات والقدرات الوَهَّاجة الكامِنَة في أعماق الأجيال. فلا خِيَار عِنْدَ العَرَب غير طريق العلم والاندفاع العلمي الثوري على جميع المستويات، ولديهم المؤهلات الكَفِيلَة بتَعْبِيد مساراتهم العلمية المُتَمَيِّزَة القادرة على الإِتْيَان بالأصيل الوَاعِد.
العَرَب لن يتَحَرَّرُوا من مَأْزَق قال وقيل وذكر فلان، ويُفَعِّلون العقول ويتفاعلون بها إلَّا باتِّخاذ العلم مَنْهَجًا للقوة والقدرة والحياة. فَخِيَارُ العرب المَصِيرِي يتَلَخَّص بالتفكير والبحث والإبداع العلمي، فهذه الأركان الثلاثة هي المُنقِذ من الضلال والبُهتَان والغَثَيَان والتَّخَبُّط في أَوْحَالِ كان.
وقد أَغْفَلَ المُفَكِّرُون والمُصلِحُون أهمية العلم ودوره في صناعة الوجود العربي الأَرْقَى والأقوى، وتخَبَّطُوا في متاهات بائسة أَوْصَلَتْنَا إلى ما نحن عليه من أحوال وَاهِنَة خالية من إرادة الحياة الحُرَّة الكريمة. فَعِنْدَما نُراجِعُ ما طَرَحُوه منذ منتصف القرن التاسع عشر لا نَعْثُرُ على الحَثِّ على العلم والتفكير العلمي، ولا تأكيد مناهج البحث والإبداع العلمي، رَغْمَ إنشاء الجامعات والمعاهد والمراكز المعرفية المُتَنَوِّعَة في العديد من دول الأمة، لكن مفهوم البحث العلمي لا يزال في المُؤَخِّرَة، وما يُرصَد له لا يَكادُ يُذكَر في ميزانِيَّات معظم الدول.
فتَجِدُ العرب يَعتَمِدُون على غيرهم، فَكُلُّ ما يَتَّصِل بحياتهم من إنتاج غيرهم، ولا يمتلكون حُلولًا لمشاكلهم لأنَّهُم لا يعرفون التفاعل العلمي معها؛ ولهذا تتراكم المُعضِلَات وتتَعَقَّد، ويزدادون قُعُودًا ورُقُودًا في كُهُوفِ الضلال والخُسرَان، ويُوَفِّرُون الأجواء المُواتِيَة لِصِنَاعَةِ الوَيْلَات والتَّدَاعِيَات المَرِيرَة، ويُفسِحُون المجال للمُتاجِرِين بالقِيَم والعقائد والمَذَاهِب لتسويق بُهتَانِهِم ودَعَوَاتِهِم المُناهِضَة لوجود الإنسان.
فلا حياة للعرب إلَّا بالعلم، ومَن سارَ على الدَّرْبِ وَصَل، ومن جَدَّ وَجَد. فتَعَلَّمُوا العلم ومَنَاهِجَه، وانطلقوا في مسارات الدنيا المُشرِقَة بالإبداعات الأصيلة، فالعَرَب أُمَّة عِلْم وحسب.
واقرأ أيضاً:
الأُمَّة العالِمَة / الإبداع العلمي / الهِمَّة والأُمَّة! / العِلْم يا عَرَب