حاولت مراراً الحياة مع القطيع، قطيع الخراف المُطيع، حيث تسمع فقط لا تجادل ولا تناقش، لا تفكر ولا تشكك في مسلمات عشعشت بقاع الدماغ العربي المسكين، كل ما يقال لك صحيح فلا تبدي رأي.... أو شك... وهذ جداً مريع.
وعلمت بأن ما يسكن داخلي ذئب يتوق لقيادة القطيع، يفترس بشراسة ويدوس القلوب بدون هوادة وهنا حدث التصادم المريع.
لم أرد يوماً أن أكون الودودة، الرقيقة، لا لا أحب الظلم والافتراء لكن فريدة بنفسي وعزيزة بروحي، كرمني ربكم الأعلى فمن أنتم لتزهقوا نفسي ؟ من أنتم لترسموا طريقي وتسفهوا أحلامي، وتنتقدوا مجرى حياتي .....
من أنتم ؟ أنتم بشر لديكم الخير والشر وأحسب أن الشر يعتري أرواحكم البائسة، فلتبقوا ضحايا أنفسكم ولتدعوا الخلق للخالق.
هنا بمملكتي الصغيرة يعيش أميري الصغير، تستفيق الشمس ضاحكة بيننا وترتعش جدران بيتنا بأقداح القهوة المنعشة، وتُردد كل لًبنة بهذه الجنة المعلقة بصوت فيروز وهو يعلن الحياة من جديد ......
يستيقظ فلذة كبدي بقبلة كلها شوق لمحياه الجميل.... فعناق تهتز من أجله سلاسل جبال الألب، أحبك يا أمي صباحك جميل ....يرد فؤادي هو جميل بوجهك الملائكي وخصلات شعرك الذهبية وحضنك الذي يتدفق حباً وحنانا ً يكفي أهل الأرض.......
أرقبه يتلذذ بفطاره، لا أعتقد أني أجيد وصفات الطعام لكنه مفعم بأنفاس الحب.... يرتدي ملابسه على عجل ويتأنق كرجل ذاهب للقاء حبيبته ويجر خلفه رائحة عطر الرجال ..... شاب صغير لكن بات رجلاً بأفعاله وأقواله واحتوائه لعواصف الدنيا.
نظرة محبة قبل الخروج .....أمي أعطيتني كل الدنيا يا حبيبة ويذهب ......
أشحت بوجهي وتمنى لي يوماً جميلا .....لا يا حبيبي تمنيت لو اخترت لك أباً يليق بك ....عائلة تستيقظ كل يوم على صوت ضجيج حياتها ....لربما شقيقة تحبك أو لربما شقيق يغيظك ....ويثير حنقك ....أب يغضبك أحياناً ويبقى صخرتك الصلبة طوال العمر ......
لا يا حبيبي لربما ينقصك الكثير، وشعوري بالذنب مرير .....لكني أمك صنف آخر من النساء، أهوى الوحدة وأعشق سكون السماء، لا أحبذ الزوار، ولا أبدو ككل النساء.....لا نتحدث كأسرة عادية، لا نعرف النميمة والقال والقيل، اهتمامنا بالبشر محصور بالضرورة القصوى ....
على مائدة طعامنا .....أحدثك عن نابليون وتحدثني عن هنري الثامن، أذكر لك بطولات خالد بن الوليد سيف الله المسلول وتذكرني بالسلطان قطز، تحرجني بأسئلة لا أعرف إجابتها وأضطر كتلميذة مجدة البحث هنا وهناك لأجيب عن فيض أسئلتك، من تحب تشالز ديكنز ماذا عنك أمي ....لربما دانتي أليغييري.....من السيدات أمي؟؟؟ ....مدام كوري طبعاً وأنت من النساء أمي؟؟؟ آجاثا كريستي؟... وأكثر ما أحزنني كيف قتلت العالمة الفلكية هيباتا كانت سيدة جميلة فيلسوفة ذكية سبقت عصرها بأشواط أغضبت الكثيرين سحلت وقتلت بأبشع الطرق .....نعم يا حبيبي أحياناً تقتلك عبقريتك ... فقدت شهيتي واعترانا الحزن ..... وبثثت نسمة جميلة هنا غسان كنفاني رائع ...تمتم قائلاً: جداً.
ويل لأمتنا حيث توضع الكتب فوق الأرصفة وتعرض الأحذية أجلكم الله في معارض فارهة.....
ويل لأمتنا فنسائنا لا يعرفن سوى مساحيق التجميل ولا يمتلكن كتابا واحدا في بيوتهن .....
الويل لنا
للحديث بقية
واقرأ أيضاً:
امرأة تسرج صهوة الروح / أنا ..... من زمن آخر ....