جوهر الحرية التي نادى بها الإسلام هو حرية العقل, المنوَّر بأضواء, إقرأ, إنه المعنى الحقيقي الحضاري الإنساني للحرية, اللازمة للسعادة البشرية والتقدم والرقاء الإنساني.
وقد أغفلت أمتنا هذا المعنى لأسباب استبدادية طغيانية امتطت معاني الدين السامية, لتأكيد التسلط والاستعباد والاستحواذ على معالم الوجود والحياة, بينما أمم أخرى أدركت الحرية الشماء المعطاء, فتقدمت وتألقت في ميادين التفاعلات الابتكارية.
فأوربا والدول الغربية الأخرى تعاظمت بحرية العقل, وأدركت ذلك أمة الصين التي انطلقت في مشوارها في النصف الثاني من القرن العشرين, ووصلت إلى ذروة القوة والاقتدار في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين, والسر في ذلك, أنها أطلقت الحرية العقلية, وأرست دعائم وأسس البحث العلمي والتفكير العلمي الصحيح, فانطلقت عقول أبنائها في فضاءات العلوم المتنوعة وأسست لإبداعات غير مسبوقة.
والعرب في العصور التي آمنت فيها السلطات بحرية العقل, وضرورة التفكير العلمي, كما حصل في العصر العباسي الأول, وخصوصا في زمن المأمون, استطاعوا أن يبهروا البشرية بإنجازاتهم الأصيلة, بل أطلقوا ما في العقول الإنسانية من طاقات إبداعية أسست لمعالم نهوض متدفق, نعيش معطياته الفائقة في زمننا البديع المطلق القدرات.
وهكذا فإن المعنى الأصوب للحرية يتلخص بالحرية العقلية, أو الفكرية, لأن ذلك يفتّق أفكارا ويرسم مسارات تفاعلية متوالدة, واعدة بما هو أصيل وفاعل في البناء والتقدم والرقاء.
فهل آمنا بحرية العقل؟
أم أننا نتصور الحرية كما يُراد لنا أن نتوهمها, بأنها تخلص من أصفاد مادية وامتهانات بشرية.
والحقيقة أن حرية العقل تصنع القدرة على التحرر مما يعيق الرؤى والتفاعلات الإنسانية.
فحرروا العقول من السواقم والأفول!!
واقرأ أيضاً:
الشباب والحركة العلمية / أحزاب بِلا دين! / أفكارُنا كَيَانُنا